أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود روفائيل خشبة - نوعان من الترجمة














المزيد.....

نوعان من الترجمة


داود روفائيل خشبة

الحوار المتمدن-العدد: 4133 - 2013 / 6 / 24 - 21:28
المحور: الادب والفن
    



هذه أشتات خواطر حول التمييز بين نوعين من الترجمة. وحين أتحدّث عن الترجمة فإننى أعنى ما هو جدير بأن يسمّى ترجمة. فكم صادفتنى مطبوعات يُفترض أنها ترجمات لأعمال جادّة فإذا هى سُبّة تكشف تردّى المعايير فى مجالنا الثقافى، وقد أعود فى مقال آخر لعرض نماذج من هذا العبث المشين. أما الآن فإنى أطرح بعض خواطر عفوية وردتنى أثناء قراءة عمل رصين عالى القيمة.
بينما أقرأ الترجمة العربية لـ "النظام القديم والثورة الفرنسية"* لـ أليكسى دو توكڤ-;-يل، ذلك العمل الثرى الذى أتحفنا به أخى وصديقى العزيز خليل كلفت، استوقفتنى عبارة فى مقدّمة المترجم — وأىّ قيمة لكتاب لا يجعلك تتوقّف كثيرا وتضع الكتاب جانبا لتفكـّر؟
فى سياق حديثه عن الترجمات الإنجليزية لنصّ توكڤ-;-يل يشير خليل كلفت إلى "ترجمة ستيوارت جيلبيرت Stuart Gilbert، البليغة ولكن التفسيرية وبالتالى غير الدقيقة تماما" (مقدّمة المترجم، ص. 29). إنه بهذا يميّز بين نوعين رئيسيين من الترجمة: (1) الترجمة الدقيقة (الحرفية)، (2) الترجمة التفسيرية (الأدبية). ولعلنا نجد مستويات متعدّدة من الالتزام بالدقة فى إطار النوع الأول، ومستويات متعدّدة من استباحة التفسير فى إطار النوع الثانى. ولعلنا نجد لكل من هذين النوعين ولكل مستوى من مستوياته المتعدّدة مجالا يصلح له ويختصّ به. ففى قمّة الترجمة الدقيقة تأتى الترجمة الوثائقية التى يكون فيها الالتزام بحرفيّة النص شرطا جوهريا لصحّة الترجمة، وفى المدى الأبعد للترجمة الأدبية نجد الترجمة الإبداعية التى قد تكون وحدها الملائمة لترجمة الشعر. إننى – وهنا أقول صراحة إننى أعبّر عن مزاج شخصىّ لا أفرض قبوله على أحد – حين أقرأ بحثا تاريخيّا مترجما، أوطـّن نفسى على تحمّل قدر من الخشونة فى القوالب اللغوية، خشونة لا مفرّ منها حين يقيّد المترجم نفسه بأن يبقى لصيقا بمصطلح النصّ الأصلى، ولا يمنعنى ذلك من أن أودّ أحيانا لو أن المترجم مال قليلا إلى "التفسيرية" عند هذا الموقع أو ذاك. من ناحية أخرى فإننى حين أقرأ قصّة أو رواية مترجمة، أتوقـّع أن أجد – بجانب الأمانة فى نقل المضمون بالطبع – متعة فى القراءة، وأكون على استعداد لأن أقبل تصرّف المترجم فى تطويع تراكيب وقوالب لغة الأصل حتى توائم تراكيب وقوالب اللغة المترجم إليها، ولا أعتبر ذلك مفارقة للأمانة بل أراه من ضرورات الترجمة الأدبية.
هناك كما قلت درجات ومستويات فى كل هذا، وفى المنتصف بين هذا وذاك نجد مساحة يصعب فيها التمييز الواضح المحدّد بين الترجمة الدقيقة والترجمة الأدبية. فإذا كنا نترجم عملا لأفلاطون – ذلك الرجل الفذّ الذى جمع فى أعماله بين عمق الفكر الفلسفى وإبداع الإلهام الشعرى – فأين نضع الخط الفاصل بين دقة الترجمة والحفاظ على جمال العمل الإبداعى؟ هناك فى اللغات الأوروپية الحديثة – الإنجليزية أو الفرنسية مثلا – عشرات الترجمات المختلفة لأعمال أفلاطون، ترجمات أمينة تنقل المضمون نقلا سليما، لكنها تختلف فيما بينها اختلافا كبيرا، يتجاوز كثيرا ما قد نجده من اختلاف فى ترجمات متعدّدة لعمل فيلسوف مثل ديكارت Descartes أو هيوم Hume، وذلك لأن أعمال أفلاطون أعمال أدبية بالدرجة الأولى، إذا التزمنا فى ترجمتها معايير الترجمة الدقيقة أفقدناها الكثير من قيمتها الجمالية، بل ربّما أفقدناها ما أراده منها مؤلفها فى المكان الأول.
داود روفائيل خشبة
مدينة السادس من أكتوبر، 24 يونية 2013
*أليكسى دو توكڤ-;-يل، النظام القديم والثورة الفرنسية، ترجمة وتقديم: خليل كلفت، المركز القومى للترجمة، 2010.



#داود_روفائيل_خشبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- توافق ما لا يتوافق
- لقطة
- من هم العلماء؟
- اعتراف واعتذار
- فى لغة القرآن (2) قصار السور
- فى لغة القرآن (1) مقدمة
- أين الثورة؟
- لماذا الدين؟
- الحرية والسلطة
- التاريخ الإسلامى والدولة الإسلامية
- مرجعية الأزهر
- الإخوان والثقافة دونت ميكس!
- وحى الشعراء ووحى الأنبياء
- سورة الفتوى
- حكايتى مع الدين
- حدود احترام أحكام القضاء
- هل بقى أمل؟
- فى الدين (8) الإسلام
- فى الدين (7) المسيحية
- فى الدين (6) اليهودية


المزيد.....




- مترجمة وكاملة.. المؤسس عثمان الحلقة 164 بجودة HD على قناة ال ...
- -موسم طانطان- في المغرب يحتفي بتقاليد الرُّحل وثقافة الصحراء ...
- “احداث قوية” مسلسل قيامة عثمان الحلقة 164 عبر قناة Atv الترك ...
- ناقد مغربي يدعو إلى تفعيل -سينما المقاومة- ويتوقع تغييرا في ...
- بعد جدل الصفعة.. هكذا تفاعل مشاهير مع معجبين اقتحموا المسرح ...
- -إلى القضاء-.. محامي عمرو دياب يكشف عن تعرض فنان آخر للشد من ...
- إلغاء حبس غادة والي وتأييد الغرامة في سرقة رسومات فنان روسي ...
- اعلان 2 الأحد ح164.. المؤسس عثمان الحلقة 164 مترجمة على قصة ...
- المجزرة المروّعة في النصيرات.. هل هي ترجمة لوعيد غالانت بالت ...
- -قد تنقذ مسيرته بعد صفعة الأوسكار-.. -مفاجأة- في فيلم ويل سم ...


المزيد.....

- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود روفائيل خشبة - نوعان من الترجمة