أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - إبراهيم حسن - الإنتظار














المزيد.....

الإنتظار


إبراهيم حسن

الحوار المتمدن-العدد: 4132 - 2013 / 6 / 23 - 05:13
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    




ما معنى الإنتظار ؟ وكيفَ يأخذ الكثير منا؟ ... من ناحيةٍ سوسيولوجية أو انثروبولوجية تخضع للضبط المنهجي، الأمر قد يبدو متشابهاً من ناحية فهم وتفسير الانتظار. لكن من ناحية التفسير الفلسفي قد يختلف كل الاختلاف. وذلك لان المعرفة الفلسفية هي معرفة ذاتية وليست تراكمية . فهي نتاج كل فيلسوف، بما يراه او يفسّره بخصوص معنى الانتظار وماهيته... والغرض منه.
بداية يمكنُ القول إنّ وجودنا الإنساني مؤسّسٌ على مفهوم الانتظار وفق ما أرى.. لا يوجد أحدٌ منا لا ينتظر ، الجميع ينتظرون شيئاً ما. إذن نحنُ بهذه الحالة نصنع لنا معنى لوجودنا وغاية قد تكون بعيدة عمّا يجب أن يكون فعلاً. قد نكون على صواب في انتظارنا لشئ ما .. أو قد نكون على خطأ، لكن المهم أن ننتظر ، لأنه بدون الانتظار يعني أننا نعيش حياة عبثية.

كثير من التساؤلات تراودني.. وربما وصلت إلى قناعة تامّة تقريباً، هو إنه لا يوجد أحدٌ منا لا ينتظر .. الانتظار هو الأمل في بعض الأحيان ... وهو الكسل والتأمل في أحايين أخرى ...وربما وربما .... و في كثير من الأحايين لا نشعر بأننا ننتظر ونرفض ذلك وكأنها تهمة.... والحقيقة هو أننا جميعنا ننتظر رغم أنوفنا.

الجميع ينتظر.. فبعضنا ينتظرُ حبيبه، وآخرون رفاقهم، وآخرون الوصول إلى أهدافهم، وآخرون ينتظرون السفر، وآخرون ينتظرون السلطة. وآخرون ينتظرون المُخلّص، وآخرون الشهرة ... وآخرون ينتظرون الانتظار ، وهؤلاء بالحقيقة هم ينتظرون الموت. لان الموت انتظار. انتظار يوم القيامة – بالفهم الإسلامي والديني عموماً – إذن حتى ونحن في قبرنا تأصل فينا مفهوم الانتظار. كل رجال الدين يخاطبون الناس ويقولون لهم : إنتظروا آجالكم. إنتظروا يوم حسابكم... وبالتالي فإنّ الفهم الذهني لهذه العبارة قد يتموضع في اللاوعي وقد يبدو فاعلاً في حياة كل فرد. حتى القضاء والقدر اللذين وردا كثيرا في كتب رجال الدين والفلاسفة ما هما إلا انتظار. نعم انه انتظار مقيت لشئ مجهول يقال انه نصيبك. وعليك أن ترضى به شئت أم أبيت. إنتظر قدرك .. إنتظر قسمتك .. انتظر حظوظك... لا عليك إلا الانتظار. ( فما مكتوب على الجبين لازم تشوفه العين). ( ومالك ما يروح لغيرك كما يقال). وهذه الأمثال العراقية الشعبية. التي ترسخ مفهوم الانتظار تجعلنا في مأزق وفي كسل وتنعدم أمامنا فرص التنمية الذاتية.
فالشاب العراقي مثلا لا بد أن ينتظر مكانه في المجتمع لكي يؤدّي دوره، أو ربما ينتظر الفرصة المناسبة لكي يتزوج. الطفل هو الآخر ينتظر متى يكبر وربما يعين أهله بوظيفتهِ. الشيوخ ينتظرون أولادهم متى يكبرون. أو ينتظرون الموت رغماً عنهم وهو ملاقيهم أينما كانوا. إذن الانتظار كالموت يلاقينا ويلاحقنا كل دقيقة. وهو كمفهوم يختلف بإختلاف الجنس والعمر كما وضحنا. وكذلك حسب ثقافة المجتمع. ربما نجد في أوروبا الانتظار شئ مختلف تماماً. ربما هو أللانتظار. فهم عمليون ربما. يبادرون دائماً دون أن يبادر الانتظار إليهم. فتراهم يعملون ويتطورون ويختلفون من حال إلى حال بينما نحن باقون. الانتظار سوف يقتلنا حتماً لأنه موت وكسل ولا شئ. فهو لن يقدّم لنا أي شئ سوى التأخر والرجعية. ولا أجد مسوغ لاحدٍ منا أن ينتظر. وهناك ملاحظة أتمنى أن لا تفوتني وهي إن هناك انتظار معروفة نتائجه أو نهايته إلى حدٍ ما. فالطالب يعرف نفسه في نهاية العالم الدراسي فهو اما ينجح او يرسب. لكن هنالك نوع لا تُعرف نتائجه ولا نعرفه أصلاً. وهو أقرب إلى المغامرة. انه الموت. نحن ننتظر الموت وهو ينتظرنا. لكن متى وما هي نتائجه ؟ لا نعرف. لا نعرف أيضاً ماذا سيخبأه لنا الغد – المستقبل من تحوّلات في عملنا أو حياتنا. المهم هو انتظار. نشغل أنفسنا يومياً بروتين العمل والنوم والأكل. لكننا ننتظر . ننتظر ذلك الشئ الذي لو عرفناه لكان لنا موقف آخر.

من خلال ذلك نعرف أخيراً إن الانتظار هو المستقبل. هو اللاماضي. وهو بنفس الوقت اللاحاضر. الماضي هو ما تم انتظاره وقد تجاوزناه دون عوده. والحاضر ما هو قيد الانتظار دون أن نشعر به. والمستقبل هو الانتظار بعينه. ولذلك فهو مجهول ومتغير تبعاً لحوادث مجهولة تتلاعب فيه. بالتالي هو مصيرنا. هو مصيرنا الذي لا بدّ منه. هو مصيرنا الذي لم نرسمه بأيدينا في بعض الأحيان وإنما صنعته الظروف لنا. ولو كنا نستطيع أن نتحكم في الانتظار لتغيرت المعادلة وتغير المستقبل والمصير. ونود أن نتساءل هنا: كيف سنواجه مصيرنا في هذه الحياة؟ في تلك اللحظة التي يخبرنا بها الزمن انه هذا هو مستقبلنا – مصيرنا ؟
ما مدى قناعاتنا به ؟ وهل هو يتناسب وقدراتنا وطاقاتنا ومؤهلاتنا ؟ ربما يمتعض البعض من مصيره، وآخرون قد يفرحون، وآخرون يقنعون بإعتبار إن القناعة كنز لا يفنى كما يؤمنون هم. وآخرون يرضخون للمصير رغماً عنهم. وهكذا يصنع الانتظار منا وحدات بشرية مختلفة. يخلق مجتمعاً لا متجانساً متنوعاً. كل في عملهِ وحرفته وموضعه وسلّمه الاجتماعي. وبالنتيجة فإننا بالنهاية مجموعة مصائر خلقت مجتمعاً لا نعرف مصيره إلا إذا عرفنا كيف نعيش به.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم إبراهيم الساعدي



#إبراهيم_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إستثناءٌ من الموت
- المثقفون أفيون الشعوب
- البرلمانيون العراقيون وحقوق التقاعد
- الهوية العراقية والتبادل الاجتماعي
- مفهوم الجماعة ومفهوم المجتمع
- العنف ضد المرأة – التحرّش الجنسي انموذجاً
- العراقيون الحقيقيون
- هل الإنسان هو أفضل المخلوقات ؟
- آلهتي
- الدين أفيون الشعوب .... هل كانَ ماركس مُحقاً ؟
- فكرة المخلّص في الثقافة الاسلامية
- الاحلام : الرمز والمعنى - 1
- الإنسان الكوني - المعنى والمفهوم
- البحث عن الحقيقة - الوهم المطلق
- ما حقيقة الإعلام المغُرض ؟
- لا جديد في الحكومة العراقية الجديدة !!!
- أزمة الفكر البشري - رؤية سوسيولوجية نقدية-
- آلام بائسة !!
- حنانُ ألام : حاجة نفسيّة لما بعد الطفولة -المجتمع العربي إنم ...
- أزمة الفكر


المزيد.....




- فيديو أسلوب استقبال وزير الخارجية الأمريكي في الصين يثير تفا ...
- احتجاجات مستمرة لليوم الثامن.. الحركة المؤيدة للفلسطينيين -ت ...
- -مقابر جماعية-.. مطالب محلية وأممية بتحقيق دولي في جرائم ارت ...
- اقتحامات واشتباكات في الضفة.. مستوطنون يدخلون مقام -قبر يوسف ...
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بسلوكها
- اكتشاف إنزيمات تحول فصائل الدم المختلفة إلى الفصيلة الأولى
- غزة.. سرقة أعضاء وتغيير أكفان ودفن طفلة حية في المقابر الجما ...
- -إلبايس-: إسبانيا وافقت على تزويد أوكرانيا بأنظمة -باتريوت- ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف بلدتي كفرشوبا وشبعا في جنوب لبنان (صور ...
- القضاء البلغاري يحكم لصالح معارض سعودي مهدد بالترحيل


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - إبراهيم حسن - الإنتظار