|
الربيع المغدور !؟
سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة
(Salim Ragi)
الحوار المتمدن-العدد: 4131 - 2013 / 6 / 22 - 01:34
المحور:
الادب والفن
الربيع المغدور !؟ ـــــــــ بعد يومين ربعيين ثم يومين صيفيين .. عاد الشتاء والعواصف الباردة وتساقط الثلج للمرة الخامسة في هذا العام !!!... ريح باردة وأمطار غزيرة وسقوط البرد (التبروري) كما لو أننا في عز الشتاء !!... شئ غريب وعجيب قال عنه الإنجليز أنفسهم لم يحدث منذ الستينيات!.. ولم أشاهده أنا يحصل الأعوام الماضية !.. فقد جاء يومان ربيعيان جميلان تفتحت فيهما الزهور وأطلت مبتسمة من أكمامها وخرجت فيهما السناجب من مبيتها الشتوي وارتسمت الإبتسامات على الوجوه ثم وبعد أن حسبنا أن الشتاء قد ولى وان (الربيع) قد أطل وتجلى وحل وتحلى بمهرجانه الإستعراضي البهيج كانت المفاجئة !!!.. المفاجئة التي لم تخطر لنا على بال !! ... فقد حدوث إنزال مفاجئ - على حين غرة - في وسط ساحة الربيع من قبل جيوش الشتاء !!...... نعم !... فقد تفاجئنا بعودة الشتاء بعد أن حسبنا أنه قد رحل وولى !؟... عاد الشتاء بحيوشه ورعوده فاحتل المنطقة مرة أخرى كأنه يرفض المغادرة والإلتزام بالنظام الطبيعي المعتاد !.. شتاء فربيع فصيف فخريف !.. كانت صدمة كبيرة لنا وللزهور التي خرجت من أكمامها بألوان جميلة ساحرة منوعة محتفلة ً بقدوم الربيع لكن الربيع - وبعد يومين من قدومه - واسفاه - اضطر للهروب والنفاذ بجلده من هجمات جيوش الشتاء المباغتة !!!.. فقد عاد الشتاء بعد إنسحاب تكتيكي ليومين ليضرب ويبرق ويرعد ويعربد وسط الشوارع بكل تحد وجنون !!!... هربنا على أثرها خائفين مذهولين من (الحدائق) نحو البيوت مرة أخرى !!.. لنشغل المدافئ مرة أخرى بعد أن ظننا أن الشتاء ببرده وصقيعه قد ولى وانتهى ولا حاجة إليها إلا العام المقبل!!.
استمرت جيوش الشتاء تستعرض قوتها وعنفوانها بريحها الباردة وأمطارها وثلوجها وصراخها وعويلها وسط شوارعنا ونحن نراقبها من نوافذ بيوتنا الدافئة بشئ من الحنق والإستغراب متسائلين في أنفسنا : هل جن جنون الشتاء هذا العام!؟.. ماذا دهاه !؟؟ لماذا يأبى المغادرة ككل عام؟؟ .. لماذا لا يرحل وقد انتهى دوره ووقته وحان وقت الربيع !؟.. لماذا يتجاوز حدوده وصلاحياته ويطغى على الربيع ويصر على عدم السماح له بالحلول!؟... شئ غريب ومريب!!؟... لماذا هذا الهجوم الغادر من جيوش الشتاء على طلائع الربيع الجميلة الباسمة!؟؟.. هذا الهجوم الذي إغتال الزهور وهي في باكورة طفولتها ؟؟ .. هذا الهجوم الذي أرعب (السناجب) و(الفراشات) وأرغمها على الفرار إلى المخابئ مرة أخرى !!......
ومرت عدة أيام وليالي باردة وجيوش الشتاء تستعرض قوتها وتبسط سلطانها في شوارعنا الحزينة !!!... حتى ظننا أن هذا العام لا ربيع !!.. لا شئ غير الشتاء !!!..... ويزداد حزننا وألمنا أكثر فأكثر كلما وقعت أبصارنا على جثث الزهور التي تفتحت في ذانك اليومين الربيعيين وقد حسبتْ المسكينة أن وقت إنبعاثها واستعراض أزيائها الملونة أمام الخلق قد حان !!.. لكن جيوش الشتاء القاسية باغتتها بذلك الإنزال المفاجئ الذي يشبه إنزال قوات (الحلفاء) في (النمورمندي) في الحرب العالمية الثانية مما كان له دوره في انتصارهم على قوات (المحور) والنازيين وتغيير موازين الحرب لصالحهم !!.... لقد كان مشهد الزهور المغدورة بأشلائها المتطايرة يزيد من حالة البؤس والحزن واليأس !!.. وقلوبنا تئن وتصيح : أين الربيع؟ أين الربيع !!؟؟..... وفجأة ذات صباح إستيقظنا على مشهد آخر غريب .. مشهد غير متوقع .... حيث إستيقظنا منذ عدة أسابيع – في ذلك الصباح المشهود - على إنقلاب كبير مفاجئ قامت به قوات وجيوش (الصيف) !!.... نعم هذه المرة كان (الصيف) !!.. الصيف الذي دخل على خط المعركة على حين غرة !!.... حيث إستيقظنا لنرى جيوش (الصيف) بحرارتها الملتهبة تسيطر على شوارعنا ذاك الصباح !!!!.... وكان مشهدا ً غريبا ً أبهر أبصارنا وألهب مشاعرنا وحيّر عقولنا لأن الوقت وقت (ربيع) لا وقت (صيف) !!.. لكن الكثير من الناس فرحت بقدوم هذا الصيف السابق لأوانه !!.. فهو بالنسبة إليهم أفضل ألف مرة من برودة وزمهرير الشتاء وأمطاره الغزيرة التي تحبسهم داخل بيوتهم وتحرمهم من التنزه في الحدائق الغناء والاستمتاع بالشواطئ وأمواجها الزرقاء!!!!.... وبالفعل خرج الناس يركضون وسط الشوارع مبتهجين بقدوم الصيف المبكر قبل أوانه !!.. خلعوا ملابس الشتاء الثقيلة بألوانها القاتمة وارتدوا ملابس الصيف الخفيفة زاهية الألوان !! .. وخرجوا مبتهجين وانتشروا في الحدائق في كل مكان لكن وعلى حين غرة أعادت جيوش الشتاء الكرة تلو الكرة وهي تعصف برعودها كما لو أنها جيش من الأسود الغاضبة!! .... حتى خُيل إلى أن جيوش الشتاء تأبى المغادرة وفسح مكانه للربيع هذا العام !!!..فررنا إلى بيوتنا في ذهول وخيبة أمل ونحن نصيح : ( عاد الشتاء !! .. عاد الشتاء مرة أخرى!) .... جلسنا بجوار المدافئ هناك نحتمي بها من شدة الزمهرير على أمل أن ينتصر في آخر المطاف الربيع وتتفتح الزهور من جديد وتشقشق الطيور في سماء صافية بعد طول غياب وطول رجاء !!!. ـــــــــــ سليم الرقعي (*) أصل هذه المقالة هي أنها مقالة وصف حال طبيعي وواقع شخصي معاش خلال الشهر الماضي حيث شهدت بريطانيا إنقلابات جوية متناقضة وغريبة ولكن خلال الكتابة وبتداعي المشاعر والخواطر الذاتية بشكل إنفعالي حر حدثت - في منتصف الطريق ووسط التعبيرات الأدبية - إسقاطات ربما تكون ذات مغزى سياسي فاختلط الشخصي فيها بالسياسي (!!!) مما يجعل هذا النص الأدبي حمال أوجه لذا يمكن أن يفسره كل قارئ من الزاوية التي قرأه منها !.
#سليم_نصر_الرقعي (هاشتاغ)
Salim_Ragi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مظاهرات في بريطانيا ضد العنصريين!
-
مظاهرات في بريطانيا ضد المسلمين !؟
-
إجرام بإسم الإسلام !!؟
-
هل انتهى شهر العسل والزواج العرفي بين الإخوان والسلفيين!؟
-
أنا مع الديموقراطية أولا ً!؟..لماذا !؟
-
أهم خصال الأوروبيين (الروم) قديما ً وحديثا ً!؟
-
لماذا فرنسا ومن الفاعل !!؟
-
والقاعدة أيضا ً ركبت موجة ثورات الشارع العربي!؟
-
هل تقبل كإسلامي بوجود أحزاب ليبرالية ويسارية؟
-
تفسيرات مهمة لما حدث في بوسطن أمس!!؟
-
رحلة (جلفر) إلى وادي العشاق !؟
-
في الدين والسياسة..الفصل أم الخلط ؟
-
قانون العزل السياسي لن يحقق المراد !
-
حياة الغربيين هل هي وردية وجنة النعيم ؟!
-
صِدقة ُ إبريل !؟
-
ودع هريرة إن الركبَ مرتحلُ !؟؟
-
هل الإسلام دين أم إيديولوجيا !!؟
-
الحلول الإنتحارية اليائسة لنظام عائلة الأسد!
-
هل يمكن أن تكون لنا فلسفتنا الليبرالية الإسلامية !!؟
-
حقيقة الصراع السياسي في ليبيا اليوم !؟
المزيد.....
-
اغنية شاور شاور يلا يا قمر ??.. استقبل الآن تردد قناة طيور ا
...
-
أحداث مشوقة وأكثر إثارة.. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 82 متر
...
-
العمارة الاستعمارية في ليبيا.. كنز ثقافي أم ذكرى مؤلمة؟
-
-قطع من أجسادنا- بمعرض -تحت النار- في عمان... فنانون من غزة
...
-
ممثل في -جوكر: جنون مشترك- يصفه بالفيلم الأسوأ على الإطلاق
-
هاشم صديق -شاعر الملحمة- ورمز الأدب والمسرح السوداني
-
استقبل الآن تردد قناة ميكي 2024 على القمر الصناعي نايل سات و
...
-
الإعلان 3 حرب الانتقام…. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 170 على قص
...
-
الشارقة الدولي للكتاب يستضيف الشيف الأردني صدام عماد
-
فيلم -بيدرو بارامو- : الرجل الذي أغاظ الأحياء وحيّر الأموات
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|