أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - هيبت بافي حلبجة - نقض مفهوم الذرية المنطقية لدى برتراند راسل















المزيد.....

نقض مفهوم الذرية المنطقية لدى برتراند راسل


هيبت بافي حلبجة

الحوار المتمدن-العدد: 4128 - 2013 / 6 / 19 - 01:26
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


نقض مفهوم الذرية المنطقية لدى برتراند راسل
هيبت بافي حلبجة
كنت أود أن أنتقد برتراند راسل أولاُ في مؤلفه مبادىء الرياضيات ( برينكيبيا ماتيماتيكيا ) الذي ألفه مع صديقه ألفرد نورث وايتهيد ، لكني آثرت أن أنتقضه في مفهومه الذرية المنطقية أولاُ ، ثم أعود لاحقاُ لتلك المسألة ، وذلك لإن ( الذرية المنطقية ) تكشف عن عدة جوانب جوهرية تهمنا كثيراُ في هذه المرحلة من رؤيتنا ( نحو تصور فلسفي جديد للكون ) .
إن الواقعية الجديدة التي ينتمي إليها برتراند راسل ، أدمسون ، توماس كيز ، أخذت أبعادها بصورة أعمق على يد جورج أدوارد مور في مقال له نشر عام 1903 ( تفنيد المثالية ) ، وأستندت في جوهرها على محتوى الواقعية المباشرة التي تؤكد إن الإنسان يدرك الأشياء ( الواقع المستقل عن الذوات ) كما هي بصورة مباشرة ، وتبريرهم في ذلك هو معيار التجريبية التي أسسها كل من جون لوك ، جورج باركلي ، ديفيد هيوم ، توماس ريد الذي أصل لمفهوم واقعية الإدراك الفطري .
برتراند راسل ، في دفاعه عن الواقعية المباشرة ، نأى بنفسه عن المثالية الهيجلية ، وهاجم بقوة مع جورج مور المثالية الذاتية التي وقع فيها جورج باركلي حينما تصور أننا لاندرك العالم المستقل عن ذواتنا ، وندرك فقط محتويات وعينا الذي لايمكن بأي شكل من الأشكال أن يتجاوز ذاته ويثقب الأشياء في ذاتها . لذلك فإن معرفتنا ليست إلا محتوى الوعي لدينا .
ورغم إن راسل هاجم الأطروحة السابقة لدى باركلي ، ورغم منافحته عن الواقعية المباشرة ، كرر مراراً إن المادة ليست موضوعاُ مباشراُ للمعرفة ، لأننا لانعي سوى معطيات حواسنا .
وليته توقف عند هذا الحد من الطرح العام ، ففي مؤلفه ( تحليل العقل ) وفي معرض حديثه عن النفس البشرية أكد إن هذه الأخيرة ليست إلا مجموعة من أفكار تتعلق فقط بتلك المعطيات الحسية ، لأنه ، وحسب راسل ، لايوجد شيء أسمه العقل ، كما لايوجد شيء أسمه المادة .
قد يبدو ذلك غريباُ جداُ من راسل الرياضي الكبير ، لكن من المحبذ أن نعي ذلك من خلال هذه الملاحظات الثلاثة الأساسية في ذهنيته الرياضية والفلسفية والعلمية :
الملاحظة الأولى : أن الفلسفة لديه ليست جدلية أستنباطية ، ليست مبادىء خالصة لوجه ذاتها ، وليست قادرة على تطوير نفسها بنفسها ، لأنها بكل بساطة رهينة البعد التجريبي الذي هو الحارس الأمين في تقديم البرهان والدليل على محتواها ، وهذه الرؤيا كانت مقلوبة لديه في البدايات ، أي أنه كان يجزم إن الفلسفة مستقلة عن الأشياء وعن التجريبية ، أي أنها جدلية وأستنباطية .
الملاحظة الثانية : لقد أصر على إن ما وراء الفيزياء ليس إلا مناقشة وخصام حول موضوعات فارغة من المعنى ، من المحتوى ، من النتائج ، حيث يطيب لكل فئة أن تستقطب الجدل في ميزان متحرك مخالف لصاحبه ، وتقدم ماتشاء من ( المعنى ) في سبيل التكلم ، في النهاية ، عن لاشيء ، عن فراغ .
الملاحظة الثالثة : وكذلك بدا مقتنعاُ إن الكليات تطرح نوعاُ من المشاكل التي تعتاز إلى أساس ، أو حسب تعبيره ( إن مشكلة الكليات هي مشكلة بغير أساس ) ، أي إن الأنسان لايملك ضوابطها الأساسية ، ولا المقدمات الفعلية للمنطق ، وبالتالي لابد من التجريبية .
وهو في الحقيقة ، وبعد مراجعتنا الدقيقة لمعظم مؤلفاته ، تأكدنا أنه لايلغي مضمون الكليات ولا مفاهيم الميتافيزيقيا ، إنما هو لايثق بنتائجهما ، أي كانت تلك النتائج ، وبالتالي هو يؤكد إن الكليات هي مشكلة بغير أساس ، وإن الميتافيزيقيا فارغة من المعنى .
كل ذلك بسبب تخوفه من عدم أتساقية ( حد الأحتمال ) الذي أرهبه إلى درجة أنه يعتقد إن العلم الطبيعي ، العلم التجريبي هو الوحيد الذي بأستطاعته ضبط هذا الحد ، لأنه لايعبر إلا عن الواقع كما هو ، في حين إن الكليات والميتافيزيقيا تتضمن أمكانية أحتمالات غير منضبطة وذات كثرة متباينة ، لذلك يؤكد أنه لامعرفة إلا من خلال منهج العلوم الطبيعية .
وهكذا ، ولجنا من الباب الخلفي في الموضوع الذي نروم إليه ، أي العلاقة ما بين الفلسفة ، والعلم الطبيعي ، والمذهب التجريبي ، ومحتوى التعددية ، ومضمون العلاقات الخارجية والعلاقات الداخلية ، والذرية المنطقية ، وحتى المذهب التحليلي ( اللغوي ، الرمزي ، الوقائعي ) .
ولاأخفي عن القارىء إن سبر أغوار منظومة برتراند رسال قد كلفني جهد ثلاثة أشهر دون أنقطاع ، وذلك لأنه قد ترك أرثاُ كتابياُ لامثيل له في التاريخ الفلسفي . وفي كل مرة كان يتأثر بهذه الشخصية أو تلك ، مثل هيحل ، لايبنتز ، مور ، لودفيج فتجنشتاين الذي من خلال مقولة شهيرة له ألهم راسل محنوى الذرية المنطقية ( إن العالم هو المجموع الكلي للوقائع وليس للأشياء ) ( لأن المجموع الكلي للوقائع يعين ما هو موجود فعلاُ وكذلك كل ماهو غير موجود ) .
في البداية طعن في مذهب فرانسيس هربرت برادلي الذي تبنى في مؤلفه ( المظهر والواقع عام 1893 ) مفهوم العلاقات الداخلية وأعتقد إن الواقع ليس إلا وحدة متناسقة تذوب التناقضات فيها من خلال التجربة الشخصية ، حيث أن تلك الوحدة تدرك (بضم التاء ) بالتناظر وليس بالتحليل العقلي .
فطرح راسل ، مقابل ذلك ، موضوع العلاقات الخارجية ، ومحتوى التعددية ( العالم يتكون من ذرات مستقلة عن بعضها البعض وتربط فيما بينها علاقات خارجية ) ، والتمييز ما بين الذات والموضوع .
ثم عدل هذه الرؤيا بما يناسب دالة – الذرية المنطقية – ( إن العالم يتألف من معطيات حسية ترتبط فيما بينها بعلاقات منطقية خالصة ) .
دعونا نقتبس هذا المقطع لتتضح الرؤيا وفق مفردات رسل نفسه في مؤلفه مشاكل الفلسفة عام 1912 مع التنويه إن المعطيات الحسية هي حسبه ( اللون والشكل .. ) أي كل مايصدر عن ( الفيزيقي ) دون ( الفيزيقي ) نفسه :
( المنضدة الحقيقية – إذا كانت ثمة منضدة حقيقية – ليست هي نفس ما يقع في خبرتنا مباشرة خلال النظر أو اللمس أو السمع ، فالمنضدة الحقيقية – إذا كان ثمة منضدة حقيقية – لاتكون معروفة بطريقة مباشرة على الأطلاق ، بل ينبغي أن تكون أستدلالاُ لما نعرفه بطريقة مباشرة ) . ص 34 .
( على الرغم من أننا نشك في الوجود الفيزيقي للمنضدة ، فلايمكن أن نشك في المعطيات الحسية التي تجعلنا نعتقد بوجود المنضدة ، فنحن لا نشك ، ونحن ننظر إلى المنضدة ، في لون معين وشكل معين يظهران لنا ، ولا نشك ، ونحن نضغط عليها ، في أحساس معين بصلابة نختبرها بأنفسنا ) ص 34 .
إن هذا التصور ، الذرية المنطقية ، لاتصمد في الحقيقة أمام أي رؤية نقدية :
المجال الأول : إن رسل لايميز ما بين موضوعين مختلفين في أقراره مفاد المعطيات الحسية ، الرموز ، اللغة ، الوقائع ، فهذه المفردات من زاوية معانيها تتضمن أولاُ : فعل المعرفة النفسي وثانياُ : موضوع المعرفة اللانفسي ، فإذا كان الأول يرضخ بالضرورة للمعطيات الحسية ، جدلاُ ، فهذا يقذف به نحو الذاتية ، النسبية ، اللاموضوعية ، مجال الخطأ ، مجال تجاوز حد الأحتمال الأمر الذي مقته راسل ولأجله أستقرض ( منهج العلوم الطبيعة ) لكي يقدح في الفلسفة التأملية النظرية .
وإذا كان الثاني يرضخ بحكم الأمر الواقع ( حواس الأنسان ، أحاسيسه الباطنية ) ، جدلاُ ، للمعطيات الحسية ، فإن ذلك لايتعدى مجال معين ومحدد يأتي بعده دورالمادة المدركة الواعية ( العقل ، الذهن ، الوعي ) ، كما أنه مستقل عن الوعي وعن الذات العارفة وعن معطيات الحواس .
المجال الثاني : لكي لانقع نحن في خطأ قاتل ، ينبغي أن نمايز في أحضان الفلسفة التحليلية ما بين خاصية كل فرع من فروعه ( رسل ، مور ، رايل ، زدم ، آير ، أوستن ، فيشجنشتاين ) ، وتحديداُ مابين المعطيات الحسية ، ومسألة الوقائع ، فهذه الأخيرة بعكس الأولى ، تستطيع أن تكون مقدمة صحيحة ، أو دليل طبيعي ، أو أثبات متأخر ، ضمن مفهوم أو قاعدة نحن نجزم بها ( الوقائع لاتبقى ثابتة ، هي نفسها ، على طول الخط التاريخي أو الكوني ) .
المجال الثالث : إن العالم ، حسب رسل ، يتألف من معطيات حسية ترتبط فيما بينها بعلاقات منطقية خالصة !!! حقاُ لاأدرك كيف تورط رسل في هذا الجنوح ، إذا كنا إزاء علاقات منطقية خالصة ، فأننا إزاء علاقات موضوعية ، فأننا إزاء علاقات تمارس ذاتها بذاتها ، فأننا إزاء ألغاء الذات العارفة كمحتوى فلسفي ، أي أننا إزاء ألغاء المعطيات الحسية !!
المجال الرابع : لكي لانغمط على برتراند رسل حقه في الدفاع عن نفسه ، ندافع عنه في حدود المعقول ، فهو كرياضي بارع ومتمكن ينظر إلى المعطيات الحسية وفي علاقتها مع ( الأشياء ) من نفس زاوية التكامل الرياضي ، ومنطقه ، وحدوده ، وهذه الرؤيا ، في بعدها البنيوي ، صادقة نسبية ، لولا أمرين مختلفين ، الأول : نحن نعتقد ( وسوف نحلل ذلك مستقبلاُ ) إن 2+2 لايساوي أربعة أبدأ إلا إذا كنا أرسطوين ، الثاني : إن محتوى الدالات الرياضية يختلف من حيث الطبيعة والبنية عن محتوى الدالات في المعطيات الحسية .
المجال الخامس :إن العالم ، حسب رسل ، يتكون من ذرات مستقلة عن بعضها البعض وتربط فيما بينها علاقات خارجية !!! مرة ثانية يغدو راسل ضحية لمنطقه الرياضي ، كما أنه لم يدرك مفهوم العلاقات الخارجية ، ففي الكون لاتوجد علاقات خارجية ، إنما هي دائماُ علاقات تكاملية ، كما لاتوجد ذرات مستقلة حتى لو كانت ذات وحدة خاصة ، لذلك نقول دائماُ ، ولكي نكون في أمان في الرؤيا العامة ، ينبغي الأنتقال من مفهوم الطبيعة إلى مفهوم الكون ، الأنتقال من مضمون ( المعنى اللامتحرك ) إلى ( المعنى المتحرك ) ، الأنتقال من نيوتن إلى آنشتاين إلى ما بعد آينشتاين . ( إلى اللقاء في الحلقة الثامنة عشر ) .



#هيبت_بافي_حلبجة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نقض بسيكولوجية المعرفة لدى أرنست ماخ
- التناقض الداخلي في حكم المرتد
- رؤية نقدية في جدلية الثورة السورية
- السرعة ومفهوم المكان والزمان المكثفان
- نقض أداتية جون ديوي
- نقض فلسفة الطبيعة لدى هيجل
- برهان غليون ... درويش على باب محراب مهجور
- نقض النقض ، هل مات الإنسان ؟ الحلقة الثانية
- نقض النقض ، هل مات الأنسان ؟
- الثورة السورية والمعادلات الصعبة
- المجلس الوطني السوري ... عام من الفشل
- لماذا نلتزم بمنهجية البارتي الديمقراطي الكوردستاني
- الليبرالية .... مأساة الثورة السورية
- بقرادوني .... والخطاب القاصر
- برهان غليون ... والمفهوم الضائع
- مابين الأخضر الأبراهيمي وميشال سماحة
- الحق الكوردي .... منطقة حمراء
- خان الثعالب ...
- جيل دولوز وإشكالية مفهوم الأفهوم ..
- هنري بوانكاريه وإشكالية مفهوم التعاقدية ..


المزيد.....




- استهداف أصفهان تحديدا -رسالة محسوبة- إلى إيران.. توضيح من جن ...
- هي الأضخم في العالم... بدء الاقتراع في الانتخابات العامة في ...
- بولندا تطلق مقاتلاتها بسبب -نشاط الطيران الروسي بعيد المدى- ...
- بريطانيا.. إدانة مسلح أطلق النار في شارع مزدحم (فيديو)
- على خلفية التصعيد في المنطقة.. اتصال هاتفي بين وزيري خارجية ...
- -رأسنا مرفوع-.. نائبة في الكنيست تلمح إلى هجوم إسرائيل على إ ...
- هواوي تكشف عن أفضل هواتفها الذكية (فيديو)
- مواد دقيقة في البيئة المحيطة يمكن أن تتسلل إلى أدمغتنا وأعضا ...
- خبراء: الذكاء الاصطناعي يسرع عمليات البحث عن الهجمات السيبرا ...
- علماء الوراثة الروس يثبتون العلاقة الجينية بين شعوب القوقاز ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - هيبت بافي حلبجة - نقض مفهوم الذرية المنطقية لدى برتراند راسل