أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيبت بافي حلبجة - بقرادوني .... والخطاب القاصر















المزيد.....

بقرادوني .... والخطاب القاصر


هيبت بافي حلبجة

الحوار المتمدن-العدد: 3837 - 2012 / 9 / 1 - 16:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ما أتعس العقل حينما يتيه في سراديب دامسة تحيكها أوهام تقتات من معادلات تحتسب خارجة عن إرادة التاريخ ، وما أقسى على المرء أن يشاهد أغتيال هذا العقل بأبخس الوسائل وأضيق الأفكار وأبسط المقدمات ، وما أفظع على المنطق أن يدرك إعدام كنهه وكينونته وسيالته في وضح النهار وبجوار صلوات ضائعة على باب محراب لاآلهة فيه ولا وثن أو صنم .
أجل كيف يمكن للعقل أن يتخاوى ويتخارج عن ذاته لمجرد إرادة طائشة في تاريخ ممزق ، أو لمحض نزعة سادرة في فجوة مكفهرة على باب كهف يتآكل وينبذ هو بنفسه أوصاله ووشائجه ليغترب عن نفسه أيما إغتراب ويهجر المستقبل وإلى الأبد ( لحدث ) فات في الماضي وأندثر .
أجل راعني الأمر كثيراً بل أستشطت حنقاً ولم أكظم غيظي حينما شاهدت كريم بقرادوني على قناة روسيا اليوم ، وهو اللبناني الأرمني ( أب أرمني وأم مارونية ) والرئيس السابق لحزب الكتائب قبل أمين الجميل الرئيس اللبناني بعد مقتل أخيه بشير الجميل .
لقد أحدث هذا اللقاء في مخيلتي ثورة بركان يتقاذف من الذكريات التي أوشكت على نسيانها أو التي كنت أتشهى سلوانها ، ثورة بركان هادر من أحداث تاريخية ( قبل الآن ) والتي لن أسردها ، فليطمئن السيد كريم بقرادوني ، أي لن أسرد مالذي جري بينه وبين حافظ الأسد في لقاءين متميزين ، ولا الذي جري بينه وبين معمر القذافي ومن ثم بينه وبين واحد من ضباطه الذي مازال حياً ، ولا تلك الأسباب التي دفعته في الدفاع عن حركة أمل قبل سنين خلت ، ولا تلك المحاولات البائسة في الألتفاف على حزب الكتائب إثناء ترؤسه له من عام 2001 – 2007 ، ولاعن مجزرة صبرا وشاتيلا في عام 1982 ، ولكن ، ورغم المفارقات والمقاربات ( وهو صاحب كتاب لعنة وطن ) ، أن يغتال الثورة السورية تعسفاً وأعتباطاً وتعمداً وبإرادة مشوهة ، فإنه يلج في المنطقة الحمراء ، تلك المنطقة التي نفديها بأرواحنا ونحميها بأقدس ما لدينا .
وقبل هذا اللقاء كان ثمة لقاء مع موقع المنار الألكتروني ، وأكد فيه إن ما يجري في سوريا ليس إلا حرب شاملة ضد خط المقاومة – وهو يقصد بالطبع النظام السوري - والنيل من إرادته وصموده من خلال تفكيك سوريا وتفتيتها إلى أجزاء لاحول ولاقوة لها .
وأكد بكل ثقة وطمأنينة ، إن النظام السوري لن يهزم ( بضم الياء ) بل سيزداد صلابة وممانعة ، وإنه باق على الرغم من كل المحاولات اليائسة لأقتلاعه .
وأما في هذا اللقاء مع قناة روسيا اليوم ، فلقد أكد على أطروحات كثيرة نختار منها تلك التي تهمنا وهي ثلاثة :
الأطروحة الأولى : إن الخطر الحقيقي في منطقة الشرق الأوسط يكمن في أستراتيجية تركيا كدولة ذات مخطط أمبراطوري عثماني ، أو بحسب تعبيره الخاص " الخطر الحقيقي في الشرق الأوسط لايتمثل في الصراع ما بين السنة والشيعة ، إنما مابين الإسلام السني ونفسه ، وتركيا هي التي تمثل هذا الجانب الخطر في مضمون هذا التناحر ، لإنها ، وحتى هذا اليوم ، تمثل أمتداداً لتلك المطامع التي دفعت بالإمبراطورية العثمانية في السيطرة على منطقتنا " .
الأطروحة الثانية : إن الدولة الإيرانية لاتمثل أي تهديد أو خطر في منطقة الشرق الأوسط ، لإنها سواء على صعيد القومية الفارسية أو على صعيد المذهب الشيعي أمتداد لمفهوم المصلحة العامة المشتركة ما بين كل أطراف دول وشعوب المنطقة بإستثناء الدولة التركية .
ومن ثم يركز على إن هذه المصلحة المشتركة تبدو جلية من خلال موقف إيران من القضية الفلسطينية ودورها في دعم المقاومة اللبنانية .
ويستطرد إن الرؤيا الشاملة لمنطقة الشرق الأوسط تثبت إن السنة وهم العدد الأكبر والأضخم من حيث النسمة ، هم الذين يسيطرون عليها ، ويردف مستغرباُ ، إن الشيعة بهذا العدد القليل كيف يمكن أن تشكل خطراُ على المنطقة مقابل أهل السنة في المنطقة ووصولاُ إلى أفغانستان وباكستان وغيرها .
الأطروحة الثالثة : إن هنالك خياران لا ثالث لهما ، فإما الأستبداد والقمع ، وإما الفوضى والتقسيم ، وإزاء هذا الموقف لابد من القول وبدون شك أو أرتياب إن الأستبداد والقمع أفضل وأحسن من الفوضى والتقسيم .
ومن المحقق أنه يحق للشعوب في المنطقة البحث عن الحرية ، لإنها مقولة رائعة ، ولا مناص من أن يتمتع بها كل الناس ، لكن كما قلنا إننا لايمكن أن نقبل الفوضى والتقسيم ، لذلك فإن الأستبداد هو الواقع الذي ينبغي أن نرضى به .
هذه هي المقولات الثلاثة التي حاول السيد كريم بقرادوني إن يدسها في أذهاننا بأسلوب لايخلو في الحقيقة من السطحية والمزاجية والقصدية :
أجل نحن نشاركه ونشارك الشعب الأرمني الصديق جسامة المحنة التي تعرض إليها أثناء المذابح المقيتة في بدايات القرن الماضي على يد الدولة التركية ، وندرك مدى الألم الذي يحسه بقرادوني أتجاهها ونعي أهمية مشاعره الخاصة إزاء الدولة التركية ، ونحن نؤيد أيضاً أي خطوة دولية قانونية أو دبلوماسية في سبيل تأكيد هذه الحقيقة ، لكن من غير المقبول أيضاً أن نشوه أبعاد التناحر في المنطقة ونؤصله على وقائع ( هي في غاية البشاعة ) فقدت خصوصية مرتكزاتها في الوقت الراهن .
وكذلك من غير المعقول أن نبني من خلال تلك الوقائع ملامح وهمية وتصورات رغبوية تجمل بشاعة الموقف الإيراني ودورها الخطير في المنطقة .
هذا من جانب ، ومن جانب آخر إننا لانوافق أصلاً على رداءة هذا التحليل الذي يبيت في ثناياه الكثير من سوء النية ، فدعونا نركز على المحددات التالية :
المحدد الأول : إن طبيعة الصراع في منطقة الشرق الأوسط لايتأسس على المسألة الطائفية ، إنما يتأسس على محور التناقض الحقيقي في المحتوى الفلسفي والفكري والتاريخي للتجربة البشرية عامة ، أي إن طبيعة الصراع هي واحدة على كل الكرة الأرضية ، سواء من حيث الجوهر والماهية أو من حيث الصيرورة والميكانيزم أو من التوجه والغاية ، لكن هذا لايلغي الأدوار الثانوية المتنافرة التي تخص هذه المنطقة دون غيرها ، وكذلك لايلغي أهمية تركيز بعض الأطراف في أستغلال فحوى التناقضات الثانوية لمصالحها الخاصة أو لتغطية مشاريعها القومية والأثنية ، مثلما تفعل دولة إيران الفارسية والنظام السوري في أستغلال هذا الجانب لتمرير مآربها الخاصة جداُ .
المحدد الثاني : إن بقرادوني بهكذا خطاب هو لايضر فقط بكل مجتمعات الشرق الأوسط إنما يؤذي طائفته الخاصة حتى النخاع حينما يربط ما بينها وبين النظم الديكتاتورية التوتاليتارية ، لإن من مصلحة كافة القوميات والطوائف والفئات ( بما فيها إسرائيل ) أن تربط مصيرها بمقولتين أثنتين ، شعوب المنطقة ، ومنطوق الديمقراطية ، وخلافاً لهذا الأمر فهو الأنتحار بعينه .
المحدد الثالث : من الزاوية السياسية ، نحن ندرك بقوة إن السياسة التركية تقوم ، حسب منطق العقل التركي ، على رؤيا أحادية الجانب تخص المصالح التركية دون غيرها ، لكنها لاتستند إلى العمق الطائفي ولا إلى مشروع تدميري للمنطقة ، بعكس سياسة أيران والنظام السوري ومحاولاتهما الولوج في المجتمعات من خلال هذه الأفكار الطائفية القاتمة ، لذلك من المفروض علينا أن نقطع كافة السبل بتلك الجهات وننبذ هذا التصور الذي يضر بالجميع ، فالصراع الطائفي أي كان لونه نرفضه ونردعه .
المحدد الرابع : ومن الزاوية السياسية أيضاً ، ألا يرى بقرادوني إن ايران تملك مشروعاُ فارسياً قومياً تاريخياً خاصاً بها ، فهل ثمة أدل على ذلك متاجرتها بالقضية الفلسطينية والتفريق ما بين الفصائل في قطاع غزة والضفة الغربية !! ألا يرى إنها تقمع الشعب الكوردي والعربي والأذري في بلادها وتنادي بتحرير القدس لتوهم الجماهير العربية بمصداقية زائفة ولتستميلها إلى جانبها !! ثم لو إنها كانت صادقة فلماذا تتباكى على الوضع في البحرين مثلاً وتقمع الثورة في سوريا وهاهي تقوم بالمستحيل في سبيل إخماد هذه الثورة التاريخية التي فاقت كل الثورات قاطبة والتي سوف تنتصر مهما طال الأمد !! ثم لو إنها أرادت فعلاً الحفاظ على ماتسميه بالمصلحة الشيعية أما كان الأجدر بها أن تفتح حواراً ذات مصداقية مع الدول التي فيها ( مجموعة شيعية ) عوضاُ عن قيامها بتأليبها ضد تلك الأنظمة ودعمها لها لوجستياُ وعسكرياً !!
المحدد الخامس : لا أود أن ألج في جدل سفسطائي مع بقرادوني ، لكن ألا يرى إن سوء النية واضح لديه ، وإلا كيف يحدد مصيرنا بإما الخضوع للإستبداد والقمع ، أو المعاناة من الفوضى والتقسيم والدمار الكلي !! وإذا كان لامندوحة من ذلك ، فليتأكد بقرادوني إن الشعب السوري سوف يجتث الإستبداد والقمع أولاً ، ثم سيعالج أشكالية الفوضى إن دقت بكل عقلانية وحكمة ، وأما ما يسميه بالتقسيم فإنه لن يحدث أبداً وإن الشعب السوري قد تخطاه بوعيه وإدراكه .
وهذه معادلة بسيطة للغاية وفاتت بقرادوني فطالما هذه الأنظمة موجودة فإن الدمار والفوضى هي التي تهدد مجتمعاتنا ، فلامناص إذاً إلا بالقضاء أولاً على هذه الأنظمة كمهمة ضرورية تاريخية ، ومن ثم معالجة الآثار المترتبة على ذلك ، والحالة الليبية خير شاهد على ذلك .
المحدد السادس : من المحقق إن حديثه عن بقاء النظام السوري يعتمد فقط على عامل الرغبة ويتعلق بمحتوى الأمنيات ، وكان عليه أن يدرك إن النظام قد مات سريرياً على الصعيد السياسي منذ أشهر عديدة ، وإنه لم يعد تنفع الأمدادات القادمة من إيران وروسيا ، وإن الثورة السورية قد تخطت نفسياً مضمون الصمت الدولي ، لإن الحراك الثوري الميداني هو الذي يفرز ويفرض طبيعة ونوع المعادلة الحقيقية في العلاقة ما بين الثورة وكافة الأطراف الأخرى ، السورية والدولية .
المحدد السابع : من المؤكد إن هذا الخطاب العام هو الذي يدمر ويحطم كل أسباب ومسوغات قيام المجتمعات ويحرق أي إمكانية للتقدم والتطور ، وإنه سيتلاشى وسيذوي قريباُ ، مجرد أن تنتصر هذه الثورة العارمة ، فالقضاء على النظام السوري الذي يجسد آخر معاقل اللعب بمصير المنطقة والذي يمثل الوكر الأخير لكل الدسائس ( حالة ميشيل سماحة ليست آخرها ) ، سوف يكون بوابة حقيقية لإعادة لبنان والعراق وفلسطين إلى مثابة دول ذات سيادة ، وسوف يضع أسفين الفراق الأبدي ما بين أيران وبلاد الشام .



#هيبت_بافي_حلبجة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- برهان غليون ... والمفهوم الضائع
- مابين الأخضر الأبراهيمي وميشال سماحة
- الحق الكوردي .... منطقة حمراء
- خان الثعالب ...
- جيل دولوز وإشكالية مفهوم الأفهوم ..
- هنري بوانكاريه وإشكالية مفهوم التعاقدية ..
- هربرت سبنسر وإشكالية مفهوم التطور ..
- شيلينغ وأشكالية فلسفة الوحدة ..
- هيدجر وأشكالية مفهوم الوجود ..
- آينشتاين وأشكالية مفهوم السرعة ..
- الفارابي وأشكالية نظرية الفيض ..
- نداء إلى تأسيس تنظيم شرق أوسطي عام
- نقض منهجية ديكارت ..
- أشكالية الكرة الأرضية
- أشكالية الأزلية الزمنية أوالموضوعية
- أشكالية المسلمات العقلية الأولية
- حسنين هيكل أزمة في المنطق ..
- نحو تصور فلسفي جديد للكون
- حول قيام الدولة الفلسطينية والقضية القومية الكردية وحقوق الأ ...
- مشعل التمو يطيح ببشار


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيبت بافي حلبجة - بقرادوني .... والخطاب القاصر