أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مسعد خلد - من الغدير الى الغدير















المزيد.....

من الغدير الى الغدير


مسعد خلد

الحوار المتمدن-العدد: 4127 - 2013 / 6 / 18 - 19:38
المحور: الادب والفن
    


من "الغدير" الى مفرق "خلة ذريح" ثم "خلة حمزه" و"طلعة الزرب" فـ"القرميّه" ثم "خلة الحلبي" تصل الى بركة "الزابود". هذه الطريق التي أسلكها كلما فاض بي الشوق الى لقاء الشامخ بين القمم، الجاثم في الأعالي، لكنني اتجهت هذا العام، وعلى غير عادتي، من الغدير شمالا الى "خلة سلامه" ثم "عقبة الحمار" فوصلت المسرب الذي يتفرع غربا نحو "عين الجبل"، والتي تعتبر ظاهرة عجيبة، حيث تتدفق مياهها العذبة في أعلى الجبل، إلا انني سلكت من "عقبة الحمار" شرقا فأوصلتني طلعة قاسية الى "هوتة عقبة الحمار" لأروي ظمأي من ماء جرنها العذب، والذي تصله بحذر عن طريق درجات صخرية زلقة، ثم تابعت الى "بلاطات سبلان" والتي سميت بهذا الاسم لأن من يقف فوقها وينظر غربا، يرى مقام "النبي سبلان" وشمالا يرى "مغارة سبلان" بجانب "بير الجرمق". بعدها تابعت شمالا ووصلت الى "الدرجه" وهناك بنيت (صيره) لقطيع الماعز التابع لهما، وحالفني الحظ فالتقيت مع أحد الرعاة، وكان لديه الخبر اليقين، فعوض لي عن تعبي الشديد، بذكرياته مع "الشقي الشريف" فؤاد علامه، والذي وصل في احدى تنقلاته الخفيّة الى المكان، مع ضب الرمس، ونادى باعلى صوت:"هيه يا خالتي نايفه! ابنك ميت من الجوع" وجاء الرد من داخل الصيره:" دخل قلبك يا تقبرني! فوت! قبـَلك طنجرة لِــبَه، وهاي رغيفين مليوح، والله ريتو الف صحه وعافِيه!". وبعد استراحة تخللتها أنغام ناي حزينة، كأنها بكت الأرض التي تنازل عنها أحفاد الأجداد، اتخذت من طلعة "القصيل" وجهتي نحو "خربة الجرمق" فوصلت الى "بير السكر" لأشرب من مائه الزلال، فصادفت الراعي قد سبقني (وورّد) قطيعه على البير، فحلب لي (ثمنية) حليب، وعندما لاحظ ترددي، أقنعني قائلا:" اشرب! حليب المعزى دفى وكلو عفى، أما البقر اللي عودوكو عليه، حليبو غذى لكن لبنو أذى". شربت وتوكلت متابعا نحو الشمال الى قمة "المنارة" فوق قمة جبل الجرمق، إلا ان شريطا دخيلا أعاق طريقي، فاتجهت شرقا عن طريق "خلة منشار" الى"عين الشعير"، ثم قمة جبل "ابو حجر"، الذي يطل على جهة الشرق، (تـَــلا) الجولان وجبل الشيخ وما بعد بعد.. ثم عدت قاصدا الطريق الجنوبية لمنطقة جبل الجرمق، التي تصل الى "عين الجديدِه" أول منابع "وادي أبو علي"، لكنني توقفت في "برك الحمير" محتارا بين الغرب والشرق، فالمسرب الغربي من منطقة "بير الجرمق"، نحو"الهوته" العظيمة، الى "جباب القصب" التي تطل على جنوب لبنان، ثم "جبل وسط" الى طريق "أبو المجد"، نزولا الى "خلة المغاري" المشهورة بمغارتها عبورا في "أبو مهاد" ثم "خربة سرطبه" وصعودا الى "عين سرطبه" والاتجاه شرقا لأصل الى "نبع سرحان" ثم "عين الخنازير" ومتابعة الطريق حتى مفرق " الغدير" واذا رغبت في الوصول الى بيت جن فان طلعة "الرغبه" ستوصلك. لكن حيرتي انتهت واتخذت مساري باتجاه الشرق وليس الغرب، نحو "بركة الزابود"، لكي أرتاح قليلا تحت ظلال السنديانات العامرات، وهذا ما حثني على اتخاذ قراري. بعد استراحة منعشة، واصلت الى حوش يحيط به رف صخري عال من جهاته الثلاث، بينما اكتمل البناء بجدار محلي من حجارة المنطقة، لحماية الماعز داخله، وفجأة أطل صاحبنا الراعي من الداخل، وصار يحدثني عن ذكرياته مع شبان قرية "مارون" من آل كعوش، والذين كانوا يصلون عن طريق وادي "سُكّرَة مارون" الى"هوتة ابو سلوم" فيلقون حبالا الى الهوته، وينزلون لالتقاط الحمام البري منها، فيكون قسطا وافرا من نصيبه، بعد ان يقنعهم بالمبادلة والمقايضة بالجبن والقريشه وزقاليط لبنة الزكره المكبوسة بزيت الزيتون. شكرته على المعلومات وعلى (جيبِة) القطين البياضي اللذيذ وتابعت طريقي الى "عين البيضا"، والتي تطل على بركة "دلاثه" والصفصاف والجش، بينما تطل مدينة صفد والى جانبها يجثم جبل كنعان بزهو أمام الناظرين. العين بمائها العذب شكلت موردا لقطعان الماعز، ومصدر شرب للفلاحين أثناء عملهم في فلاحة الأرض المحيطة بها، وهنا لا بد من ظهور الراعي المؤتمن، والذي لديه الخبر اليقين، حيث استرسل بحديث شيق عن احدى مرويات بطل المنطقة "فؤاد علامه" خلال سنوات الثلاثين من القرن العشرين، وأنه وصل المكان ليرتاح تحت ظل سنديانة العين، ونام من التعب، وعندما وصل (راعينا) مع قطيعه، أحس عليه، فأفاق من نومته وطلب منه زادا، فحلب له سطلية حليب وأعطاه خبزا. وعلى حين غرة، سمع وقع حوافر خيل من جهة وادي مارون، فهرع نحو "جرانِة العصافير" ليرى أن ثلة من افراد جيش الانكليز تقترب منهما، فهرول مسرعا، وأخبر فؤاد بالأمر، فتدحرج بخفة باتجاه الحرش القريب، ثم غافل الجنود صائحا بقائدهم مدويا، آمرا بالقاء أسلحتهم ناهيهم عن الحركة، جامعها ثم مفرغها من الرصاص، فألقاها أمام قائدهم، وهو من آل الحنا من قرية الرامه، كان قد قرر القاء القبض على علامه، طمعا بالجائزة التي خصصها الاستعمار الانكليزي، لكل من يأتي به حيا أو ميتا، وأمرهم (بالانقلاع) من أمامه، مهددا اياهم متوعدا، اذا هم عاودوا الكرة في طلبه. وبعد النتهاء من سرد هذه المرويّة، مدّ حديثا ليصف محاولات أخرى للقبض على البطل الأسطوري، والتي لم تتوقف حتى نجح الأعداء بوضع السم له في الطعام على يد الخونة. لكن ما علق بذهني مما روى لي ذلك الراعي الراوي، يتعلق بمجموعة من الجنود وصلوا الى منطقة "بير موسى" في الجهة الشرقية من القرية، لاعتقال الاخوان محمد ومحمود الحلبي، أثناء قيامهما بحراثة أرضهما، بسبب اتهامهما باستضافة فؤاد علامه ومساعدته، وتم نقلهما الى مركز الشرطة في قرية الصفصاف. ولما علم فؤاد علامه بالأمر، أسرع الى الصفصاف، متوجها الى بيت مختارها (وهو من آل الزغتوت)، فعلم بان الجنود والمختار قد جلسوا للغداء، وقد حبسوا المعتقلين في القبو، وبعد أن عالج الحارس بضربة معتبرة، فكهما من القيود، وتوجه برفقتهما الى حيث جلس هؤلاء للمائدة، فانتهرهم على غفلة من أمرهم، فجمدتهم المفاجأة، مما سهّل عليه الاستيلاء على بنادقهم، فحمّلها لرفيقيه، وزج بالجنود في القبو، وعاد الى المائدة مع صديقيه ليتناولوا المنسف الشهي، ثم عاد بهما الى بيت جن معززين مكرمين.
بعد قيلولة "عين البيضا" والتي سميت بهذا الاسم لعذوبة ونقاء مياهها وشفافيتها، سرت باتجاه الغرب، ووصلت الى شارع عريض اعد للمركبات الزراعية، فأخذتني خطاي السريعة جنوبا الى "عين الورقة" والتي سميت بهذا الاسم لأن مياهها حفرت في الصخر الجيري شكل ورقة كبيرة، لتسيل المياه منها غربا باتجاه "وادي الغميق" الذي يجري باتجاه وادي "عين طارق" والوادي الذي يمر بجانب "خلة ذريح" ثم "وادي الغدير"... استلقيت تحت ظل شجرة العين، إلا ان وصول الراعي قطع حبل أفكاري، فقاسمني ظل البطمة العجوز، وسألني باهتمام:"بعد فيه قيم على أيامكو يا بعدي؟!" ولم يمهلني الدفاع عن أيامنا، بل تابع:" اسمع هالقصة اللي صارت معي!" ووصف لي حادثة جرت معه وهو صغير السن، عندما أرسله والده لكي يعبئ كيسا بالعشب الأخضر لعنزاته، من أحد كروم العنب، وبدأ (يحلش) العشب دون أن يمد يدا ولو لحبة عنب واحدة، رغم حرارة الجو في ذلك اليوم. وعندما أنتهى من عمله، قصد الخروج، لكنه فوجئ بصاحب الكرم، والذي اختبأ ليراقبه، يناديه فقال لنفسه :"طبعا راح كيس الحشيش على عنزاتنا، وراح تعبي خساره!" وبدل ذلك قطع الشيخ قطف عنب قرقشاني، وقدمه له قائلا:"خوذ كول يا أمين يا ابن الأوادم!". طلبت الإذن بالانصراف من بين يدي ذلك الراعي الأمين، وتابعت طريقي فمررت بين "خلة عليق" و"خلة حطاب" حتى وصلت الى مفترق "جبلة عروس" والتي بالإمكان ان تصل عن طريقها الى منطقة "خلالي العكر" على السفح الشمالي الشرقي لجبلة عروس، ثم "المصاطب" الى "الزعرورة" وعن طريق وادي العجم تصل "عين الساموره" ثم شرقا "خلة شهاب" وتصل الى "عين السموعي" التي تصب في رعن طويل، حيث كانت تردها الماعز من كفر عنان وفراضيه والسموعي وبيت جن. بعد وقفة قصيرة، اتخذت قراري باتباع الطريق الطريق، حتى وصلت مفرق "الجوانيه" والذي يأخذ القاصد شرقا حتى "خربة كتيم" ومنها الى جبل "القلعة"، لكنني سرت غربا على شارع "القـَطعه" باتجاه "الخرايب" وصولا الى "المرابيع" وهناك وصلت الى تفرعين، طريق يوصل الى "بركة شفنين" والتي سميت بهذا الاسم نسبة لطائر "الشفنين" الذي كان يرتاح بجانب البركة في موسم هجرة "حوام الربيع" شمالا و"حوام الخريف" جنوبا. وتصل من البركة الى "خربة باط السور" الأثرية، والتي تطل على بيت جن وما يحيط بها من جبال، ويمكن النزول منها الى "عين الجرون" عن طريق "خلة النمر" ومنطقة "رباع الصنوبر". لكنني قررت أخذ جهة الشمال فوصلت الى "بير موسى" ثم الى شمال شرق منه "خلة العنتير" وجبل "ديدبان" وعن طريق سفحه الجنوبي الى "خلة القبريش"، والتي ينمو فيها شجر القبريش النادر، ومنها وصلت بصعوبة الى "عين الجرون" وتوجهت غربا الى "الفوّار" ومررت عن طريق "كرم علـّو" ثم "الزيرِه" وشربت من "نبعة عوده" وتابعت حتى وصلت "الغدير"، والذي منه انطلقت، لكني فوجئت هذه المرّة برفيقي الراعي، يجلس عطالا بطالا، فوق صخرة كئيبة، وقد جف ماء الغدير، وتحول مجراه العلوي الى مكب للنفايات، بينما أصبح المجرى السفلي بركة اصطناعية لمياه المجاري الملوثة، والتي تفيض في الوادي الهزيل، والذي تحولت حجارته عن ملساء ناعمة الى سوداء قاتمة ...



#مسعد_خلد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كسرى- قرايا من الجليل
- الكمانه - قرايا من الجليل
- المغاربة - قرايا
- ساجور - قرايا
- طوبا زنغرية -قرايا
- مجدل شمس - قرايا
- سرطبه - قرايا
- المطلّه -قرايا
- -الخيط-- قرايا صورة12
- السموعي- قرايا صورة 11
- اليامون- قرايا صورة 10
- عكبره- قرايا صورة 9
- الصفصاف وعيلبون- قرايا-صورة 8
- القباعه - قرايا -صورة7
- قرايا: صورة 6 -عكا-
- قرايا - -الكابري-- صورة 5
- قرايا- حطين- الصورة 4
- قرايا :-اللد والرمله- الصورة الثالثة
- قرايا - بيت جن - منفى الأحرار- الصورة الثانية
- قرايا- مارون- الصورة الأولى


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مسعد خلد - من الغدير الى الغدير