أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - دمشق الياسمين














المزيد.....

دمشق الياسمين


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 4116 - 2013 / 6 / 7 - 09:05
المحور: الادب والفن
    



ما أكثر الصفات الجميلة التي أسبغت، على امتداد التاريخ، على دمشق، إحدى أقدم حواضر الثقافة والعلم والإبداع، سواء أكان ذلك عبر شهادات أبنائها الكتاب والشعراء، أو من خلال من زاروا هذه المدينة، وتغنوا بها، حيث كانت محجاً للمعرفة والإبداع والحضارة، ولعل من بين الصفات الجميلة التي تطلق على هذه المدينة العريقة لقب" ملكة الياسمين"، وهو وصف لم يأت من فراغ، وإنما من خلال انتشار أشجار الياسمين، متراوحة الطول التي تواصل دورتها في أرض المكان، بدءاً من داخل أحواش بيوتاتها، أو دواخلها، لا فرق، أو لاحتلالها شوارع هذه المدينة الخالدة، التي تئنَّ، تحت وطأة جراحاتها الآن، بعد أن منيت بالقيح والتقرح، على امتداد شريط زمانيٍّ محدد بين نقطتي بدء وواقع أليمين، هما توطئة الاستبداد، وخط سيره الجارف الذي لايبالي إلا بذاته ولذَّاته، وشتان مابين احتلال الياسمين واحتلال النار..!.



كتاب، شعراء، مؤرخون، رحالة، سواح، كثيرون مروا بهذه المدينة، استوقفتهم خصال أهلها، وأرواحهم الطيبة، كما استوقفهم قاسيونها، وبرداها، وطبيعتها التي تكاد تتاخم جزيرة واقعية من الشجر، والبهجة، والاخضرار، كي تجمع كل ذلك عبارة" الخضرة والوجه الحسن"، في أقرب تعبير دلالي، عن المكان وأهله، كي يكون الياسمين-على ضوء مثل هذا الكلام- العلامة الفردوسية، بل الرومانسية، البارزة، وهو يمتطي مراكب الهواء، كي يترجم نسيماً، يدل على أرومتيه: روح الدمشقي وشجر الياسمين، ما جعل نزار قباني الذي فتح عليه عينيه، يفرد له فضاء في روحه وقصيدته، كي يوصى بأن يدفن في التراب الذي أنبت الياسمين، وهو التراب الذي أنبت السؤدد، والشهامة، والنبل، والطهارة، والصفاء، كما بياض ياسمينه، هذا البياض المتخير من بين أنواع الياسمين التي تنوس بين الصفار والسواد، بل إن محمود درويش، هو الآخر، لم يتمكن من أن يعرج على دمشق، دون أن تتفاعل قصيدته بشذا وعبق ودهشة الياسمين.



وإذا كان الياسمين يذكربتاريخ عريق، وهويعكس أعماق ابن المكان- والمكان هنا أوسع من حدود المدينة الشامخة وساكنها- فإن هذا الذكر نفسه، جعله" ذاكرة"، تسرد تألق فضاء هذا المكان، وأهله، وإبداعهم، وبسالتهم، و غيريتهم، وحضورهم في مشهد الوطن الأكبر، في إطارالرحلة الكونية، مادام المكان علامة، بل شامة على خد كرتنا الأرضية عامة، ومن هنا، فإن هذه المدينة الوديعة- وهي في حدود الرمز هنا- شهدت عبر التاريخ غزوات الغرباء، بيد أنها طالما هزمتهم، وهاهو ضريح صلاح الدين الذي أرعب غورو وهو في رقدته، تحت ظلال الياسمين، المدمى..و اأسفاه، يسرد مشاهد وملاحم بنيها، وما يوسف العظمة، والبارافي، و غيرهما إلا اسمان في سجل امتداد سلالة هذا البطل الضرغام، وهو يشهد الآن، فزع طيور سوق الحميدية التي ألفت البشر، وأزالت بعد الرهبة، من سيكولوجيتها، الفطرية، كي تعيد النظر في العلاقة ب"الأشباح" التي باتت تقود النار، ودوي الطائرات، والبراميل المتفجرة، لتكون شاهدة على ذبح الأطفال، واستبدال رائحة الموت والدمار والبارود والكيمياء برائحة الياسمين العريق، حيث أنين المحاصرين، والجوعى، والجرحى، يصل مسمعها من القصير الأبيةالتي أضافت ملحمتها الفريدة، واقعاً، لا افتراضاً، حيث دماء تشخب في شوارع مدينة الشاعر محمد وليد المصري، الذي تهدم منزله فوق رأسه، كما لم يحدث لشاعر عبر التاريخ، وكما لم يفعل ذلك قاتل عبر التاريخ.ذاته..!.



إبراهيم اليوسف

[email protected]



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملحمة القصير..!
- دويُّ الكلمة
- رسالة إلى مجلس حقوق الإنسان والهيئات الحقوقية الدولية في الع ...
- معشوق الخزنوي صوت لاينطفىء
- دم الكاتب
- الكاتب وأسئلة المكان:
- أسماء متفق عليها: إليهم يزلزلون زنانزينهم........!
- هزيمة المثقف وأسئلته الجديدة
- ثلاثتهم والآخرون..!
- سايكولوجيا الحرب:
- موت الكتابة بين الواقع والوهم
- ساعة دمشق:1
- ساعة دمشق:
- أسئلة اللغة:
- الكتابة في زمن الثورة.1.:*
- الكتابة في زمن الثورة..:
- الثقافي والسياسي: وأسئلة ردم الهوة..!
- الوطن المعلق إلى جسرديرالزورالشامخ1
- الوطن المعلق إلى جسرديرالزورالشامخ
- مانيفست المدينة مانيفست البطل..!


المزيد.....




- مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية
- مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية
- أبحث عن الشعر: مروان ياسين الدليمي وصوت الشعر في ذروته
- ما قصة السوار الفرعوني الذي اختفى إلى الأبد من المتحف المصري ...
- الوزير الفلسطيني أحمد عساف: حريصون على نقل الرواية الفلسطيني ...
- فيلم -ذا روزز- كوميديا سوداء تكشف ثنائية الحب والكراهية
- فيلم -البحر- عن طفل فلسطيني يفوز بـ-الأوسكار الإسرائيلي- ووز ...
- كيف تراجع ويجز عن مساره الموسيقي في ألبومه الجديد -عقارب-؟
- فرنسا تختار فيلم -مجرد حادث- للإيراني بناهي لتمثيلها في الأو ...
- فنانة تُنشِئ شخصيات بالذكاء الاصطناعي ناطقة بلسان أثرياء الت ...


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - دمشق الياسمين