أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميشيل نجيب - محنة العقل الغيبى














المزيد.....

محنة العقل الغيبى


ميشيل نجيب
كاتب نقدى

(Michael Nagib)


الحوار المتمدن-العدد: 4114 - 2013 / 6 / 5 - 17:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مما لا شك فيه أن العقل فى منطقتنا العربية يمر بمحنة كبيرة نظراً لتغيير طبيعته ووظيفته الإنسانية إلى طبيعة ووظيفة غيبية، وهذا التغيير أحدثته الأفكار والعقائد الدينية المتسلطة على الأفراد الذين يستعذبون نكهة التدين والعواطف الجياشة بالعوالم الغيبية التى يضعها كل مؤمن حلماً وهدفاً نصب عينيه، مما يجعلها تقيد أفكاره وتعزله عن الواقع، هذا العقل الغيبى أستغله القادة السياسيون والدينيون فى وضع مسميات هزيلة للهزائم التى تلحق بشعوبهم ودولهم، سواء كانت هزائم معنوية بتخلف العقل عن مجاراة الحداثة والتقدم الإنسانى أو هزائم مادية فى معارك وحروب يتم إقناع الفرد بأنها مجرد نكسات أو نكبات، وسرعان ما يأتى رجال الأديان الموالين للسلطة لتفسير تلك النكبات بأنها عقاب من الآلهة على عبادة الله وفسادهم وفجورهم، لتستمر محنة العقل الغيبى للإنسان المجبر على تصديق مايقال له حتى لا يعتبر عاصياً لمشيئة الآلهة التى تعيش فى مكان ما من عقول البشر الحالمين بالثأر من الأعداء.

هذه النكبة أو النكسة تأصل معناها لدى الجميع مما أتاح للأنظمة السياسية والدينية إنتاج نكسات جديدة تقبلها بسرعة عقول الشعوب المهزومة، فإنتكاسة المريض فى مرضه لا تعنى عدم الشفاء بل هى مجرد إنتكاسة بسيطة يعود بعدها إلى حالته الطبيعية، وهكذا بدأت النكسات تتوالى على المجتمعات العربية من إستبداد ودكتاتورية وتخلف وإعادة إنتاج الأفكار الدينية التى تكفر الآخرين وضرورة محاربتهم بأعتبارهم الأعداء الجدد للإنسان العربى، وهذه النكبات الجديدة ساعد على أنتشارها وإمدادها بالمال اللازم كل من له مصلحة فى بقاء الدكتاتورية والبقاء فى السلطة سواء كانت أنظمة خارجية يعنيها أستمرار الصراعات الداخلية أو الأنظمة الحاكمة نفسها التى تعيش على زرع الفتن وأستغلال العنصر الدينى فى ضمان بقاءه فى الحكم، وهكذا أستمرت محنة العقل تغوص أكثر وأكثر فى غيبية تراثية مملوءة بأفكار وظلام التخلف الذى يعاد إنتاجه من جديد وكأنهم يكتشفون كنوز عقائدية ستنقذهم من نكباتهم المتكررة.

محنة العقل الغيبى هذه لاحظها البعض من النخبة المثقفة لكنهم كانوا أسرى لفكر الهزيمة وفكر الأخيار الكاذب، فالواقع يشعرهم بثقل الهزيمة الحقيقية التى لحقت بالوطن لكنهم فى الوقت نفسه أنساقوا للخطابات السياسية والدينية التى تزرع فيهم أفكار عظمة الإنسان العربى المسلم وأنهم خير البشر، مما أوقعهم فى إزدواجية الصراع بين فكر الهزيمة الواقعى وبين فكر أنهم الأخيار بين البشر وهذا الصراع أوقف كل محاولات الإصلاح أو التغيير منتظرين جمال عبد الناصر أو صلاح الدين الأيوبى آخر ينقذهم من آثار النكسة والنكبة التى حلت عليهم ليجدد حياتهم الدينية وأنظمتهم السياسية، وهذا معناه أنهم بأفكارهم الدينية المتجزرة فى عقولهم لا يريدون الأعتراف بأنه يعيشون فى محنة كبيرة وللخروج منها عليهم تجديد العقل ومنحه الحيز المناسب حتى يقدم أفكار التغيير والتحديث المناسبة للعصر الذى نعيشه.

وسط محنة العقل كانت الأصوات والأفكار المطالبة بالتغيير والنهضة والتجديد وسرعان ما يخفت نورها على وقع أقدام الخطابات الغيبية التى ترفض أفكار العقل وتستخدم الفكر التراثى الغيبى كمرجعية وحيدة لإقناع الرعية بأن المستقبل سيكون فى سيادة الفكر والعلم الدينى ولن يكونوا فى حاجة إلى أفكار العقل الغربى الكافر المستوردة، وسرعان ما أستجاب الشارع لهم وصدقوا أقوالهم وجاءت النكبة الجديدة بفوز الإسلاميين فى تونس ومصر وليبيا، وظهر واضحاً أن أستعانتهم بالأفكار الغيبية وتراث مجتمعاتهم القديمة الملئ بالصراعات والحروب وسفك الدماء للجلوس على كرسى الحكم وأمجاد الخلافة والبطولات الزائفة التى تلوثت بدماء البشر، هى نفس الأفكار الذين يريدون تطبيقها على إنسان العصر الحديث حيث الفقر المعرفى والتخلف الحضارى والفكر الغيبى الذى يفرض نفسه ويسيطر على قرارات الفرد بأعتباره فكراً مقدساً.

إن التخلص من الخرافات والأساطير الغيبية التى يُعاد أستخدامها هى خير علاج لمحنة العقل الغيبى المتقوقع فى دائرة الظلام الثقافى الآتى من أعماق التاريخ العربى، تلك الثقافة الظلامية العنصرية التى تعمل بقوة على تجهيل ما عداها من ثقافات إنسانية تحترم حريات البشر وتؤسس لحقوق المواطنة والمساواة للجميع، والتخلص من إستبداد الفكر الدينى الغيبى سينقذ الأنسان من التسول والموت جوعاً ويصون تطبيق العدالة على الجميع وحفظ كرامة الإنسان، ستنتهى محنة العقل عندما نؤمن بأن ثقافة الإنحطاط هى تلك الثقافة الغيبية التى سادت عقولنا سنوات عديدة وحان الوقت للتخلص منها وإعادة الإنسان إلى مكانته التى أهدرها الإستبداد الغيبى.

إن التقدم والإزدهار هم نتاج التحرر من القوى الفاشية التى تتخذ من الدين والسياسة ستاراً للهيمنة على إرادة البشر، والتخلص من القمع والجمود والتقليد الأعمى للتاريخ الذى لن يعود، التنوير الحقيقى هو قدرتنا على الوقوف بجانب ثمار العقل والأبتعاد عن الإنتهازية والإنغلاق وعدائية الفكر الدينى الغيبى الذى يكفر العقل الإنسانى، فالتمرد على الأوهام والوصاية الدينية المستبدة والمتسلطة على العقول سيجعلنا ندخل فى عصر الحرية والديموقراطية ونبدأ عهد جديد تسوده منظومة القيم للعقل الإنسانى الحقيقى.



#ميشيل_نجيب (هاشتاغ)       Michael_Nagib#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مين بيقول ايه إزاى عشان إيه
- الحفاظ على أرواح الخاطفين
- النظام يستسلم للإجرام
- تمرد وطنى على الدكتاتورية
- فشل النهضة والقرداتى
- سيناريوهات الثورات العربية
- الشاطر ودولة الإخوان
- مشروع نهضة الإخوان
- وزير التحرش الجنسى بجدارة
- تحرش وزير الإعلام الجنسى
- ليست فتنة وليست طائفية
- باسم يوسف رمز مصرى
- مرتكب الإجرام ليس مجهولاً
- إرهاب الإرادة الشعبية
- حد الحرابة شريعة جاهلية
- تحرير فريق الإرهاب
- الإنقاذ الأمريكى للإخوان
- محاكمة طغاة الإسلام السياسى
- إغتيال الوطن
- سلطان المقدس فى التحرش الجنسى


المزيد.....




- إعلام إيراني: إسرائيل تهاجم مبنى هيئة الإذاعة والتلفزيون الر ...
- زيلينسكي يعول على حزمة أسلحة أمريكية موعودة لأوكرانيا
- مصر تحذر من استمرار التصعيد الإسرائيلي الإيراني على أمن المن ...
- لحظة استهداف مبنى هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية (فيديوها ...
- لقطات من داخل مستشفى الفارابي بمدينة كرمنشاه غربي إيران عقب ...
- ترامب: الأمر مؤلم لكلا الطرفين.. إيران لن تنتصر بالحرب على ا ...
- هل مقعد 11a هو الأكثر أماناً على الطائرات؟
- نتنياهو: إسرائيل على طريق النصر وعلى سكان طهران إخلاء المدين ...
- -سي إن إن-: ترامب يتجنب المواجهة مع إيران لكن الجمهوريين يحث ...
- قتلى وجرحى في قصف إسرائيلي استهدف مبنى هيئة الإذاعة والتلفزي ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميشيل نجيب - محنة العقل الغيبى