|
انكفاء مصر في عهد مبارك والأخوان سهل مهمة (إسرائيل) في حوض النيل
عليان عليان
الحوار المتمدن-العدد: 4114 - 2013 / 6 / 5 - 00:49
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
انكفاء مصر في عهد مبارك والأخوان سهل مهمة (إسرائيل) في حوض النيل
بقلم : عليان عليان
ما أن تهدأ أزمة مياه النيل بين دول الحوض ودول المصب حتى تندلع من جديد ، بفعل الدور الصهيو أميركي ، في القارة الأفريقية وخاصة في شرق أفريقيا . وآخر فصول هذه الأزمة ، هو إعلان الحكومة الأثيوبية في الثامن والعشرين من شهر مايو/ أيار الماضي ، بعد انتهاء أعمال القمة الإفريقية عن البدء في تحويل مجرى النيل الأزرق ، بهدف تزويد سد النهضة - الذي شرعت أثيوبيا في بنائه منذ أكثر من عام - بما يزيد عن (74) مليار متر من المياه. لقد عمدت الإدارة الأثيوبية ، إلى أسلوب التدرج ، في إعلاناتها عن مساحة السد وقدرته التخزينية ، حتى تتلافى ردود الفعل المبكرة من جانب كل من مصر والسودان ، منتظرةً اللحظة المناسبة ، للإعلان عن حقيقة مساحة السد واستهدافاته . وقد رأت أن اللحظة باتت مناسبة للإعلان عن أهدافها ، بحكم انشغال مصر ، في قضاياها وصراعاتها الداخلية ، بعد ثورة 25 يناير ، وبحكم أن السودان ، متورط حتى رأسه في دارفور وكردفان ، وفي صراعاته التي لا تنتهي مع جنوب السودان ، الذي تحول شأنه شأن أثيوبيا إلى محطةً أساسية ، من محطات الموساد الإسرائيلي. وتمثل هذا التدرج ، ابتداءً ، بإعلان الحكومة الأثيوبية في أبريل/ نيسان 2011 ، بأن سعة السد لن تتجاوز (14) مليار متر مكعب ، الأمر الذي مر بدون ردود فعل ، من جانب كل من مصر والسودان ، ثم تكرر الأمر بعد عدة شهور ، لتعلن عن رقم جديد ، وهو أن السعة التخزينية للسد لن تتجاوز (45) مليار متر مكعب. واللافت للنظر أن الرقم الثاني ، مر مرور الكرام على حكومتي مصر والسودان ، اللتان لم تحركا ساكناً حياله ، مما أغرى حكومة أثيوبيا لأن تضرب ضربتها الكبرى ، بالإعلان الحقائق المتصلة بالسد على النحو التالي : = يبلغ طول السد وفق مخطط إنشائه حوالي 1800 متر وارتفاعه 145 متراً. = السعة التخزينية الحقيقية والمأمولة للسد والمقدرة ب(74 ) مليار متر مكعب . = سيحتوي على 15 وحدة لإنتاج الكهرباء ، قدرة كل منها 350 ميجا وط لينتج عشرة أضعاف احتياجات أثيوبيا من الكهرباء.
و تزعم الحكومة الأثيوبية ، أن الهدف من بناء السد ، هو الحصول على الطاقة الكهرومائية وأنها في سبيل ذلك ، خولت شركتين إحداهما إسرائيلية ، والأخرى صينية ، لبناء خطين ناقلين للكهرباء من السد في حين تشير التقارير المتسربة ، من دول الحوض ، أن مهندسين إسرائيليين يقفون وراء مخططات بناء السد ، وأن هؤلاء المهندسين هم من اقترحوا بنائه ، في هذه المنطقة الزلزالية الخطيرة ، ما يعني أنهم يبيتون أموراً خطيرة لكل من السودان ومصر ، خاصة بعد أن أكد خبراء مائيون أن معدل الأمان ، في بناء هذا السد لا يتجاوز 1,5 في المائة بحكم أن بناء السد سيكون إسمنتياً. واللافت للنظر ، أن الحكومة الأثيوبية ، أعلنت عن البدء ، في مشروع تحويل النيل الأزرق ، قبل أن تفرغ لجنة الخبراء الثلاثية المصرية السودانية الأثيوبية من أعمالها التي ستبين ، فيما إذا كانت هنالك أضرار ، قد تلحق بكل من السودان ومصر ، جراء تحويل النهر وبناء سد ، سعته التخزينية (14) مليار متر مكعب ، وليس سداً سعته التخزينية الحقيقية (74) مليار متر مكعب ، ما يؤكد أن أثيوبيا استخدمت اللجنة الثلاثية ، لشراء الوقت وليس أكثر . الوقت بالنسبة لمصر ، بات من عطش وجوع ودمار ، وأنها لن تعد هبة النيل ، إذا لم تبادر لاتخاذ خطوات حاسمة ، لوقف التحدي الأثيوبي لحياة (90) مليون مصري ، فالأخطار المترتبة ، على بناء السد بسعته التخزينية المعلن عنه خطيرة جداً . ويؤكد خبراء المياه المصريون ، أنه سيترتب على بناء سد النهضة الأثيوبي ، ما يلي : أولاً: سيكون لبنائه تأثير كبير على حصة مصر المائية ، من فيضان مياه النيل ، ومواعيد وصولها ، إلى بحيرة ناصر ، مما سيؤدي إلى تبوير نحو (2) مليون فدان. ثانيا: ستخسر مصر ، ربع حصتها المائية المتفق عليها في اتفاق عام 1959 ، ذلك الاتفاق الذي منح مصر (55) مليار متر مكعب ، من أصل (83) مليار متر مكعب تصل إلى السودان ، حيث يحصل السودان على 18 مليار متر مكعب . ثالثا: سيفقد السد العالي ، ربع إنتاجه ، من الطاقة الكهربائية المتولدة عنه. رابعا: سينجم عن انخفاض حصة مصر المائية ، تشريد وتجويع حوالي أربعة ملايين مواطن مصري ، وفقدان مخزون تمويني من الأرض تتجاوز قيمته (5) مليار دولار سنوياً. خامسا: سيؤدي إلى نقص في مياه الشرب ، وفي المياه اللازمة للمصانع. سادساً: في حال انهيار السد ، واحتمالات انهياره قائمة بحكم نسبة الأمان المنخفضة للسد وبنائه في منطقة زلزالية ، فإن اندفاع مياه ما يزيد عن 74 مليار متر مكعب ، سيؤدي إلى تدمير الأراضي الزراعية في السودان وإلى غرق كامل لمدينة الخرطوم ، وإلى تدمير مدن وقرى ومساحات هائلة ، من الأراضي الزراعية ، في صعيد مصر. والأخطر من بناء سد النهضة ، أن مشاريع عديدة ، ستبنى في دول حوض النيل بتحريض إسرائيلي ، خاصةً بعد أن دخل الصراع على اقتسام المياه ، بين دول حوض النيل العشرة ، مرحلة جديدة وخطيرة منذ عام 2010 ، بعد فشل عدة جولات التفاوضية ، بين دول المنبع والمصب ، وآخرها فشل اجتماع شرم الشيخ في إبريل/ نيسان 2010 في التوصل إلى اتفاق إطاري تعاوني ، يعيد توزيع مياه النيل مرةً أخرى وذلك جراء إصرار دول السبع مضافاً إليها اريتريا "كمراقب"على قلب الطاولة ، وإدارة الظهر لكافة الاتفاقات، التاريخية السابقة ، التي تنظم اقتسام المياه بين دول المنبع ودول المصب. وقد اتخذت هذه الدول، وهي" أثيوبيا، وتنزانيا وكينيا وبوروندي، ورواندا وأوغندا، والكونغو الديمقراطية، إضافة لاريتريا" في (14) مايو/ أيار 2010 ، خطوة من جانب واحد ، بتوقيع اتفاق إطاري ، لتقسيم المياه فيما بينها، على أسس جديدة، في إطار هيكلية ناظمة لهذا الاتفاق وغيره من الاتفاقات ، ممثلة بما يسمى، بمفوضية دول حوض النيل تاركة المجال، لمصر والسودان، للانضمام إليها ضمن شروط جديدة خارج سياق، اتفاقية عام 1929 والاتفاقية المصرية السودانية لعام 1959. يجب دق ناقوس الخطر: لأنه ومن واقع المعطيات سالفة الذكر يمكننا القول ، بأن الأمن القومي المائي في مصر في خطر ومستقبل مصر في خطر ، وأصابع الكيان الصهيوني واضحة في هذا المجال ، ونذكر على سبيل المثال ، بما يلي : أولاً: الدور الإسرائيلي، التخريبي والمتآمر، على الأمن القومي المائي لكل من مصر والسودان، من خلال دور (إسرائيل) في فصل الجنوب السودان ، ومن خلال دعمها بؤر تمرد مختلفة ، في السودان كدارفور وكردفان وغيرها ، ومن خلال التغلغل الاستخباري والدبلوماسي والاقتصادي الإسرائيلي في دول حوض النيل . ثانياً: دخول العدو الصهيوني، على خط الاستثمار الزراعي في دول المنبع ، وتشجيع هذه الدول ، على إقامة سدود على أراضيها كما أن (إسرائيل) تعمل على إقناع دول المنبع بأنها قادرة على زيادة حصصها من خلال تزويدها ، بتقنيات تمكنها من ذلك ، حيث قال أرنون سوفير الأستاذ بجامعة حيفا " أن لإسرائيل مصالح إستراتيجية ، مع دول حوض النيل ، وهي تنسق مع أثيوبيا ، ومع بقية دول الحوض ، من خلال سياسات ومصالح إستراتيجية ". ثالثا: وبهذا الصدد، يجب الإشارة ، إلى الوثيقة "الإسرائيلية"، التي أعدها السفير الإسرائيلي الأسبق في مصر، تسيفي مزائيل، ونشرتها صحيفة الوفد المصرية، في السابع والعشرين من شهر نيسان 2010 والتي تطالب بتدويل النزاع ، بين دول منابع النيل السبع ، وتتهم مصر باحتكار مياه النيل ، وبتجاهل المطالب الشعبية لدول المنبع ، وزاعمة بان حقوق دول المنبع، مهدرة بسبب المواقف المصرية. رابعاً: الحرص المبكر من قبل ( إسرائيل ) للحصول على حصة من مياه النيل ، حيث طرحت عدة مشاريع لجر مياه النيل إليها ، ومنها مشروع " إليشع كالي " الذي طرح عام 1974 ، الذي يقترح توسيع ترعة الإسماعيلية ، لزيادة نقل المياه فيها ، ونقلها إلى سيناء ثم إلى ( إسرائيل ) من أسفل قناة السويس . ردود الفعل الرسمية المصرية والسودانية ، على التطورات الجديدة ليست بالمستوى المطلوب ، ومتناقضة مع بعضها ، ففي حين تنبري جهات رسمية مصرية ، مثل المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية السفير إيهاب فهمي ، لتقلل من خطورة سد النهضة الأثيوبي ، تنبري جهات أخرى مثل وزير الري ، الدكتور محمد بهاء الدين ، لتؤكد على الخطورة القصوى لهذا السد . ما يجب الإشارة إليه ، أنه عندما كان الحضور السياسي والثقافي والمصري كبيراً في أفريقيا ، وعندما كانت مصر منارة ، وقاعدة إسناد مادية معنوية ، لحركات التحرر والدول المستقلة في أفريقيا ،إبان حكم خالد الذكر جمال عبد الناصر ، لم يكن بوسع العدو الصهيوني أن يحقق أي اختراق ، في دول حوض النيل وغيرها من الدول الأفريقية. لكن بعد توقيع نظام السادات ، معاهدة كامب ديفيد ، مع الكيان الصهيوني انكفأت مصر على نفسها ، وفقدت دورها ، وحضورها في القارة السمراء ، خاصةً طوال عهد نظام مبارك ، ما مكن ( إسرائيل ) أن تسرح وتمرح على كيفها ، في منطقة القرن الأفريقي ، وفي منطقة حوض النيل لتعبث كما تشاء في حصة مصر المائية . وظل الوضع على حاله ، في ظل حكم الرئيس الأخواني محمد مرسي الذي انشغل هو وحكومته وحزبه في " أخونة الدولة " وفي الصراع مع قوى المعارضة ، دون أن يعير أدنى اهتمام للقارة الأفريقية ، ناهيك أن متنفذي الأخوان المسلمين ، ليس لهم دراية واهتمام ، بإدارة العلاقات الدولية ، وتنحصر قدراتهم بالبزنس فقط . وأخيرا ً وفي ضوء الأخطار المترتبة على تحويل مجرى النيل الأزرق وبناء سد النهضة ، مطلوب ما يلي : أولاً : أن تتحرك مصر والسودان على الصعد الدبلوماسية كافة للوصول إلى حلول ، لا تلحق الضرر ، بحصص مصر والسودان المائية. وثانياً : أن تتصدى مصر ، للدور الإسرائيلي ، المتآمر على الأمن القومي المصري ،عبر إلغاء معاهدة كامب ديفيد ، وإذا لم تجد مختلف الوسائل في نهاية المطاف ، فإن الكي سيكون آخر العلاج حفاظاً على حياة (90) مليون مصري .
#عليان_عليان (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مسلسل المصالحة الفلسطينية وسراب الصحراء
-
الحصار المصري الرسمي لغزة لا يزال مستمراً
-
في الذكرى أل (65) للنكبة : العودة تقترن بتحرير فلسطين
-
نريد قيادات تتصدى لمهزلة - تبادلية - حمد بن جاسم
-
حلف شيطاني بين الإرهابيين في سوريا وبين العدو الصهيوني
-
نحو إعادة الاعتبار لخيار المقاومة ونبذ خيار المفاوضات
-
في خندق سوريا في مواجهة العدوان الأطلسي
-
الوعي بالقضية الفلسطينية في مدارس الأونروا
-
مغزى وأبعاد التصعيد النووي الكوري الشمالي
-
نحو انتفاضة فلسطينية ثالثة ...ولكن ؟
-
في ذكرى يوم الأرض ... الاحتلال إلى زوال
-
صهيونية أوباما وقراءة في نتائج زيارته للمنطقة
-
لا أهلاً ولا سهلاً بزيارة أوباما
-
لا خير يرتجى من زيارة أوباما
-
الفلسطينيون ومهزلة اتفاقات جنيف
-
استشهاد جردات وإضراب العيساوي يشعل هبة شعبية ضد الاحتلال
-
في ذكرى قيام الجمهورية العربية المتحدة : دروس الوحدة واستخلا
...
-
نحو هبة جماهيرية لإنقاذ الأسرى
-
شعار الاستقلال الفلسطيني مناقض للمرحلية وللهدف الاستراتيجي
-
كفى رهاناً على الانتخابات واليسار الاسرائيلي
المزيد.....
-
-اكتفيت إلى هنا-.. دانا مارديني تعلن اعتزالها -كممثلة في مجا
...
-
اليابان: رئيس الوزراء ينوي البقاء في منصبه بعد توقعات بهزيمة
...
-
إسرائيل تأمر الفلسطينيين في وسط غزة بالتوجه جنوبًا.. ومنتدى
...
-
-آليات لأعداء الأمة-.. ضاحي خلفان يحذر من مخاطر الميليشيات و
...
-
أزمة السويداء: ما الذي تسعى إسرائيل إلى تحقيقه في سوريا؟
-
إذا اندلعت حرب جديدة مع إيران.. ما الجديد في حسابات تل أبيب؟
...
-
ألمانيا ودول أوربية أخرى تستعد لبدء محادثات جديدة مع إيران
-
طواف فرنسا: البلجيكي تيم ويلينس بطلا للمرحلة الخامسة عشرة
-
غزة تتضور جوعا.. قصة أقسى حصار وتجويع في التاريخ الحديث
-
دمشق تعلن تهدئة الأوضاع في السويداء وقلق أميركي من سياسات نت
...
المزيد.....
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
-
زمن العزلة
/ عبدالاله السباهي
-
ذكريات تلاحقني
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|