أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدى السعيد سالم - اشكالية تدجين العقول باسم الدين واستمرارية التشريع والتكليف خارج الكتاب والسنة















المزيد.....

اشكالية تدجين العقول باسم الدين واستمرارية التشريع والتكليف خارج الكتاب والسنة


حمدى السعيد سالم

الحوار المتمدن-العدد: 4104 - 2013 / 5 / 26 - 16:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن ثورة مصر لم ولن تذهب سدى، ولكن قطف ثمارها مؤجل... والحكم الاخوانى الفاشستى في مصر والغير ملتزم بالديمقراطية انزلق في المطبات التي أودت بالأنظمة الاستبدادية العفنة .... الاخوان جهلاء لايعرفون إن مشكلة الحكم في عصرنا، عصر العولمة والإنترنت والفضائيات وترابط مصائر الشعوب، هي في أنه فقد استقلاليته، بالمعنى الذي كان للاستقلال في القرون الماضية، وبات مقيدا بتشريعات وقرارات ومصالح وتوازنات قوى دولية وإقليمية، وخاضعا لمراقبة وحكم منظمات عالمية، ووسائل إعلام واتصال في متناول كل من في منزله جهاز تلفزيون أو إنترنت، أو في يده هاتف جوال.... وباتت بعيدة جدا تلك الأيام التي كان فيها بعض الضباط وبضع دبابات كافيين لقلب الحكم، وكانت الإذاعة والصحف الموجهة من الدولة هي المصدر الوحيد للمعلومات والأدوات الكافية للسيطرة على الرأي العام، أو توجيهه نحو ما يراه اى نظام يركب على سدة الحكم !!..إن جماعة الاخوان استلمت الحكم فى مصر ولكنهم لجهلهم السياسى والتاريخى لم يفهموا ان عليهم أن يحكموا بعقلية العصر الحديث وفي ظل الديمقراطية التعددية، وإلا فإن ثورات جديدة سوف تنتظرهم، إن هم أرادوا فرض آيديولوجية سياسية واجتماعية شمولية، على الشعب المصرى الذى بات واعيا لحقوقه وقادرا على منع أي حكم من انتهاكها أو تقييدها !!..

فمثلا (الإسلام هو الحل)كشعار قد أصابه التشويه و ألصقت به شوائب شتى ومتنوعة مما جعله جزء من الداء وليس عين الدواء ،وطرفا في المشكلة وليس حلا لها كما تصوره رافعوه،ومرد هذه الشوائب الخطيرة جملة من المفاهيم المغلوطة التي أحاطت به، منها،عدم تحرير نصوص الإسلام من الفهم التاريخي،وفصل القيم عن الذات،وكلام الشارع عن الشارح،وقيم الدين وأشكال التدين....كذلك العفوية في إيقاع أحكام الإسلام على غير مناطاتها وعللها ،مما زاد من حالة الإلتباس والإرتباك في الفكر والواقع ،وهيج أجواء الإرهاب والمطاردة لكل محاولة للإصلاح والتجديد...الى جانب إقامة شخوص ورموز للتدين المغلوط وأضفاء شيء من العصمة عليها،فصار الحديث بنقد أو تقويم أو مراجعة لهؤلاء الشخوص والرموز تعني انتقاص لقيم الإسلام ومبادئه المطلقة ،الأمرالذي جعل رافعي شعار(الإسلام هو الحل) في حالة إرتباك وعجز فاضح عن فك الإشتباك بين الشارع والشارح،وبين القيمة والذات،مما أدى إلى تجرئة خصومهم على قيم الإسلام ومبادئه سرا وعلانية ،فزاد الطين بله ،وتأزمت حالة الأمة من سيء إلى أسوأ، كل ذلك من جراء عدم الفهم الصحيح ،وممارسة النقد والمراجعة ،والتجديد والاجتهاد !! .... نحن نريد الخروج من العقلية المتحفية، والقراءة التمجيدية، والنفسية الصنمية، وأساليب الترديد والاستذكار، للتخفف من حمل التابوت وصولا إلى الإلتزام بأدوات الاستفهام، وطرائق الاستكشاف!!..من أجل الوصول إلى مستوى تصور وفهم حقيقة الاسلام الصحيح وقيمه السامية كقيم الحريات،ومباديء احترام الرأى الأخركما عرفناها من خلال خطاب الوحى !!..

من هنا اقتضت القراءة النقدية والبحث عن قيمة الحرية ومبدأ احترام الرأى الأخر السفر إلى زمان الإمام الشافعي رحمه الله للتنقيب والحفريات عن هذه القيم في أرضية ذلك الزمان !!..ولد الإمام الشافعي محمد ابن إدريس في غزة عام( 150هجرية )من أب قرشي وأم أزدية.... الغريب ان الشافعي عاش الحقبة السياسية العباسية تقريبا منذ فترة حكم الرشيد إلى زمن المأمون،وهي المرحلة التي استقر فيها الحكم الوراثي لآل العباس،وفيها تشكلت حركات سياسية فكرية مناهضة لفكرة الحكم الوراثي،والعقل النقلي الحشوي...وفي هذه الأجواء ترعرع الإمام الشافعي القرشي،فوجد نفسه في اتجاه صبغ بصبغة قريشية،فالخليفة قرشي والنسب شريف ،وقد استثمر الشافعي هذا الاتجاه ووظفه أيما توظيف في طلب العلم،ونيل الوظائف الرسمية،والتمتع بسهم ذوي القربى،حيث وجد نفسه في قلب السلطة شريكا وليس حليفا،علما بأن هذه الإمتيازات لم تكن متوفرة لأستاذه الإمام مالك الذي مورس عليه أصناف الترهيب وطرائق الترغيب للأنخراط في صفوف السلطة فقبل بعضها ورفض بعضها الآخر....أما أبو حنيفة فقد أتعب الخليفة والخلافة عن قبول أصناف الترغيب المختلفة ،أو الخوف من وسائل الترهيب من أجل الإذعان لسياسة الخليفة الكسروية،والخطاب النقلي!!...ويبدو أن الأنتماء إلى القريشية والنسب الشريف في زمن الشافعي , زمن قيام الخلافة على نظام الانتماء الأسري والبيوتات(أموية-عباسية)كان بالنسبة للشافعي بمثابة مفاتيح الحياة الخاصة والعامة،لما أحيط به من أهتمام بالغ من أهل ذاك الزمان،،فقد كان الشافعي يلتقي مع نسب الخليفة الرشيد بكونهما من بنى عبدالمطلب ،ومع الرسول بكونهما ابني عمومة،كما وصفه الذهبي بأنه:نسيب رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمه.....ولا شك أن الارتباط الوثيق بالرسول صلى الله عليه وسلم(الرسالة)،والخليفة(السيف)قد مهد له طلب المشاركة في الحكم،والتمتع بسهم ذوي القربى،والاستعانة بذلك على نيل مكانة مرموقة في المحيط العام والخاص...

وتوثيقا لهذه الصلة وتأكيدا لها لم يتردد المحدثون في الاستنجاد بجملة أحاديث منسوبة لرسول الله تبشر بمكانة الشافعي وشرعية هذا المقام،كقولهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:اللهم اهد قريشاً فإنَّ العالم منهم يسع طباق الأرض....وفي حديث أخر:لا تسبّوا قريشاً فإنَّ عالِمها يملأ الأرض علماً....وقد عقد ابن حجر في توالي التأسيس في مناقب معالي محمد ابن إدريس بابا كاملا في بشارة النبي بالشافعي وحشد فيه أحاديثا كثيرة....حتى أنه أشار لكتاب له اسمه(لذة العيش في طرق حديث الأئمة من قريش)والغرض منه الاشارة إلى أن الشافعي إمام قرشي فيدخل في عموم الأمر بتقديم قريش على غيرهم مع ما اختص به من نسبته إلى بني المطلب على ما تقدم ذكره!!...ولم يغيب عن بال ذوي الرؤى والمنامات والأسطورة بأن يحيطوا تلك الأحاديث المنسوبة للرسول بمنظومة من الرؤى والمنامات بحيث تكبل من له عقل،وتشبع العقل الأسطوري،حيث تجعله أمام حقيقة دينية مقطوع بها ينبغي عليه التسليم بها وقبولها(تقديس الذات،وتصنيمها)،ومن تلك الرؤى قول ابن عبد الحكم:لما حملت والدة الشافعي به،رأت كأن المشتري خرج من فرجها،حتى انقض بمصر،ثم وقع في كل بلدة منه شظية،فتأوله المعبرون أنها تلد عالما،يخص علمه أهل مصر،ثم يتفرق(تاريخ بغداد)...ولا يخفى أن المقابلة بين رؤية إم الرسول حين حملت به بأنها رأت قمرا خرج من رحمها،ورؤية أم الشافعي بأن المشتري خرج منها،كانت بمثابة إكتمال أوجه الشبه لإتمام عملية تقديس الذات!!..كذلك قال ابن نصر الترمذي أنه:رأي في المنام النبي صلى الله عليه وسلم في مسجده بالمدينة فكأني جئت،فسلمت عليه،وقلت:يا رسول الله،أكتب رأي مالك؟ قال:لا،قلت:أكتب رأي أبي حنيفة؟قال:لا،قلت:أكتب رأي الشافعي؟فقال بيده هكذا،كأنه انتهرني،وقال:تقول:رأي الشافعي!إنه ليس برأي،ولكنه رد على من خالف سنتي....وفي رواية:لكن قول الشافعي ضد قول أهل البدع (سير إعلام النبلاء )وفي رواية قال:رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام،فسألته عن الاختلاف،فقال:أما الشافعي فمني ولي،وفي الرواية الأخرى:أحيا سنتي.(تاريخ بغداد،سير النبلاء)ولم يكتفي النشاط المنامي والتأويلي عند هذا الحد،بل ذهب به خياله إلى يوم القيامة حيث قال أبو حاتم لما مات أبو زرعة الرازي رأيته في المنام،فقلت له:ما فعل الله بك؟قال:قال لي:ألحقوه بأبي عبدالله،وأبي عبدالله،وأبي عبدالله،الأول مالك،والثاني الشافعي،والثالث أحمد!!(توالى التأسيس)طبعا مارس صاحب العقل المنامي أساليب الاقصاء على المخالف فلم يذكر أبا حنيفة!!...

لذلك استعجب من أناس يعيشون في أوروبا يفسرون الأحداث العالمية بل والكوارث الطبيعية بمنامات ورؤى رأوا فيها النبي صلى الله عليه وسلم وهنا يقفز الى الذهن حديث (من رآني في المنام فسيراني في اليقظة) ؛ فمثلا حرب العراق وتفصيلها ومآلاتها المتشابكة معروفة لديهم بالتمام والكمال !! أما الكوراث الطبيعية كزلازل كمشير ، وتاسونامي ، وكاترينة التي حار في تفسيرها عقول مراكز الإرصاد والتخصص في العالم ، فإنها عند هؤلاء الحالمين من البداهى بمكان!! فقلت في نفسي ماهو منطلق هؤلاء القوم ، أهي نصوص شرعية في دائرة (إسلام النص)،أم هو عيش في(إسلام التاريخ)، أم هي حالات نفسية وصور من صور الضعف والعجز عن الأخذ بالأسباب ومدافعة أقدار الله بأقداره ؟ !... لقد تناول العقل الكلاسيكي عبر التاريخ تفسير نص الحديث بما ينسجم والمنظومة الرسمية في الجانب السياسي والمذهبي ، لأن السلطة الرسمية والمذهب كانت تدعم هذا الضرب من حالات اللاوعي ومن عمليات تدجين العقول والواقع،بغية المساهمة في إشاعة وجهات نظر معينة على أنها حقائق مطلقة غير قابلة للنظر ناهيك عن رفضها....فقد جاء ضمن تفسيرات العقل الكلاسكي لهذا الحديث أن من رأى الرسول في المنام فقد رأه حقا بما يعني أن استمرارية التشريع والتكليف خارج الكتاب والسنة قائمة إلى يوم القيامة .... ففي تثبيت السلطة:اعتمد الخطاب السلطوي على مر العصور في تاريخ الإسلام ، على دلالة نص الحديث ،لأنه وليد إرادة الرسول وإرادة الرسول من إرادة الله !! فعلى سبيل المثال هذا الخليفة المنصور،كان يأمر المحدثين بإشاعة هذا الحديث،بل ويقوم بمتابعة مدى تنفيذهم لهذا الأمر،قال المنصور يوما للمحدثين،اتذكرون رؤيا كنت رأيتها ونحن بالشراء؟ فقالوا:يا أمير المؤمنين ما نذكرها ، فغضب من ذلك وقال،كان ينبغي لكم ان تثبتوها في ألواح الذهب وتعلقوها في أعناق الصبيان .وتتمثل هذه الرؤيا في عقد الرسول الخلافة للمنصور في الكعبة بحضرة الصحابة !! تأمل المكان الكعبة ،الموصي بالخلافة الرسول ، والشهود الصحابة ، الموصى له المنصور ،فمن يا ترى يمكنه معارضة أو محاسبة أو مخالفة هذه السلطة!!..

وعلى هذا المنطلق تم توظيف دلالة الحديث في السيطرة على رقاب الناس وأرزاقهم فقد كان المنصور –ومن سار على دربه من الخلفاء- يقول في خطبته: أيها الناس إنما أنا سلطان الله في أرضه ، أسوسكم بتوفيقه وتسديده ، وأنا خازنه على فيئه ، أعمل بمشيئته ، وأقسمه بإرادته ، وأعطيه بإذنه فقد جعلني الله عليه قفلا !! ... للاسف أن أمات الكتب لا تسعفنا في معرفة أسباب ورود هذا الحديث الوارد فى رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم وغيره ،وهذه إحدى إشكاليات فهم السنة حيث نصوص بمعزل عن سياقها التاريخي ودوافع صدورها.... فلنتجاوز هذه النقطة وننظر إلى نص الحديث من خلال الكليات القرآنية من تحديد جهة التوجية والتشريع ،ورسم مهام ووظائف النبي صلى الله عليه وسلم ودوره الرسالي ، فأننا نجد أنفسنا أمام حزمة من أسئلة جوهرية الإجابة عليها بشكل أو بأخر تسهم في حل إشكالية فهم دلالة هذا الحديث،منها على سبيل المثال،أين يقع هذه الحديث من هيكل السنة المعتمد ،وهل هذا الحديث خوطب به من حضره،وهل كان جوابا لحل إشكالية كثرة الرؤى ، أم معالجة لظاهرة معينة ،وهل نص الحديث بقى على ما هو عليه أم تم إعادة انتاجه حسب مستجدات الظروف السياسية والمذهبية، بمعنى هل هو سنة صحيحة أم مصححة ؟! ...

مما لا شك فيه أن هذه السلطة السياسية الجبرية العاضة قامت على أكتاف سلطة ثقافية مذهبية مدجنة ترى السمع والطاعة المطلقة لتلك السلطة وعدم الخروج عليها وأن سلطتها تمثل ظل الله في الأرض ،ومن خرج على سلطة الله فيستحق التنكيل والتشريد والإقصاء.وبعض المجادلات التي كانت تدور بين العلماء المخالفين للسلطة والمؤيدين لها ، تكشف لنا أن لغة التخاطب بينهم لم تكن واحدة ،فالمخالفين للسلطة اعتمدوا المنطق والعقل ، والمؤيدين لها اعتمدوا مصالح السلطة والرؤى والمنامات،فمثلا لما جابه أحد المخالفين أحد فقهاء السلطة بالحجج وانصرفا ،رأي فقيه السلطة في المنام أن الرسول يخبر عن مآل مخالفه في المذهب ،فقال له : مه قوم من أمتي يتظهرون ويقولون كلام ربي مخلوق وليس بمخلوق لا تكلمن هؤلاء ولا تجالسنهم ، ولا تدع لهم ولا تشهد جنائزهم .. عليهم غضب ربي !!... وتكرر هذه المشهد مع فقيه سلطة ومخالف له في الرأي حيث قال: أنه رآه في المنام يوم جمعة والناس مجتمعون يصلون نحو القبلة إلا هو فقد كان يصلى إلى غير القبلة وحده ،فعلمت أنه على بدعة ، فتركت حديثه!! وهكذا يكون معنى إدارك القبلة بحسن توظيف العقل هو المعنى الذي يختزل الفهوم في فهم السلطة المذهبية حليفة السلطة السياسية !! وهذا ابن المبارك يبين له الرسول في المنام مآله في الجنة ، عندما ظهر لأحد المحدثين في المنام ،فقال:إنه مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.... وعلى هذا الأساس تم توظيف دلالة الحديث بقولهم :إذا رأيت الرجل يقدح في ابن المبارك فأعلم أنه عدو للإسلام !!...كذلك استعملت سلطة الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه عندما ينسب إليه التنبؤ بظهور الشافعي ويروي عنه الحديث التالي :لا تسبوا قريشا فإن عالمها يملأ الأرض علما ، اللهم إنك أذقت أولها عذابا ، أو وبالا ، فأذق آخرها نوالا ....ثم جُعل الرسول صلى الله عليه وسلم يصرح باسم عالم قريش هذا إذ ظهر في المنام لاثنين من اتباع الشافعي ، فقال للأول : من أراد محبتي وسنتي فعليه بمحمد بن إدريس الشافعي المطلبي ، فإنه مني وأنا منه!! وقال للثاني : بأبي ابن عمي أحيى سنتي !! ....ولعل هذه المنامات كانت بحاجة إلى إضفاء القداسة عليها وإصباغها بصفة الوجوب والإلزام ،فكان دعم بعض المحدثين لها بروية مفادها أن من رأى الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام فقد رأه حقا ورأى الحق !! ويصبح المخالف لهذه المنامات في حقيقتها مخالفا للرسول وليس للسلطة ولا للمذهب ،بهذا يصل التوظيف الدلالي للحديث قمته !! وهنا تكمن اشكالية تدجين العقول باسم الدين واستمرارية التشريع والتكليف خارج الكتاب والسنة !!..ان توظيف دلالة الحديث وأضرابه لحسم الخلاف مع المخالفين وذلك بتكفيرهم وإبراز مآلهم في الأخرة ، فقد رأى أحد فقهاء السلطة مخالفا له في النوم والمصحف في حجره وهو يحك آية من كتاب الله حتى يجعل مكانها خيرا منها !! وآخر رأى أبا حنيفة ينبش قبر الرسول !! وأخر رأى أن جهنم تستعد لتستقبل المريسي !!... وهذه المنام وإن لم يكن فيها من النبي منام مباشر ،فإنها رؤية المؤمن وهي جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة !!

ولا يخفى أن هذا السياق المنامي والأسطوري والنشاط التأويلي يشير بشكل من الإشكال إلى أن جملة الأحاديث التي جاء فيها ذكر أن من رأى رسول الله في منامه فكأنه قد رأه في اليقظة،قد سيقت لدعم هذا النشاط المنامي والأسطوري الذي قد انتشر في أوساط العقل النقلي خاصة أهل الحديث !!..ويبدو أن الشافعي بهذا الارتباط العرقي (النسب إلى الرسول والخليفة،والنشأة بمكة،والتعلم بالمدينة) والنشاط المنامي قد حظي عند السلطة الحاكمة والناس بكل ما تحظى به مكانة الرسول صلى الله عليه وسلم من تعزير وتوقير وتعظيم وإيمان،حتى أن الخليفة العباسي هارون الرشيد قد استنكر على فقيه دولته (محمد بن الحسن الشيباني)أن يناظر الشافعي عالم قريش واستدل عليه بحديث:قدموا قريشا ولا تقدموها،وتعلموا منها ولا تعلموها،فإن علم العالم منهم يسع طباق الأرض(تاريخ بغداد،سير أعلام النبلاء)....بل اعتبر عبدالله بن البوشنجي–من تلاميذ الشافعي-أن حب الشافعي من الإيمان حيث أنشد:ومن شعب الإيمان حب ابن شافع ....وفرض أكيد حبه لا تطوع (مناقب الشافعي،وسير النبلاء)ويبدو للناظر في السياق التاريخي لتوظيف النسب(قريش)من قبل السلطة الحاكمة والعقل المنامي ضد الإنتشار الفارسي الفكري والسياسي،كان مدعاة لبروز جملة من أحاديث منسوبة لرسول الله في الأوساط السياسية والعلمية(الحلفاء؛السيف والقلم)والتي جاء فيها أن الأئمة من قريش،ولاشك أن توظيف الديني بهذا المستوى كان بمثابة ردة اجتماعية(الرجوع إلى العقل القبلي)،وردة سياسية(الرجوع إلى النمط الكسروي والهرقلي في الحكم)،بالضرورة لا نقصد الردة الدينية...الى جانب خطورة تعطيل العقول وتدجينها عن الأخذ بسنن الكون ،وكذلك تجييش العامة وتحريكها ضد مخالفيها في الرأي بالمنامات والرؤى دون تفهيمها والإرتقاء بها...وقد أدى هذا الفهم المغلوط من زاوية الوظيفة الدلالية للحديث إلى تضخيم العقيدة الجبرية التي تعتمد على الخوارق والمعجزات والكرامات ،وشطب عقيدة الأخذ بالأسباب وفهم سنن الشرع والبحث فى سنن الكون ومحاولة الجمع بينهما !!...

حمدى السعيد سالم



#حمدى_السعيد_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فى ثقافة قمعستان العربية لا يرتقي سوى الأوغاد
- الرئيس الايرانى القادم سيكون شماسا وليس كاهنا
- بلطجة اخوانية ضد احد اعضاء حركة تمرد ببيلا
- المناداة بالخلافة هى التى افسدت حياة الناس فى كل العصور
- لايوجد شىء اسمه السياسة النظيفة فتشوا عن الفرق بين السياسى و ...
- محمد حسان والحوينى وجهان لكابوس يصعب التعايش معه
- الاخوان يقلدون الاتراك فى المتاجرة باسم الدين
- رسالة تحذير الى العدو الصهيونى
- سوزان مبارك زليخة مصر الجديدة
- سائق التاكسي و الزبونة ( قصة قصيرة )
- حاسبوا المجلس العسكرى الطنطاوى عن اجهاضه للثورة وعن تصدير ال ...
- خان , يخون , فهو اخوان
- عنف الاخوان ضد معارضيهم وسيلة رهيبة لغاية قبيحة
- الى اللجان الالكترونية الاخوانية ايش تعمل الماشطة فى الوجه ا ...
- الاخوان ومحاولات اغتيال عبدالناصر
- مرسى النائب البرلمانى قال ما لم يفعله وهو رئيس
- الارستقراطية القرشية والاستعلاء الطبقى وسوء ادارة الأزمة هو ...
- الحرب النفسية القذرة
- الساسة ولعبة الفراش
- الى مرسى ابو صباع لا شرعيّة لأيّ سلطة تناقض ميثاق العيش المش ...


المزيد.....




- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا
- مصدر عراقي لـCNN: -انفجار ضخم- في قاعدة لـ-الحشد الشعبي-
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات أوكرانية في مقاطعة كو ...
- مسؤول أمريكي منتقدا إسرائيل: واشنطن مستاءة وبايدن لا يزال مخ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدى السعيد سالم - اشكالية تدجين العقول باسم الدين واستمرارية التشريع والتكليف خارج الكتاب والسنة