أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدى السعيد سالم - عنف الاخوان ضد معارضيهم وسيلة رهيبة لغاية قبيحة















المزيد.....


عنف الاخوان ضد معارضيهم وسيلة رهيبة لغاية قبيحة


حمدى السعيد سالم

الحوار المتمدن-العدد: 4065 - 2013 / 4 / 17 - 23:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الى من لا يعرفون سوى الرأى الواحد و لا يسمعون سوى صوتهم فقط .... الى من يحتكرون الحقيقة وحدهم و يؤمنون بالحرية فقط لأنفسهم .... الى من يرفعون الحرية شعارا و لم نرى منهم سوى القمع.... والى من يأخذون من العدالة مظلة و لم نرى الا الظلم .... الى كل من تاجروا بدمائنا و استحلوا عرض بناتنا ليصلوا لمناصبهم و كراسى الحكم .... الى كل من خنقوا ابداعنا و جردونا من افكارنا .... الى كل من الغوا عقولنا ليتاجروا بنا وبالدين على قارعة العهر السياسى .... الى كل من سرقوا ثورتنا و سلبوا فرحتنا و تحالفوا مع قاتلينا .... الى كل من من فرقوا بيننا لتسود مصالحهم الشخصية و ان ضاع الوطن !!!.. الى كل من استغلوا جهلنا ليتاجروا بايماننا .... والى كل من اقننعونا ان بين ايديهم مفاتيح الجنة و النار .... الى كل من يقف على المسرح السياسى و نقف نحن فى الكالوس !!!..نحن فى بلد مظاهر و ليست بلد ترعى الجواهر !!..إذا تغاضينا اليوم عن سجن من اشتركوا فى الثورة , غدا سيكون اعلامى ثم كاتب و بعدها صحافى و يليها مدون و أخرها كاتب رأى على الانترنت ... الى ان تفصف الاقلام و تقطع الالسنة و تجرد الافكار... وعندها لن يبقى سوى رأى واحد بشكل واحد و من يخالفه سيكون عدو الوطن و عدو الله !!..

الجدير بالذكر انه عندما تشيع المظالم وتتفاقم وفى نفس الوقت تغيب العدالة وتعمل السلطة على إسقاط دولة القانون، يتجه المواطنون والجماعات السياسية إلى تحقيق أهدافهم والحصول على حقوقهم بالقوة، وتزدهر ثقافة الثأر ويحنق المواطن على السلطة ويحتقرها ومن ثم يتجرأ عليها لأنها الشريك الاساس فى المظالم والجهة المنوط بها تحقيق العدالة وحراستها ودعم استقلالها.... فى جامعة هارفارد يعلمون الطلبة بأن القانون هو " القيود الحكيمة التى تجعل الرجال احرارا"، فالقانون هو قيد رضائى لكى يشعر المواطن بالحرية والامن والمساواة والعدل، وعند غياب هذه القيم وغياب منظومة العدل سواء القوانين العادلة أو السلطة القضائية المستقلة فهذا معناه ضوء اخضر للفوضى والعنف....لذلك لم تمرعدة أشهر علي انتخاب محمد مرسي (رئيس حزب الحرية والعدالة وعضو مكتب إرشاد جماعة الأخوان السابق) رئيساً للجمهورية إلا وتفجرت موجات من العنف السياسي الذي بات هو السمة الأميز لحكم مرسى ، وهو أمر له تداعيات خطيرة لا تتوقف عند تهديد مشروع تحول مصر إلي الديمقراطية فحسب بل تمتد إلي تهديد كيان الدولة بكامله.... الأمر الذي يطرح بدوره تساؤلات عديدة حول دواعي وأسباب تنامي هذا العنف السياسي وتحوله إلي ظاهرة ؟ ...ثم مدى مشروعية استخدام العنف في مواجهة نظام يستمد شرعيته من قدومه عن طريق الانتخاب؟ والمسار المتوقع لهذا العنف الذي باتت أهم سماته التنامي والتزايد المستمر؟ وأخيرا تداعيات هذا العنف وأثره علي العملية السياسية بل والدولة المصرية، ومن ثم قدرة هذا العنف علي حسم حالة الصراع السياسي التي باتت قائمة وواضحة للجميع؟...مما لاشك فيه ان العلاقة بين العنف والسياسة قديمة قدم المجتمع الإنساني...

والعنف السياسي باعتباره وسيلة للتعبير عن الرأي السياسي والحصول على الشرعية أو كونه وسيلة للانتصار السياسي على الخصم .... هو الذي يقوم به فاعله ابتداءً لتحقيق هدف سياسي أو للتعبير عن موقف سياسي , أو يقوم به فاعله ردا ً على موقف أو حالة أو عنف سياسي مسلح !!..ومن هنا , عُرفَ العنف السياسي بأنه " استخدام القوة أو التهديد باستخدامها لإلحاق الأذى والضرر بالآخرين لتحقيق أهداف سياسية " ومن هنا قد تمارس السلطة السياسية العنف لغاية إخضاع خصومها , وضرب القوى التي تمثل تحديا ً لها .... وقد تلجأ القوى المعارضة الى العنف السياسي وذلك لتحقيق غاياتها في الوصول الى السلطة ...وهناك أمثلة تاريخية على دور العنف ففي ( إيطاليا ) أثناء عهد موسوليني , كان للفعل العسكري والعنف القومي مكانة مقدسة ... ليس كمكونين أساسيين للحفاظ على الأمن الوطني فحسب , وإنما باعتبارهما أعلى أشكال وأسمى درجات الحياة الوطنية .... وتم تعريف الحرب , ليس باعتبارها مسألة ضرورية لبناء الإمبراطورية العظمى الجديدة فحسب , وإنما كمتطلب أساسي للدولة ولصحة الشعب الإيطالي .... بل إن الحرب كانت تعتبر الاختيار الحقيقي الفعلي لأي أمة , ومن دونها لا يمكن أن يولد الإنسان الإيطالي الجديد ولولاها يصبح الاضمحلال والتدهور حتميا ً...وقد استمر هذا المنهج , إذ لم تكن الحرب العالمية الأولى سوى المرحلة الافتتاحية لسلسلة من الأحداث السياسية الدامية مثل الثورة الروسية والتحول من الدكتاتورية الثورية الى الستالينية , وصعود الفاشية في إيطاليا , وبداية جمهورية ڤـيـمــر , وصعود النازيين الى السلطة , والنشاط الثوري في أسبانيا وانتصار فرانكو , وتدمير هيروشيما وناكازاكي بالقنابل الذرية !!..

هناك صلة وثيقة بين الإرهاب والعنف السياسي إذ يمكن تعريف الإرهاب بأنه " استخدام متعمد للعنف أو التهديد باستخدام العنف من قبل بعض الدول أو من قبل جماعات تشجعها وتساندها دول معينة لتحقيق أهداف إستراتيجية وسياسية وذلك من خلال أفعال خارجة عن القانون , تستهدف خلق حالة من الذعر الشامل في المجتمع غير مقتصرة على ضحايا مدنيين أو عسكريين ممن يتم مهاجمتهم أو تهديدهم !!..ولعل من أهم أسباب الصراعات والعنف السياسي المصالح , وقد أوردَ ماكس فيبر أنه تسيطر المصالح المادية والمعنوية , لا الأفـكــــار , سيطرة مباشرة على أعمال الناس , وتتحكم فيها .... ومع ذلك , فإن صور العالم التي تخلفها هذه الأفكار , كثيرا ً ما تعمل كمحولات , تقرر الطرق التي تعمل فيها دينامية المصالح على إبقاء أعمال الناس هذه , ماضية في حركتها ...إن العنف السياسي يحرم الإنسان من حقه في الحياة , الذي نصت عليه جميع المواثيق الدولية , فقد ورد في المادة الثالثة مــن الإعــلان العالمــي لحقوق الإنسان إن " لكل فرد الحق في الحياة والحرية وسلامة شخصه " ونجد الأمر عينه في الاتفاقية الدولية بشأن الحقوق المدنية والسياسية , في المادة ( 6 ) الفقرة ( 1 ) " لكل إنسان الحق الطبيعي في الحياة ويحمي القانون هذا الحق ولا يجوز حرمان أي فرد من حياته بشكل تعسفي " ...يجب ان يعلم الجميع ان للعنف مظهر داخلي تهدف منه الحكومات إخراس معارضيها وضرب كل من تسوّل له نفسه الوقوف في وجه السلطة فترفع المشانق وتفتح السجون وسيلة رهيبة لغاية قبيحة !!..

لايختلف اثنان ان الإعلان الدستوري الثاني (الصادر في نوفمبر 2012) هو الحدث الذي تفجرت في أعقابه موجات العنف السياسي التي سيطرت علي المشهد السياسي في مصر والتي بدأت باعتداء مجموعات من شباب جماعة الأخوان المسلمين وبعض مؤيدي الرئيس محمد مرسي علي معارضين اعتصموا أمام مقر رئاسة الجمهورية اعتراضاً علي إصدار هذا الإعلان الدستوري ــ بدعوى حماية الشرعية ــ الأمر الذي دعا قوى سياسية عديدة للنزول إلي الشارع والاشتباك مع مؤيدي الرئيس ورد العنف بعنف مضاد ذكر الجميع بما عرف بموقعة الجمل .... الأمر ذاته دفع مجموعات من الشباب لتكوين مجموعات قتالية كـ "البلاك بلوك" والتي ظهرت بقوة في عدة محافظات منذ 25 يناير الماضي... ورغم ذلك فإننا نستطيع بكل ثقة أن نرجع ظهور العنف السياسي فى مصر إلي استخدام عدد من مؤيدي الرئيس (جماعة الاخوان) للعنف في مواجهة المعارضين ...لان العديد من الأدبيات أكدت علي أن العنف السياسي لا يبدأ إلا من السلطة ومؤيديها... الى جانب وجود ثمة أسباب عديدة أدت بدورها لظهور العنف السياسي بل وتصدره المشهد السياسي في مصر ولعل أهم هذه الأسباب:

• التغييرات التي طرأت علي طبيعة الشخصية المصرية والتي حدثت بفعل ثورة 25 يناير حيث تحولت الشخصية المصرية من الاستسلام والإذعان إلي التمرد والرفض والتمسك باستخدام كافة الوسائل في التعبير عن الرأي والمطالبة بالحقوق....ومع موجة الانتفاضات التى عمت مصر فى العامين الماضيين سقط جدار الخوف وجدار هيبة السلطة والخضوع لنزواتها، ومع طول فترات القمع تشكل لدى المواطن عداء لهذه السلطة ولمن يمثلها، ومع كل خطوة تتخذ لعودة النظام السلطوى مرة أخرى تزداد عدائية المواطن للسلطة ويتذكر الأيام الطويلة التى انتهكت فيها السلطة ادميته واذلته ونكلت به، ولهذا يقاوم هذا الرجوع بكل الطرق حتى ولو ضحى بنفسه فى معركة غير متكافئة مع القيادة الجديدة التواقة لعودة النظام السلطوى.....كما أن الحرك الجماعى، وهو نموذج الاحتجاج الحالى، يجعل المواطنين يتقوون بعضهم ببعض ويعزز ذلك سقوط الخوف فى مواجهة السلطة،وإذا استمر الحراك المجتمعى الجماعى فأن احتمالات عودة الخوف من السلطة ضعيفة مهما إن كان الثمن المدفوع، فمع كل عنف للسلطة سيتصاعد عنف المواطن، فالعنف الجماعى مثل الكرة المطاطية يزيد رد فعله مع ازدياد عنف الدولة....

• إخفاق الخطاب السياسي للسلطة والذي تضمن تلويحاً متكرراً باستخدام العنف في مواجهة المعارضين ، الأمر الذي استفز الكثير من الفاعلين السياسيين لاستخدام العنف في مواجهة تهديدات السلطة....مما لاشك فيه ان اقصر طريق إلى الفوضى والعنف والدولة الفاشلة هو وجود مليشيات مسلحة ومدربة ومستعدة للاشتباك.... فالدولة هى الجهة الوحيدة المنوط بها احتكار العنف القانونى ومصادر القوة الصلبة.... إن عدم المساواة فى القوة بين الدولة والمواطن هو الذى خلق النظام.... ولكن الوضع فى مصر مختلف، فهناك مليشيات أخوانية ضالعة فى امور كثيرة بدون تحقيق قضائى واحد، وهناك مليشيات حليفة للاخوان سواء فى حماس او حازمون أو جماعات إسلامية أخرى.... هذا وضع المواطن أما خيارين أما الخضوع الكامل للعنف والطغيان الاخوانى أو مواجهة هذا العنف بعنف آخر حتى ولو لم يكن على مستوى العنف المليشياوى المنظم،وإذا استمر هذا الوضع سوف تخلق ظروف الصراع مليشيات أخرى لمواجهة عنف الشرطة المتحالفة مع السلطة أو لمواجهة عنف هذه المليشيات....

• مغالاة جماعة الأخوان المسلمون و محمد مرسي في الوعود الانتخابية قبيل انتخابه رئيساً للجمهورية بشكل لا يتناسب مع قدرات مرسى أو الجماعة التي ينتمي إليها، حيث تسببت هذه المغالاة في ارتفاع سقف توقعات وطموحات قاعدة عريضة من الشعب وكثير من شباب الناشطين السياسيين، الأمر الذي كان له آثاراً سلبية عديدة ترتب عليها ظهور العنف السياسي، حيث شعرت الغالبية العظمى ممن انتخبوا محمد مرسي أنهم قد تعرضوا لعملية خداع سياسي استهدفت الحصول علي أصواتهم فقط.....لذلك اتخذت السلطة بعد 25 يناير طريقا ملتويا ملئ بالكذب والخداع والتضليل ونقض العهود والإنقلاب حتى على أسس الشرعية التى اقسموا عليها، ولهذا تأكلت شرعية النظام سريعا ليس فقط نتيجة الانحراف عن وعوده التى قطعها على نفسه أمام المواطنين ولكن أيضا للسير عكس ما قاله تماما بل واختطاف الثورة إلى اتجاه مغاير لاهدافها... وعندما تسقط شرعية نظام ويكابر أو يعاند أو يعيد هيكلة المؤسسات لصالح تزوير إرادة الناخبين يكون العنف لا محالة طريقا للصراع السياسى، فالتنافس يتحول إلى صراع، والحوار يكون بالرصاص والقنابل....

• الى جانب سعي محمد مرسي وجماعة الأخوان نحو السيطرة علي الحكم والانفراد به وهو ما ظهر واضحاً في قرارات وممارسات عديدة مثل قرار إعادة مجلس الشعب الذي كانت المحكمة الدستورية قد أصدرت قراراً بحله، وكذلك حنث الرئيس باليمين الدستورية وذلك بإصداره إعلانين دستوريين أطاح في أولهما بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة وعلي رأسه المشير محمد حسين طنطاوي، وأطاح في ثانيهما بالنائب العام المستشار عبد المجيد محمود وعين بدلاً منه المستشار طلعت عبد الله وذلك، ثم حصن في نفس الإعلان الدستوري لجنة إعداد الدستور ومجلس الشورى من الطعن عليهما قضائياً، فضلاً عن تجاهله لحصار المحكمة الدستورية ومنع قضاتها من الدخول لمقر عملهم وحصار مدينة الإنتاج الإعلامي من قبل إسلاميين متشددين مؤيدين له ولسياساته، بل وإصراره علي تمرير مشروع دستور غير متوافق عليه من قبل كافة القوى والتيارات الوطنية، فضلاً عن تمهيد الأرض أمام الجماعة للسيطرة علي كافة سلطات الدولة وهو ما ظهر بوضوح في التشريعات التي تحاول الجماعة تمريرها بكافة الطرق والتي من أهمها قانون تنظيم التظاهر وقانون الانتخابات، وأخيراً وليس آخراً تعيين أهل الثقة من أعضاء جماعة الأخوان في وظائف حساسة وحيوية في ظل تجاهل تام لمعيار الكفاءة أو الخبرة....

• وتجاهل السلطة للمطالب المشروعة للنشطاء وقوى المعارضة، الأمر الذي جعل استخدام العنف أمراً حتمياً باعتباره الوجه الآخر للمشاركة السياسية بعدما فشل الوجه السلمي للمشاركة وتحقيق المطالب أمام عناد السلطة....الى جانب تصميم السلطة الجديدة علي استخدام نفس الأدوات القمعية التي كان يستخدمها النظام القديم، والتي تتمثل في جهاز الشرطة الذي عاد مجدداً لممارسه دوره القذر في التصدي للمعارضين.... لذلك تعمقت الفجوة بين المواطنين واجهزة الامن بعد 25 يناير، وبدلا من إعادة هيكلة هذا الجهاز لصالح الوطن والمواطن، سلك نظام مرسى نفس طريق نظام مبارك وهو تدعيم سلطة الأمن لكى تكون حامية للسلطة على حساب المواطن، واستمرت سياسة الانفاق الباهظ على أدوات حماية السلطة من غازات مسيلة للدموع وأدوات فض التظاهر السلمى، بل أننى اعتقد من خلال المشهد السياسى الحالى فى مصر أن غازات فض المظاهرات تضاعف استيراها عدة مرات فى عهد مرسى، وهذا واضح من الكم الهائل الذى يستخدم فى فض المظاهرات على مستوى الجمهورية. أيضا استمر هذا الجهاز فى التركيز على أمن السلطة والأمن السياسى وتراجع الأمن الجنائى إلى اقصى درجة،باختصار فأن سياسة حبيب العادلى هى المستمرة فى حكم وزارة الداخلية....

تفسر الأسباب السابقة ظهور وتنامي ظاهرة العنف السياسي ومدى مشروعية العنف في مواجهة شرعية النظام..... الجدير بالذكر انه فى اجواء الدولة الدينية التكفيرية تتصاعد بسرعة ثقافة الكراهية والحض على العنف والقتل، وقد خرج كم هائل من الشخصيات الغريبة العجيبة التى تتقيأ كل يوم كراهية وكلام غث يدعو إلى العنف والقتل ضد معارضى الاخوان حتى يخيل للمرء أن بلاعة من المجارى انفجرت فى وجه المصريين، ولا يكاد يمر يوم ولا تكون هناك فتاوى أو دعوات لقتل هذا أو ذاك، ويتحصن هؤلاء فى كلام دينى يفسرونه وفقا لمصالحهم السياسية ووفقا لنفوسهم المريضة البغيضة..... إن الدولة الدينية هى أكثر نماذج الدول ممارسة للعنف والطغيان والسلطوية، وكلما اقتربت مصر من هذا النموذج كلما تصاعدت وتيرة العنف والقتل والكراهية والاقتتال الاهلى ....ومع ذلك يبقى السؤال عن مدى مشروعية استخدام هذا العنف في مواجهة نظام آتى إلي السلطة بطريق انتخابات حقيقية شاركت فيها القوى السياسية بل وقبلت نتائجها...... خاصة وأن كافة قوى المعارضة السياسية المنظمة أدانت وبقوة استخدام هذا العنف كآلية للتعبير عن الرأي أو كآلية لمواجهة ممارسات السلطة، وهي الإدانات التي جاءت استجابة من جانب القوى السياسية لدعوات السلطة بضرورة إدانة استخدام العنف ورفع الغطاء السياسي عنه....

هنا نجد وجهتي نظر، حيث ترى وجهة النظر الأولى : عدم مشروعية استخدام معارضي الرئيس للعنف تحت أي ظرف ويستند أصحاب هذا الرأي إلي أمرين: أولهما هو عدم جواز استخدام العنف كآلية سواء للتعبير عن الرأي أو المطالبة بالحقوق لتعارض ذلك مع الروح السلمية لثورة25 يناير .... وثانيهما : هو عدم جواز اللجوء لاستخدام العنف في مواجهة نظام شرعي آتي بطريق الانتخابات، (وهنا يجدر الإشارة إلي أن موجات العنف التي اندلعت من قبل بعض معارضي الرئيس في أعقاب أحداث الاتحادية جاءت كرد فعل لاستخدام جماعة الأخوان المسلمين للعنف مع المعتصمين أمام القصر الجمهوري اعتراضاً علي إصدار الرئيس للإعلان الدستوري الثاني)....

أما وجهة النظر الثانية والتي بات يتبناها كثيرون علي رأسهم أعضاء جماعات "البلاك بلوك" فترى توفر المشروعية أمام استخدام العنف في مواجهة نظام محمد مرسي، ويستند أصحاب هذا الرأي ــ كما يقول أحد أعضاء جماعة "البلاك بلوك" ــ إلي أن العنف الموجه ضد النظام الحاكم يستمد مشروعيته من كونه عنف موجه ضد نظام غير شرعي فقد شرعيته بعدما أنقلب علي الشرعية بإصداره إعلانين دستوريين، وفقد مشروعيته بعدما فشل في تحقيق أي وعد من الوعود التي كان قد أخذها علي نفسه قبل الوصول إلي السلطة...... فضلاً عن استنفاذ معارضي النظام لكافة الوسائل السلمية في التعبير عن الرأي دون جدوى، الأمر الذي ولد مشاعر بفقدان الأمل والإحباط لدى قطاع كبير من الشباب، ومن ثم بات العنف هو الطريق الوحيد أمامهم للتعبير عن الرأي ومقاومة النظام خاصة بعدما لجأ هذا النظام ممثلاً في مرسي إلي اللجوء للعنف في مواجهة معارضيه مستخدماً في ذلك مؤيديه وأنصاره وجهاز الأمن الذي لا يكف عن تأييده في مواجهة من يسميهم الخارجين عن السلمية....سبب آخر قد يستمد منه مشروعية استخدامهم للعنف في مواجهة السلطة يتمثل في كون العنف جانب لصيق بالثورات، ومن ثم فإنه تعد في نظرهم أي محاولات للفصل بين مفهوم الثورة وبين القيام بعمل أو أعمال عديدة وممتدة للعنف هي محاولات عقيمة، وهو أمر يدعمه تصميم كثيرون علي إطلاق مصطلح "ثورة" علي أحداث 25 يناير مع الأخذ بتعريف بعض علماء السياسة لماهية الثورة ....


مما لاشك فيه انه لا يتوقع بحال من الأحوال تراجع أو انحسار موجات العنف السياسي التي اندلعت منذ نوفمبر الماضي ولم تتوقف حتى الآن فالعكس تماماً هو الصحيح، ولعل المتابع للشأن المصري لن يجد أي عناء في إدراك هذا الأمر، فقد بات مضي العنف السياسي في مسار ينمو فيه يوماً بعد آخر أمراً طبيعياً ولذلك أسباب لعل أهمها:
• فشل السلطة في إدارة هذه الأزمة، بل وإصرارها علي تجاهل مطالب قطاع كبير من معارضيها، في الوقت الذي لا يشعر فيه هؤلاء المعارضين بأي محاولة من جانب السلطة للعمل علي تحقيق أي مطلب من المطالب التي رفعها المصريون قبل عامين.....وتتخذ السلطة السياسية الحالية طريقا وعرا لتمكين جماعة الاخوان من السلطة بكافة السبل، ولهذا فهى لا تستمع لأى نصائح سياسية أو حلول توافقية تجعلها تحيد عن هذا الهدف،يرافق ذلك احساس مرعب عند جماعة الاخوان وشركاءهم وهو أن البديل عن انتصارهم المطلق هو دخولهم السجون وربما تعرضهم للقتل، ولهذا تعاند السلطة مواطنيها والجماعة السياسية المصرية عناد سلطوى قهرى مرضى بشكل جعل الافق السياسى مسدودا أمام التغيير الحقيقى بالوسائل المتعارف عليها فى الديموقراطيات الحديثة....
• أن مستخدمي العنف السياسي في مصر الآن ينتمون للفئة المعروفة بـ "المجموعات خارج السيطرة" وهي مجموعات لا تخضع لأحد ولا تتحرك إلا وفقا لحساباتها الخاصة، هذا في الوقت الذي فقدت فيه القوى السياسية المعارضة سيطرتها علي الشارع السياسي....
• التركيبة السكانية للمصريين، حيث يوجد نحو 24 مليون مصري تتراوح أعمارهم بين الـ 15 و29 عاماً وهو ما يطلق عليه "سن القتال" وهو سن يميل بطبيعته لاستخدام العنف، ومن ثم فإن احتمالات تحول أي تظاهرات أو فعاليات سياسية إلي مواجهات عنيفة تبقى مرتفعة في المجتمع المصري مقارنة بمجتمعات آخري تتميز تركيبتها السكانية بكونها أقل شباباً.....
• اتسام ظاهرة العنف السياسي بالديناميكية أو بالتبادلية، حيث أن إصرار كافة أطراف الصراع السياسي علي استخدام العنف في مواجهة الطرف الآخر يغذي بقاء العنف واستمراره بل وتزايده أيضاً....

ولعل النقاط السابقة تؤكد وتدلل علي أن العنف يسير في مسار خطير حيث يميل للنمو لا التناقص، يتقدم ولا يتراجع، وهو أمر بالضرورة له تداعيات خطيرة لعل أهمها وأخطرها:
• حدوث حالة من الفوضى والاقتتال الداخلي بين الأطراف المتصارعة سياسياً وهو أمر يهدد الأمن القومي للدولة، بل ويهدد كيان الدولة بكامله، خاصة وأن حرب الشوارع الدائرة في بعض مدن الجمهورية بين بعض الشباب الغاضب من ناحية وقوات الشرطة أو شباب جماعة الأخوان المسلمين من الناحية الأخرى، وكذلك تهديدات بعض قيادات تيارات الإسلام السياسي بنزول أتباعهم إلي الشارع لمواجهة الشباب الغاضب بحجة الدفاع عن الشرعية باتت تشكل إرهاصات للاقتتال الشعبي....
• عرقلة عملية التحول الديمقراطي الذي يعمل المصريون من أجله، حيث قد ينتهي العنف بتوحش السلطة وتحولها إلي سلطة مستبدة جديدة تعيد استخدام كافة الأدوات القمعية لتثبيت حكمها وقمع معارضيها....
• أما السيناريو الثالث فهو تحول العنف السياسي إلي عنف مجتمعي ينبئ بثورة حقيقية لن تخلو من الاستخدام المفرط للعنف تجاه السلطة والمجتمع علي السواء، وهو ما قد يحدث في حال استمرار السلطة على عنادها وإصرارها علي تجاهل مطالب قوى المعارضة والتمسك بإتمام الانتخابات بهدف ترسيخ الحكم....

ولعل عرض السيناريوهات الثلاث السابقة يبرز وبوضوح خطورة استمرار وتصاعد العنف السياسي والتي لا تكمن خطورته في نتائجه الكارثية علي المجتمع فحسب، بل أيضاً في عجزه عن حسم الصراع السياسي الدائر، ومن ثم فإن المجتمع المصري وفقا للسيناريوهات السابق عرضها سوف يدفع ثمناً باهظاً دون مقابل، ليبقي السيناريو الرابع والأخير المتمثل في تدخل المؤسسة العسكرية بغرض وقف العنف الدائر ومن ثم إنهاء حالة الصراع القائمة، لتدخل مصر فترة انتقالية جديدة تكون فيها المؤسسة العسكرية علي رأس السلطة... وهو سيناريو بات ينتظره ــ بل ويتمناه ــ كثيرون خاصة من مناهضي تيار الإسلام السياسي...

حمدى السعيد سالم



#حمدى_السعيد_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الى اللجان الالكترونية الاخوانية ايش تعمل الماشطة فى الوجه ا ...
- الاخوان ومحاولات اغتيال عبدالناصر
- مرسى النائب البرلمانى قال ما لم يفعله وهو رئيس
- الارستقراطية القرشية والاستعلاء الطبقى وسوء ادارة الأزمة هو ...
- الحرب النفسية القذرة
- الساسة ولعبة الفراش
- الى مرسى ابو صباع لا شرعيّة لأيّ سلطة تناقض ميثاق العيش المش ...
- احتاجك كى اكون أنا
- الدور السعودى المشبوه فى دعم ورعاية الارهاب الدينى بكل اطياف ...
- الاخوان لانهم خونة يظنون كل الناس مثلهم ويغيرون رأيهم كما يغ ...
- الاخوان يحاولون بناء السقف قبل بناء الاعمدة
- جريمة كبرى ان يكون الطفل رجلا وجريمة اكبر ان يكون الرجل طفلا
- روشتة علاج الثورة المصرية
- تحليل سياسى للأزمة السورية
- فى دولة الدقون يسقط القانون
- القول باعتدال حركة الاخوان مجرد أسطورة ترمي إلى مخادعة الناخ ...
- العاهرة الاخوانية تضاجع الامريكان واليهود على فراش الخيانة
- لولا دى سيلفا كان اكثر عدلا ورحمة واحساسا بشعبه من مرسى المت ...
- العهر الاخوانى الزائف التمويهى
- اتلم المتعوس على خايب الرجا


المزيد.....




- هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟.. ...
- شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
- الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
- -مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في ...
- البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال ...
- جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدى السعيد سالم - عنف الاخوان ضد معارضيهم وسيلة رهيبة لغاية قبيحة