أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سلام عبود - بعض ملامح الواقع العراقي على ضوء المنهج الفرويدي وعلم الاجتماع - الجزء الأول: الدوافع والعدوانية على ضوء المنهج الفرويدي















المزيد.....



بعض ملامح الواقع العراقي على ضوء المنهج الفرويدي وعلم الاجتماع - الجزء الأول: الدوافع والعدوانية على ضوء المنهج الفرويدي


سلام عبود

الحوار المتمدن-العدد: 4103 - 2013 / 5 / 25 - 09:28
المحور: المجتمع المدني
    


بعض ملامح الواقع العراقي على ضوء المنهج الفرويدي وعلم الاجتماع
الجزء الأول: الدوافع والعدوانية على ضوء المنهج الفرويدي
10/1
مقدمة نظرية
ينقسم هذا الفصل شقين: الأول نظري، تعليمي، هدفه إلقاء الضوء على واحدة من مدارس علم النفس الرئيسية في التاريخ المعاصر، بهدف التعريف بها، والإفادة من نتائج أبحاثها، المتعلقة بموضوع الثقافة والدوافع والعنف؛ وهي موضوعات تم التعامل معها في ثقافتنا العامة بقدر كبير من سوء الفهم والتشويه، والعداء والتحريم أحيانا. أما الشق الثاني، فهو مادة تطبيقية، يراد بها رصد ردود الأفعال الاجتماعية حول المثيرات السياسية والأحداث اليومية المفاجئة أو التكرارية، وتحليل اتجاهاتها، بصرف النظر عن قيمتها العملية أو عمقها أو حجم الخطأ فيها، متخذين منها مادة دراسية أولية، لغرض المعاينة والتحليل.
بيد أن بحث موضوعات علم النفس التحليلي، والإفادة منها في مجال البحث الاجتماعي والثقافي، تشترط أن تربط هذه الموضوعات بشكل منهاجي بتطويرات فرويد الفلسفية والاجتماعية، التي أضافها الى منهجه النفسي التحليلي، الخاص بعلم النفس الفردي. ومن ناحية أخرى يتوجب ربط تطويرات فرويد نفسه بتطويرات علماء التحليل النفسي الآخرين. وفي هذا الإطار يكون " غوستاف يونغ" علامة بارزة مكملة، نابعة من منهج التحليل النفسي، أضافت بعدا جديدا للفرويدية، مكنتها من كسر الطوق المنهجي الذي يحصرها في إطار الغرائز الجنسية الفردية، وتاليا منحها امتدادا أبعد في داخل النفس البشرية، وأعمق في التاريخ والمجتمع. أما من خارج المنهج النفسي فقد كان إسهام غوستاف لوبون هو الأعظم، لأنه جمع في وحدة متكماسكة بين النفسي والاجتماعي، عززت من مواقع علم النفس الجماعي في إطار علم النفس الاجتماعي. إن نظرية كارل بوبر المعرفية، ومباحث الدراسات في الاناسة (الاثنولوجية) ستراوس، أو امتداداتها السياسية (برنارد رسل)، ضخت مزيدا من الدم النقي في أوردة البحث النفسي الاجتماعي، جعلته قادرا على الاستقلال بنفسه كعلم، وعلى الامتداد بشكل خلاق نحو حقل الثقافة، باعتباره مجالا حيويا من مجالات النشاط الاجتماعي، لا يستطيع العلم المرور عليه مرورا عابرا. إن هذه الوحدة المتنوعة، ولكن المتجانسة للعلوم، أو هذا التعاضد المعرفي، هو الذي يخلق للباحث زاوية نظر موسوعية، نسبيا، في مجال النظر الى الظواهر، وتمنحه تأهيلا للبحث فيها بثقة أكبر.

الدوافع والعدوانية على ضوء المنهج الفرويدي
يقسم فرويد الدوافع الغريزية الأساسية للفرد دافعين: غرائز إيروسية، نسبة الى إله الحياة والجنس والحب "إيروس"، وغرائز الموت، أو التدمير. وهذه الغرائز جزء من طبيعة الكائن، لا يستطيع أن يحدثها أو يزيلها، فهي بعض من تكوينه الفطري؛ وهي غرائز عامة، توجد لدى النوع البشري كله، من دون استثناء.
" الغرائز الانسانية من نوعين اثنين فحسب: غرائز تسعى للحفظ والتوحيد- والتي نسميها شبقيّة، بالضبط بالمعنى الذي يستخدمه افلاطون في كلمة إيروس في محاورته المائدة، أو نسميها "جنسية"، مع مد نطاق الشعور الشائع للجنسية عن قصد- وغرائز تسعى للتدمير والقتل والتي نصنفها معا على أنها الغريزة العدوانية التدميرية... إن قوة جاذبية هذه الدوافع التدميرية يسهل امتزاجها بدوافع أخرى من نوع شبقي ومثالي. وعندما نقرأ عن المذابح الجماعية التي كانت ترتكب في الماضي فانه يبدو أحيانا كما لو أن الدوافع المثالية كانت مجرد ذريعة للشهوة التدميرية؛ وأحيانا - كما في حالة الفظائع التي ارتكبت في محاكم التفتيش- يبدو كما لو ان الدوافع المثالية قد تقدمت في الشعور، بينما اكتسبت الدوافع التدميرية تعزيزا لا شعوريا " ( أفكار لأزمنة الحرب والموت- ص 51)
الغريزتان المذكورتان تتطلبان من الفرد أن يصغي الى تنبيهاتهما الإشارية، ويستمع الى طلباتهما، ويلبي تلك الطلبات. وبذلك يترجم الإنسان الغرائز الى فعل يتم تحقيقه خارج الذات، وهو ما يُطلق عليه الموضوع. ولما كانت الغرائز متناقضة بطبعها: غرائز حياة وغرائز موت، يكون الإنسان، في طبعه أيضا، حاملا لمكونات شعورية متناقضة: الحب والكره، الشر والخير، بصرف النظر عن طريقة تفسير وتأويل تلك المصطلحات أخلاقيا أو عقليا. ولهذا السبب لا يوجد إنسان شرير بشكل خالص وخيّر بشكل مطلق.
قبل ان تتكون شخصية كائن ما بشكل كامل وناضج يصعب على المرء تصنيف التقلبات الشعورية الى طيبة وسيئة. " فنادرا ما يكون الكائن البشري طيبا كلية او سيئا كلية؛ انما هو في العادة طيب في علاقة ما وسيئ في علاقة اخرى، او طيب في ظروف خارجية معينة وفي ظروف أخرى سيئ بشكل حاسم"، ولا تتبلور شخصية الفرد بالدرجة التي يمكن أن نصفها فيها بالخير أو بالشر إلا بعد أن تكون هذه التقلـّتبات التي تتعرض لها الغرائز قد تمت. مع هذا يندر أن يكون الإنسان خيرا تماما أو شريرا على وجه الإطلاق، ولكنه يكون عادة خيرا في ناحية وشريرا في أخرى، أو خيرا في مواقف وشريرا في مواقف أخرى، ويمكن تحول الساديين ومعذبي الحيوانات في الصغر الى عاطفيين ومن محبي الرفق بالحيوان وانسانيين". بيد أن هذه الغرائز لا تولد في الإنسان مكتملة الهوية، كما أنها لا تتصف بالثبات، ولا تكون ناشطة على نحو محدد المعالم إلا بعد مرورها بسلسلة معقدة وطويلة من التجارب والاختبارات، المرتبطة بمؤثرات قوية. وكل ذلك يخالف الصورة الشعبية الشائعة عند الناس عن الشخصية الاجتماعة، وعن ما يعرف بطباع وصفات الخير والشر: " تمر الغرائز البدائية بعملية نمو طويلة قبل أن يسمح لها بأن تكون نشطة لدى الكائن البالغ" ولا تتبلور شخصية الفرد بالدرجة االتي يمكن أن نصفها فيها بالخير أو بالشر إلا بعد أن تكون هذه التقلبات التي تتعرض لها الغرائز قد تمت. مع هذا يندر أن يكون الإنسان خيرا تماما أو شريرا على وجه الإطلاق، ولكنه يكون عادة خيرا في ناحية وشريرا في أخرى، أو خيرا في مواقف وشريرا في مواقف أخرى" (الحب والحرب والحضارة والموت- ص17)
ويؤكد فرويد أيضا: " لا وجود لما يسمى إزالة النوازع الشريرة" (المصدر السابق ص18) وهو يعني أن هذه الغرائز لا تقتلع من الإنسان، كما تستأصل الأورام السرطانية مثلا، لأنها عناصر ثابتة البناء غير قابلة للإزالة. لكنها عناصر قابلة لأن تستجيب للمتغيرات، ويمكن تحويل فعاليتها ونشاطها بطرق متنوعة.
وما دمنا نتحدث عن الاستئصال، لا يجوز أن نغفل تكرار هذا التعبير على يد القادة الأميركيين في تعاملهم مع الملف العراقي، في لحظات حاسمة من تاريخه. فقد ورد هذا التعبير على لسان الجنرال شوارتزكوف، قائد عملية عاصفة الصحراء، الذي توقفت عاصفته عند نهر الفرات. وقد عاد هذا التعبير الى الظهور مجددا بقوة في أول مؤتمر صحفي عقده حاكم العراق بول بريمر في بغداد بعد وصوله اليها قائلا: " سيتم استئصال البعث والبعثيين من العراق" ( المؤتمر 16 أيار 2003). وقد تـُرجم هذا التعبير المخيف الى إجتثاث، في الوثائق والهيئات السياسية العراقية، التي قامت بتوزيع شهادات تحاصص الجسد البعثي، والتي قادها أحمد الجلبي، ومثال الآلوسي، ونوري المالكي.
إن الوصف المتعلق بنشاط الغرائز لا يقتصر على الذات الفردية، بل يسري على التكوينات الاجتماعية بطريقة أو أخرى، خلافا لما يعتقده بعض المتعصبين، حينما يتم نقد نشاط سياسي ما أو شخصية تاريخية ما، أو حدث ما، أو مجتمع ما، فيحسبون أن المستهدف بالنقد قد ورث عيبا خاصا، أو أصيب بما لا يوجد في غيره. إن العلامات المرضية في السلوك لا تكون مرضية إلا في حالات الإصابة العضوية أو النفسية، التي تعيق توازن السلوك. لأن السلوك البشري المتناقض شأن طبيعي، وتغليب سلوك على آخر حالة خاصة، يمكن تعديلها، إذا لم تصبح مرضا، وكذلك حال المجتمعات. إن ازدواجية الشعور مظهر طبيعي في شخصية الفرد. " فشعور الحب الشديد والكراهية المسرفة... رغم تناقض الحب والكراهية في الشخص الواحد، إلا أن هذا الحب وتلك الكراهية كثيرا ما يتوجهان في نفس الوقت نحو موضوع واحد بعينه"
أما الغريزة العدوانية فهي موجودة لدى الجميع أيضا: " ليس الانسان بذلك الكائن السمح ، ذي القلب الظمآن الى الحب، الذي يزعم الزاعمون أنه لا يدافع عن نفسه إلا متى هوجم، وإنما هو على العكس كائن تنطوي معطياته الغريزية على قدر لا يستهان به من العدوانية" ( فرويد- قلق في الحضارة – ص 72)
إذاً، لدينا دوافع غريزية، فطرية، متناقضة تتطلب الإشباع، وفي الجانب الآخر لدينا موضوع يتم فيه تحقيق هذا الإشباع. ولكن من الذي يتحكم بمجرى هذه العملية؟ من يقرر متى يكون هذا الإشباع صحيحا وممكنا وضروريا ومفيدا ومرضيا أو كافـّاً مثلا؟ هنا لا بد من وجود سلطة مراقبة تنظم عمل الغرائز عند اجتيازها حاجز ذات الفرد وتحولها الى موضوع. هذه السلطة اسمها الأنا. والأنا في التفسير الفلسفي والأخلاقي هو ما يطلق عليه بالضمير. من مميزات فكر فرويد المتأخر، الاجتماعي والفلسفي، أنه منحنا فسحة كبيرة لإخراج مفاهيم علم النفس من الذات الفردية الى المجتمع. ولذلك رأينا فرويد يصوغ "تعميمات" إجتماعية وفلسفية هدفها فهم وتحليل آلية عمل المؤسسة الاجتماعية وارتباطها بالحق والحرية والمسؤولية الاجتماعية والواجب وغيرها.
يقول فرويد في كتاب (الحب والحرب والحضارة والموت): " إن المجتمع هو الآخر يتكون له أنا أعلى يؤثر في عملية التطور الثقافي ويتتابع إرتقاؤها في ظله" ( ص 192)
في هذه الجانب، أعني بناء المجتمع وتكوينه الداخلي، لا يبتعد فرويد كثيرا عن منظومة أفكاره الخاصة بالغرائز والدوافع الفطرية المتعلقة بالذات الفردية. فهو يرى أن الذات الفردية، على خلاف ما يعتقده الناس، لا تفقد مراحل تطورها، بل تضيفها الى ما سيأتي، ولكن تضعها في موضع الكفّ أو التأجيل أو التجميد. فالمرحلة الشرجية والفموية مثلا، وهي من مراحل التطور الأولى في النمو، تظل كامنة ولا تمحى، وقد يتم استدعاؤها، تحت مؤثر ما في مراحل متقدمة من العمر. والمرحلة الواحدة، كالمرحلة الشرجية، التي يتحسس بها الفرد العالم المحيط به ويستجيب له شرجيا، قد تجعل المرء يميل الى النظافة في مراحل قادمة، وقد تجعله يميل الى الشحة أيضا، وفق ظروف تطوره، وهذا ما يسميه فرويد بالتصعيد، أي ترقية الدوافع. بيد أن ترقية الدوافع قد تخضع لعملية أكثر تعقيدا هي عملية تهذيب أو تعديل الدوافع، وهنا يقوم الأنا بتعديل ميل غريزي معين وتحويل اتجاهه وفق ما تقتضيه مصلحة الأنا. وفي هذا الجانب يرى فرويد أن المجتمعات التي تصاب بكوارث جراء تصاعد الدوافع الغريزية العدوانية، كالحروب، يمكنها تعديل اتجاهاتها، اعتمادا على ما يعرف بالذات الجمعية، التي هي مؤثر خارجي قد يقرر ويحدد سلوك الأفراد ويرسم اتجاهات حركتهم. وبناء على ذلك، يتوجب على مشرعي وسياسي المجتمع إدراك العلاقات الضرورية التي تربط النفسي بالاجتماعي، والشخصي بالسياسي، والآني بالتاريخي. فحينما نتحدث عن مصالحة وطنية مع سياسيي وناشطي حقبة البعث، يتوجب معرفة أن البعثي، حتى من اشترك في تأييد الديكتاتورية والطغيان، يستطيع تعديل دوافعه إذا ما توفر له المناخ الصحي الملائم. إن الطغيان كما يقول فولتير يخلق النفاق، وهذا النفاق لا نجده في أساليب التقرب السياسي والحزبي والوظيفي المباشر لدى سلطة الطغيان فحسب، بل نجده بصورة أشمل، ولكن أكثر تمويها، في اللوحة والجدارية والتمثال والقصيدة والأغنية والوشاية اليومية، التي تقدم خدماتها الوظيفية مجانا أو باسم الانضباط الحزبي، أو العمل التطوعي، أو التكسب، أو اللذة والمتعة، أو الخوف والمحاباة. تلك الأفعال معادية لتوازن الحياة الطبيعية، نظرا لانحيازها الى صف الطغيان في مواجهة مشروع الحياة السوية والعادلة. لذلك تنسب هذه الممارسات الى أفعال الشر، وفي الغالب تكون سلوكا إرغاميا خاطئا، أو مُحفـَّزا اجتماعيا، يفرضه المناخ العام الذي يعيش المرء فيه، والذي يمكن أن يتحرر منه ومن آثاره بزوال المؤثر. ولكن زوال الارتباط بمؤثر ما لا يلغي الدوافع أو الاستعدادات الفطرية لتكرار الفعل بصورة تلقائية. لأن الأفعال الاجتماعية لا تشبه في نشاطها المؤثرات الفيزيائية، التي تتسم بشرطية ارتباط السبب والنتيجة: انخفاض الحرارة الى صفر مئوي في الشروط الطبيعية يقود الى التجمد، ورفع درجة الحرارة فوق الصفر يعيد المادة (الماء) الى الحالة السائلة. ولا تشبه التنبيهات الغريزية أيضا في ما يسميه فرويد بالتنبيهات الفيزيولوجية. كأن تنقبض العين حينما تواجه نورا باهرا.(علم ما وراء النفس- ترجمة جورج طرابيشي- ص10) على العكس من هذا، إن طول فترة ممارسة النفاق السياسي والثقافي والاجتماعي تجعل من تعديل اتجاهات الدوافع شديدة التعقيد. فقد يكفّ واش أو منافق أو متكسب ثقافي عن تأييد طاغية ما، ولكن لا يستبعد أن يقوم بتوظيف تلك الخبرات، وهذا هو المؤكد، لمصلحة طاغية جديد أكبر أو أصغر. لذلك فإن تعديل الدوافع اجتماعيا يجب أن لا يفهم على أنه اغتفار للذنوب الاجرامية لمن ارتكب فعلا جسيما معاديا للإنسان والمجتمع، ولا يعني أيضا إعادة القطيع الى الحظيرة، كما فعل بول بريمر والسياسيين الذين حكموا معه ومن بعده، حينما قاموا بانتقاء " الصالحين" و"الشريرين" انتقاء، وفق الحاجة الحزبية والنفعية، والتي تحولت الى فضائح اسمها "النواب المجتثين"، وما أثارته من إشكالات قانونية وسياسية، والأهم ما أثارته وما ستثيره من إشكالات إجتماعية ونفسية. لماذا يسري الاجتثاث على فئة ولا يسري على أخرى تشترك في الحالة ذاتها؟ هنا، نرى أن تقويم الدوافع يجب أن لا يغدو وسيلة للكسب السياسي أو المكافأة أو الامتهان، لأنه سيقود حتما الى نشوء حالات اجتماعية مضاعفة، الى جانب ما يسببه من إمتهان لمبادئ العدالة وعدم احترام للمساواة بين البشر. فإذا كان الجانب الإجرامي من البعث يتعارض مع قوانين الحرية والعدالة. فإن المشكلة لا تكمن في توصيف حالة التعرض مع قوانين الحق والعدالة، بل تكمن في زمن معالجتها وغاياتها. إن عملية تعديل الاتجاهات مرهونة بأزمان حدوثها الطبيعية، لا يحق لأحد ترحيلها أو اللعب بها، لأنها ستغدو فعلا عبثيا، وفي أحسن الأحوال تصبح "ألهية سياسية". لقد مر على سقوط البعث عشر سنوات كاملة. في أي درج من أدراج السلطة كانت قوانين المنع والتجريم مخفية؟ ولماذا تظهر الآن فجأة؟ إن بناء المجتمعات ليس رغبة ذاتية لهذا الحزب أو تلك الجماعة السياسية. إنها ضرورة موضوعية مرتبطة ارتباطا ببيئتها الزمنية، وبشروط حدوثها.
تؤكد مبادئ علم التحليل النفسي (كتاب الحرب ص 16) على أنه: " لا صحة لما يقال له اجتثاث الميول الشريرة... لأن الطبيعة البشرية في أخص خصائصها تتكون من غرائز أولية يمتلكها كل الناس، عملها إشباع حاجات أولية معينة، وهذه الغرائز في ذاتها لا هي بالخيرة ولا بالشريرة، تمر بمرحلة طويلة من التطور قبل أن تبدأ عملها بشكا ايجابي لدى البالغ"
إن إصلاح الضرر النفسي إجتماعيا يتحقق من طريق تنظم قانون العدالة دستوريا، وإطلاق وتعميق ثقافة المراجعة، الذي يعني إشراك أوسع قطاعات البعثيين الحقيقيين، واشباه البعثيين من الذين سايروا ومجدوا الطغيان والحرب من دون أن يصبحوا أعضاء حزبيين كاملي العضوية (وهم الأخطر، من الناحية الاجتماعية، لا السياسية) في عملية تعديل الإتجاه وتصحيح الميول، من طريق المجاهرة، والعلنية، والحرية التامة في نقد الذات، والمراجعة الثقافية، كخطوة أولى تقود- نفسيا واجتماعيا وسياسيا وقانونيا- الى مراجعة سياسية شاملة. أما إعادة تحاصص البعثيين، وإعادة تلوين جيش الوشاة ومنحه أصباغ الخير والجمال، مكافأة له لأنه غيّر اتجاه كلماته وشعاراته من الولاء للحاكم السابق الى ولاء لا يقل شرا للحاكم الجديد، فلا يقود إلا الى إضافة المزيد من عوامل الكبت والتحريم والعنف والنفاق الاجتماعي. ولا يقود إلا الى إضافة طبقات جديدة من المشكلات، تضاعف حجم أكوام المشكلات السابقة، وتعيد تكديسها وتراكمها، وهو ما يحدث الآن في المجتمع العراقي. لقد أخبرني أديب مستقل من إحدى المحافظات الجنوبية المنكوبة قائلا بمرارة: ليتنا كنا من ممجدي البعث، لتلاقفنا السياسيون والحكام الجدد تلاقف الدرر! ما يحدث الآن هو سوء فهم مطلق، ليس للسياسة وآليات عملها فحسب، إنه سوء فهم تام، وجهل عظيم، بقوانين علم النفس وقوانين بناء الإنسان وعلم التربية والمجتمع.
ربما سيصاب القارئ المسالم بصدمة غير متوقعة لو عرف أن علم التحليل النفسي توصل الى نتيجة محزنة، تتعلق بآثار الحروب المدمرة على النفس البشرية، خلاصتها أن الصدمة النفسية للحرب تقع على نحو أشد على عاتق الأفراد الذين لا يؤمنون ولا يؤيدون الحرب، والذين لا يمتلكون دوافع عدوانية قوية، بينما يكون الأفراد ذوو الميول العدوانية أميل الى تقبل الصدمة وامتصاصها بيسر وسهولة. وهذه مشكلة كبرى تتعرض لها المجتمعات التي يتم فيها التجنيد إجباريا، والتي تطول فيها فترات الحروب. فالصراع العنيف الذي يخوضه الأنا، لدى الفرد المسالم، يكون عنيفا، وهو الذي يخلق مشاعر الخوف المدمرة. لأن الصدام بين الأنا الذي يرفض الحرب وبين مطلب القتل الذي تفترضه الحرب، وعقدة حب الحياة في مواجهة احتمالات الموت أو الإعاقة، تغدو عقدة يصعب حلها بيسر، تختفي تحت أشكال عديدة من السلوك المموه، حتى بعد انقضاء وزوال المسبب والمؤثر المباشر: الحرب والعنف.
ومثل هذه العوارض العميقة لا ترى من قبل السياسي، الذي هو بنفسه نتاج مباشر لتلك الأزمة، والذي يعتقد أن انتهاء حرب ما هي نقطة نهاية للمعاناة النفسية والعصبية الاجتماعية، وأن الأفراد المشاركين في الحروب يعودون الى بيوتهم بسلام روحي، كما تعود البنادق الى مشاجبها. ليس مستغربا أن يتكرر كثيرا على لسان السياسيين ترديد عبارة " يكفينا فخرنا أننا شاركنا في إسقاط صدام"، باعتبارها الفضيلة الوحيدة، التي يمتلكها هؤلاء في رصيدهم العقلي والسياسي. ورغم عدم صدقية هذه المزاعم، إلا أنها تعني أن هؤلاء غير معنيين بالسؤال الإجتماعي، الذي هو جوهر وهدف عملية التغيير: ماذا بعد؟
إن أعظم الأخطار التي يتعرض لها المجتمع تكمن في أن ضحايا الحرب غالبا ما يكونون من الأفراد المسالمين. لأن الصراع بين الأنا (المسالم) والدور الشخصي الإجباري، الجديد، الذي يرغم على الدخول فيه وممارسته (الجندي المكلف أو المقاتل قسرا، أو المطارد، وحتى المعايش والشاهد لما يعانيه الآخرون من إيذاء عنفي ) هو الذي يشكل الصدمة، ممثلة بالخوف من الموت. بينما لا يحدث هذا لدى فرق المرتزقة والعصابات. وهم في الغالب لا يعانون من صدمة الحرب، لكنهم يعانون من أمراض أخرى، ربما أعنف وأعمق من صدمة الحرب، تقع ضمن ما يعرف بـ (أعصبة الحرب) أيضا. هذا ما يؤكده فرويد في ص 63 من كتابه (أفكار لأزمنة الحرب).
ولنا هنا أن نتخيل كم حجم الأضرار النفسية التي تركتها حروب السلطة البعثية، التي امتدت لأكثر من ثلاثة عقود وشملت عددا من الأجيال العمرية. بعض هذه الممارسات العنفية، النابعة من دوافع نفسية مرضية قد لا تظهر للعيان بشكل واضح وصريح، حينما تمارس حكوميا. فعلى سبيل المثال، ومن المؤكد، أن صدام حسين شخصيا كان خلف إصدار قانون سوق خريج الكليات الى الخدمة العسكرية الإلزامية، تحت تأثير دفائن نفسية شخصية معادية لهذه الشريحة، وتحت دوافع عقابية أراد بها تأديب شريحة المتعلمين بواسطة الأوامر العسكرية القاسية، يضاف اليها الأسباب السياسية المعروفة ، منها : قانون الاعدام لمن يمارس النشاط الحزبي خارج إطار حزب البعث، والذي يعني تنقية شريحة المثقفين الجامعيين سياسيا على الطريقة البعثية.
ربما سيصاب القارئ المسالم بصدمة ثانية، حينما يعرف أن مبادئ التحليل النفسي تقرّ بإمكان تغيير الدوافع عند مسايري الأحزاب والقوى الظالمة والاستبدادية. وأن هذا التغيير ييبدأ حينما يتم الاعتراف الصادق بخطأ الدور الذي لعبه المرء، وحينما يتم التعامل معه على أساس الثقة والإحساس بالطمأنية. بيد أن العناصر التي تساير مشروع الحرب مصانعة ونفاقا، لا تقوم بتعديل اتجاهاتها السلوكية بيسر. وفي أحوال كثيرة يرفض الأنا المصانع الاستسلام لتأنيب الضمير، ويحتال على مبدأ تقبل التكفير عن الذنب، ويوغل في تعميق واستثمار مكاسب المصانعة، من طريق البحث عن ممدوح جديد، وحام جديد، يمارس بواسطته الفعل القديم ذاته، تحت مسميات جديدة. وقد رأينا كبف يقوم بعض ممجدي صدام وقادسياته، من الشعراء الشعبيين والمغنين والممثلين مثلا، بالظهور بمظهر المعادي للطغيان بيسر يثير الدهشة والعجب. هنا يقوم الفرد بقمع سلطة الضمير وإرضاء الذات بمكاسب عينيه أو روحية وعاطفية (مكانة، حظوة، نفوذ، بهرجة، دعاية مظهرية). لذلك يستخدم الطغاة هذا الضرب من السلوك، في كل العصور، مادة لتخريب الذات الاجتماعية وإفساد الضمير الاجتماعي.
لا تعمل الدوافع الغريزية منفردة، بل مصحوبة أو ممتزجة بدوافع أخرى، ليس بالضرورة متناسقة. ربما تكون متناقضة، لكنها تكمّل بعضها في تحقيق الهدف، وتعمل كحزمة من الدوافع المركّبة. يقول فرويد في كتابه ( أفكار لأزمنة الحرب والموت):" على سبيل المثال فان غريزة حفظ الذات هي بالتاكيد من نوع شبقي (ايروسي، غرائز الحب والحياة)، ولكنها مع ذلك لا بد أن تملك قدرا من العدوانية تحت تصرفها اذا كان لها ان تحقق غرضها، وهكذا ايضا غريزة الحب، عندما توجه نحو موضوع ما تكون في حاجة الى غريزة السيطرة اذا كان لها ان تملك، بأي وسيلة، ذلك الموضوع" (ص 52)
لو توسعنا في مفهوم الدوافع وذهبنا الى أبرز مطوري فرويد، الى يونغ، نجد لديه أجوبة مثمرة تتعلق بوعي البواعث الجمعية وصلتها بالعامل الاجتماعي. فيونغ، الذي وسع مفهوم اللبيدو الفرويدي، ووسع مفهوم الغريزة من دافع ايروسي بحت الى فعالية حيوية شاملة، وسع في عين الوقت زاوية النظر الى المشكلة النفسية ومنحها بعدا اجتماعيا أكبر، وهو أمر اعترف به فرويد لاحقا، حينما أشار الى عدم حصر الايروسية بالشبقية. وكان فرويد يؤكد على هذا الربط في بعض مؤلفاته السابقة، لكنه أخذ يعدّل مفهوم الغريزة الايروسية، وجعله أوسع مما اسماه بالتناسلية، أي جعله يوازي غريزة الحياة.
بهذا الصدد يذكر جورج طرابيشي، مترجم كتاب الحياة الجنسية، والمتخصص العربي الأكبر بالترجمة الفرويدية، أن يونغ "اختلف مع فرويد عام 1912 الى حد القطيعة، وقال باللاشعور الجمعي، وقد اضطر فرويد الى الاعتراف بانجازات يونغ في غير موضع وظل يسميه منشقا- قال باللاشعور الجمعي، وفسر اللبيدو على انه الطاقة الحيوية، لا الالطاقة الجنسية فحسب، وأوجد مصطلح العقدة، الذي ذاع تداوله في التحليل النفسي" (الحياة الجنسية- ترجمة جورج طرابيشي ص 18 )
لذلك نقول لا بد لمجتمعنا الإفادة من منجزات علم النفس والعلوم الاجتماعية، لغرض إعادة ترتيب الحياة على أسس متوازنة وصحيحة. وما نعنيه هنا هو تطوير مباحث علم نفس الجماعة، وليس علم النفس الاجتماعي حسب.
يؤكد فرويد أن الطبيعة لا هدف لها، والإنسان لا هدف له. لكنه، لأنه موجود، يعمل من أجل إتمام رحلة الحياة بأقل الخسائر، من طريق تغليب مبدأ السعادة على مبدأ الألم. فهو يواجه غرائزه، ويواجه الطبيعة، ويواجه الجماعة التي يعيش فيها. وفي الجماعة يكون الصراع أكثر تعقيدا وضراوة. لقد اكتشف الإنسان ثلاثة مخارج أو حلول لتحمّل أعباء الحياة، المفروضة علينا، ثقيلة الوطء، والتي تغل أعناقنا بكثرة كثيرة من المشاق والخيبات والمهام الكأداء، " وحتى نستطيع احتمالها، فلا غنى لنا عن المسكـّنات ولعل المسكـّنات على أنواع ثلاثة: أولها ألهيات قوية تتيح لنا أن نعتبر بؤسنا هينا أمره، وثانيها إشباعات بديلة تخفف من وطأته، وأخيرها مخدرات تفقدنا الإحساس به. وليس لنا عن واحدة، على الأقل، من هذه الوسائل غنى. ففولتير يضع نصب عينيه ألهيات محددة حين يسدي في (كانديد) على سبيل الختام، النصيحة بأن" نزرع حديقتنا". وهذه ألهيه تتعلق بالممارسة العملية، المنتجة. أما الاشباعات البديلة، كتلك التي يتيحها لنا الفن على سبيل المثال، فهي أوهام بالقياس الى الواقع. ولكن هذا لا يؤثر في نجوعها وفعاليتها نفسيا، وذلك بفضل الدور الذي تقوم به المخيلة في حياة الروح. وبالمقابل، فإن المخدرات تؤثر على جهازنا العضوي بتغييرها تركيبه الكيميائية. وليس من اليسير أن نعيّن الدور الذي يشغله الدين في هذه السلسلة، ولا بد لنا من تناول الأشياء من منظور أبعد" (قلق في الحضارة – ص 21).
من هنا تصبح أعباء المجتمع، بعد الكوارث الاجتماعية الكبيرة، والحروب خاصة، مضاعفة. فالبطالة - يضاف اليها ما تسببه من فاقة وحاجة وعوز وعزلة- مقرونة بصدمات الحرب تشكل عطالة تامة للفعالية البشرية، تجعل من إطلاق النوازع المرضية أمرا يسيرا وحتميا.
(جزء من الفصل الرابع- الباب الأول من كتاب: الثقافة العراقية تحت ظلال الاحتلال)



#سلام_عبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثورة عراقية في فن التزوير
- لقد ابتلع السنة الطُعم الشيعي، وابتلع اليسار الخيبة والتشرذم ...
- الثورة والكرامة بين الفلسفة والأخلاق والسياسة
- شاعر لكل البشر
- عدن: مرثية البحث عن الجنة!
- دور الاحتلال في رسم صورة الحاكم العراقي
- من يرسم حدود العراق ج2
- من يرسم حدود العراق؟
- باربي ربّانية!
- الشروط الأخلاقية للحرية
- الى مظفر النوّاب آخر الصعاليك
- المثقف العراقي المستقل تحت ظلال الاحتلال
- للّغة ثوراتها وثوّارها أيضا
- المثقف الشيوعي تحت ظلال الاحتلال(الجزء الثامن)
- المثقف الشيوعي تحت ظلال الاحتلال(الجزء السابع)
- المثقف الشيوعي تحت ظلال الاحتلال(الجزء السادس)
- المثقف الشيوعي تحت ظلال الاحتلال (الجزء الخامس)
- المثقف الشيوعي تحت ظلال الاحتلال (الجزء الرابع)
- المثقف الشيوعي تحت ظلال الاحتلال ( الجزء الثالث)
- المثقف الشيوعي تحت ظلال الاحتلال (الجزء الثاني)


المزيد.....




- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...
- حماس: لا نريد الاحتفاظ بما لدينا من الأسرى الإسرائيليين
- أمير عبد اللهيان: لتكف واشنطن عن دعم جرائم الحرب التي يرتكبه ...
- حماس: الضغوط الأميركية لإطلاق سراح الأسرى لا قيمة لها
- الاحتلال يعقد اجتماعا لمواجهة احتمال صدور مذكرات اعتقال لعدد ...
- مسؤول أمريكي: قرار وقف النار وتبادل الأسرى بيد السنوار.. وقد ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سلام عبود - بعض ملامح الواقع العراقي على ضوء المنهج الفرويدي وعلم الاجتماع - الجزء الأول: الدوافع والعدوانية على ضوء المنهج الفرويدي