أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسام شادى - مدمن على كراهية الكائنات المحيطة















المزيد.....

مدمن على كراهية الكائنات المحيطة


حسام شادى

الحوار المتمدن-العدد: 4102 - 2013 / 5 / 24 - 21:18
المحور: الادب والفن
    


لى صديق تزعجه جداً حادثة دائمة التكرار وهى إقتراب الحيوانات منه فى حميمية غريبة ، حضرت منها عدة مشاهد منها قطة ظلت تمشى بين رجليه لمدة تزيد عن النصف كيلو متر وهو طوال الطريق خائف من أن يدوسها بقدمه وفى نفس الوقت خائف منها لأنها ربما تكون حسب الخرافات الشعبية روح ما تسكن جسد قطة ، مشهد أخر حكاه لى لكلب صغير وغريب عن الشكل المعتاد للصنف المحلى من الكلاب ظل يمشى بجواره ويحك جسده بقدمه وكأنه يطلب منه الطعام أو أى شئ اخر وأنه لكى يتخلص منه كان يدخل من شارع جانبى لأخر ويبعده بقدمه ووصل لدرجة أنه دخل جامع فدخل الكلب وراءه وجلس بجواره وسبب له مشكلة مع المتدينين فقد طردوه فكيف يصلى هو وكلبه معهم .
من يومين ظهرت بالبيت على السلم قطة رمادية اللون وربما هى أقرب للون أزرق مطفى ، أعتقد أنها شيراز وربما هى خليط من هذا النوع ونوع اخر فلا أعرف عن القطط الكثير ، كان واضحاً أنها هاربة من منزلها ، أو خرجت ولا تعرف كيف تعود ، أو خائفة لازالت من الأطفال والذين كانوا يطاردونها حتى البوابة الحديدية الكبيرة لبيتنا ، مئات الكيلوات من الحديد البارد يعلوها قلب حديدى أيضاً فى المنتصف و له لون برتقالى عبيط ، وأظن أنها بمجرد أن أتت عينها خلال المطاردة على هذا البيت الصامت قررت جعله ملجأ من هذه الوحوش الصغيرة التى تشعر بالملل من كل شئ وستكون متعتهم فى تعذيبها أو ربطها بحبل وجرها وتمثيل مشهد لسحل كائن خرافى إنتقاماً من أى شئ فى حياتهم أو إنتقاماً وإعادة تكرار لما يفعله أهلهم بهم .
و أظن أنهم بعد أن ضغطت جسدها و عبرت الفتحة الصغيرة شبه الدائرية بالفرومايكا التى تحجب الداخل عن الخارج توقفوا عن المطاردة خائفين من سكان البيت الساكت والذين لهم طباع غريبة أبرزها العزلة ، وربما يعتقد الجميع انه نوع من التعالى المتوارث ، وأنا اؤكد لهم دوماً فى صمت وتجاهل وضحكة صامتة ما يريدون أى دليل على صحته أو بوضوح أكثر صحة وجهة نظرهم القائمة على لا دليل سوى عدم رغبة فى التعامل معهم ، أفعل هذا دوماً لإبقائهم على نفس المسافة من البعد لأنهم لا يعاشرون ولا معجم لغوى ولا مصالحى مشترك سوى شارع 10 متر و وصلات الصرف والمياه والكهرباء المعطلة دوماً كعلاقتى بالجيران ، وأكون سعيداً وأنا أحياناً أسمعهم معى مهرجان حاره عجيبه بصوت مرتفع جداً .
أنظر عليها نظرة سريعة وأنا خارج بعد أن سمعت حكايتها السابقة مع المطاردين ، وأنها لا تريد الخروج فتركوا لها طعام ومياه على السلم .
أترك لها الباب مفتوح فتحة تتيح لها الخروج .
فى التوكتوك الذى يقوم بدور طاقية الإخفاء تركب بجوارى سيدة سمينة ترتدى خمار ، لا أحاول حتى النظر لها ومعرفة من هى ، لكن صوتها مخزن فى ذاكرة أذنى ، ولا أظهر أى إهتمام بالحوار الذى دار بينها وبين الشاب الثلاثينى والذى لا أعرفه أيضاً رغم أنها قرية صغيرة و ربما كلها يعرف الكل ، كلام عن خناقة أخبره بها قائد توكتوك أخر أو زميل أخر له بنقابة سائقى التكاتك بالقرية المابعد حداثية – رغم عدم فهمى الكامل لما بعد الحداثة - إستوقفنا فى وسط مكان يصلح كميدان يقوم بدور السوق ، ليقول له أن الواد فلان وفلان زملاءهم فى العمل كانوا صايدين البت إياها وأنه زعق لهم ، وانه كان لازم يقوله ، وكأنهم المختصين بالحفاظ على سمعة المهنة ، ثم يكمل طريقه وهو يقول موجهاً الكلام لنا ، العيال الجديدة دى خلاص فجرت ، دى بنت أبوها وأمها ناس محترمين موظفين وفى حالهم ، فترد الست بجوارى عليه وأنا أنظر للرجل الجالس خلف فرشته يبيع الخرداوات ويصعب على حاله ونظرته الحزينة بشكل مرعب ، وأتذكر حينما عاكس أختى الصغيره ولما قالت له عيب كده شتمها فأرسلت أخى الصغير ليضربه ، تقول وأنا ألمحها بطرف عينى فى هذه اللحظة تنظر ناحيتى ، ما هوا العيل اللى أهله محترمين وميسمعش كلامهم بيضيع ويصيع ويتلف امله ، وتكمل هى بقية حكاية الفتاة الطفشانه واللى كل يوم مع واحد وبتطلع على الموقف تقول لأى واحد تعالى معايا او اجى انا معاك ، وتبيت أحياناً بالزراعات مع أحدهم ، تقطع الكلام حينما يتوقف السائق امام محل زوجها ويرفض اخذ اجرة منها ويقولها ده شرف كبير يا حاجه انك تركبى معايا ، فى هذه اللحظة اعرفها ، إنها زوجة قريب لى تاجر مخدرات كبير وكان يدير مقهى للقمار ونحن صغار ولها تاريخ لا يختلف كثيراً عن تاريخ البنت التى تتأسف على حالها وتتهمها بإنعدام الأخلاق ، ولا يمثل تاريخهم مشكلة لى ، ولاحياتهم ، مشكلتى معهم أنهم حشرين يتدخلون فى حياة الأخرين بلا مبرر وفقط .
ربما كانت إبتسامتى لها فى هذه اللحظة وهى تنهى كلامها وتنزل تكشف عن معظم أسنانى الصفراء صفار التدخين شبه الدائم ، وأتذكر كل حكاياتها المشهورة و غير المشهورة والتى حضرت بعضها بالصدفة وسمعت تفاصيل القديمة من بعض محبى النميمة .
وربما تضيع الإبتسامة الصامتة فى لحظة بسبب من ذكرى مع " هانم " والتى كانت من قرية مجاورة لنا وكانت لها نفس تفاصيل حكاية البنت المروية حكايتها مع فارق واحد شكلى ، أن أهلها فقراء وغير متعلمين وهى بنت وسط ما يزيد عن الثمانى اخوة لا يجدون ما يأكلون ، لكن هذه والأخرى مشتركتين فى شئ أساسى وهو حب السكس والحرية والوضوح ، وكأنهن لسن كغيرهن كأنهن تطور مختلف فى وسط يكره كل هذا وكأنها أشياء نزعت عن كل الكائنات المحيطة !
أفيق من سرحانى مع حواراتى معها وحكاياتها عن أحلام طفلة لم تتعدى ال 17 سنه تنام فى معظم أيامها فى العراء أو هناك وجدناها تحت تكعيبة عنب على شط النيل وسط بضع شجيرات يعتنى بها أب لأحد زملاء الدراسة ، وتأكل أى شئ من المزروع فى تربة هذه الشطوط ولا أحد يدرى بغيابها وسط زحمة البيت الطينى المظلم ونحن فى سنة 1998 ، حكاية متكررة الصناعة أو إعادة الإنتاج فى أفلام كثيرة ، ولكن طفل أخر أكبر منها بسنة واحدة لم يكن يستطيع عمل أى شئ لها سوى سماع حكايتها وإستضافتها سراً فى غرفته المعزولة لعدة أيام ، وفى مقابل معاملة غريبة كهذه تشاركه المتعة والكلام والهزار فى الخفاء بعيداً عن أعين أهله ، ولكن تظل سيرتها لسنوات تأتيه من أخرين قابلتهم وحكت لهم حكايات مكذوبة عن فحولته الخرافية كنوع من الإغاظة لهم لأنه عاملها فى أيام ما شخص متوحد كان يعاملها كأنه يعامل نفسه ويحزن لوضعها ويخبرها فى نفس الوقت أنه يحقد عليها لأنها حرة وقوية . وأما هو فلا شئ من كل ما تملكه .
لكنه لم يعد هذا الشخص ، لم يختلف كثيراً ، لكنه أصبح يسبب أضراراً كثيرة دون قصد أو بسبب الخوف ، وباتت تأتيه حكايات من على لسان أخريات يتحدثن عن إنعدام فحولته وصغر حجمه .
أقابلها على السلم وأنا عائد ليلاً فى حالة طيران ، وكنت فى نفس حالتها رغم انه لا احد يطاردنى سوى جار بيته فى وجه بيتى و هوايته الجلوس على سور السطح ومتابعة تحركات الكل ومحاولة دائمة للنظر على جارته الفاصل بين حمامها وبيته شارع لا يزيد عن المتر ، لم أتعمد أن أتابعه ، كما لا يتعمد هو مراقبتى ، ولكن صدف متكررة لشرب الشاى مع سجارة بالبلكونة فى أوقات تكون الشوارع فارغة والأرانب نائمة وهناك أرنب فقير زوجته وأولاده غارقين فى النوم يقف وسط الظلام وأرنبة زوجها مسافر نور حمامها وصوت مياه الدش يقول بأنهم يلعبون لعبة ظريفة من الواضح أنها قائمة على أنها لا تعيره إنتباها وتعطيه فقط منظر لخيال أنثى من خلف زجاج يصلح كمحفز وقت ممارسة الجنس الممل مع زوجته أو ربما ضرب العشرات على خيالها فوق سطوح مظلم وقت ما تمارس هى اللعب بجسدها والذى ربما تستخسره فى زوجها فما بالك باحدهم أفقر وأقل مستوى فى التعليم وغيره ، فاترك له ولها حرية ممارسة اللعبه ، وأدخل و أضع السماعات على أذنى وأرفع صوت شحته كاريكا فى مهرجان الفرح و أكتب هذه السطور عنهم لكى أحشرها فى أى نص إنفعالى كهذا النص إنتقاماً منهم لأنهم لمجرد وجودهم فى الحياة لم يسمحوا لى بحرية الوقوف فى بلكونتى بعد منتصف الليل بساعتين .
بطل حك يا عم الحاك
أرنبنا فى منور أنور وقع فى الأرض اتعور
طب قول قول قول قول من غير ما تفكر قول
ولا ولا ولا ولا ولا حاجه الديك بيحب دجاجه
لكنى كمثل حال القطة تنفست بعمق بمجرد دخولى وقفل الباب الخارجى الكبير بالمفتاح ، فوجدتها تنظر لى بعينين تحملان معانى كثيرة لكن أهمها عيون على وشك الغرق وتطلب المساعدة . يووووووووه عيون " هانم " .
فإبتسمت لها ونزلت أمامها على ركبى على درجة منخفضة من السلم العريض الرخامى والذى كانت هى فى أعلاه وحدثتها حديث صريح مباشر وكأننا نعرف بعض من مدة طويلة ، وكأنها ستفهمنى .
إزيك يا زميله
مالك كده
فإقتربت بشئ من الحذر مع رغبة القرب من أى أحد
ذهبت الإبتسامة وحلت محلها شفاه صامتة حائرة
بقولك إيه أنا حاسس بيكى
لكن إنسى
أنا اخرى أقدم لكى الأكل وبس
أو وفقط علشان متفهميش بس دى غلط
لكن مسؤلية عن كائن أخر والإهتمام الدائم به فهذا امر مستحيل .
ولا يمكننى حتى اللحظة تخيل كيف ولماذا حدث التحول الغريب لمشاعرى وإنفعالاتى
فقلت للقطة
ممكن لحظة سؤال بس
هل ينبغى لى أن أنزعج لأنك أتيتى فى هذه اللحظة لتنتقمى لكل القطط و التى عذبتها صغيراً ، أو طبقت فيها حكم الإعدام بسيخ حديد ، أو بدفنها حية فى حفرة وسط الشارع ، أو قفلت مصباح عنيها الشمال أو اليمين على حسب ما كانت تطير الطوبه ، أو علقتها من شعرها أو من أطرافها فى باراشوت كنت أصنعه بإيشارب كى أختبر فاعليته .
ثم قمت وفتحت الباب الخارجى على كل وسعه ولم أنظر لها الا نظرة سريعة بتحية عسكرية بصابعين كما أبطال الأفلام السكرانين ولدى قناعة غريبة بأن هذه القطة هى واحدة من قطط جارتنا التى يتلصص عليها جارنا الغلبان .
أسرق حكايات وتواريخ لأخرين كى اكتب نص يظهر انه عنى .



#حسام_شادى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جزيرتى العبيطة المعزوله
- مسخى المدلل
- أورجازم مجنون
- ريكى ريكاردو تحياتى
- فيلم أكشن أمريكانى : 1
- قتل الإيهام
- عن أزمتنا مع الخطاب المتوارث
- حديث عن لاشئ
- أحلام ذاكرة التجوال وقت حظر التجوال
- إيراد غير متوقع
- مجرد تدريب
- تاريخ من الرفض والبناء لن يتوقف
- مصر والدستور واللامعقول
- أربع سنين يا عبد الكريم
- كريم عامر ليس بداية وليس نهاية فمن القادم
- نفسى أقولها من قلبى...... عيد سعيد
- لماذا لم يتحرك الشعب المصرى حتى الأن
- أنت والأخر
- محاولة لقرائة أسباب الموات السياسى فى مصر
- عود حميد يسار


المزيد.....




- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسام شادى - مدمن على كراهية الكائنات المحيطة