أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسام شادى - أحلام ذاكرة التجوال وقت حظر التجوال















المزيد.....

أحلام ذاكرة التجوال وقت حظر التجوال


حسام شادى

الحوار المتمدن-العدد: 3987 - 2013 / 1 / 29 - 22:35
المحور: الادب والفن
    


كان الحلم فى بدايته عادياً جداً . أمشى فى شارع معتاد العبور منه ، وكالعادة منتشى وغير مبالى بأى شئ ، لكن منشغل بالمشاهدة ، نصف مظلم نصف مضئ كان الجو ، وشبه صامت ايضاً .
أخرج علبة سجائرى من جيب الجاكت الأسود كأنى أخرج مسدس من الجراب الجانبى ، أفتحها وكأنى أسحب الخزنة ، عجيب أمرها لا تفرغ طلقاتها ، ولكن حتى لو فرغت سألقى الخزنة على جانب الطريق وأضع مكانها واحدة مكتملة .
والأعجب أنى كلما أشعلت واحدة قتل أحدهم عشوائياً ، فى الغالب يكون أتياً من شارع جانبى مظلم .
كنت أمر وقتها من أمام قسم البوليس الساكن تحت عمارة كبيرة يبدو لى وكأنه مول تجارى بدورين لتجارة البشر أو لمحبى السادية و الماسوخية والتعذيب ، والعاملين به يحبون نشاطهم يمارسونه كهواية مجانية . نظرت له نظرة عابرة كان عسكرى ما يخرج بنصف جسمه من شباك بالدور الثانى وأخر ينيكه بقوة والإثنان يصرخان إنبساطاً لكن لا صوت يأتينى .
إستوقفنى أحدهم على كتفه أشياء ذهبية بانت من ظلام ملابسه ، كان قد عبر الطريق مسرعاً ملوحاً بسلاح ألى كرد فعل على إلقائى للخزنة الفارغة بعد قتل أحدهم بأخر طلقة بها وشحن مؤخرة السلاح بأخرى ، وربما لإبتسامتى العابرة من مشهد السكس العلنى بقسم الشرطة .
كان خائفاً ويتصنع الثبات ، ولكنى لم أتوقف كنت أكمل المشى وكأنه شبح يسير بجوارى .
أنا عارف إنتا مين قالها هو .
أجبته بحوار داخلى دون ان أنظر له
وهتعرف منين يا ابن العبيطه انا مين وإنتا أصلاً مش عارف إنتا مين إنتا هتمثل يا عم إنتا !
لاء أنا عارف إنتا جاسوس
طب طلع كده الباسبور
لما وجدنى لا أتكلم تحدث بإنجليزية كالتى درستها أنا فى المدرسة الحكومية العبيطة
وات إذ يور ناشيونالتى
فأجبته دون أن أنظر له
اى أم درانكرد
تعجب جداً وكأنه يقلب خريطة العالم فى دماغه بحثاً عنها
توقفت ورفعت قدمى اليسرى ألقيت له بخريطة أخرجتها من الشراب .
نظر لها و لم يفهم منها شئ وقال :
دى ريحتها وحشه قوى .
فقلت له أنى أضعها بالشراب لأن رائحتهم متشابهه و لأنى لا أفهم منها شئ أيضاً .
فقال :
وكمان دى مقلوبه
شخرت وقلت له فى سخريه
أيوه يا عم الإدريسى رسمها مقلوبه هوا حر
الشمال فى الأسفل والجنوب فى الأعلى
وبعدين هيا اصلاً مدوره ، بيضه يا عم بيضه
و جايز كان سكران أو شايفها زى ما انا شايفها على طول
.
كنت أحدثه وأنا أهز رأسى على أنغام جلسة حظ سمسمية شيرها على الفيس بوك أدمن صفحة عشاق السمسمية فى السويس وكتب تعليقاً عليها أنهم يدورون بالشوارع يعزفونها للناس المتجمعين بكل مكان ليلاً إحتفالاً بحظر التجوال . أسمعها من سماعة واحدة فقط فالثانية متعطلة لكنها ضرورية لكى لا اسمع العالم . كانت رغم الفارق بين ألتى العزف لحظتها تتشابه مع موسيقى راقصة كانت مرافقة لمشهد مطاردة الجيش البريطانى لمايكل كولنز ورفاقه فى فيلم Michael Collins 1996 وأحدهم يصرخ وات ابوت ذا جانز وى نيد ذا جانز
ظل يمشى بجوارى شاهراً سلاحه والعربات تعبر من خلال جسده دون أن تصاب بأذى واختفى حين وصلت للطريق الرئيسى .
وقفت وسط كثيرين ينتظرون عرباتهم ، الجو برد ولكنى سعيد بالهواء البارد الذى يدخل انفى الذى كان قبل يوم مسدوداً من دور البرد الغبى .
كان الموقف مزدحماً جداً ، وقفت كما اتفق ، لكنى بعد شئ من الوقت اكتشفت انه لا عربات تأتى وأن من بجوارى يتفحصون فى وجهى ، تعجبت ونظرت لبعضهم ، شئ ما أخبرنى أنى أعرفهم ، أو كنت أعرفهم قبلاً ، ثم بدأت أحاول التأكد و كلما تعرفت على وجه أجده يبتسم ابتسامة غريبه لا ادرى معناها ، هل هى تحية ام شماتة ام تهكم أم ماذا ؟! اكتشفت ان الأربعون أو أكثر الواقفون فى انتظار عربات لا تأتى شخوص عبرت بى من قبل على مدى ال 33 عاماً ، لكنى برغم كل الغرابة فى المشهد تصنعت أنى لا أميزهم ، وأنهم مجرد منتظرين كمثل حالى لوسيلة نقل .
اكتشفت بعد فتره لا أعلمها ان هذا الطرف من الطريق عاطل وتعجبت من انى لم التفت الى ان الحارة الأخرى فيما بعد جزيرة الفاصل تقوم بمهمة الطريقين ، عربات فى مواجهة بعضها البعض ويعبرون من خلال بعض وكأنها اشياء شبحية . لا شئ هناك غريب كما هو المعتاد . تمسكت بكونه مجرد حلم ولا مشكلة أن تحدث أشياء كهذه فى الحلم ، وتذكرت أن أحلامى التى سجلتها من قبل كلها متشابة . قررت عبور الطريق لكى اعود لبيتى فالوقت تخطى منتصف الليل ، ونحن فى الشتاء ، وأنا أعبر الطريق توقفت عربة حديثة لونها أسود لامع جداً وكأنها لم يصبها تراب الطريق من قبل ، توقفت أمامى أو قطعت على الطريق بحركة أمريكانى ، لم أبتعد عنها إنه مجرد حلم ولو إصدمت بى ستعبرنى كشبح لكن بعد أن توقفت جائنى صوتها من خلال شباك العربة وكأنه من ميكروفون محمول :
انتا بتستعبط ولا هامك كنت هخبطك ولما كنت بتفاداك كنت هتقلب .
ثم بصراخ
انتا مبتحسش كده خالص ، انتا مش عايش معانا فى الدنيا ليه ، الحاجات دى بتحصل والناس بتموت لما العربيات بتخبطها ،
انتا مبتردش عليا ليه انا بكلمك ،
عايزه ايه يا ست ؟
مش عايزه انتا اللى عايز
انا هعوز منك ايه انا ماشى فى حالى فى حلمى
انتا مش اتصلت بيا أجيلك علشان مش لاقى مواصلات والجو برد
انتى بتزعقى ليه هو انا جوزك ولا ايه !
ابتسمت . و وضعتنى فى حيرة
يا دى النيله إوعى تقوليلى أنا مراتك وتطلعيلى عيال من الكرسى الورانى وتقولى دول عيالك
أنا يا ست إنتى مطلق وعارف إبنى
انتا لسه برضه مصر على الحكاية دى
انتا متجوزتش اصلاً
طب كويس
طب انتى مين بقا خلصينى وعايزه ايه ؟
صمتت وركنت رأسها على يدها وكأن صداع اصابها
كادت أن تخرجنى من حالة اللامبالاة ولكنى انتبهت ان العدد الكبير الذى كنت اقف وسطه قد اقترب ليشاهد ويتصيد كلمات خناقة كمشاهدى مسرح مفتوح مجانى
ففزعت من منظرهم ولا ادرى لماذا توجهت لباب العربة وفتحته ودخلت وقلت لها اطلعى بسرعه قبل ما الناس دى تحاصرنا .
انطلقت السياره مسرعة فى طريق خالى من أى شئ واضائة الطريق تعبر واحدة واحدة خلال الظلام والضباب واستيقظت على خبطة من يد تباع الميكروباص متعجباً قلت له أنا دفعت الأجره عايز ايه تانى ؟
قالى لو معاك سجاير متجيب واحده
ابتسمت واخرجت العلبة واخرجت سيجارتين واشعلت له ولى ثم تذكرت السائق فأرسلت له واحدة مع التباع .
ثم سرحت مع الحلم ولا أدرى لماذا تذكرت قصيدة بوكوفسكى عن ليلة رأس السنه ثم تساءلت بعد أن إختلط الكلام هل هى قصيدة الانتقال إلى القرن الحادي والعشرين ام قصيدة حفلة رأس سنة سعيدة ؟
قررت فتح النت من الموبايل للتأكد ولكن وجدتنى أكتب فى جوجل Public suck and fuck
حينها جائتنى خبطة على كتفى من الخلف فإلتفت فوجدتها تقول لى حات سجاره مش انا هربتك من الناس وبعدين الكحول ده مخلينى عايزه أشرب سجاير .
سألتها وأنا أوجه الولاعة لسيجارتها : إنتى جايه معانا ولا إنتى رايحه فين
غرقت فى ضحك هستيرى وهى تقول فوق بقا انتا هتنسانى انا كمان .



#حسام_شادى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إيراد غير متوقع
- مجرد تدريب
- تاريخ من الرفض والبناء لن يتوقف
- مصر والدستور واللامعقول
- أربع سنين يا عبد الكريم
- كريم عامر ليس بداية وليس نهاية فمن القادم
- نفسى أقولها من قلبى...... عيد سعيد
- لماذا لم يتحرك الشعب المصرى حتى الأن
- أنت والأخر
- محاولة لقرائة أسباب الموات السياسى فى مصر
- عود حميد يسار


المزيد.....




- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...
- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسام شادى - أحلام ذاكرة التجوال وقت حظر التجوال