أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماجد احمد الزاملي - تباين الأنظمة المطبقة على طائفتي النزاعات المسلحة















المزيد.....



تباين الأنظمة المطبقة على طائفتي النزاعات المسلحة


ماجد احمد الزاملي
باحث حر -الدنمارك

(Majid Ahmad Alzamli)


الحوار المتمدن-العدد: 4100 - 2013 / 5 / 22 - 17:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



بدأت تتكون نظرية الحرب في مفهومها التقليدي خلال الفترة من نهاية القرن الخامس عشر حتى القرن السابع عشر عندما ظهر ما يسمى بقانون الشعوب على أيادي فلاسفة و فقهاء القانون الدولي الأوائل، وقد تطورت الأفكار و المفاهيم أكثر، من أجل تنظيم قانوني للحرب لجعلها أكثر إنسانية و حصرها بين الدول و المقاتلين فقط، و ببزوغ القرن التاسع عشر، و خاصة في النصف الثاني منه ظهرت البداية
الفعلية للاهتمام الدولي بضرورة تقنين الأعراف التي تؤكد و تضمن مراعاة الاعتبارات الإنسانية في الحروب فأبرمت الاتفاقيات الدولية المتعددة الأطراف من أجل تنظيم عمليات القتال و أدواته و أساليبه للحد من الأضرار و الخسائر و المحافظة على الكرامة الإنسانية.
و يعتبر مفهوم قانون الحرب قديم وهذا المفهوم مازال موجودا حتى يومنا هذا، غير أنه و تحت تأثير التغيرات التي حصلت للقانون
الدولي، في الوقت الأخير، ظهر اصطلاح جديد هو قانون النزاعات المسلحة، إلى جانب مفهوم قانون الحرب، ولا يعد الاصطلاح الجديد على الإطلاق، مفهوما مشابها و مماثلا لمفهوم قانون الحرب، فقانون النزاعات المسلحة المعاصر يختلف جوهريا عن قانون الحرب
خاصة في الصور التي يتخذها والقواعد القانونية التي تنظمه. إلا أن القانون الدولي الإنساني له أصول ثابتة لدى معظم الحضارات القدمة، كما عنت الدانات السماوة من جھتھا بالحث على جعل الحرب أكثر إنسانة، وعدم الاعتداء و حماة الأشخاص الذن لا شاركون في الأعمال الحربة و العدائة؛ وباعتبار أن الشرعة الإسلامة واحدة من الأنظمة القانونة التي ساھمت في تكون و إنشاء القانون الدولي الوضعي حن مضى زمن من الدھر شاركت فه الدولة الإسلامة بحكم علاقاتھا الدولة، في بناء القواعد القانونة الدولة.
إلا أن القانون التقليدي كان ينظر إلى استخدام القوة باعتبارها وسيلة مشروعة من وسائل تسوية النزاعات الدولية، غير الودية إذا اختارها أطراف النزاع، دونما تعقيب عليها من حيث مشروعيتها، فمصطلح الحرب لم يكن مجرد ظاهرة اجتماعية وسياسية بل كان قبل كل
شيء فكرة قانونية تعكس حالة من حالات العلاقات الدولية ، ترتب حقوق و التزامات بالنسبة للمشاركين فيها، و كانت المخالفات التي تقع أثناء الحرب مسموح بها، فلم يكن هناك جزاء يوقع على الدول التي تباشر حرب الاعتداء (سواء أعمال القصاص أو الغرامات المالية التي يوقعها المنتصر بالمهزوم)، ونظرا لأن الدول كانت تمثل الأشخاص القانونية الوحيدة للقانون الدولي التقليدي فلم يتصور أن تقوم الحرب فيما بين أطراف ليست دولا و لذلك اتخذت الحرب في مفهومها التقليدي دائما الطابع الدولي الذي يمكن أن يطبق عليه قانون الحرب. لكن، و بعد اعتماد اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 ، والبروتوكولين الإضافيين لعام 1977 ، اكتملت إلى حد كبير القواعد التي تشكل أحكام القانون الدولي الإنساني، و أصبحت المشكلات الإنسانية الناجمة عن النزاعات المسلحة الدولية و غير الدولية و التقييد من حق أطراف النزاع في استخدام وسائل و طرق القتال، وكذا حماية الأشخاص و الأعيان التي يلحق بها أضرار، أو ما قد تتعرض له من جراء تلك النزاعات المسلحة. وخلافا لھذا الرأي، رى جانب من الفقه أن مصطلحات " قانون الحرب " و " قانون النزاعات المسلحة " و "القانون الدولي الإنساني"، مرادفة في المعنى، فالمصطلح التقلدي الذي كان سائدا حتى إبرام مثاق الأمم المتحدة
ھو " قانون الحرب "، ولما أصبحت الحرب غر مشروعة وفقا لمثاق الأمم المتحدة، حن وردت كلمة "الحرب" في دباجة المثاق عند الإشارة إلى "إنقاذ الأجال المقبلة من ولات الحرب" ثم استخدام تعبر " استخدام القوة " شاع استخدام مصطلح " النزاعات المسلحة " و في بداة السبعنات تأثر ھذا القانون بحركة حقوق الإنسان على الصعد الدولي خاصة في أعقاب مؤتمر طھران عام 1967 و شاع استخدام مصطلح "القانون الدولي الإنساني".
إن فهم الأسس التي تحدد مكامن التمييز بين القواعد الواجبة التطبيق على طائفتي النزاعات المسلحة، الدولية منها و غير الدولية، ترجع أساسا إلى دراسة النطاق المادي لتطبيق القانون الدولي الإنساني، المنظم لحدود المواجهات المسلحة التي تخضع له و تلك
التي لا تخضع له، فمنذ اعتماد اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 و بروتوكوليها الإضافيين لعام 1977 ، باتت التفرقة بين أنماط المواجهات المسلحة قائمة على أساس صنفين رئيسين هما النزاعات المسلحة الدولية و النزاعات المسلحة غير الدولية .
لا عتبر التمز بن النزاعات المسلحة الدولة والنزاعات المسلحة غر الدولة شأناً سھل فقط موضوع دراسة ھذه
النزاعات بل ترتب على ھذا التمز نتائج ساسة وقانونة ھامة تصل إلى حد الافتاءات على مفھوم السادة الوطنة
وحدود ھذه السادة وشرعة مفھوم التدخل لأغراض إنسانة، كما ترتب على ھذا التمز نتائج مكن الاستناد إلھا من جھة، للتعرّف على دور العسكرن المقاتلن في النزاعات المسلحة الدولة، حث قع على عاتقھم مھمة تنفذ كل أحكام القانون الدولي الإنساني وقانون النزاعات المسلحة خلال العملات القتالة، دون إمكان التذرع بأوامر القادة من ساسن وعسكرن على حد سواء، أو حجة الدفع بعدم المسؤولة عن الانتھاكات المرتكبة لھذن القانونن؛ ومن جھة أخرى، ساعد ذلك على تحدد حقوق المتحاربن و واجباتھم في النزاعات المسلحة غر الدولة، إضافة إلى دور رجال الأمن الداخلي في ھذه النزاعات، وبرز للحقوقن من رجال قضاء ومحامن إضافة إلى الساسة، الطبعة القانونة لكل من ھذه النزاعات والقوانن التي تحكمھا، ذلك أن المشرع الإنساني الذي تحكم بھذه النزاعات بصورة أكبر
وأھم وأشمل مما قام به على صعد النزاعات المسلحة غر الدولة.
صاحب تطور مفهوم الحرب تطور القواعد التي تحدد البداية و النهاية الفعليتان لتطبيق القانون الدولي الإنساني، لأن التركيز على فهم نطاقه الزماني يسنح بتحديد الأحكام الواجبة التطبيق و الالتزامات التي تقع على عاتق أطراف النزاع، فكان من بين المتطلبات إزالة القيود التي كانت تحدد بداية حالة الحرب في القانون التقليدي و إخضاع النزاعات المسلحة الدولية، من ثمة، و في ظل القانون الدولي المعاصر إلى قواعد قانونية جديدة تحدد البداية الفعلية لحالة النزاع المسلح الدولي و انتهاءها .
اهتم الفقه التقليدي بمسألة الحرب، فعكف على دراستها و صياغة النظريات القانونية و السياسية لتأصيلها، و كان ذلك طبيعيا في ظل فلسفة القانون الدولي التقليدي وأفكاره و مبادئه، التي كانت تقوم على فكرة السيادة المطلقة للدولة حين رتبت لها الحق في اللجوء
إلى الحرب، وكان القانون التقليدي يشترط، للقول بقيام حالة الحرب، ضرورة وجود الإعلان السابق على شنها ( أولا)، وقد ارتبطت بهذا المبدأ، ارتباطا وثيقا، ما يسمى بفكرة التضامن (ثانيا).
أولا:شرط الإعلان السابق للحرب.
نهض القانون الدولي التقليدي على أساس من اعتبار الحرب حالة شكلية لا يمكن أن تقوم قائمتها، ولا يمكن من ثمة أن ترتب آثارا قانونية، في غياب إعلان من الدولة المبادرة بالحرب خصمها (خصومها)، ببدء العمليات الحربية، ونظرا إلى أن قيام الحرب تتبعه
تغيرات في علاقات الدول المتحاربة، يترتب عنها حقوق و التزامات دولية جديدة، وجب توافر ذلك الإعلان، فضلا على أن مبادئ الأخلاق تقتضي على الدول بأن لا تأخذ إحداها الأخرى على غرة دون إخطار أو إعلان سابق وهو ما يبعث على البداية الفعلية لحالة
الحرب بمعناها القانوني، فاشترط، مثلا، قانون لاهاي وجوب (توافر إعلان سابق غير غامض تكون له مبررات أو إنذار مع إعلان حرب بشروط)، و هو نفس ما تضمنته فيما قبل المادة الثانية من اتفاقية لاهاي اُلثانية للعام 1899 ، التي تعلقت بقوانين و أعراف الحرب
المطبقة في حالة اندلاع الحرب، خلافا لاتفاقية لاهاي الرابعة للعام 1907 التي لم تتضمن تلك الإشارة لأنها وضعت أساسا لتطبق زمن الحرب، و المعلوم أن العديد من الحروب التي تجري في عشة إعلان الحرب .
تباينت الأنظمة المطبقة على طائفتي النزاعات المسلحة السابقة لاتفاقية لاهاي 1907 و حتى التي اندلعت بعدها، كانت دون إعلان حرب أو سابق إنذار و اتجهت الممارسة الدولية إلى الاعتراف بذلك التطور و التعامل معه إذ لا يعقل، في الحقيقة، أن يكون غياب بعض الشروط الشكلية سببا في إنكار واقع الحرب و الآثار المترتبة عنها.
(ثانيا) مبدأ التضامن.
لقد تضمنت كل من اتفاقية جنيف لعام 1906 و اتفاقية لاهاي لعام 1907 بالذكر الحالات التي لا تطبق فيها نصوص هذه الاتفاقيات، المتعلقة بقوانين الحرب وأعرافها و هي الحالات التي لا يكون فيها أحد الأطراف المتحاربين طرفا، و يعرف هذا الشرط بمبدأ المشاركة كان جميع الخصوم قد صادقوا أو انضموا إلى الاتفاقيات و بالطبع فإن النزاع المقصود هنا هو الحرب الدولية التي تنشب بين دولتين أو أكثر.
و في خلال الحرب العالمية الأولى كان للدول الضالعة في النزاع إمكانية الهروب من التزاماتها لمجرد أن( منتنيجرو )لم تكن من بين الدول المنضمة لتلك الاتفاقيات، و لحسن الحظ لم تستغل الدول ذلك.
و خلافا لذلك لا شترط المشاركة الفعلة و المباشرة للطرف الذي أعلن الحرب في العملات العدائة فعد أعلنت دول أمركا اللاتنة، خلال الحرب العالمة الثانة، الحرب على دول المحور دون أن تشارك فعلا في تلك الحرب.
إذا كان القانون الدولي التقليدي يستلزم شرط الإعلان السابق عن قيام الحرب فيما بين الدول لكي تبدأ الحرب فعلا من الناحية القانونية، فإن مفهوم الحرب أصبح في ظل القانون الدولي المعاصر لا يتطلب هذا الشرط الشكلي، و لكن يكفي لتطبيق القواعد المتعلقة بالحرب قيام حالة النزاع المسلح، أي النزاع الذي يتم فيه مجرد استخدام للقوة المسلحة ويطلق الفقه على هذا التطور بتطور الحرب من المفهوم الشكلي إلى المفهوم المادي. فحلول مفهوم قانون النزاعات المسلحة محل قانون الحرب انجر عنه كذلك تغير ارتبط أساسا
منذ اعتماد ميثاق الأمم المتحدة، بتراجع مبدأ الإعلان السابق للحرب نظرا لإفرازات القانون التقليدي في حد ذاته، وكذا بتضافر عوامل واقعية وقانونية في ظل القانون الدولي المعاصر، فقد أكدت الممارسات الدولية السابقة على اعتماد ميثاق الأمم المتحدة، بما لا يدع
مجالا للشك، التراجع المستمر لمبدأ الإعلان السابق عن الحرب، وقد استقر ذلك فيما بعد باعتماد ميثاق الأمم المتحدة، و أضحت حقيقة وضعية أفرزها المجتمع الدولي ذاته بمناسبة النزاعات الكثيرة التي شهدها العالم المعاصر والتي تحججت بمناسبتها الأطراف، معتدية
أو معتدى عليها، برخصة الدفاع الشرعي وكان ذلك في مناسبات عديدة كالحرب الكورية لعام 1950 ، العدوان الثلاثي على مصر العام 1956 ، الحرب العراقية الإيرانية العام 1980 حرب المالوين بين المملكة المتحدة و الأرجنتين العام 1982 ، العدوان الإسرائيلي على لبنان العام 1982 ، الغزو العراقي للكويت العام 1990 ، النزاعات التي شهدتها منطقة البلقان ابتداء من العام.1992
من جهتها كذلك، أكدت المادة الثانية المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع على تبنيها لنفس الفكرة، حين اعتبرت أن أحكام القانون الدولي الإنساني ( تطبق في حالة الحرب المعلنة أو أي نزاع مسلح آخر ينشب بين طرفين أو أكثر من الأطراف السامية المتعاقدة، حتى و إن لم تعترف أحداهما بحالة الحرب...)، (... و إذا لم تكن إحدى دول النزاع طرفا في هذه الاتفاقية فإن الدول الأطراف فيها تبقى ملتزمة بها في علاقتها المتبادلة، كما أنها تلتزم بالاتفاقية المذكورة إذا قبلت تلك الدول أحكام الاتفاقية و طبقتها) و هكذا أصبحت "الحرب المعلنة" نوع من أنواع النزاعات المسلحة و الأهم - دون حاجة إلى تحديد مفهوم النزاع المسلح قانونا- أن النزاع المسلح هو الحالة التي تكيف الصورة العامة للنزاع المسلح الدولي هي صورة النزاعات المسلحة التي تدور بين دولتين أو أكثر، أو النزاعات المسلحة . بصورة موضوعية، سواء أعلن هذا الداخلية التي تتطور إلى نزاعات مسلحة دولية، بسبب تدخل طرف ثالث أجنبي، فالظروف الحقيقية التي تؤدي إلى التدويل كثيرة و معقدة، إذ يشكل مصطلح "النزاع المسلح المدول" الحرب بين جناحين داخليين يحصل كل واحد منهما على مساندة من دولة مختلفة، كما يشمل الأعمال العدائية المباشرة بين دولتين أجنبيتين تتدخلان عسكريا في نزاع مسلح داخلي لمساندة أطراف متعارضة، بالإضافة إلى الحرب التي تنطوي على تدخل أجنبي يساند جماعة متمردة تحارب حكومة قائمة و راسخة، ويمكن القول أن أكثر النزاعات المسلحة الداخلية المدولة وضوحا في التاريخ الحديث، تدخل حلف شمال الأطلسي ( الناتو) في النزاع المسلح بين جمهورية يوغسلافيا الاتحادية و جيش تحرير كوسوفا العام 1999 و تدخل رواندا و أنجولا و زمبابوي و أوغندا و غيرها، لدعم الأطراف المتناحرة في النزاع المسلح الداخلي بجمهورية الكونغو الديمقراطية منذ أغسطس/ آب1999. وترتبط صور النزاعات المسلحة الدولية في مفهومها العام بنص المادة الثانية المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 ، التي مكنتنا من الإحاطة بتفسير لبعض الإشكالات التي يمكن أن تثور حول عدة جوانب تتعلق بأطراف النزاع في حد ذاته.
أولا: هل نكون بصدد نزاع مسلح دولي إذا أنكر أحد الأطراف، أو حتى كلاهما، وجود حالة
حرب؟
يحسم الأمر في هذه الحالة بالقول أن هذا الإنكار لا يؤثر في تطبيق القانون الدولي الإنساني طالما أن الاتفاقيات سارية المفعول، و بغض النظر عن المواقف التي تتخذها الأطراف من جهة، حتى لو حصل اشتباك و لو بصورة محدودة الزمان و المكان (حتى الاشتباكات الحدودية)، لأن عبارة النزاع المسلح الواردة في نص المادة المذكورة تمتد أيضا إلى أي اشتباك للقوات النظامية (البرية و البحرية و الجوية) أو بعضها، فيما بين دولتين أو أكثر؛ و في غالب الأحيان و تفاديا لوجود أي لبس، اتخذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر على
عاتقها مسؤولية تقدير مدى تطبيق اتفاقيات جنيف بين الأطراف المتناحرة في النزاع المسلح الذي يختلف أحد الأطراف في تكييفه، و يعتبر رأي هذه المنظمة الإنسانية، في مثل هذا الأمر رأي ذو حجية كافية، يؤخذ بعين الاعتبار.
ثانيا: هل يؤثر في الواقع عدم اعتراف أحد الأطراف المتنازعة بالطرف الآخر؟
لا يمنع ذلك أيضا من تطبيق الاتفاقيات الذي لا يتوقف على اعتراف أحد المتحاربين بالطرف الآخر، بل و يسري الأمر كذلك حتى بالنسبة للنزاعات التي تنشب بين أطراف كانوا يشكلون دولة واحدة انقسمت إلى اثنين أو عدة دول (مثل كوريا، فيتنام، يوغسلافيا، و ألمانيا سابقا) وقعت في فترة لم تدخل فيها بعد اتفاقيات جنيف الاربع حيز التطبيق/ مع الملاحظة أن الحرب الكورية ( 1950 -1953
لم تكن الكوريتان الشمالية و الجنوبية أطرافا في الاتفاقيات و مع ذلك فقد أعلن الطرفان المتنازعان عن نيتهما في تطبيقها.
ثالثا: قد لا تكون إحدى الدول المتحاربة طرفا في الاتفاقية
تطبق كذلك الاتفاقيات لكن بشرط قبول الطرف الثاني، الغير منضم إلى الاتفاقية، بأحكامها و التصريح عن ذلك، تصريحا يتخذ شكل الإعلان عن ذلك القبول فينشأ بذلك التزاما قانونيا على الطرف الآخر بالمعاملة بالمثل، وكان أول إعمال فعلي بهذا الإجراء خلال حرب
السويس سنة.1956
رابعا: هل تكون منظمات الدفاع الجماعية التي تضع قوات بلدان متعددة تحت إمرة قيادة واحدة، و فوق كل شيء من جانب القوات التابعة للأمم المتحدة، ملزمة بتطبيق و احترام القانون الدولي الإنساني؟ ومن جانب آخر هل تعتبر هذه القوات أطرافا في النزاعات المسلحة؟
ظل النقاش حول هذه المسألة مستمرا منذ عدة سنوات، و لا تزال موضع جدل حتى الآن، فلم تتعرض لا اتفاقيات جنيف ولا البروتوكولين الملحقين بها لأنشطة قوات حفظ السلام ، و لاعتبارات أخرى، فإن هيئة الأمم المتحدة منظمة دولية ليست طرفا في الاتفاقيات التي هي حكر على الدول فقط. لكن لا جدال أن نتخيل أن القوات المجندة للدفاع عن القانون و السلام يمكنها أن تتجاهل
قوانين الجنس البشري، و قد بدأت العملية الأولى لحفظ السلام فعليا ( سنة 1956 في سيناء و غزة) أي لفتت اللجنة الدولية للصليب الأحمر نظر الأمين العام للأمم المتحدة إلى ضرورة ضمان تطبيق اتفاقيات جنيف من جانب " قوات الطوارئ " التي وضعت تحت تصرفها، وكان نفس الشئ سنة 1978 بمناسبة إنشاء القوة المؤقتة العاملة في لبنان إلا ان منظمة الامم المتحدة ترددت كثيرا و لسنوات عديدة في ، الاعتراف بانطباق القانون الدولي الإنساني على قوات حفظ السلام، و لكن مع التزايد الخطير في عدد الهجمات التي تعرض لها موظفوها من جهة، و تزايد البعثات و ضخامة حجمها من جهة أخرى، قبلت الأمم المتحدة تدريجيا تحمل جانب من المسؤولية عن الالتزام بفرض احترام القوات الخاضعة لإشرافها للقانون الإنساني، و هذا ما يعتبر تطورا ملحوظا، فقد أقرت الجمعية العامة سنة 1995 اتفاقية بشأن أمن الموظفين و المشاركين لهم في عملهم .
لم تثر مسألة تطبق القانون الدولي الإنساني من جانب قوات حفظ السلام طوال عدة عقود إلا اھتماما أكادما، إذ كانت العملات حنئذ قللة و مقدة من حث المبدأ بحدود الصلاحات الممنوحة لھا وكان استخدام القوة مستبعدا عملا، إلى أن الأمر تغر تماما، منذ التسعنات، بعد التطور الذي شھدته صلاحات قوات حفظ السلام، التي أصبح طلق علھا أحانا عملات "الجل الثاني".
فقد لوحظ بشئ من الانزعاج أن القوات المشاركة في عملة السلام في الكونغو، أو بعضھا، لم تكن قد تلقت التعلمات الضرورة بالالتزام بقانون النزاع المسلح؛ اقتصرت الأعمال التقلدة في حفظ السلام على الفصل بن المتحاربن أو مراقبة وقف إطلاق النار أو اتفاق الھدنة
و فرق العسكرن للأمم المتحدة في الھند ONUST و تشر على سبل المثال إلى ھئة مراقبة الھدنة في فلسطن
وكان ذلك تطبقا لأحكام المواد 49 ، 42 ،41 و 42 من مثاق الأمم المتحدة وتختلف معار تطبق أحكام القانون الدولي الإنساني باختلاف الأغراض التي تعمل من أجلھا قوات حفظ السلام.
وتختلف معار تطبق أحكام القانون الدولي الإنساني باختلاف الأغراض التي تعمل من أجلھا قوات حفظ السلام الأممة. رغم أنه لا تزال هناك حالات مماثلة للفكرة التقليدية للاحتلال الحربي، وظهرت مؤخرا حالات جديدة من النمط نفسه، إلا أن الممارسات العملية أوضحت أن هنالك حالات ربما يكون من الضروري فيها إعمال أسلوب أكثر وظيفية للاحتلال لضمان الحماية الشاملة للأشخاص، و مثال ذلك عندما تكون القوات المسلحة لدولة ما - حتى و إن كانت لا تحتل أرضا أجنبية بالمعنى الموضح أعلاه - إلا أنها تمارس سلطتها و سيطرتها الكاملة على
الأشخاص و المرافق في ذلك الإقليم على مدى فترة معينة من الوقت ولغرض محدود دون أي سلطة داخلية، إما لعدم وجود مثل هذه السلطة أو لعدم قدرتها على ممارسة سلطتها.
إن الفترة الطويلة التي خلالها تمت مناقشة بروتوكولا عام 1977 ، قبل أن يظهرا إلى الوجود، أدت إلى تحقيق تقدم آخر لم يكن لأحد أن يتوقعه في البداية، فهذه الفترة التي تزامنت مع أنشطة مراحل تصفية الاستعمار، سنحت للمؤتمر الدبلوماسي أن ينعقد في سياق يختلف تماما عما كان عليه في عام 1949 ، و حتى إذا كانت معظم الدول الحديثة الاستقلال لم تتخل عن اتفاقيات جنيف عند حصولها على استقلالها إلا أن اشتراكها في إعداد البروتوكولين الإضافيين هو الذي أعطاها بالفعل الشعور بالانتماء لهذا القانون الإنساني و أثرت التأثير البالغ في جعل حروب التحرير، التي خاضتها فيما قبل، ترتقي إلى مصاف النزاعات المسلحة الدولية حينما ناقشت أهم النقاط المتعلقة بإدانة التمييز العنصري و رفض إعطاء المرتزقة صفة المقاتل، وهي الإضافات الجوهرية التي جاء بها البرتوكول الأول كما سجل المؤتمر الدبلوماسي مشاركة كانات لم كن لھا صفة الدولة، وحضور حركات التحرر التي اقترحت فكرة مشاركتھا "كوبا"، قبل انعقاد المؤتمر (خلال لقاء الخبراء الحكومن عام 1972 )، و نظرا للإشكالات التي تمثلھا تلك الحركات، اضطر المؤتمر الدبلوماسي لدعوة إحدى عشر حركة تحررة فقط.
على إثر الحركة الدولية التي تدفقت بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، للدفاع عن حقوق الإنسان و حرياته الأساسية (خاصة باعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 10 ديسمبر/كانون الأول 1948 )، تزايدت الصراعات في كثير من الدول بين السلطات الاستعمارية القائمة و الحركات الثائرة ضدها، وظهر الاهتمام المتزايد من طرف المجتمع الدولي بهذا النوع من النزاعات التي اتخذت طابع متميزا، فقد كان من بين الأهداف الأساسية لهيئة الأمم المتحدة العمل على ضرورة تطوير العلاقات الحميدة بين الأمم، القائمة على احترام مساواة حقوق الشعوب و احترام حقها في تقرير مصيرها، و اتخاذ كل الإجراءات الكفيلة بحفظ السلم في العالم، فمنذ إعلانها الخاص "بمنح الشعوب و الدول حقها في تقرير مصيرها " و بتأثير من دول عدم الانحياز، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة
العشرات من القرارات التي تدعم تلك المتبنيات، و أكدت من جانب آخر، مشروعية حروب التحرير الوطنية، فقد حث القرار الصادر في 20 ديسمبر/ كانون الأول 1965 الصمود ضد الهيمنة الأجنبية، و دعم القرار 2105 الشعوب من اجل التحرر.
بدعوة جميع الدول إلى تقديم المساعدات المادية و المعنوية لحركات التحرير الوطنية.
كما اعترفت محكمة العدل الدولة، بالقمة القانونة لحق الشعوب في تقرر مصرھا من خلال رأھا الاستشاري حول نامبا عام 1970 و الصحراء الغربة العام 1975 ، لكنھا لم تعبر صراحة عن مضمون ھذا الحق. وتعتبر حركات التحرر الوطنة منظمات لھا جناحھا المدني و العسكري، توجد على مستوى الشعوب الخاضعة للسطرة الأجنبة، تخوض كفاحا مسلحا من أجل حصول شعبھا على حق تقرر مصره؛ وقد تلا ذلك حلول مرحلة هامة، حين تبنت الجمعية العامة مبادئ القانون الدولي الإنساني بإصدارها للمبادئ الأساسية التي تحدد النظام القانوني للمحاربين ضد الاحتلال الأجنبي و طالبت بتمتعهم بوصف أسرى الحرب بموجب الاتفاقية الثالثة، و أن ترقى مقاومة الشعوب ضد الاستعمار إلى مصاف النزاعات الدولية بموجب اتفاقيات جنيف لعام.1949 و هكذا، و تحت تأثير ملح من دول عدم الانحياز التي لم تتمكن من افتكاك استقلالها إلا عن طريق هذا النوع من الحروب، تم اعتماد البروتوكول الأول لعام 1977 لاتفاقيات جنيف لعام 1949 ، الذي قدم إضافات جوهرية، كانت سببا في ارتقاء حروب التحرير الوطنية إلى مصاف النزاعات الدولية و منح صفة المقاتلين لأعضاء الجماعات التي تقودها على غرار إدانة التمييز العنصري، وفقا لما تضمنته الفقرة 4 من المادة 1 من البرتوكول، التي أعطت منحى واسعا لمفهوم النزاعات المسلحة الدولية، فأضيف بذلك، إلى جانب النزاعات المسلحة التقليدية الدائرة بين الدول الحروب الدائرة بين دولة و حركة تمثل شعب يقاوم ضد الهيمنة الأجنبية الاستعمارية، حركات وطنية تحررية تشكل كيانا سيصبح دولة في المستقبل. ونتيجة لهذا التطور الجديد أصبح على الدول الأطراف في البروتوكول الأول، والتي لازالت تواجه نضال الحركات التحررية، الالتزام بتطبيق القانون الدولي الإنساني الخاص بالنزاعات المسلحة الدولية، شرط أن تقبل الحركات التحررية الإعلان المنصوص عليه بالمادة 96 القرار رقم: 3103 الصادر في 12 دسمبر/كانون الأول .1973
اعتبرت معظم الدول الاستعمارة، تلك المواجھات الدائرة بن قواتھا العسكرة و الھئات التحررة، من قبل الحروب الداخلة.
فقرة 3، من ذات البروتوكول، عن طريق توجيه إعلان إنفرادي إلى أمانة الدولة الراعية لإيداع الاتفاقيات، و يكون لمثل هذا الإعلان، إثر تسلمه من الأمانة، عدة آثار تتعلق بالنزاع ورغم أن مسألة قبول الإعلان قد تبدو سهلة في ظاهر الأمر، إلا أنها صعبة من الناحية
العملية إذ يتجلى ذلك أكثر في الحالات التي تتعدد فيها الهيئات أو السلطات التي تمثل الشعب المقاوم من أجل حريته، فيحسم الأمر في مثل هذه الأحوال باتفاق الهيئات على مضمون واحد، مما ينجر عنه التزامها جميعها، و لا تلتزم الدولة المتعاقدة، بالمقابل، إلا إزاء الجهة
التي تبنت إعلانا دونما السلطات الأخرى التي لم تصدره. كما فرض نص الفقرة 4 من المادة 1 من البروتوكول، قيدا خاصا على الحركات التحررية حين أخضعها لممارسة حقها في تقرير مصيرها للميثاق الأممي و الإعلانات المتعلقة بالعلاقات الودية التي تشمل السلامة الإقليمية و الوحدة السياسية للدول المستقلة ذات السيادة. حرب بنغلادش ( 1971 )، الحرب الحدودية في إثيوبيا (الصومال ،(1970- 1967) Biafra و تعتبر الحروب الانفصالية المترتبة على تصفية الاستعمار مثل حرب بيافرا
حرب اريتريا، حروبا لا تدخل في إطار الفقرة الرابعة من المادة الأولى من البروتوكول الأول، و ينطبق القول نفسه على الحروب التي تكون ضد أنظمة تسلطية و لكن لا تصل إلى درجة العنصرية أو أنظمة الاحتلال الأجنبي. فعد نزاع بافرا المسلح، بمفھوم القانون الدولي الإنساني، نزاعا غر دولي، و لا تحظى بذلك المجموعات المنشقة عن السلطة المركزة في نجرا بوصف الحركات التحررة.
ثانيا:حرب العصابات.
أدى انتشار حركات التحرر خلال السبعينات، في الأقاليم التي تستعمرها القوى الأوروبية إلى وضع اللجنة الدولية للصليب الأحمر في مواجهة مسائل شائكة تتعلق على الخصوص في بعض الوسائل التي تستعملها بعض الحركات في مواجهاتها الحربية، التي وصلت بعضها أحيانا إلى هجمات إرهابية، فكان على اللجنة، وحتى أن تتمكن من بعث الحياة في القانون الإنساني نصا و روحا، مواءمة هذه التطورات مع أوضاع لم يسبق لها مثيل و تختلف عن كل النزاعات المسلحة التي كانت معروفة من قبل؛ فقد أضافت المادة 44 من البروتوكول الأول لعام 1977 تعديلا طفيفا على أحد الشروط القديمة التي يجب أن يفي بها المقاتل حتى يعترف به القانون الدولي الإنساني بصفته فردا من أفراد قوة مسلحة، و يتطلب هذا الشرط من المقاتل أن يميز نفسه عن البيئة المدنية المحيطة به، لكنه مع كل ذلك لا يفقد أفراد القوة المسلحة وضعهم القانوني بصفتهم مقاتلين بمقتضي النص الجديد في حالة عدم التزامهم بالتمييز خلال ظروف قتالية محددة بصورة دقيقة، كما لا تؤثر هذه القاعدة الجديدة على حظر الأعمال الإرهابية الذي يبقى ساريا دون أي تغيير
و يظل، أي مقاتل، الذي يرغب في المشاركة في حرب العصابات ملتزما باحترام جميع القواعد الخاصة بسير العمليات العدائية و حماية المدنيين، و لا يقبل أي عذر إذا ما جمع بين حرب العصابات ( المشروعة) و الحالات الإرهابية (الجنائية). لم تضع أي من الاتفاقات الدولة الخاصة بالقانون الدولي الإنساني تعرفا محددا "للإرھاب"، أو "الأعمال الإرھابة" فالإرھاب ظاھرة اجتماعة ذات جوانب متعددة تختلف من حالة إلى أخرى، و لم تفق خبراء القانون الدولي أو ممثلو الحكومات على تعرف شامل و مقبول على نطاق واسع، و رجع النص الوحد إلى "اتفاقة حظر الإرھاب و المعاقبة عله" المبرمة في عام 1937 و التي تعرف الأعمال الإرھابة بوصفھا: الأعمال الإجرامة التي تقترف ضد أي دولة أو قصد منھا خلق حالة من الذعر في نفوس بعض الأشخاص أو مجموعة من الناس أو عامة الشعب .
النزاعات المسلحة غير الدولية:
يعد تحديد مفهوم النزاعات المسلحة غير الدولية مثار جدل كبير، لعدم إمكانية الاتفاق على ضوابط موضوعية يمكن على أساسها تمييز هذه النزاعات المسلحة عن غيرها من حالات العنف الداخلية، و واقع الأمر أن إخضاع هذا النوع من النزاعات لقدر من التنظيم الدولي بمقتضى قواعد القانون الدولي العام، ينسحب إلى مرحلتين أساسيتين، ترتبط الأولى ببداية اهتمام القانون الدولي التقليدي بتنظيم، و لو بقدر محدود، للحرب الأهلية ، أما المرحلة الثانية فتتعلق بتطور مفهوم الحرب الأهلية إلى مفهوم النزاعات المسلحة غير الدولية التي مر تنظيمها بدوره عبر مرحلتين أساسيتين خلال التطور الذي عرفته الصكوك الأساسية للقانون الدولي الإنساني.
تطور مفهوم الحرب الأهلية:
ارتبط مفهوم المواجهات المسلحة الداخلية الدائرة في إقليم دولة ما بنظامين قانونين انصرف الأول نحو تضييق لشروطها، وفقا لما تبناه القانون الدولي التقليدي ووسع الثاني، و منذ اعتماد اتفاقيات جنيف الأربع و بالخصوص المادة الثالثة المشتركة بينهن من مفهومها، فحدد شروطا للقول بقيامها لاعتبارها نزاعات مسلحة غير دولية، فانجر عن ذلك تقرير حقوق دولية تتعلق بأطراف النزاع.
وجدت في الماضي إلى جانب الحروب الأهلية نزاعات أخرى تحمل في طياتها أفعالا مماثلة لتلك التي تقوم عليها الحرب، إلا أن القانون التقليدي لم يعتبرها حروبا حقيقية لأنها كانت تقوم بين وحدات إحداهما على الأقل ليست لها صفة الدولة، و كانت توصف تلك
العصيان التمرد و نادرا بالحرب الأهلية، و كانت تعالج كقاعدة عامة وفقا للقوانين النزاعات عادة بمسميات مختلفة، كالثورة
الداخلية للدولة التي تدور فيها (خاصة القوانين الجزائية)، و هو ما استقر عليه القانون الدولي التقليدي في شأن بيان القانون الواجب التطبيق، لأن ذلك يعد من صميم المسائل المدرجة في إطار السلطان الداخلي للدولة، و يحظر بذلك على النظام القانوني الدولي الولوج إليها.
أما بخصوص الوثائق الدولية، فلعل أهم وثيقة أخذت بفكرة تطبيق قواعد قانون الحرب في التي حددت العناصر الواجب " مواجهة الحروب الأهلية كانت "لائحة نيوشاتل لعام 1900 توافرها في الهيئة التمردية، لكي يكفل لأفرادها وصف المحاربين (أولا) كمعيار موضوعي يرتبط ارتباطا وثيقا بمعيار شكلي يستلزم وجود اعتراف دولي من قبل الحكومة القائمة أو أي من الدول الأخرى بتلك الهيئة التمردية (ثانيا).
أولا:شروط كفالة وصف المحاربين
لقد كان من شأن اعتماد قواعد نوشاتل، أن ساير العمل الدولي، لأغراض تطبيق قواعد قانون الحرب على التصور الضيق للنزاعات المسلحة غير الدولية، التي تمثل طائفة بذاتها تخص الحروب الأهلية التي استوفى المتمردون بمناسبتها عناصر التنظيم الحكومي ليكفل لهم حن كتب في أوائل القرن الثامن عشر: ( كلما اعتبرت فئات عددة نفسھا على حق لمقاومة السلطان و رأت نفسھا في حاجة للجوء إلى السلاح، فإن الحرب بنھما جب أن تدور مثل ما تكون بن أمتن مختلفتن).
فمن الجدر بالذكر أن اصطلاح الحروب الأھلة من الناحة التارخة أقدم في الاستخدام من النزاعات المسلحة غر
الدولة، حث أن الفقه اعتاد منذ أمد بعد على أن صف النزاعات المسلحة الداخلة بأنھا حروب أھلة؛ و على الرغم
من ذلك فإن الفقه والقضاء في أغلبه لا فرق بن النزاعات المسلحة غر الدولة و الحروب الأھلة، مع مول جانب من الفقه إلى القول بأن النزاعات المسلحة غر الدولة أوسع مفھوما من الحرب الأھلة.
وصف المحاربين، من خلال النص على شروط أساسية يجب توافها في الهيئة التمردية حددتها المادة الثامنة من اللائحة، في فقراتها الثلاث:
1) أن يباشر المتمردون قدرا من الرقابة الإقليمية الهادئة و الإستئثارية، على جزء من إقليم
الدولة إفتتاء من سلطان السلطة القائمة.
2) على نحو منظم يكفل لهم الاضطلاع فيه بمقتضيات السيادة؛
3) احترام قواعد و أعراف قانون الحرب
و يظهر بأن هذه الشروط الثلاث المشددة، التي افترضها القانون التقليدي، يصعب توافرها عمليا لدى غالبية المتمردين، لأنها وجدت ركيزة انطلاقتها في الخلط الكامل بين الهيئة التمردية غير النظامية بالطبيعة، من جهة، و السلطة الحكومية النظامية، من جهة أخرى .
و ما افتراض اتساق ممارسة المتمردين مع مقتضيات الرقابة الإقليمية، و مباشرة السيادة و احترام قواعد و أعراف الحرب، إلا بمثابة الدليل الحي على ذلك الخلط. غير أن وجوب قيام تلك الشروط في الهيئة التمردية، كعنصر موضوعي لتطبيق قواعد قانون
الحرب على تلك النزاعات التي تواجه فيها السلطة القائمة، لم يكن كافيا إذ يتطلب القانون التقليدي إضافة إلى ذلك معيارا آخر شكلي يتمخض عن ضرورة وجود اعتراف دولي من ذات الحكومة القائمة أو من أي دولة من الدول الأخرى.
من الآثار القانونية للاعتراف الدولي للمتمردين بوصف المحاربين، نشوء الشخصية القانونية الدولية لأولئك المتمردين بغرض انطباق قواعد قانون الحرب على النزاعات المسلحة التي يخوضونها، و مؤداها خلق شخص قانوني جديد، ما كانت لشخصيته القانونية أن تقوم قائمتها في القانون الدولي للحرب في ظل غياب مثل ذلك الاعتراف , إلا أنه فيما يتعلق بالمسؤولية الدولية فإن الدولة التي تعترف بالمتمردين بوصف المحاربين لا تكون مسؤوله عن أعمالهم إزاء الطرف الثالث الذي لم يعترف لهم بتلك الصفة، كما لا يؤثر الاعتراف على سيادة الدولة المتنازعة مع المتمردين، ، أوعلى حياد الدولة التي أصدرت الاعتراف. ورغما عن ذلك كله لم تلجأ معظم الدول، في ظل النظام القانوني التقليدي، إلى الاعتراف إلا في حالات نادرة جدا، و يرجع السبب في ذلك إلى أن الحكومات القائمة التي عصفت بها الحروب الأهلية، و إن كان الاعتراف يدفع عنها جانبا من المسؤولية الدولية المتعلقة بالأفعال غير المشروعة التي يرتكبها المتمردون، قد يجعلها الاعتراف تكشف عن عجزها في مواجهة التمرد و إقرارها بالتكافؤ العسكري بينها و بين الذين حملوا السلاح في مواجهتها، و هو الأمر الذي كانت ترفضه معظم الحكومات القائمة.
مجمل القول أن قيام نظام الاعتراف للمتمردين بوصف المحاربين كان مؤداه، في ظل القانون التقليدي، أن انسحب فقط على الحروب الأهلية بمفهومها القانوني الضيق التي تظل في الحقيقة تمثل صورة فقط من صور النزاعات المسلحة غير الدولية، إذا توافر عنصران أساسيان متلازمان، موضوعي و شكلي، يصعب في غالب الأحيان انطباقهما في الظروف الواقعية، الأمر الذي قيد فعلا من فعالية قواعد و أعراف قانون الحرب، و ظلت بذلك النزاعات المسلحة غير الدولية تحتاج إلى تنظيم أكثر لضمان المبادئ الإنسانية التي غالبا ما تخترق في مثل هذا النوع من المواجهات المسلحة.
اكتفت المادة الثالثة المشتركة، في فقرتها الأولى، حين تم اعتمادها، بإعطاء وصف للنزاع المسلح غير الدولي بأنه: ( النزاع الذي ليس له طابع دوليا... )، (... و الدائر في أراضي أحد الأطراف السامية المتعاقدة ) و لم تورد بذلك تعريفا له، بل انطلقت فقط من
خلال إعطاء مفهوم عام يجعله ظاهرة موضوعية تقوم فقط بقيام عناصر محددة تتعلق دوليا، تمخض عنه تقرير حقوق دولية موضوعية تتعلق بأطراف النزاع المسلح. و يلاحظ من خلال استقراء المادة الثالثة المشتركة، بأنها تجاوزت عن استعمال الحرب الأهلية حينما أكدت صراحة بأن أحكامها تطبق في مواجهة النزاعات ذات الطابع غير الدولي، و بذلك تكون قد توسعت دائرة تلك النزاعات عما كانت عليه في القانون التقليدي الذي خص فقط الحروب الأهلية بمفهومها الضيق، غير أن ذلك لم يكن مؤداه، على الرغم - إن إشكالة تعرف النزاع المسلح غر الدولي كان حوطھا تعرف سلبي جعل المادة الثالثة المشتركة بن اتفاقات قولھا أن عبارة "ذات الطابع غر الدولي" ھو عدم وجود من ستطع أن ؤكد بدقة المقصود من كلمات تلك العبارة؛ من ذلك، أن استقرت هنا لدى المؤتمرين القناعة بضرورة استفاء التمرد لعناصر الرقابة و السيادة الإقليمية على نحو ما كان قائما في ظل القانون الدولي التقليدي، إذ اتفق المؤتمرون أيضا من جانب آخر على ضرورة تجاوز تلك العناصر المتشددة، لإمكانية تطبيق قواعد قانون الحرب من خلال إدراجهم لجملة من المقاييس الموضوعية التي يمكن من خلالها القول بقيام حالة النزاع المسلح غير الدولي وعليه يظهر بأن أحكام المادة الثالثة المشتركة قد أصبغت، و لأول مرة، الشخصية القانونية الدولية للمتمردين في استقلال تام عن نظام الاعتراف بالمحاربين و مقتضياته، حين حررت تلك الشخصية القانونية كلية من الخضوع لأي من المقومة الخارجية من النظام القانوني المستقل للفعالية الخاصة التي أفرزها التمرد ذاته و بصفة خاصة، إلا أنها تعتبر محدودة النطاق زمنيا و ذات أثر نسبي في مجالها المادي لأنها تنصرف لأغراض تطبيق الحد الأدنى من مقتضيات الإنسانية التي تضمنتها ذات المادة، دون سواها من أحكام اتفاقيات جنيف ومنها بصفة خاصة مركز اسير الحرب و هو أمر كان من شأنه أن استحال معه، من ثمة، إخضاع الغالبية الساحقة من النزاعات المسلحة غير الدولية المعاصرة، و خاصة منها حروب العصابات، إلى الحد الأدنى من التنظيم الدولي الذي كفلته المادة الثالثة المشتركة.
لقد أخضعت المادة الثالثة المشتركة، النزاعات المسلحة التي استوفت العناصر المبينة على النحو السالف الذكر ، إلى نظام قانوني دولي تمخض عنه تقرير حقوق دولية موضوعية تلزم سواء بسواء، المتمردين و الحكومة القائمة بمناسبة علاقتهم أثناء المواجهات المسلحة والتي مكن تلخصھا فما لي:
أ) لا بد أن كون للطرف، المناھض للحكومة المركزة، تنظم عسكري له قادة مسئولة عن سلوك مرؤوسھا و له
نشاط في أراضي معنة، و كفل احترام الاتفاقات.
ب) لجوء الحكومة الشرعة إلى القوات العسكرة لمحاربة الثوار.
ج) اعتراف الحكومة المركزة بأنھا في حالة حرب؛ - أو اعترافھا بوصف المحاربن بالثوار؛ - أو اعترافھا بوصف
المحاربن للثوار بغرض تطبق الاتفاقات فقط؛ - إدراج النزاع على جدول أعمال مجلس الأمن أو الجمعة العامة
التابعن للأمم المتحدة، بصفته مھددا للسلم و الأمن الدولن أو خارقا لھما أو شكل عملا عدوانا.
د) أن كون للثوار نظاما تتوفر فه بعض خصائص الدولة بأن: -أن تباشر سلطات الثوار المدنة على السكان السلطة
الفعلة في جزء معن من التراب الوطني؛ - أن تخضع القوات المسلحة لأوامر سلطة منظمة و تعبر عن استعدادھا
لاحترام قوانن الحرب و أعرافھا؛ - التزام سلطات الثوار المدنة بمراعاة أحكام الاتفاقات.
و يتجلى ذلك من خلال اضطلاع المتحاربين بالحد الأدنى من مقتضيات الإنسانية التي تحظر بموجبها عدة أفعال، و قد سعت لأجل إدراجها اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلا أن هذه المقتضيات لا تكون في مواجهة جميع أطراف النزاع، فقد أشارت الفقرة الأولى، من ذات المادة، أن أحكامها تنصرف فقط في مواجهة الأشخاص الذين (ليس لهم دور إيجابي و مباشر في الأعمال العدائية)، مع الأخذ بعين الاعتبار أن المادة نفسها أضافت أنه يجوز ( لهيئة إنسانية غير متحيزة، كاللجنة الدولية للصليب الأحمر، أن تعرض خدماتها على أطراف
النزاع )، لكن ذلك سيبقى حتما أمرا جوازي في حق الدول الأطراف خاصة ولا يمكن أن تضطلع به تلك الهيئة إلا بعد استيفائها لموافقة الحكومات القائمة، التي قد تتعسف غالبا في استعمال حقها و تستبعد رقابة تلك الهيئة، نافية تارة وجود نزاع مسلح داخلي أصلا
أو مدعية، تارة أخرى، بأنها تطبق التزاماتها على أكمل وجه، و هو ما حدث فعليا في النزاعات المسلحة التي دارت في دول القرن الإفريقي مثلا، الشيء الذي أفرغ الحماية الدولية التي كفلتها المادة الثالثة المشتركة، من كل مضمون واقعي.
خلاصة القول أن المادة الثالثة المشتركة بين اتفاقيات جنيف لعام 1949 تؤسس نظاما قانونيا لحالات المواجهات المسلحة الداخلية الدائمة و المستمرة، و تعتبر "اتفاقية مصغرة" في حد ذاتها، لأنها تضع و تحدد المبادئ الإنسانية الأساسية الدنيا الواجب احترامها، و رغم ذلك فهي تظل معيبة من جانب أنها لا توفر حماية صريحة للمدنيين خاصة من آثار الأعمال العدائية، كما أنها لا تنصرف لحماية الأعيان التي لا غنى لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة، كما لا تضبط إدارة الأعمال العدائية على وجه التحديد، إذا فمبادئها ضئيلة لا تطبق إلا عندما تصل شدة الأعمال العدائية إلى مستوى عنف مسلح متطاول بين السلطات الحكومية و جماعات نظامية مسلحة أو بين تلك الجماعات. و مع ذلك، فهي تحتفظ بإيجابيات كثيرة، فيظهر جليا ما للقواعد العرفية من أهمية بالغة امتد نطاق تطبيقها حتى إلى بعض الدول التي لم تكن أطرافا في اتفاقيات جنيف، فقد استقرت كل من الكونغو، كوريا، و اليمن، على تطبيق أحكام تلك المادة أثناء نزاعاتها المسلحة الداخلية على الرغم من عدم نفاذ تلك الاتفاقيات في مواجهتها، فاستقرت بذلك قواعدها في ضمير العرف الدولي، و تطورت إلى قواعد إلزامية و هو ما أكدته محكمة العدل الدولية بمناسبة حكمها في قضية نيكاراغوا. و ظلت تلك المادة تواكب جميع النزاعات المسلحة غير الدولية منذ الخمسينيات، إلا أنها لم تكن كافية لتغطية جميع الجوانب الإنسانية، الشيء الذي أبرز ضرورة صياغة قواعد وضعية جديدة يمكنها أن تتفادى ذلك العجز، و ذلك ما تصدى له فعلا البروتوكول الإضافي الثاني لعام 1977 ، من خلال اعتماده لنظام قانوني جديد يحكم النزاعات المسلحة غير الدولية. أسفر اعتماد البروتوكول الإضافي الثاني لاتفاقيات جنيف لعام 1949 ، في العاشر من يونيو/ حزيران 1977 ، عن قيام نظامين قانونيين للحماية الدولية الإنسانية أثناء النزاعات المسلحة غير الدولية، ومع ذلك يظل البروتوكول الإضافي الثاني، بوصفه مكملا لاتفاقيات جنيف الأربع، مقترنا بأحكام مادتهن الثالثة المشتركة، من حيث التطبيق (الفقرة الأولى باعتبار أن هذه الأخيرة التي لم تغطي، في حقيقة الأمر، جميع الجوانب المتعلقة بالنزاعات المسلحة غير الدولية، الأمر الذي تداركه البروتوكول الإضافي الثاني من خلال الإضافات ) الجوهرية (الفقرة الثانية) التي طورت القواعد الإنسانية المطبقة في النزاعات المسلحة غير الدولية، ليعطي حماية موسعة لضحاياها، مع استثنائه من مجال تطبيقه حالات لازال المجتمع الدولي لا يعتبرها نزاعات مسلحة غير دولية، ألا وهي حالات الاضطرابات و التوترات الداخلية (الفقرة الثالثة).
لقد صيغت أحكام البروتوكول الإضافي الثاني لاتفاقيات جنيف لعام 1949 ، بشكل جعلها مطورة و مكملة لأحكام المادة الثالثة المشتركة بين الاتفاقيات الأربع، فتنطبق بذلك في الحالات التي لا تشملها المادة الثانية المشتركة بين اتفاقيات جنيف، و أحكام البروتوكول
الإضافي الأول لها، أي حالات النزاعات المسلحة الدولية التي تدور على إقليم أحد الأطراف السامية المتعاقدة، لكن ما يميز البروتوكول الإضافي الثاني عن المادة الثالثة المشتركة بين اتفاقيات جنيف، مسألة إيراده لتعريف ا لنزاع المسلح غير الدولي، مع بقاء مسألة تطبيقه
مقترنة بآن واحد مع المادة الثالثة المشتركة، التي لم يسبق و أن حددت مواصفات محددة في تكييف النزاع المسلح غير الدولي، فانفرد بذلك البروتوكول الأول بشرط ثالث تضمنه على سبيل الاستئثار، يخص استيفاء الهيئة التمردية لمقتضيات الرقابة الإقليمية، الهادئة
و المستمرة، على جزء من إقليم الدولة، وبذلك أصبحت الحروب الأهلية التي لم تستوفي هذا الشرط الخاص، مستظلة فحسب بأحكام المادة الثالثة المشتركة وحدها، إلا أن الواقع أصعب من ذلك بكثير خاصة إذا تعلق الأمر ببعض النزاعات المسلحة التي تدور في إقليم
دولة ما، ليس بين السلطات الحاكمة و جماعات متمردة، و إنما بين تشكيلات مسلحة مختلفة دون تدخل للحكومة القائمة بسبب عجزها أو إحجامها عن ذلك، وفي هذه الحالة الخاصة تكون المادة الثالثة هي المطبقة إلا إذا اتفقت الأطراف المتنازعة على تطبيق البروتوكول
الثاني بناء على اتفاق خاص.
لقد حرص البروتوكول الإضافي الثاني على إفراد الباب الرابع منه، الخاص بالحماية الدولية الواجب الاضطلاع بها لزاما على الأطراف في النزاع المسلح غير الدولي، للسكان فقد جاء في نص المادة الأولى من البروتوكول الإضافي الثاني:( سري ھذا البروتوكول الذي طور و كمل المادة الثالثة المشتركة...). فالمادة الثالثة أوسع مجالا من البروتوكول الثاني، وطبعا لا مكن الحدث عن تطبق البروتوكول الثاني إذا لم تكن الدولة الطرف في النزاع الداخلي، طرفا في البروتوكول نفسه، ففي النزاع الداخلي الذي شھدته المن في منتصف العام1994 ، تمت مساعدة الضحاا على أساس أحكام المادة الثالثة المشتركة و كذا البروتوكول الإضافي الثاني باعتبار
أن المن طرفا في الاتفاقات الأربع و البروتوكولن الإضافن على حد سواء. فإذا كان النزاع المسلح غر الدولي دون المعطات المذكورة في المادة الأولى من البروتوكول الإضافي الثاني، فإن المادة الثالثة المشتركة تكون وحدھا سارة المفعول، فلا رتبط بذلك تطبقھا بتطبق البروتوكول الثاني، أو توقف عله.
المدنيين الذين لا يشاركون مباشرة في الأعمال العدائية، ويعد هذا الإفراد إضافة جديدة و جوهرية تميز بها البروتوكول الإضافي الثاني، فسد بذلك ثغرة كانت قد طبعت المادة الثالثة المشتركة التي جاءت صياغتها، كما سبق ذكره، مقترنة فقط بكفالة الضمانات الأساسية
دون أي نص على حماية خاصة للسكان المدنيين. كما انصرفت الحماية التي أقرها البروتوكول الإضافي الثاني، من جهة، إلى حظر النهوض في مواجهة السكان المدنيين بأي من الأعمال العسكرية أو أعمال العنف الأخرى أو أي من الأعمال التي من شأنها إرهاب أولئك السكان، كما امتدت الحماية التي كفلها، إلى المقاتلين الذين استبعدوا من ميادين القتال، بدون أدنى تميز أو اعتداء على الكرامة الإنسانية، وأقر من جانب آخر حماية خاصة للأطفال، والأشخاص الذين أخضعوا لممارسات مقيدة للحريات و البعثات الطبية.
و عليه، تنطبق جملة الالتزامات الدولية، التي نصت عليها أحكام البروتوكول الإضافي الثاني على الأطراف المتنازعة، سواء بسواء، بالنسبة للمتمردين أو الحكومة القائمة في علاقاتهم المتبادلة بمناسبة النزاع المسلح غير الدولي.
حالات لا يشملها القانون الدولي الإنساني:
استثنت المادة 2 فقرة 2 من البروتوكول الثاني، الاضطرابات و التوترات الداخلية، ذلك أن هذا النوع من أنواع العنف الداخلي المسلح، لا يعتبر نزاعا مسلحا حسب مقاييس القانون الدولي إلا أن ذلك لا يعني أن هذا الأخير يتجاهلها تماما، بل ينصرف
القانون الدولي لحقوق الإنسان لمعالجة آثارها من خلال الدفاع عن الحد الأدنى من قواعد القانون الدولي الإنساني في حالات العنف الداخلي .
: مفهوم الاضطرابات و التوترات الداخلية :
غالبا ما تكون الاضطرابات ,والتوترات الداخلية داعيا للملابسات و الخلط، فضلا عن تنوعها سواء في مداها الزماني و المكاني، أو في أساليبها و تداخلها، بشكل يصعب معه التفرقة بينها، ولقد ظلت و لا تزال هذه الصور من العنف من المسائل المدرجة في السلطان الداخلي للدولة. ورغم ذكرها للاضطرابات و التوترات الداخلية، إلا أن الفقرة الثانية من المادة الأولى من البروتوكول الثاني، لم تتضمن تعريفا لها و اقتصرت فقط على إعطاء مفهوم عام، من خلال طرحها لأمثلة غير حصرية توضح المؤشرات التي لا تتشابه والعمليات العسكرية المنظمة التي يسبقها تخطيط و تنسيق تقوم به جماعات تخضع لقيادة مسئولة.
ضمنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، في تقريرها التمهيدي المقدم إلى مؤتمر الخبراء الحكوميين، في يوليو/ تموز 1970 حول "النزاعات غير الدولية وحرب العصابات" بعض العناصر المميزة للاضطرابات الداخلية، وعنها قالت: (هي الحالات، التي دون أن تسمى نزاعا مسلحا غير دولي بأتم معنى الكلمة، توجد فيها على المستوى الداخلي مواجهات على درجة من الخطورة أو الاستمرار وتنطوي على أعمال عنف قد تكتسي أشكالا مختلفة بدء بانطلاق أعمال ثورة تلقائية حتى الصراع بين مجموعات منظمة شيئا ما والسلطات الحاكمة ).



#ماجد_احمد_الزاملي (هاشتاغ)       Majid_Ahmad_Alzamli#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تدابر الضبط الإداري
- النظام الاقتصادي العالمي بعد الحرب العالمية الثانية
- مدى امكانية إصلاح المنظمة الدولية في ظل التحولات الراهنة
- التدخل العسكري الانساني وسيادة الدول
- المصادر الفكرية والاسس الدستورية للحرية السياسية في النظام ا ...
- أسباب ألإباحة في القانون الدولي الجنائي
- الدساتير وصيانة حقوق الانسان
- الحل الامثل للمشاكل العرقية
- تحديد معنى الحرية السياسية
- اوامر السلطة التنفيذية واثرها على التشريع
- الدولة الفاشلة
- المحكمة الجنائية الدولية والعدالة الدولية
- المركز القانوني لإحكام القضاء
- المجتمع المدني وتأثيره على السياسة الداخلية للدولة
- الجرائم الالكترونية
- السياسة غير الجنائية للحد من جرائم العنف ألإرهابي
- ألإستجواب
- حقوق ألإنسان وسلطة الضبط الجنائي في القبض
- دور المنظمات غير الحكومية في ترسيخ مباديء حقوق الانسان
- جريمة غسيل الاموال القذرة


المزيد.....




- مبنى قديم تجمّد بالزمن خلال ترميمه يكشف عن تقنية البناء الرو ...
- خبير يشرح كيف حدثت كارثة جسر بالتيمور بجهاز محاكاة من داخل س ...
- بيان من الخارجية السعودية ردا على تدابير محكمة العدل الدولية ...
- شاهد: الاحتفال بخميس العهد بموكب -الفيلق الإسباني- في ملقة ...
- فيديو: مقتل شخص على الأقل في أول قصف روسي لخاركيف منذ 2022
- شريحة بلاكويل الإلكترونية -ثورة- في الذكاء الاصطناعي
- بايدن يرد على سخرية ترامب بفيديو
- بعد أكثر من 10 سنوات من الغياب.. -سباق المقاهي- يعود إلى بار ...
- بافل دوروف يعلن حظر -تلغرام- آلاف الحسابات الداعية للإرهاب و ...
- مصر.. أنباء عن تعيين نائب أو أكثر للسيسي بعد أداء اليمين الد ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماجد احمد الزاملي - تباين الأنظمة المطبقة على طائفتي النزاعات المسلحة