أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماجد احمد الزاملي - الحل الامثل للمشاكل العرقية















المزيد.....


الحل الامثل للمشاكل العرقية


ماجد احمد الزاملي
باحث حر -الدنمارك

(Majid Ahmad Alzamli)


الحوار المتمدن-العدد: 4061 - 2013 / 4 / 13 - 20:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لقد كان لدراسة الوضع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي للعرقيات الاثر والاهتمام الكبيرين من قبل المختصين في العلاقات الدولية وتحليل النزاعات وخاصة بعد تقكك المعسكر الاشتراكي.وهذا الاهتمام هو مخالف لما كان عليه الوضع في السابق، حيث ساد الاعتقاد بأن الدراسات للعرقيات ليست من
اهتمام العلوم السياسية وإنما من اختصاص علماء الاجتماع ودراسة العلاقات البشرية.وظهرت عدة نظريات مؤيدة لهذا الاتجاه، وخاصة النظرية الليبرالية والنظرية الماركسية، اللتان توقعتا ذوبان الاقليات العرقية في تلك المجتمعات.واعتقدت الماركسية في تحليلها حول ذوبان المجموعة
العرقية على أساس الإيديولوجية الاشتراكية والصراع الطبقي والأممية العالمية،بينما
اعتقدت النظرية الليبرالية أن التصنيع والتطور للمجتمعات الغربية يؤدي إلى انصهار
وذوبان العرقيات .وقد أثبت الواقع بطلان تلك النظريات ،لأن الإنسان لديه غريزة التمسك
بهويته ودينه أينما كان ومهما تطور المجتمع.
فبعد تفكك المعسكر الاشتراكي واندلاع الصراعات العرقية في جمهورية يوغسلافيا
والجمهوريات المكونة للإتحاد السوفيتي(السابق)،ازداد الاهتمام من طرف منظري العلاقات الدولية
حول الخلافات الدموية العرقية، وخاصة المدارس الواقعية التي شكلت المرجع المهيمن
لتحليل سياسة الدولة، لم تعط اهتماما للوضع الداخلي يرقى لمستوى اهتمامها بالوضع
الخارجي باستثناء المدارس الماركسية والواقعية الجديدة.
وبعد عدة سنوات من الإهمال للمتغيرات الداخلية ودورها في التأثير على الاستقرار
الدولي، باستثناء المدرسة الماركسية التي أبرزت أهمية الحروب الأهلية والعرقية ودورها
في عدم استقرار العالم السياسي.وهذا الاتجاه الماركسي اتبعته الواقعية الجديدة التي
أصبحت تولي اهتماما للعوامل الداخلية للدولة ومدى تأثيرها على الساحة الدولية.وكانت
مفاجئة في العلاقات الدولية، وطبقت المعضلة الأمنية ،التي تحدث ما بين الدول أي على
المستوى الدولي ،إلى المستوى الداخلي ،وأصبحت تسمى المعضلة الأمنية الداخلية.وطبقت
هذه النظرية في الخلافات العرقية في يوغسلافيا عقب اندلاع الصراع العرقي في كوسوفو والبوسنة.
وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي، أصبحت المجموعة العرقية من أهم الوحدات لتحليل
الخلافات الدولية وكذلك التغيير في مفهوم المنظور الأمني.واجه الباحثون في العلاقات
الدولية وتحليل الصراعات تحديات جديدة تتعلق بطبيعة النزاعات كيفية حلها
إنهاءها،وظهرت عدة مفاهيم مثل بناء السلم،الوقاية من النزاعات ،تحويل الخلافات،عملية
السلام ،المحافظة على السلام والحرب الوقائية.
نتج عن نهاية الحرب الباردة تحول من الدراسات الأمنية التقليدية إلى الدراسات الأمنية الجديدة يتمثل أساسا في تحول الخلافات ما بين الدول الذي كان سائدا في فترة الحرب الباردة
. إلى الخلافات داخل الدولةخاصة الخلافات العرقية
بروز فاعلين غير دولين، وخاصة على مستوى داخل الدولة وتأثيرهم على السياسية الأمنية الداخلية والدولية.
اتساع العولمة أدى بالعوامل الداخلية إلى اختراق السيادة الوطنية والتأثير على ما وراء الحدود الوطنية.
ظهور عوامل جديدة لم تحظ بالدراسة الكافية والتي تهدد أغلب دول العالم بدون
استثناء مثل الاحتباس الحراري، الإرهاب الدولي، المخدرات والجريمة المنظمة.
وتدخل دراسة حالة كوسوفو ضمن هذه التغيرات التي حدثت بعد انهيار النظام
الاشتراكي وتفتت الجمهورية الفيدرالية اليوغسلافية على أسس عرقية أسست دول مستقلة
مثل سلوفينيا ،مقدونيا ...والتحقت في سنة 2007 الجبل الأسود بالمنفصلين عن
صربيا،وفي 17 شباط 2008 أعلنت كوسوفو استقلالها عن جمهورية صربيا.
ومن الناحية التاريخية تميزت العلاقات ما بين المجموعات العرقية الصربية والألبانية
بحدة التوتر والكراهية والبغضاء بعد نهاية الحكم العثماني.ووقعت عدة مجازر ارتكبها
الصرب ضد الألبان ،وظهرت عدة مخططات لترحيلهم من كوسوفو إلى تركيا،وهدف تلك
السياسية هي إفراغ الإقليم من السكان الأصليين الألبان ،ولهذا أطلق عليها سياسة التطهير العرقي.
عرفت كوسوفو استقرارا سياسيا في عهد القائد اليوغسلافي الراحل جوزيف بروز
تيتو ،الذي استطاع إخماد النعرة العرقية بفضل سياسة القمع لفرض الوحدة الوطنية وتشريع
قوانين تحرم التطرق إلى موضوع العرقية.وهذا يعني أن البركان العرقي كان في مرحلة
إخماد ثم تلت مرحلة هيجان البركان بعد وفاة تيتو.وهذا ما حدث في أواخر السبعينات
حين شهد إقليم كوسوفو انتفاضة ألبانية بقيادة الطلبة،الذين طالبوا بتحسين أوضاعهم
الاجتماعية ثم تحولت المطالب إلى سياسية. تحول الخلافات ما بين الدول الذي كان سائدا في فترة الحرب الباردة . لقد كان واقعيا( نويل مالكولم )احد المختصين في دراسة اقلية
كوسوفو، عندما قال أن أزمة يوغوسلافيا بدأت في كوسوفو وتنتهي بكوسوفو.إن أول أزمة
عرفتها يوغسلافيا بدأت في كوسوفو عند إلغاء الحكم الذاتي للألبان من طرف الصرب
سنة 1989 ،أي قبل انهيار يوغوسلافيا،ومنذ ذلك التاريخ ،لم يعرف الإقليم أي استقرار سياسي.
لا تشكل العرقية تهديدا لاستقرار الدول إلا إذا تم تسييسها ،أي استعمال الورقة
العرقية من طرف الزعماء السياسيين الجدد ،الذين استغلوا انهيار نفوذ وسلطة الحزب للوصول إلى السلطة.وهذا أدى إلى تغيير في العلاقات داخل المجموعة العرقية التي كانت متحدة ومتماسكة ومتلاحمة إلى خارج المجموعة,أي انقسام وتفتت داخل المجموعة. فاليوغسلافي تغيرت نظرته إلى أخيه اليوغسلافي وأصبح كرواتي سلوفيني مقدوني مع بروز الكراهية والعداوة فيما بينهم.وتغير الولاء للسلطة من
الماركسية إلى أسس عرقية وبدأ تفكك المجتمع مما هدد استقرار يوغسلافيا بصفة عامة
وكوسوفو بصفة خاصة،وانقسمت المجموعة العرقية في كوسوفو إلى قسمين متميزين
منفصلين تماما .وأقصيت وهمشت المجموعة العرقية الألبانية في جميع الميادين
الاقتصادية ،الاجتماعية،الثقافية والسياسية،بينما أصبحت الأقلية الصربية في كوسوفو في
وضع تحتكر فيه جميع السلطات ،وهذا ما أدى إلى تمرد سلمي في المرحلة الأولى ثم
مقاومة مسلحة في المرحلة الثانية.
وأثرت أزمة كوسوفو ،كبقية الصراعات العرقية على عدم استقرار البلقان وخاصة
مقدونيا وجمهورية ألبانيا.ولم يتدخل المجتمع الدولي إلا بعد حدوث مجازر وإبادة عرقية
ارتكبها الصرب ضد الألبان ،مما أدى إلى تدخل الحلف الأطلسي الذي شن هجوما جويا
ضد الجيش اليوغسلافي دام عدة أسابيع.واستسلمت القوات الفيدرالية اليوغسلافية
وانسحبت من إقليم كوسوفو الذي أصبح تحت إدارة الأمم المتحدة التي تتولى السلطات
السيادية للإقليم من طرف الممثل للأمين العام للأمم المتحدة في كوسوفو.وبعد استكمال
بناء المؤسسات السياسية والاقتصادية والثقافية ،انطلقت المفاوضات حول تحديد الوضع
النهائي للإقليم ،وقرر المبعوث الخاص للأمم المتحدة أن ليس هناك اختيار آخر للوضع
سوى استقلال كوسوفو تحت إشراف دولي ،ورفضت كل من روسيا وصربيا ذلك
الاختيار.وأجريت مفاوضات أخرى دامت ثلاثة أشهر تحت رعاية الثلاثية الأوروبية
وروسيا وتمسك كل طرف بموقفه؛الألباني بالاستقلال، والصربي بالحكم الذاتي
لكوسوفو.وفي 17 شباط 2008 استقلت كوسوفو عن صربيا بفضل التأييد والمساندة
الأمريكية والبريطانية والفرنسية.
فالنظرية الماركسية حللت الظواهر القومية في قالب الطبقة الاجتماعية المستندة على
المادية التاريخية، لقد كان ماركس ملما بالخطر القومي على الفكر الاشتراكي،
فالماركسيون يعتبرون نضال العمال ضد الطبقات البرجوازية عاما وشاملا من شأنه أن
يوحد العمال، بصرف النظر عن أصلهم العرقي، لذلك فالقومية ليست ذات أهمية...إذ
حالما تتحرر هذه الجماعات من التخلف الإقطاعي تفقد تميزها أي تذوب وتنسلخ داخل
المجتمع الشيوعي، فالإيديولوجية الشيوعية همشت الجانب العرقي، والحجج الأخرى هي
أن الخلافات العرقية والفوارق الطبقية تتلاشى في ظل النظام الاشتراكي، وسيادة
البروليتاريا ستعمل لزوالها، لأن العمال لا وطن لهم.
اعتقد كارل ماركس فيما بعد أن الهوية العرقية وما يترتب عنها من تقسيمات
طبقية في ظل النظام الرأسمالي ستزول وتذوب مع تطور النظام الاشتراكي وستحل محلها.
هوية جديدة هي الهوية الاشتراكية التي لا تعترف بالجنسيات وإنما بنضال العمال في
سبيل بناء الاشتراكية وتحقيق مجتمع شيوعي.-وكان اعتقاده في محله لولا التطبيقات الخاطئة لافكاره- وقد سار الاشتراكيون على منوال النظرية الماركسية وخاصة في الاتحاد السوفيتي، واندلعت أول ثورة اشتراكية بقيادة لينين، فالزعماء السوفيات، وفي سبيل توحيد الشعب السوفيتي المتعدد الأعراق اتبعت سياسة طمس الهوية العرقية للجماعات العرقية المشكلة له، عن
طريق تقويض مقومات الهويات، وخاصة الدين الذي كان الشيوعيون يدركون عظم خطره
وبالغ أهميته كمقوم للذاتية العرقية، وبالتالي فقد سعوا من خلال وسائل شتى للقضاء على
الأديان، وتهميش دورها في الإتحاد السوفيتي.
وعليه كان هناك اعتقاد بأن الإيديولوجية الشيوعية سوف تؤدي إلى اضمحلال
وذوبان العرقية وانتصار الطبقة العاملة على البرجوازية سيؤدي حتما إلى فقدان هويتها،
فتظهر ثقافة جديدة اشتراكية المحتوى لأن البروليتاريا ليس لها وطن، لكن الواقع الفعلي ظهر على خلاف ذلك. والعرقية في عهد الاتحاد السوفيتي لم تنصهر في ظل
البروليتاريا العالمية، رغم الاضطهاد والقمع والترحيل الإجباري للتتار وحرمان الكازاخ
من ثقافتهم والحيلولة دون تطويرها، ثم عزل أغلب الكتاب الكازاخ عن الميدان الثقافي وهذه
السياسة طبقت أيضا على المجوعة العرقية التاترية، ففي سنة 1930)
أرغم ستالين حوالي ربع مليون من التتار على مغادرة موطنهم الأصلي. ورغم من مرور
عدة سنوات على الترحيل الإجباري إلا أنهم تظاهروا في شهر حزيران سنة 1987
للمطالبة بالعودة إلى منطقتهم الأصلية .
وأكد أنصار العصرنة على أن الولاء العرقي سيتغير ويتحول إلى ولاء للدولة
المعاصرة، والمجموعات العرقية ستندمج في المجتمعات الغربية الصناعية التي تعيش
فيها، وهذا يعني أن الروابط العرقية الموجودة في المجتمع سواء كانت دينية أو لغوية أو
عرقية ستزول وتذوب وتحل محلها روابط أكثر اتساعا وهي رابطة الولاء
للدولة. والسؤال الذي يمكن طرحه هل حقيقة أن وسائل الإعلام هي أهم عامل ساهم في
ذوبان وانصهار العرقيات أم أن العكس هو الذي حدث على مستوى المجتمعات الغربية؟
في الحقيقة إن وسائل الإعلام أدت دورا أساسيا في تقريب الشعوب وهذا عكس
توقعات المدرسة الغربية "فبفضل القفزة الهائلة في ثورة الاتصالات، أصبحت معظم
شعوب العالم على علم بإنجازات وإخفاقات بعضها البعض لقد جعلت هذه الثورة أهالي
التيبيت وكشمير وفلسطين والتاميل والأكراد والشيشان والإيغوز يعرفون أحوال بعضهم
البعض أكثر من أي وقت مضى .فالثورة التكنولوجية في المواصلات جعلت المجموعة
العرقية أكثر اتصالا وارتباطا بعضها ببعض، فالايرلنديون لم يذوبوا في المجتمع
الأمريكي، رغم مرور عدة قرون على هجرتهم إلى أمريكا، ولعبوا وأثروا في الخلاف
الطائفي بين الكاثوليك والبروتستانت الذي عرفته ايرلندا الشمالية في السنوات الماضية.
وشاهدنا منذ السبعينات من القرن الماضي انبعاثا وإحياء وانتعاشا للمجموعات
العرقية في الدول الصناعية. "فبدلا من الاندماج والتسامح بين المجموعات العرقية، فإن
الخلافات العرقية المبنية على الهوية الإثنية ازدادت حدتها.إننا نشاهد في الوقت
الحاضر انتفاضات عرقية في المجتمعات الصناعية سواء في أوروبا (أسبانيا وبلجيكا
ويوغسلافيا وفرنسا) أو في أمريكا الشمالية (كندا مثلا).
ففي الدول الصناعية نجد فئتين من المجموعات العرقية لم تنصهر وتكافح من
أجل التمسك بهويتها فإحداها تستعمل الوسائل السلمية الكيبيكيون في كندا ،والخلاف بين
الوالون والفلامندر في بلجيكا، والأخرى تستعمل الوسائل غير السلمية مثل الحركة
الباسكية في أسبانيا وحركة تحرير كورسيكا في فرنسا.
ولتبيان عدم انصهار المجموعات العرقية والتمسك بهويتها تقدم بعض العينات من
الحركات التي تتبنى الوسائل العسكرية والسلمية وتهدد استقرار الدولة مثل الحركة
وحركة كيبيك السلمية في كندا. ETA الانفصالية إيتا
فالمجموعة العرقية الباسكية مقسمة بين دولتين فرنسا وأسبانيا، ففي فرنسا توجد
ثلاث مقاطعات باسكية، وهدف الحركة الباسكية الانفصالية هو توحيد الأقاليم الخمسة
base ) وإنشاء دولة باسكية مستقلة عن كل من فرنسا وأسبانيا. فالأقاليم الفرنسية هي
وهي أقل تأييدا (alawa, navour ) والأقاليم الأسبانية هي (navarre, soule, labourd
للحركة الوطنية.ولتحقيق هدف توحيد الأقاليم تستعمل المنظمة الانفصالية الوسائل
تعني حزب الباسك والحرية وتأسست سنة 1974 ، وأغلب (ETA) العنيفة، وحركة إيتا
نشاطها العسكري يتمركز في أسبانيا أما الحركة الباسكية الموجودة في فرنسا فظهرت في
سنة 1973 وهدفها هو استقلال المقاطعات الباسكية الثلاث الموجودة في فرنسا، ومنذ
ظهورها وحتى سنة 1987 قامت بأكثر من 800 عملية عنيفة,إضافة إلى ذلك تمارس
الحركة سياسة التصفية الجسدية ضد كل الذين لا يتعاونون معها وتتمسك بمبدئها الأساسي
وهو استقلال الإقليم الباسيكي عن اسبانيا، ورغم من الهدنة المعلنة من جانب واحد
جديد. 1998 والتي دامت أكثر من سنة، إلا أنه تم العودة إلى العنف في التراب الاسباني من
والعرقية التي تستعمل الوسائل السلمية لتحقيق هدفها وهو الاستقلال عن كندا فهي
الحركة الكيبيكية، فأهم مشكل في كيبيك هو اللغة. "فنقص في عدد المواليد بين الفرنسيين
الكنديين والعدد القليل من المهاجرين الناطقين باللغة الفرنسية إلى كيبيك وانصهار
المهاجرين الآخرين من السكان في المناطق الناطقة باللغة الانجليزية هدد استمرار وجود
اللغة الفرنسية . فاللغة الانجليزية كانت هي المسيطرة في المؤسسات الاقتصادية
والوظائف السامية في الدولة، وحتى في كيبيك فالفرنسيون غير راضين عن تلك الوضعية
لأنهم لا يريدون أن يصبحوا زنوج أمريكا ، وإذا أرادت المجموعة العرقية الكيبيكية
أن تصل إلى المناصب العليا، فلا بد لها من ثقافة انجليزية. إن اللغة الانجليزية هي
المستعملة في البنوك، التجارة والصناعة، وبسبب هذه الوضعية فإن أهالي كيبيك سعوا
إلى الانفصال عن كندا وتأسيس دولة مستقلة في كيبيك تحت قيادة جبهة تحرير كيبيك،
وفي اعتقادهم أن اللغة الفرنسية في طريقها إلى الزوال بسبب منع استعمالها في الأجهزة
الرسمية في مونتريال .ونتيجة لنضال الكيبيكيين صدرت عدة قوانين تجعل اللغة الفرنسية
اللغة الرسمية في المقاطعة وكذلك تم إصدار قانون ازدواجية اللغة للحكومة الفدرالية،
فجميع الهيئات والدوائر الفدرالية في كندا تستخدم اللغتين الرسميتين الفرنسية
والانجليزية.وفي سنة 2003 خسر الحزب الانفصالي في الانتخابات التشريعية وفقد
أكثر من 3 مقاعد في المجلس الوطني مما لا يمكنه إتباع سياسة الاستفتاء حول السيادة
في المقاطعة لمدة خمس سنوات المقبلة.
وخلاصة القول أدت نهاية الحرب الباردة إلى تغير منظور الخلافات، ما بين الدول من الصراع
الإيديولوجي بين المعسكر الشرقي والغربي وهو المنظور القديم إلى الخلافات داخل الدول
كمنظور جديد. وكثير من هذه الخلافات هي نتيجة مباشرة لانهيار النظام السوفيتي،
وبدأت النخب الجديدة تتنافس مع النخب القديمة حول السلطة، إضافة إلى ذلك
"فعدة دول بنيت على أسس اصطناعية نشأت بعد الحرب العالمية الثانية وخلال
عهد الحكم السوفيتي. فإذا كانت الإيديولوجية أدت دورا أساسيا في التنافس بين
العملاقين السوفيتي والأمريكي خلال الحرب الباردة، فإن دورها بعد انتهاء الحرب
اضمحل بشكل واضح.
ولقد اعتقد كثير من المفكرين أن نهاية الحرب الباردة وظهور نظام عالمي جديد
من شأنه أن يؤدي إلى استتباب الأمن والسلم الدولي، لكن العكس هو الذي حدث، فالعالم
شهد عدة خلافات عرقية في أوروبا وآسيا نتيجة انهيار النظام الشيوعي ففي سنة 1999
بين المعهد الدولي للبحث عن السلام في ستوكهولم في تقريره بأن 27 خلافا مسلحا تم
إحصاؤها عبر العالم اثنان فقط كانت خلافات ما بين الدول.
فاجأت الخلافات العرقية المجتمع الدولي وكذا منظري العلاقات الدولية وتحليل
النزاعات الدولية وكذلك الكتاب والمختصين الذين كرسوا دراساتهم حول العرقية والقومية
ففي أواخر الثمانينات ألقي هذا المختص .(Eric Hobsbawn) ومنهم إريك هوبسباون
في القومية محاضرة في بلفاست حول القومية،خلص فيها إلى القول أن لا أحد يمكن أن
ينكر زيادة الوعي العرقي والقومي السياسي،لكنه لم يعد عاملا محركا للتطور
التاريخي. وعند اندلاع الحرب في يوغسلافيا والإتحاد السوفيتي السابق حاول تبرير
فشل توقعاته مدعيا أنها قومية جديدة إن ظهور الشكل الجديد للقومية عند انهيار
يوغسلافيا تعد ظاهرة جديدة لأن لها علاقة بتفكك تلك الدولة وهي تختلف عن القومية
المعاصرة التي كانت تهدف إلى بناء دولة وتنقصها الأيديولوجية المعاصرة .
فعندما تفقد الدولة المركزية سيطرتها على المجموعات العرقية المتعددة التي
تتشكل منها، يحدث تغير في العلاقات الاجتماعية ما بين المجموعات العرقية المختلفة
فيصبح مثلا، الصربي الذي عاش مع جاره البوسني لأكثر من أربعين سنة في سلم
وتعاون وثقة، عدوا لدودا بعد ما يتم تسييس القومية من طرف النخبة المتطورة التي
تستعمل الأساطير والعواطف من أجل التجنيد العرقي وإحياء القومية، "فالمجال السياسي
إذ يتغير بسرعة والمجموعات العرقية المختلفة التي كانت تعد على المستوى الوطني،
يجب عليها الآن أن تحسب أقاربها بمجموعات صغيرة جديدة والعديد منهم وجدوا أنفسهم
في وضعية إما قوية أو ضعيفة مثل الشيشان في روسيا، أبخاز في ابخازيا ألبان مقدونيا،
الأرمن في أذربيجان، الكروات في البوسنة .
وبعد نهاية الحرب الباردة، أصبحت الخلافات العرقية في مقدمة الأحداث في
العلاقات الدولية، ولهذا يتطلب منا أن نعرف الخلاف العرقي وأهم مميزاته. إن التنافر
العرقي يؤدي إلى اندلاع الخلافات، أي الأصل العرقي يصبح هو الأساس وأهم عنصر
تتجند الدولة والأفراد حوله .
ويمكن تعريف الخلاف العرقي هو بين مجموعتين مختلفتين عرقيا وذلك بسبب
الأصل اللغة والدين، ولكي يكسب الخلاف العرقي خاصية عرقية ينبغي تسييسها، ولهذا
تحدث الخلافات العرقية ويطلق عليها الخلافات العرقية السياسية,
وتعرف على أساس خلاف بين مجموعتين عرقيتين، وهذا ما لاحظناه أثناء اندلاع الخلاف
في البحيرات الكبرى بين قبائل التوتسي والهوتو في رواندا، بين روسيا والشيشان
والقبارصة الأتراك واليونان، الأكراد وتركيا. ويمكن أن يحدث النزاع ما بين عدة
مجموعات عرقية لكنها حالات نادرة الحدوث على المستوى الدولي وأحسن مثال على
ذلك هو حالة يوغسلافيا خلاف بين البوسنيون والصرب والكروات عند بداية التسعينات.
وهناك خلاف بين الدولة والمجموعة العرقية، ويحدث ذلك عندما تمثل الدولة
أغلبية المجموعة العرقية التي تحتكر السلطة السياسية والموارد الاقتصادية، أما
المجموعات العرقية الأخرى فهي مهمشة، ألبان كوسوفو في يوغسلافيا. وقد تتنوع أسباب
الخلاف العرقي وقد يشمل عموما تصادم في المصالح وصراع حول حقوق الإقليم،
التربية، استعمال اللغة، التمثيل السياسي، الحرية، التمدين، المحافظة على الهوية أو الحكم
الذاتي وتقرير المصير.
وتتعدد أسباب الصراع من دولة إلى أخرى، وقد يرجع هذا الصراع إلى الاختلاف
اللغوي، والديني والتنافس على المصادر الاقتصادية والسياسية للمجموعات العرقية،
فمثلا،يعتبر اختلاف اللغات هو السبب الرئيسي وراء الأزمات التي تتخبط فيها بلجيكا
وهي التي هددت كذلك الوحدة الوطنية الكندية وكذلك في ايطاليا بين التيروليين
والحكومة المركزية في روما. فاللغة لها مكانة هامة في حدوث الخلافات الدولية خاصة
وهناك الكثير من اللغات في طريقها للانقراض لعدم التكلم بها . و تناضل وتتصارع المجموعات العرقية مع الدولة المركزية من أجل الاحتفاظ بهويتها اللغوية.
وقد يرجع الخلاف إلى العامل الديني الذي هدد الوحدة اللبنانية بين مختلف
الطوائف في السابق، وكذلك في الهند بين السيخ والمسلمين، وفي ايرلندا الشمالية بين
الكاثوليك والبروتستانت، وقد يرجع إلى إلغاء الحكم الذاتي الذي كانت تتمتع به
المجموعة العرقية في كوسوفو، حينما قرر الرئيس السابق سلوبودان ميلسوفيتش إلغاء
الحكم الذاتي للألبان، وكذلك إلغاء الحكم الذاتي للباسك في أسبانيا، ولم يتم إعادة الحكم
الذاتي إلا بعد موت الملك الأسباني السابق فرانكو.
ان الحل الامثل للمشاكل العرقية والقومية هو الحكم الديمقراطي العادل الذي يساوي بين جميع افراد الشعب في الدولة سواء في الحقوق السياسية والاجتماعية والمدنية والاقتصادية وعدم تهميش اي مكون من مكونات المجتمع الواحد .وفسح المجال للجميع بممارسة طقوسهم الدينية والتكلم بلغتهم مهما كان عدد المكون قليل ,والسماح لثقافة اي مكون بان تتلاقح مع ثقافات المكونات الاخرى واخماد النعرات الطائفية و العرقية ويكون الهدف للكل هو الوطن الذي هو وعاء للجميع.

راجع بخصوص ذلك
Albert Schnabel, Preventing Wars Within States,What Can Intergovernmental
Organisations do in Africa in a Continent Apart?Kosovo,Africa and Humanitarian
Intervention ?Edited by Elizabeth Sidnapolis,South Africa of International Affairs 2001,p.14
David Callahan,The Enduring Challenge ,Self Determination and Ethnic Conflict in the 21 First Century,(New York:Carnegie Challenge 2002),p.13.
Robin Wilson ,The Politics of Contemporary Ethno-Nationalist,Nation and N N°7 2001,p.23.ationalism
Ethnonationalism, http/ :wwcis.edu/substitutes/cepdc/pul/role/chap03.pdf.

A.Said and Saimmons Editors,Ethnicity in an International Context,(New Brunswick : Transactions books),p.25.
Svante Ocornell,Institutions Identity and Ethnic Confflict,International Experiences and its
Implications for the Caucase, Nation and Nationalism2:3 1997,p.7.



#ماجد_احمد_الزاملي (هاشتاغ)       Majid_Ahmad_Alzamli#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحديد معنى الحرية السياسية
- اوامر السلطة التنفيذية واثرها على التشريع
- الدولة الفاشلة
- المحكمة الجنائية الدولية والعدالة الدولية
- المركز القانوني لإحكام القضاء
- المجتمع المدني وتأثيره على السياسة الداخلية للدولة
- الجرائم الالكترونية
- السياسة غير الجنائية للحد من جرائم العنف ألإرهابي
- ألإستجواب
- حقوق ألإنسان وسلطة الضبط الجنائي في القبض
- دور المنظمات غير الحكومية في ترسيخ مباديء حقوق الانسان
- جريمة غسيل الاموال القذرة
- ألإرهاب
- ضمانات الحريات العامة بين قانون الاجراءات الجنائية والدستور
- توازن القوى الدولية
- ألإجراءات الجنائية والدفاع عن حقوق ألإنسان
- الدولة القانونية
- كيف تتهاوى الدكتاتويات
- الاسس التي تحافظ على ديمومة الديمقراطية


المزيد.....




- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟
- كوريا الشمالية تختبر -رأسا حربيا كبيرا جدا-
- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماجد احمد الزاملي - الحل الامثل للمشاكل العرقية