داود السلمان
الحوار المتمدن-العدد: 4099 - 2013 / 5 / 21 - 15:56
المحور:
الادب والفن
كان من حسن حظي ان اشاهد آخر لقاء تلفازي مع الفنان العراقي الكبير طالب القرة غولي في برنامج (اطراف الحديث) . القرة غولي تطرق في اللقاء الى عدة قضايا وامور تتعلق بالفن والفنانين ومعاناتهم في هذا الظرف بالذات . ولا نريد ان نتكلم عن كل ما قاله فناننا وما تحدث فيه ، لئن ليس في كل اعادة افادة . القرة غولي كان متألماً وساخطاً في الوقت نفسه حينما رأيته لتحدث الى مقدم البرنامج ، وكان هذا التألم والسخط معظمه على ساسة العراق ، الذين فعلوا ما فعلوا بالبلاد من متاعب ومصائب لا تخفى على احد ، وكان اشدها تألماً – كما قرأت ذلك في محيا القرة غولي هو اهمال الحكومة للفن والفنانين ، الامر الذي دعا العديد منهم ان يشد الرحال الى الدول العربية والاجنبية ، لعلهم يجدون ( على النار هدى ) ، ومنهم فناننا القرة غولي الذي ذهب الى السورية وعاش فيها ردحاً من الزمن ، وحينما مرت سورية باللازمة السياسية العاصفة ، فعاد جميع العراقيين الذين كانوا هناك الى البلاد الا ان فناننا ذهب الى دولة اجنبية اخرى ، لكن صحته بدأت تتدهور ولم تلائمه الاجواء هناك وخاف ان يموت في الغربة كما مات السياب والجواهري ونازك والبياتي ، وغير هؤلاء الكثير ممن لم تحضرني اسماءهم وانا اكتب هذا المقال ، فعاد الى العراق ليموت فيه ويدفن فيه ، وفعلاً وافاه الاجل ومات في حضن الوطن وسط محبيه وجمهوره وطلابه ، حيث بكته دموع الفن ، وقصت شعرها عليه الساحة الفنية وحزنت عليه الاغنية العراقية ، وكان ذلك يوم الخميس الموافق 16/5/2013 . حيث مات جسداً الا انه روحاً وفناً لا زال يعيش في ضمائر وقلوب متذوقي الفن الاصيل .
طالب القرة غولي قد لحن لكبار المطربين العراقيين فضلاً عن العرب – فقد غنى له ياس خضر وفاض عواد وحسين نعمة وحميد منصور ومائدة نزهت ، وغيرهم العديد . وقد لحن اروع الاغاني واجملها على الاطلاق مثل حاسبينك – جذاب – مسافرين اتنه اتنه - تكبر فرحتي – يم داركم – وغير ذلك من الاغاني الاصلية التي تنم عن فنان كبير عملاق ، وان الحانه نشم من خلالها دائما الحزن الجميل ، والذي يعبّر عن معاناة نفسية واجتماعية مكنونة في مجتمعنا العراقي عبر حقبة من سنوات ، وقد استطاع هذا الفنان ان يختزلها في الحان عراقية خالصة تصلح لجميع الاذواق والاجيال . ورحم الله فناننا الكبير.
#داود_السلمان (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟