أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خليل كلفت - القوّاد قصة: روبرت فالزر















المزيد.....

القوّاد قصة: روبرت فالزر


خليل كلفت

الحوار المتمدن-العدد: 4097 - 2013 / 5 / 19 - 17:55
المحور: الادب والفن
    


القوّاد
قصة: روبرت فالزر
Robert Walser
ترجمها عن الإنجليزية: خليل كلفت
سيكون خطأً لا سبيل إلى إصلاحه أن أضيف - إلى الكومة العالية من الأخطاء التى نَدَّتْ منى خلال حياتى، وكأنها تفقس من بَيْض الاعتقاد الخاطئ - خطأً جديدًا يتمثل فى تأكيد أن هذا المنزل الكائن فى مكان مّا على قمة تلّ عبارة عن قصر، وهو يبدو فى الواقع أشبه ما يكون بڤ-;---;-----;-------;----يلا أو بجناح فى مبنى، إنه بيت صغير أنيق للناقهين، حيث كنتُ أقوم، بوصفى خادمًا، - ذلك أنه لم يكن بوسعى أن أظهَر هناك بوصفى شيئًا أسمى وأفضل - بمهام كانت فى نظرى ذات طابع سامٍ، رغم أنه لا يمكننى إلّا أن أدرك أن أسلوبى فى الكلام مُطْنَبٌ إلى حدّ الإملال فى واقع الأمر.
وحتى إذا رأيتُ أن مخدومتى - لا أدرى ما إذا كان ينبغى أن أقول هذا - أطلقتْ العنان أحيانًا لعاداتها الخاصة بأن تضمّ بقوّة شفتيها الرفيعتين بشكل لا يُوصَف، فقد ظلّت فى نظرى أجمل امرأة فى العالم، رغم أنه لم يكن ليحدث قطّ أن أرفعها إلى عنان السماء بوصفها معجزة ذات أبعاد نادرة، الأمر الذى منحنى الواقع كل مبرّرٍ يمكن تخيُّله فيما يتعلق بصحته.
كان لسلسلة الجبال - التى كان بوسع المرء أن ينظر إليها، عَبْر إحدى النوافذ الكثيرة جدا بلا ريب - مرأًى سارٌّ للغاية، كان بودّى أن أعلن أنه شيء مُبْهج أن يكرّس لها المرء القدر الملائم من الإعجاب الذى كانت تستحقه تمامًا. أوه، أىّ حريّة ورِقّة كانت تعبّر عنهما أوْفَى تعبير، وهى تبدو، من بعيد، بعيدة وقريبة فى آن معًا! تخيّلْتُ أنّ بوسعى أن ألمس الجبل بيدىّ، وعلى أيّة حال، كان لخُلُوِّه من التعبير مظهر وجه يستجيب، فى المحتوى كما فى الشكل، لأىّ وكلّ مَطْلَب.
مرّت أيام وأيام قبل أن يكون بمقدورى أن أكيّف نفسى إلى حدّ ما مع نوع العمل الذى ربّما كان يقوم عليه المنزل ذو الموقع الرائع، الذى تحيط به فى الواقع، إن جاز القول، رقصات واهنة. أىّ غرض رائع جدًا كان يؤدّيه؟ كان ذلك هو السؤال الذى حيَّرنى، أكثر من مرة.
وكانت الاحتفالات الضخمة بصورة لا تصدق والممتدّة على أطول مسافات يمكن للمرء أن يتمنّاها على امتداد الحدائق الجميلة بشكل خرافىّ والممتدّة من أوّل ضوء فى الفجر، وكان ذلك لطيفًا كلّ مرّة لُطْفَ إلهة تستيقظ من نومها، طويلًا حتى الغَسَق بل أطول وأطول، حتى حافة الليل، .... تلك الاحتفالات كان يتمّ الإنفاق عليها ببذخ فى المنطقة الريفية التى كانت توجد بها هذه الضيعة، متكبِّرَةً كبرياء معبد لكنْ متواضعة مع ذلك من كلّ النواحى، لكل أولئك الذين رغبوا فى أن يشاركوا بقدر فى تجربة صحّيّة، وجديرة بالاهتمام بالتالى، دُعِىَ بعضهم شفاهة وبعضهم الآخر كتابة.
أمّا كوْن المراعى، التى تملؤها الأشجار حيوية هنا وهناك بشكل بالغ الفتنة، خضراء بحدّة لا يمكن حتى لأشدّ المتذمّرين حدّة، وبمرح لا يمكن حتى لأشدّ المشاكسين تأصُّلًا فى المشاكسة، أن يُبْديا عليهما سوى اعتراض ضئيل، إنْ كان لهما أن يُبْديا أىّ اعتراض، فهو أمر من المؤكد تقريبًا أنه جلىّ واضح فى واقع الأمر.
كان المنزل يَعُجُّ بفتيات مدرَّبات جيّدًا، يتنافسن مع بعضِهن بعضُهن الآخر فيما يتعلق بواجباتهن الخصوصية، وربما كان هذا أفضل وأعظم شيء مهذّب يمكن أن يُقال عن الأشباح الآدميّة التى ترتدى عادة المرايل والمزوَّدة بماصّات التراب المكسوَّة بالريش.
ومن حين لآخر كنتُ أسمع مخدومتى الجميلة والمحاصَرة تقريبًا دون شك وهى تصرخ بصوت مرتفع حقًّا: "لا تدفعونى إلى الحافة!" لأىّ نوع من ساكنى الأرض قالتْ هذا؟ وبطبيعة الحال لا يمكن لهذا إلّا أن يظلّ بالنسبة لى لُغزًا مُبْهَمًا، وكان عدم قابليته للحلّ أشبه ما يكون بثوب مُتْرَف، وهو ما أصبحتُ، إن جاز القول، مُتَيَّمَّا به.
وهناك شيء يمكننى أو ينبغى أن أذكره بالعناية الواجبة. فى الحديقة التى ربّما كان يَحُدّها من الجنوب جدول ماء يتدفّق برقّة لامُتناهية عبر مجراه، ممتدًّا شمالًا لينتهى إلى منطقة كثيرة التلال ومتعددة الألوان للغاية، كان هناك، مثل باقة من الأزهار، قَدْرٌ وافر من الأركان المنعزلة الفاتنة، التى كانت تبدو فى الواقع أشبه ما تكون بوجوه صغيرة ودودة، حيث كان بمقدور المرء، كما يروق له، أىْ بأقصى حُرّيّة، أن يمرح، أن يستريح، أن يُمارس قليلًا من الحب - وذات مرّة قادنى البحث عن أىّ شيء يذكّرنى بذلك القَدَر اللطيف، الذى تعهّدتُ بألّا أشكو منه أبدًا، طالما أن ذلك لن يكون، فى رأيى، ملائمًا، إلى أحد المسارح لأشاهد عرض مسرحية أبهجتنى وتركتنى ساخطًا بعض الشيء فى آن معًا. وهل لِىَ أن أعترف بأننى وجدتُ أنّه شيءٌ رائع أن يكون للمرء وجهتا نظر فيما يتعلق بالأعمال الفنية؟ أنْ أكتشف العيب مع شيء مّا أرحّب به بوجه عام، كم أجدُ هذا لطيفًا!
وفيما يتعلق بالأشجار المزهرة فى الحديقة، فأنا أمنح نفسى حرية استخدام نَعْت "ساحرة"، أمّا عن المالك، الشخصى، أىْ الذى كان له الحق فى أن يقول لكلّ الجمال الذى وصفتُه: "أنتَ ملكى"، فسيكون من المرغوب فيه أن أذكر، بنوع من الفزع المرتعب فى صوتى الذى أقولها به، حقيقة أنه كان قوّادًا نُسِجَتْ صلاتُه الأكثر جوهرية بحيث لا يتعرّض للضبط مُتلبّسًا.
كم بدا مُنتصرًا، وكم عرف كيف ينشط دائمًا بأسلوب غير مباشر فى الوَسَط الأشدّ احتشامًا، صامدًا مُوسِعًا الخُطى جيئة وذهابًا كواحد من أبرع مَنْ يُغْوُون الفتيات فى هذا القرن، وهو الذى كان يسير بصحبتى، ذات يوم، وقد بدأ الجوّ لتوّه فى التغيُّر تدريجيّا إلى اللون البنفسجى المميِّز للغروب، على طرق شديدة الانحدار على الجبل، وبالتالى بوصفه شخصًا كنتُ أحمل معطفه بكل إذعان، وهو الذى على حين فجأة، وأمام عينىَّ هاتين، فى منتصف ممرّ قديم، غاص فى هاوية لا قرار لها فغرت فاها عند قدميه، غاص بكل التواءاته الأنيقة، وألغازه المحيِّرة، مثل شبح فوق مسرح، يتلاشى بكل بساطة.
امرأة من الطبقة الوسطى كانت قد شهدتْ الدراما، أيضًا، صرختْ بصوت حادّ: "يستحقها تمامًا!". ولن أنسى ما حييتُ الطريقة الجافة المستقيمة استقامة السهم والتى سقط بها ذلك العضو الأصيل، أىْ الفريد بكل معنى الكلمة، من أعضاء المجتمع البشرىّ، فى الهوّة الفاغرة.
مُستعدّ، جاهز - وكانت تلك نهايته. عُدْتُ إلى المنزل، غارقًا فى التفكير. وكان معطف الچنتلمان المحترم تُحْفَة من تُحَف صناعة الملابس.
"كانت مسحورة به"، اعتقدتُ أن من حقى أن أهمس بذلك، وأنا أفكّر فى أن النور الذى بزغ علىّ ليس ساطعًا مع ذلك، وأدخّن لأوّل مرّة سيجارة ذات نكهة عطرة لطيفة.
كانت واحدة من سجائره.
(1927)



#خليل_كلفت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اعتداء عنصرى بشع على الصحفية النوبية السودانية فاطمة على فى ...
- تمرُّد
- رسالة إلى تيريزه برايتباخ قصة: روبرت ڤالزر
- كيناشت قصة: روبرت ڤالزر
- ڤلاديمير قصة: روبرت ڤالزر
- شهر العسل قصة: روبرت ڤالزر
- أسطورة روح الثمانية عشرا يوما المجيدة
- حكاية قروية قصة: روبرت ڤالزر
- البرلينية الصغيرة قصة: روبرت ڤالزر
- السلطة التنفيذية هى السلطة الحقيقية الوحيدة فى مصر
- توبة قصيدة للشاعر البرازيلى: مانويل بانديرا
- قصة قاسية قصيدة للشاعر البرازيلى: مانويل بانديرا
- جميل جميل قصيدة للشاعر البرازيلى: مانويل بانديرا
- طائر السنونو قصيدة للشاعر البرازيلى: مانويل بانديرا
- جَذَرَ جَذْرا وجذَّر تجذيرا وتجذَّر تجذُّرا (مناقشة على هامش ...
- نجمة الصباح
- النجمة
- الحيوان
- عريان
- السندباد (من أحلام النوم واليقظة)


المزيد.....




- تغطية خاصة من حفل افتتاح الدورة السابعة والسبعين لمهرجان كان ...
- ناشرون بمعرض الدوحة للكتاب: الأدب وعلوم النفس والتاريخ تتصدر ...
- فنون الزخرفة الإسلامية والخط العربي تزين معرض الدوحة الدولي ...
- محامي ترامب السابق يكشف كواليس شراء صمت الممثلة الإباحية
- المهرجان الدولي للشعر الرضوي باللغة العربية يختتم أعماله
- -مقصلة رقمية-.. حملة عالمية لحظر المشاهير على المنصات الاجتم ...
- معرض الدوحة للكتاب.. أروقة مليئة بالكتب وباقة واسعة من الفعا ...
- -الحياة والحب والإيمان-.. رواية جديدة للكاتب الروسي أوليغ رو ...
- مصر.. أزمة تضرب الوسط الفني بسبب روجينا
- “شو سار عند الدكتور يا لولو”.. استقبل الان تردد قناة وناسة ا ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خليل كلفت - القوّاد قصة: روبرت فالزر