أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - صبري المقدسي - الجاينية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية















المزيد.....



الجاينية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية


صبري المقدسي

الحوار المتمدن-العدد: 4092 - 2013 / 5 / 14 - 20:29
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


الجاينية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية
نشأت الجاينية في الهند، من قبل المعلم (فاردامانا ماهافيرا) "599 – 527" قبل الميلاد. وكان نشوءها ردة الفعل ضد الميول والتعاليم البراهمية الهندوسية للتحوّل من الممارسات الروحية الظاهرية (الروحانية الهندوسية) الى الممارسات الروحية الباطنية(الروحانية الجاينية). والشىء الآخر الذي يُميزها عن منبعها الاصلي وعن جذورها الهندوسية هو طرقها التقشفية في الصوم والزهد للخلاص والالحاد. وهي تعدّ مع ذلك جزءا من الحضارة الهندية العريقة إذ لها تاريخ طويل من التقاليد الفلسفية. ولكنها ليست من الديانات (الفيدية) أي انها لاتقبل سلطة الفيدا وهي مجموعة من الكتب الهندوسية المقدسة. ولاتقبل آلهتها ولا سلطة إلهها المطلق (براهمان)، لأنه كل شخص بحسب التعاليم الجاينية يستطيع أن يصل الى حالة الكمال المطلق بعد عدد من التناسخات الجيدة. وقد أثرت الجاينية على الثقافة الهندية من خلال تعاليمها السلميّة واللاعنفية (أهيمسا)، والتي تنص على منع الاذى لأي كائن حيّ، حتى وإن كان أصغر الحيوانات أو الحشرات. وتركز الجاينية في كتبها المقدسة على تعاليم الكارما المتشدّدة وتلزم أتباعها بعدم مقاومة الشر. وتؤمن بالولادة الجديدة وبتجنب العنف بالقول والفعل والفكر.
حاول (فاردامان ماهافيرا) إكتشاف طريق الخلاص لأتباعه. فأسس سلوكا يُنقذ الناس (بحسب رأيه) من المرور في عدد كبير من التناسخات للوصول الى النيرفانا، وتعرف هذه الطريقة (جاين داهارما). ولكنها في حقيقة الأمر، كانت فكرا فلسفيّا تمرديّا ضد الديانة البراهمية الهندوسية (الفيدية)، وضد طقوسها الدينية التي تتطلب تقديم القرابين الحيوانية. وهي شكل من أشكال الديانة الوسطية بين البراهمانية والبوذية. وبقيت الجاينية في موقفها الرافض للبراهمية الهندوسية الى يومنا الحاضر. ويُشتق إسمها من الكلمة (جين ـ الفاتحين أو القاهرين)، واستمدت جذورها من (شرامان) والتي تعني (المعلمين الدينيين القدامى).
هناك شبه كبير بين الجاينية وبين البوذية وبين (ماهافيرا) مؤسسها و(بوذا) مؤسس البوذية. ولهذا يربط بعض العلماء أصلها بالديانة البوذية وبعضهم الآخر يربطها بالفترة الزمنية نفسها وبالتأثيرات الثقافية المشتركة فقط من دون إيجاد أي تأثير بوذي مباشر عليها. ويؤكد العلماء الجاينيون، على قدم الجاينية وإستقلاليتها، فالتشابه بينها وبين البوذية هو بسبب الأصل الواحد للديانتين ولاسيّما بخصوص الزهد والتقشف البراهيمي وبسبب دخول (الكارما) في تعاليمهما العقائدية.
وقد اثرت الجاينية على الثقافة الهندية ولا تزال تؤثر على الصعيد السياسى والديني والثقافى والأخلاقى. وتؤكد على المساواة الطبقية والاستقلالية الروحية فى شتى أنواع الحياة مع التأكيد على نبذ العنف والكره والتفرقة.
وتختلف الاحصائيات العالمية بخصوص عدد أتباع الحاينية من مصدر الى آخر، وتقدر آخر الاحصاءات عددهم 10 مليون تابع، ولكن يبدو هذا التقدير عاليا ومُبالغا فيه عند معظم التقديرات الدينية في العالم. إذ تقدر معظم الاحصاءات عددهم بأقل من 5 مليون تابع. ويعيش الجاينيون اليوم في المناطق الهندية المختلفة ولاسيّما في ولايات راجستان وماهاراشترا وكوجارات. وكانت تعيش جماعة جاينية كبيرة في البنجاب ولاهور ما قبل الانقسام في سنة 1947 بين الهند وباكستان. وتوجد كذلك في الولايات المتحدة أكبر طائفة جاينية خارج الهند وكذلك هناك جماعات من الجاينيين في المملكة المتحدة وكندا وكينيا وتنزانيا وغيرها من الدول الاخرى.
ويوجد اليوم اكثر من 85 جماعة جاينية في اقسام مختلفة من الهند، يتكلمون اللهجات المحلية ويتبعون طقوسهم الخاصة ولكنهم يؤمنون بنفس العقائد ويتبعون نفس الكتب المقدسة.
وتعدّ الجاينية من أصغر الديانات في العالم ولكن تأثيرها وقوتها في الهند يتجاوز عددها القليل. ويُعدّ عطاءها عظيما قياسا الى نسبتها المؤية التي لاتتجاوز 0.4% بالنسبة الى عدد السكان في الهند. فهم يساهمون وبصورة فعالة في الكتابة والثقافة والفلسفة والآداب الهندية، وفي بناء المدارس والمستشفيات الخاصة بالحيوانات والطيور.
الماهافيرا:
عاش مؤسس الجاينية في القرن السادس قبل الميلاد في الفترة المعاصرة لغوتاما (بوذا) مؤسس البوذية. وهو يحمل نفس الألقاب والصفات التي لبوذا مثل(المتنور) و(الماهافيرا) والبطل العظيم والقديس والفاتح وجينا(القاهر لشهواته).
مرّ الماهافيرا في نفس الضروف الحياتية التي مر فيها بوذا. ولابد من التركيز على اللقبين الأخيرين أو الصفتين الأخيرتين لكونهما الصفتان الملازمتان للديانة الجاينية.
ولد فاردهامانا (ماهافيرا) سنة 599 ق.م في ولاية بيهار الهندية من اسرة مختصة بشؤون السياسة والحرب، إذ كان والده أميرا في تلك الولاية. وعاش مثل بوذا في كنف والديه، متمتعا بالخدم والملذات العادية وتزوج من الأميرة (يوسادا) وعاش معها لمدة عشرة أعوام، الى أن بلغ من العمر الثامنة والعشرين، إذ مات والداه ليتركاه في احزانه العميقة، فترك ماهافيرا بيته وحياته الغنية عندما أصبح في الثلاثين من عمره وبدأ بالتجوال في العالم متجرّدا من كل شىء وحتى من ملابسه الشخصية ولمدة 13 سنة وتبعه أحد عشر تلميذا من الكهنة البراهميين بعد اعلانه عن الحالة التنويرية(جينا)، التي حصلت له وهو في تأمله العميق تحت الشجرة. فترك عائلته وحياة الترف والثراء والسلطة وإنطلق الى العراء صامتا لمدة طويلة من الزمن من دون ان ينطق بكلمة واحدة طوال اثنتي عشر سنة، ضل خلالها يُفكر في النفس والكون والأخلاق والدين والطبيعة والآلهة والحياة. وبدأ يتجول بين القرى والمدن والأديرة الرهبانية البراهمية، باحثا عن الحقيقة والطريق القويم. وعندما تيقن من دعوته وإكتشافه للحقيقة حلق رأسه وخلع ملابسه وبدأ رحلة الزهد والخلوة الروحية الشديدة. وكان يُمارس كل أنواع الإماتات الجسديّة والتقشف والصوم القاسي الشديد، ووصل الى درجة من الإهانة لجسده بسبب التجارب والشهوات التي كانت تأتيه، إذ قام بنتف شعر جسده والتجول في البلاد عاريّا تعبيرا منه بإهانة جسده وبرغبته في الموت سريعا والوصول الى السعادة الروحية القصوى (النيرفانا).
تلقى ماهافيرا علومه على يدي (باراسواناث)، الجيني الثالث والعشرين، الذي علمّه الجاينية وكيفية قهر الشهوات والتغلب على الأحاسيس والرغبات، ومارس هذه الممارسات بحرفية شديدة وزاد عليها طرقا جديدة استخلصها من خبرته الروحية مما جعله المؤسس الحقيقي للجاينية.
بلغ في ممارساته الروحية الى درجة من النسك والتقشف حتى عدّه الكثير من البراهميين معلما حقيقيا وأعطوه صفة المُرشد. ورافقه في رسالته عدد من أهل بيته وعدد من الأمراء والملوك الصغار لأعتبار حركته ثورة ضد التقاليد والآلهة البراهمية الهندوسية. واستمر يخطب في الناس ويُرشدهم الى أن بلغ الثانية والسبعين من عمره، حيث توفي في( بافا) سنة 527 ق.م، بعد ان ألقى عظته الأخيرة على أتباعه ومُريديه قائلا: "لا تقتلوا أي كائن حيّ، لا تقتلوا الحيوان لكي تتخذوه طعاما لكم ولا حتى أدنى المخلوقات مهما تكن الضروف ومهما تكن حاجتكم ولا حتى البعوضة التي تعضكم أو النملة التي تلسعكم، ولا تقاتلوا من يُهاجمكم ولا تدوسوا دودة على الأرض".
شىء من التاريخ:
تتميز التعاليم الجاينية بعدم الاهتمام بجذب الآخرين إليها، ولذلك فهي لاتملك ارساليات تبشيرية لهداية الناس. وكان القديس فارداهامانا (ماهافيرا)، وهو المعلم والناسك والشخصية التاريخية الاولى، قد بشّر بالزهد والإماتات الصارمة في الحياة، وإستخدم كل هذه الطرق والوسائل الروحية للتخلص من دورات الانبعاث والتجسّدات الأرضية وتقليلها بقدر الإمكان للوصول الى النيرفانا(السعادة القصوى).
وانقسمت الجاينية بعد موت مؤسسها مثل معظم الأديان في العالم، الى طائفتين وكل من هاتين الطائفتين رتبت قانونا خاصا بالكتب المقدسة (ديغامباراس)، التي تؤكد على التجرّد حتى من الملابس التى تستر العورات وذلك في الأديرة الخاصة بها. ويضع الرهبان قطعة من القماش على أفواههم خوفا من قتل أو ابتلاع الحشرات الصغيرة، وذلك لأيمانهم العميق بقيمة الحياة حتى بالنسبة الى أصغر الحشرات.
وهذه بعض التطوّرات التاريخية للجاينية:
• تأسيس الجاينية في القرن السادس الميلادي من قبل (الماهافيرا) بين سنة 570 ق.م ـ 527 ق.م. حيث خلف الماهافيرا وراءه أتباعا وعقيدة روحية ورهبنة تصوفية قاسية في التطبيق النسكي وخطبا أصبحت مقدسة وجزءاً من الكتب المقدسة.
• تشكيل أول مجمع يهتم بجمع النصوص المقدسة للجاينية في القرن الرابع قبل الميلاد، والذي لم ينجح بسبب الخلافات الكثيرة بين الرهبان.
• تدوين النصوص المقدسة سنة 57 ميلادية، بعد جمعها التقاليد الشفهية والخطب والحوارات العديدة لماهافيرا وللرهبان الكبار.
• حدوث انشقاق في الدين سنة 79 ميلادية، وانقسمام الجاينية الى فريقين تفصلهما هوة سحيقة من الاختلاف حول موضوع الملابس والزهد الى حد العري الكامل.
• عقد المجلس الخاص بجمع النصوص المقدسة وتنظيمها في القرن الخامس الميلادي والذي دار حول الرأي الأخير للكتب المقدسة والتراث الجايني المقدس.
• إختيار اللغة السسكريتية، بعد التداول والدراسات العميقة للتراث الجايني والكتب المقدسة بإحلالها محل اللغة (اردها مجدي) المستعملة طول الفترة قبل الميلاد.
• اهتداء عدد من الملوك الهنود للديانة الجاينية في القرون الميلادية الوسطى ورفع عدد من الرهبان الجاينيين الى درجة المرشدين للحكام والولاة ولاسيّما في بلاط الملك سدراج والملك كامباربلا، وبقاء الحال في تلك الممالك الى مجيىء عهد الانكليز.
• اهتداء الامبراطور الهندي (أكبر) للجاينية، والذي حكم الهند في (1556ـ 1605 ميلادية). وشهد عهده بالتسامح مع كل الأديان. وتميز عهده بتقريب الرهبان الجاينيين الى القصر الامبراطوري وأعطاءهم صفة الحكماء والمرشدين للدولة.
• إنقسام الطائفتين الى طوائف أصغر بكثير والتي تعارض بعضها في استعمال الصور والتماثيل في المعابد والهياكل وحجة البعض منها وجود الصلاة والعبادة او عدم وجودها وقبول الصور أو رفضها.
النصوص المقدسة:
تعد الكتب المقدسة الجاينية من الكتب المُدوّنة منذ فترة طويلة، ومن أهمها وأكثرها إستشهادا عند التكلم عن الجاينية هو كتاب (تاتفارثا سوترا)، أو كتاب الحقائق والوقائع والمؤلف من قبل الراهب والعالم (أوماسفاتي) قبل حوالي 2000 سنة. وأما كتاب الخطب: فهو يتألف من خمسا وخمسين خطبة مع الأسئلة والأجوبة والوصايا الاخلاقية للرهبان الكبار. وقد دوّنت هذه الخطب والوصايا للجاينيين والرهبان والنساك بعد انتقالها شفهيا من جيل الى جيل، وسجلت خوفا من الضياع، فإتجهت النية الى جمعها في مخطوطات وأسفار مقدسة باللغة السنسكريتية.
وكانت أول محاولة لجمع وتدوين الكتب المقدسة قد تمت في سنة 57 ميلادية، وأما المحاولة الثانية وباللغة السنسكريتية فقد تمت في القرن الخامس الميلادي وفي مجمع خاص لهذا الغرض سُميّت الكتب المقدسة على إثرها (أجاميس) ومعناها (الوصايا). وأضافت الجمعية الجاينية كتابا مقدسا آخر ألا وهو (سامانا سوتام)، وذلك سنة 1974 ميلادية مما يعني ان القانونية المقدسة للكتب هي مفتوحة الى اليوم، والفرصة في ظهور (الجينا) ممكنة جدا في أي وقت.
المذاهب:
وقعت الانقسامات بعد وفات ماهافيرا، والسبب للإنقسامات كانت القوانين الرهبانية ونوعية الملابس التي يجب استعمالها أو عدم استعمالها والبقاء في حالة العري مثل المؤسس نفسه الذي اختار هذا النوع من الحياة والذي صام صوما انتحاريا الى أن مات. وتحكي التقاليد عن المؤسسة الرهبانية الاولى التي أسسها ماهافيرا والتي كانت تتكون من 14,000 راهب و36,000 راهبة وذلك قبل وفاته. ووقعت الانقسامات بعد وفاته حالا بسبب القوانين الرهبانية ونوعية الملابس التي يجب استعمالها أو عدم استعمالها والبقاء في حالة العري مثل المؤسس الذي اختار هذا النوع من الحياة والذي صام صوما انتحاريا الى أن مات.
فأصر قسم من الرهبان المدعوين (سكيتامبارا) على استخدام الروب الابيض وبينما القسم الآخر والمدعويين (ديغامبارا)، قد إختاروا التجوال عراة كمؤسسهم ماهافيرا. والبعض منهم أصر على ابعاد المرأة من الاجتماعات وعدم قبولها في الديانة. واجتمع هؤلاء جميعهم في مجمع سنة 456 ميلادية حول نوعية الملابس الواجب استعمالها وقانونية الكتب المقدسة ومكانة المرأة من الدين. فأبعدوا الديغامباراس من المجمع. وفي الفترة من القرن الرابع الى السادس الميلادي هاجرت المجاميع الجاينية الى الغرب والمناطق الوسطى من الهند وارتحل الجزء المنشق منها الى الجنوب من البلاد، حيث تمتع اتباعها بدور سياسي مشهود له وأستطاعوا كسب الملك (أموغهافارش) الى الجاينية في القرن التاسع الميلادي.
لعبت الفلسفة والثقافة الجاينية دورا سياسيا واجتماعيا وحضاريا رئيسيا في الهند. وقد عبر تأثيرها الى ما بعد الحدود الهندية. إذ وصل الى الشرق الأوسط والى دول البحر الأبيض المتوسط والدول التي تتواجد فيها جاليات صغيرة من الجاينية وهي سيريلانكا وباكستان وبنغلادش وكمبوديا وأفغانستان وكندا وأمريكا واوروبا وأفريقيا الشرقية.
ويمارس الجاينيون الرهبانُ الطرق النسكية القاسية والصارمة وتنظم رهبناتهم في شكل جماعات أخوية، تنذر العزوبية والتعرّي والإماتة الجسدية والصوم وتنقسم الى الطائفتين الرئيسيتين والطائفتين تنقسم الى طوائف أصغر بكثير وهي تعارض استعمال الصور والتماثيل في المعابد وتمنع بعضها الآخر، الصلاة والعبادة أصلا. واما العلمانيون، فإنهم يُزاولون ممارسات أقل صرامة في الصوم والبتولية والتجرّد. فالعلماني مثلا يستطيع أن يختار المهن الانسانية التي تحمي الحياة، ولكنه لا يستطيع أن يعمل في المهن التي تؤدي الى قتل البشر أو الحيوانات.
وتنقسم الجاينية الى طائفتين:
1ـ طائفة الزي الأبيض (ديجامبارا): لكون الرهبان في هذه الطائفة يلبسون الزي الرهباني الأبيض دائما وهم أكثر عدداً من الطائفة الأخرى ولا سيّما في الشمال الغربي من الهند، وتتبع هذه الطائفة بعض النساء الراهبات.
2 ـ طائفة الزي السماوي(سويتامبارا ـ العراة): تتكون من الرهبان الذين يتنسكون عراة في الأماكن العارية معرضين أنفسهم لقساوة الطبيعة والحياة.
وأصبحت الطائفتان اليوم تلبسان الملابس العادية في ما عدا الرهبان الذين لازالوا يلتزمون بالأزياء التقليدية.
ويشمل قانون الكتب المقدسة لطائفة الزي الأبيض، من خمسة وأربعين نصاً مُقدسا وفي اللغة البراكريتية الهندية. ومن أهم هذه النصوص (الكتاب المقدس للشرق).
والمفهوم العقائدي والأخلاقي في الجاينية وهو من أهم المواضيع بالنسبة اليهم، ينظرون اليه بجدّية وقدسية لامثيل لها. إذ هناك خمسة نذور تلزم الرهبان والراهبات والعلمانيين والعلمانيات وهي: 1 ـ اللاعنف. 2 ـ الحقيقة. 3 ـ عدم السرقة. 4 ـ العفة. 5 ـ عدم الاقتناء.
ومع هذه النذور الخمسة هناك النشاطات الثمانية عشر التي تساعد في تحرير (الأتما ـ النفس)، ويجب أن ياتي تطبيقها من الداخل وهي: العنف والكذب والسرقة والسلوك الغير العفيف والامتلاك والغضب والتكبر والطمع والخداع والارتباط والحقد والمجادلة والثرثرة والاتهام والنقد والكراهية والحقد والايمان الخاطىء.
وتعتقد الجاينية بأن كل الأرواح مساوية وجميعها لها الفرصة نفسها في التحرر من الجسد ومن العوائق الحسيّة المختلفة والدخول الى حالة الموكشا، في ممارسة الطرق التقشفية التي يُمارسها الجاينيون.
الآلهة والمعابد:
لما كانت الجاينية ثورة على الهندوسية وآلهتها وبالأخص إلهها الأكبر (براهمان)، الروح الأكبر أو الخالق الأعظم الذي خلق الكون وكل ما يُرى وما لا يُرى. إذا كان لابد من رفع الانسان وكل الاشياء المحسوسة الى درجة الالوهة ولاسيّما الانسان الذي له القابلية في الوصول الى الكمال بعد عدد محدود من التناسخات للتخلص من الجسد المادي. ومع ذلك فهم جعلوا من كل شىء الها وحتى الحشرات والنباتات والحجارة والصخور والأنهار. ولهذا فلا يحتاج الانسان الى الصلاة والعبادة للآلهة لأنهم لايستطيعون فعل شىء، فهم ضعفاء مثل البشر. والكتب الهندوسية أيضا، لا قيمة لها البتة في نظرهم، لكونها تشجع على الإتكال على الآلهة الكسولة والعديمة الفائدة.
ولما كان الجاينيون رفضوا آلهة الهندوس ولكن أتباعهم اليوم يعتقدون بألوهية كل شىء، من الجبال والأرض والأنهار والحجارة والنفس البشرية والأشجار وكل أنواع الكائنات الحيّة وحتى الحشرات الصغيرة مثل البعوضة والقمل والنمل والتي يجب إحترامها وتقديسها.
ويعترف الجاينيون بالأرواح الخالدة والآلهة الثانوية. ولكنهم لايعترفون بعبادتها ولابتقديم القرابين لها. ولا خلاص للإنسان إلا بجهده الشخصي، وأسرع طريقة للوصول الى ذلك هي بممارسة أعمال الصوم والزهد وشظف العيش(تاباس) وبالتأمل الباطني الذي يؤدي الى نوع من الغيبوبة الوجدانية والانفلات من الجسد المادي والسمو فوق الوجود المادي المحسوس(الحالة التنويرية).
ويؤمن الجاينيون بخلود الكون وبوجود فترات طويلة من التطوّر والإنحطاط. وبمرور الانسان في هذه المرحلة بالفترة الانحطاطية والانحلالية التي لامثيل لها في تاريخ البشرية. ويستمر الانحطاط بحسب الجاينية حتى مرور الفترة السادسة من الخلق والتي هي مائة الف سنة. ويؤمن أتباع الجاينية بأن ديانتهم هي أبدية بدأت منذ البدء وتبقى الى المنتهى ويعتقدون بان الإله هو خاصية غير متغيّرة داخل كل كائن حيّ. والخاصية هي المعرفة التامة والضمير والسعادة والسلوك الجيّد.
وتؤمن الجاينية ان (ديفاس ـ الملائكة أو الالهة الصغار) لا تستطيع أن تساعد البشر في تقريبهم من الموشكا أو تحريرهم من التناسخات العديدة للوصول الى النيرفانا. فهم لايستطيعون حتى مساعدة أنفسهم للوصول الى النيرفانا إلا إذا تجسّدوا واصبحوا بشرا وتخلصوا من الكارما.
ولم يكونوا الجاينيون يعرفون العبادة والصلاة لعدم وجود ايمان لهم بالآلهة. ولكنهم كانوا يعيشون حياة تقشفية ويُبالغون في الصوم ولكنهم بدأوا تدريجيا ببناء المعابد الرائعة في الجمال ونحتوا فيها التماثيل الجميلة لقادتهم الروحيين ولاسيّما الجين الربع والعشرون.
ومع انهم لايعملون في الزراعة ولا يشتركون في الجيش ويمتنعون عن العمل في كثير من الأشغال التي تتعارض مع تعاليمهم الدينية إلا أنهم مع ذلك نجحوا في التجارة والأعمال الحرة والعلوم المختلفة وقدّموا خدمات يشهد لهم الكثير من غير الجاينيين في المجال الانساني والاخلاقي وكذلك في اسهاماتهم العمرانية كبناء المستشفيات والمعابد أكبر دليل على ايمانهم وصدق نيتهم.
العقائد:
تؤكد الجاينية في عقائدها، على نشوءها من قبل عدد من الفاتحين والقاهرين لشهواتهم، الرهبان الجاينيين المؤسسين ومنهم ( ماهافيرا) الذي يُمثل الرقم 24 من الفاتحين الذين قضوا حياتهم في الصوم والزهد عن الحياة، والكفارّة ونكران الذات والإبتعاد عن كل أنواع الملذات والماديّات. وهم عادة أناس مسامحون، يرحبون كثيرا بالآخر من أتباع الديانات الأخرى وكثيرا ما يُساهمون في نشر بذور التسامح والالفة بين الناس من مختلف الطوائف والمذاهب الدينية في الهند.
ويتكون المفهوم العقائدي للجاينية من الكلمات أو الجواهر البوذية الثلاثة: الإعتقاد السليم، المعرفة الصحيحة، التصرّف الصائب. وبالنسبة الى الأخلاق والسلوكيّات البشرية فإن الجاينية لاتختلف في هذا الصدد عن البوذية والهندوسية. ولكن هناك إختلافات طفيفة بينها وبينهم بالنسبة الى قتل الحيوانات، فالبراهمية والبوذية تسمحان به للغذاء ولتقديم الذبائح والقرابين، بينما الجاينية تحرّم قتلها وأكلها. وتمنع الجاينية قتل أي كائن حيّ مهما كانت الظروف حتى ولو دفاعا عن النفس. ولذلك تتميز حياة الجاينيون بالرقة والمحبة لكل الكائنات الحياة، فهم يُفضلون لسعة البعوضِ على قتلها. وتجدهم يُقدمون الإحسان للبشر والحيوان بشكل رائع، ولهم عدد من المستشفيات الخاصة بالحيوانات في الهند والعالم. واما بالنسبة الى الانتحار فإنهم يسمحون به شرعا، إذا ما لم يستطع الجايني السيطرة على غرائزه الجنسية وشهواته الجسدية الاخرى بالرغم من الإماتات والرياضات الروحية التي يقوم بها، فله الحق بأن يُعجّلُ نهايتَه بالإنتحار. وهذا ما يعدّ شيئا محرّما في البوذية والأديان الاخرى قاطبة. ويهتم الطرفان بالسلوك القويم، وبالمعرفة الصحيحة، وينظران إلى العالم على أنه شرّ، ويميلان إلى التصوف. ولكن الجاينية تشجع التقشف الكئيب، والزهد الجاد والمتشائم، وإماتة الجسد تماماً. وتعدّ البوذية ّ أكثر اعتدالاً، لأنها تشجع الفرح والتفاؤل والبهجة في الحياة. ولربما هذا هو السبب في إنتشارها أكثر من الجاينية وقبولها بين المجتمعات بصورة أشرف، وانه من الصعب على الناس ممارسة النظام الجايني التقشفي القاسي الذي قد يصل الى درجة الاهانة للجسد. وحدثت حالات من التقشف والصوم الى حدّ الموت، فيما يُسمى بالتقشف الإنتحاري.
والنتائج النهائية المتوقعة من الكارما في الجاينية هو الحصول على النيرفانا وهي السعادة القصوى، أو الحالة الخلاصية والتحررية الأبدية للنفس البشرية. وهي تقوم على الرياضات الروحية والتأملات النفسيّة العميقة، بغية إخماد شعلة الحياة في نفوس معتنقيها.
وتحذو الجاينية حذو البراهمية الهندوسية والبوذية في النظر الى الكارما والى الاشراقات الضمنية والتولدّات التناسخية المتعدّدة، وتنظر أيضا على أن الحياة الأرضية بكل جماليّاتها والجسد وشهواته وحاجاته الجنسيّة والمادية ما هي إلا بؤس وشقاء لا بد من التخلص منها. فالحرية والتخلص من الولادات الجديدة هو الهدف والطموح لدى الرهبان الجاينيين. وبينما البوذية والبراهمية الهندوسية تنظران الى النهاية، على أنها اليقضة الأخيرة والسُبات الأخير للوصول الى النيرفانا ـ السعادة القصوى، تتمسك الجاينية وبشكل عنيد جدا بالتقاليد القديمة حول مسكن النعمة النهائي حيث تكون النفس حرّة من كل الضروريات المطلوبة للولادات التجسّدية على الأرض، متمتعة وللأبد بالوجود الروحي الواعي. وللحصول على هذه الحالة يُمارس الجاينيون الصوم والرياضات الروحية الشديدة والتقشفات القاسية الى أن يتحرّروا من الجسد في الموت. ولا تنكر الجاينية وجود الآلهة لكن عبادتها لاتفيد بشىء بالنسبة الى الجاينية. ويُكتسب الخلاص في الجاينية بالجهد الشخصي بتنقية النفس من كل ما يُعيقها ويجعلها حرّة ولذا فهي تطمح بحياة روحية نقيّة في السماء. ولا يتحقق هذا الهدف والطموح إلا بالإماتات الجسدية القاسيّة التي صاغها وطبقها المؤسس (جينا) نفسه في حياته الأرضية. وبالنسبة الى الرهبان الجاينين فإن إثنتي عشرة سنة من التنسك الشديد وثمان ولادات أرضية، كافية للدخول الى السماء. ولما كان الجاينيون لايعبدون الآلهة الهندوسية، ولذلك فإنهم ينْصبونَ معابدَ بارزةَ لمعلمهم (جينا) وللمعلمين المُبجّلين الآخرين. ويزيّنون صورَ هؤلاء القديسين بالأضويةِ والزهورِ، ويمشي المؤمنون حولها مُرتلين ومُزمرين الكتب المُقدسة (مانتراس).
ولكي يُجسّد الجاينيّون ما يُعلمون من احترام وتقدير لكل الكائنات الحيّة، فكان عليهم أن يقوموا بكثير من أفعال الخير والرحمة ومن ضمنها إقامة المأوى للحيوانات السائبة ورعايتهم وتغذيتهم مع اقامة المستشفيات الخاصة بهم. ويتحقق الخلاص عندهم بالإعتقاد الصحيح بجميع القادة المؤسسين الأربعة والعشرين وبجميع تعاليمهم وبالمعرفة الصحيحة بالأمور والنواحي العلمية للكون والعلم بالأمور الطبيعية والوجدانية وبالروح وقوتها والمسالك الوجدانية المهمّة في تقويتها. ويعد هذا نوع من أنواع الهروب من دائرة الإنبعاث والولادات الجديدة (الكارما)، فيما يُسمى (الموكشا)، أو التحرر، وهى عملية التخلص من دائرة الموت والحياة، عن طريق التحكم بالنفس والزهد وتحرير الروح من الجسم والوصول الى حالة الكمال والسعادة القصوى.
• تدعوا الجاينية الى طاعة الشعب للحكام وذبح من يعصي أوامرها، وبسبب هذه التعاليم، يتبع تعاليم هذه الديانة عدد لا بأس به من الملوك والأمراء التاريخيين للهنود.
• تعلم الجاينية كيفية الوصول الى النيرفانا بأسرع طريقة ممكنة، وذلك باتباع خطة النقاء والصفاء في الفكر والقول والعمل وبتجنب القتل والسرقة والزنى، والإبتعاد عن الكذب والطمع واللذات والرغبات. والاجتهاد بقدر الامكان، في التخلص من الكارما والولادات الأرضية العديدة حيث ينتهي الصراع من أجل النيرفانا والصراع ضد الجسد وشهواته ورغباته العديدة والطرق والوسائل اللازمة الى ذلك.
• ترفض الجاينية العمل في الزراعة خوفا من قتل الديدان والحشرات الصغيرة. إذ أن أتباعها لايؤمنون بالقتل والحرب ولايشجعون المشاركة في الحروب خوفا من إراقة الدماء وقتل البشر والحيوانات.
• تعلم الجاينية في عقائدها كيفية قتل العواطف البشرية وصد كل أنواع الرغبات والأحاسيس البشرية والسيطرة عليها سواء كان الجوع والعطش والحب والكره وحتى الخير والشر. الخلاص من الآثام بحسب الجاينية بالعمل الطيّب وليس بالصلاة ولابعبادة الأصنام.
• تعلم الجاينية كيفية التغلب على الحزن والسيطرة على كل أنواع المشاعر مع التغلب على الخجل والحياء والعيش ببراءة من دون كساء.
• تدعو الجاينية الى التجويع الذاتي وقتل الإحساس بالجوع وقطع كل الروابط بالحياة وهي حالة الإنتحار للتخلص السريع من الولادات العديدة والوصول الى الخلود.
• تؤمن الجاينية ان للأحياء مثل الأشجار والماء والنار والحجر والنبات والبصلة والجزرة روحا. ومن الممكن ان يتحول الانسان الى كل من هذه النباتات والحيوانات والضفادع والثعابين والخنازير، في التاسخات العديدة الى أن يتحرر نهائيا في حالة النيرفانا.
• تؤمن الجاينية بوجود الجحيم تحت سطح الأرض وبأنها تتكون من سبع طبقات، كل طابق منها أشد هولا من الآخر، والروح الشريرة تذهب هناك بعد أن تنتهي من التجسدّات الرديئة. وأما إذا كانت الروح صالحة فهي ترتفع الى الأعلى إلى أن تصل الى إحدى الجنّات الست والعشرين، والطابق السادس والعشرين هو المكان المناسب للنيرفانا وهو المُخصّص للأرواح في غاية الصلاح والنقاء.
• لاتؤمن الجاينية بإله مطلق أبدي بل بالأحرى بكون أبدي تحكمه القوانين الطبيعية.
• تؤكد الجاينية على جميع أتباعها أن يكونوا نباتيين وقد تأثرت بعض المناطق الهندوسية وقبلت بالنظام الغذائي الجايني النباتي من دون أن تنتمي الى الجاينية. ولا يأكل الجايني المؤمن بعد غروب الشمس شيئا ويجب عليه أن ينهض قبل شروق الشمس كل يوم.
• تعلم الجاينية على تجنب الكارما الرديئة والسيطرة على الالآم والأحاسيس والكبرياء والغضب والكذب والطمع والتبذير والحسد والعادات الرديئة الاخرى. وتشجع الجاينية في جميع تعاليمها على بناء الكارما الجيدة وكل الممارسات الحسنة التابعة لها مثل الرحمة ومساعدة الفقراء وبناء المستشفيات للبشر والحيوانات والطيور والبيوت الخاصة للأيتام والمدارس والمعابد.
العبادة والطقوس:
يُصلي الجاينيون كل يوم صلاة عالمية يدعون فيها (جيناندرا شري شانتي) الذي يُعبد من جميع العالم وهو واهب السلام والبهجة والسلام الدائم الى أن يحصل الجايني على الهبة الأبدية وهي النيرفانا.
ويبني الجاينيون المعابد والهياكل ويضعون فيها صورا للجينا الأربع والعشرين ولاسيّما صور (تيرثانكارس). ويُمجدونهم بتراتيل روحية جميلة. ولكن بعض الجاينيون يرفضون دخول الهياكل والمعابد ويمتنعون من تقديم الاحترام والعبادة لهم ويعدّونهم حكماء ومرشدين فقط.
والحياة الواقعية في العالم المادي في الجاينية تتكون من عامة الناس ومن الرهبان والراهبات ولهؤلاء قوانين أخلاقية يجب إتباعها ومن القوانين الصارمة التي على الرهبان والراهبات والنساك اتباعها:
أهيمسا ـ اللآعنف.
ساتيا ـ الحقيقة.
أسيتيا ـ عدم السرقة.
براهماكاريا ـ نقاء العقل والجسد.
أباريغراها ـ التحرّر من المتعلقات المادية.
وتعد هذه نذورا مؤبدة للرهبان والراهبات ولكن هناك نذور أخرى أقل صرامة للجاينيين العاديين وهي عشرة وهي أقل صرامة من الاولى وهي:
عدم القتل أي كائن حي.
عدم الكذب.
عدم السرقة.
عدم الزنى.
القناعة عدم الطمع.
عدم الزنى.
تجنب الشرور.
التأمل.
نكران الذات.
الزكاة.
ومن هذه التعاليم الاخلاقية نستنتج مدى صرامة الطرق النسكية والتقشفية للجاينيين الذين يؤمنون بهذه العهود والمواثيق التي إذا ما طبقوها فإنها تخرجهم من الظلمات الى النور العلوي وتخلصهم من الهموم والمشاكل العديدة الى يوم ينطلقون أحرارا طلقاء.
الأعياد:
تحتفل الجاينية بأعيادها الدينية بالصوم والعبادة وترنيم النصوص المقدسة مع فتح الحوارات الدينية وتعليم المبتدئين العقيدة الدينية، وإعطاء الصدقة مع إبراز النذور الخاصة والقيام بأفعال الرحمة المختلفة تجاه كل الكائنات الحية. ويضبط الجانيون الأعياد بحسب التقويم القمري ومن أهمها ولادة الماهافيرا في شهر (كايترا ـ آذار ونيسان) والاحتفال في موته في شهر (كارتيك ـ تشرين الأول وتشرين الثاني) وتدوم مدة عيد باريوشانا عادة ثمانية الى عشرة أيام في شهري (شرافانا وبهادرابادا) وهما شهري آب وأيلول. وفي خلال شهر باريوشانا يتقدم المؤمنون للأعتراف بخطاياهم ويقومون بزيارات العوائل التي من الممكن قد أساءوا إليها مع الشروع بالأصوام المُختلفة.
والاحتفالات الجاينية الاخرى هي في مواسم الحج والتي تدوم عادة بضعة أيام إذ هناك عدد من الأماكن الروحية المهمة التي يقومون بالحج إليها في مواسم الميلاد لحكمائهم الاربع والعشرين.
الصوم:
الصوم من الطقوس الشائعة جدا في الجاينية، حيث أنهم يصومون في جميع المناسبات والأعياد. وفي يوم الإحتفالات المهمّة للصوم وهو (باري أوشان)، ويدوم الصوم عادة 8 أيام، وكذلك موسم المونسون وهو من أهم المواسم الروحية للصوم. فالجايني المؤمن يستطيع أن يصوم في أي وقت يختاره ولاسيّما إذا شعر بوجود خطأ ما في حياته أو حياتها.
ولكن تطرف البعض في الصوم الى حد الموت جعل من ولاية راجستان الهندية تدرس جديّا جعله قانونا يجرم مرتكبيه. ولكن يُجرمون من؟، يُجرمون لربما من يفشل في الصوم الإنتحاري.
الزواج:
هناك تشابه كبير بين طقوس الزواج الهندوسية والجاينية، والأختلاف الوحيد بين الطقسين هو الصلوات الطويلة أثناء الزواج في الجاينية، إذ تبدأ الطقوس عادة سبعة أيام قبل يوم حفل الزواج، ويدعون الجاينيون الآلهة للمشاركة في هذه الطقوس من خلال العبادات والصلوات، وتستمر الطقوس سبعة أيام اخرى بعد الزواج في تقديم الشكر للآلهة. ومن الممارسات الشائعة للعروسين قبل الزواج هو تدليكهم بزيت خاص وبالمواد العطورية والتجميلية الأخرى التي تزيد من جمال العروسين في المناسبة الكبيرة.
وتمارس هذه الطقوس تحت ستارة خاصة (مانداب)، التي تصنع لهذا الغرض وهي بشكل خيمة في أربعة أعمدة وتصنع عادة في بيت العروس وتوضع عادة في مكان مرتفع لكي يستطيع الكل مشاهدة العروس والعروسة. ومن الممارسات الطقسيّة الأخرى، قيام والدي العروس بغسل أرجل العريس قبل الشروع في طقوس الزواج.
وفي الختام يُقدم الكاهن التهاني للعروس والعريس في زواجهم ويُعطي بركته الأخيرة لهم ومن ثم يُرسلون في زيارة الى الهيكل وبعدها الى بيت العريس.
الرموز الجاينية:
يرمز الصليب المعكوف الى الشمس والاتجاهات الأربعة أو الرياح الأربعة. وقد استعمل قديما في آسيا والحضارات القديمة وكذلك استعملته العشائر الالمانية القديمة، ومن ثمَّ أحيا استعماله الدكتاتور النازي ادولف هتلر، ويمثل مع الدائرة حوله من الخارج الى علاقة السماء بالأرض والى كمال الجنس البشري( العنصر الآري الأشقر).
واستخدم هذا الرمز في الهند من قبل البوذيين والهندوس، علامة للحظ وللقوة والصحة الجيدة. وفي آسيا الشرقية استخدم تعبيرا عن البوذية ومفاهيمها وعقائدها.
والجدير بالاشارة، أن الصليب المعكوف مع أذرعه المتجهة يمينا يرمز الى الحظ والخير. ويرمز الى التعاسة والشر عندما تكون إتجاهاته نحو اليسار بحسب المفهوم الهندوسي. وهو رمز مقدس في الهندوسية والجاينية. وينتشر إستخدام هذا الرمز في الغرب الأوروبي ويعرف بالشعار النازي. ولا يزال الهندوس والجاينيون يستعملونه في إحتفالاتهم الدينية والشعبية وفي هياكلهم وأعراسهم وفي غيرها من الأحتفالات الاخرى. ويستعمل أيضا في أندونيسيا وفي حضارات أميركا الأصلية، ووجد إستعماله كذلك في اليونان القديمة وفي بعض المناطق الأفريقية.
وكان استعمال هذا الرمز سياسيّا ولأول مرة في ألمانيا النازية، عندما تبناه ألقائد الألماني أدولف هتلر شعارا لحزبه الاشتراكي الوطني بين 1933 الى 1945، والذي كان يُريد أن يفرض الجنس الآري الجرماني على كل البشر، وذلك تطبيقا لفلسفة (فريدريك نتشه) العنصرية النازية والآلحادية التي تزعم أن للجنس الآري الألماني الحق في حكم العالم وإدارته
الهامسا: انه رمز آخر من الرموز المقدسة للجاينية وهو نوع من الطيور المهاجرة الى الهند من آسيا الوسطى في أثناء الاشهر الشتوية الباردة وهو ايضا رمز من رموز الاله براهما في الهندوسية. وهناك عدد من الاساطير والخرافات حول هذا الرمز. ومنها علاقة الهامسا مع إله الشمس(سوريا) والذي يدل على القوة والكثرة. ويرمز للهامسا في الكتب الهندوسية بالنقاء والمعرفة الالهية والولادة الكونية(برانا) والوصول الى القمة الروحية.
وتعني الكلمة في اللغة السانسكريتية، الوحدة الالهية والانسانية أو تعني نسمة الحياة، لكون الكلمة (هام) تعني الشهيق و(سا) تعني الزفير.



#صبري_المقدسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكونفوشيوسية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية
- الشنتوية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية
- البوذية: المنشأ والجذور والعقائد الروحة
- الإسلام: المنشأ والجذور والعقائد الروحية (ج 2)
- الإسلام: المنشأ والجذور والعقائد الروحية (الجزء الثاني)
- الإسلام:المنشأ والجذور والعقائد الروحية(الجزء الاول)
- المسيحية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية(الجزء الثالث)
- المسيحية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية(الجزء الثاني)
- المسيحية: المنشأ والجذور والعقائد الدينية(الجزء الاول)
- اليهودية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية
- الزرادشتية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية
- الزواج: واحد + واحد = واحد
- الهندوسية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية
- الأمل نزعة فطرية تعلم التشبث بالحياة
- سعادتي في الايمان
- الثقافة الصحية ركن من اركان المجتمع المتمدن
- لا نظام من دون منظم ولا حركة من دون محرك
- هل وجد الكون بالصدفة، أم هو أزلي، أم هو مخلوق؟
- الكون في نظر العلم والاساطير الدينية
- العمل قانون الحياة


المزيد.....




- ماذا قال الحوثيون عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجام ...
- شاهد: شبلان من نمور سومطرة في حديقة حيوان برلين يخضعان لأول ...
- الجيش الأميركي بدأ المهمة.. حقائق عن الرصيف البحري بنظام -جل ...
- فترة غريبة في السياسة الأميركية
- مسؤول أميركي: واشنطن ستعلن عن شراء أسلحة بقيمة 6 مليارات دول ...
- حرب غزة.. احتجاجات في عدد من الجامعات الأميركية
- واشنطن تنتقد تراجع الحريات في العراق
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- جامعة جنوب كاليفورنيا تلغي حفل التخرج بعد احتجاجات مناهضة لح ...
- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - صبري المقدسي - الجاينية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية