أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - صبري المقدسي - الإسلام:المنشأ والجذور والعقائد الروحية(الجزء الاول)















المزيد.....



الإسلام:المنشأ والجذور والعقائد الروحية(الجزء الاول)


صبري المقدسي

الحوار المتمدن-العدد: 4087 - 2013 / 5 / 9 - 19:53
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


الإسلام: المنشأ والجذور والعقائد الروحية(الجزء الاول)
هو الديانة التوحيدية الرئيسة في العالم بعد اليهودية والمسيحية. ويأتي بعد المسيحية من حيث مساحة انتشاره وعدد أتباعه، إذ يُقدّر عدد المسلمين 3. 1 مليار تابع في العالم. وينتشر الاسلام اليوم في معظم دول العالم ولاسيّما في الشرق الأوسط وأفريقيا وأجزاء من آسيا وبنسب كبيرة جدا. وكذلك في اوروبا والولايات المتحدة الامريكية واستراليا، وبنسب لا بأس بها.
والاسلام هو(التسليم الكامل لله) وهي كلمة عربية من مصدر أسلم يسلم فهو مسلم ويعني: الاستسلام والانقياد. وأما المعنى الاصطلاحي للكلمة، فهو اظهارالخضوع للشريعة ولما أتى به النبي محمد. ويؤمن المسلمون أن مصدر الاسلام هو وحيّ مباشر من الله الى النبي محمد، وهو النبي الأخير في سلسلة الأنبياء: آدم ونوح وابراهيم ويعقوب ويوسف وهارون وداود وموسى وعيسى. ويعتقد المسلمون أن الوحي الى محمد، كامل ونهائيّ وأن الشريعة الاسلامية هي أعدل الطرق وأوضحها وأكثرها فعالية في الوصول الى الغاية.
ويُشكل العرب المسلمون 18 % من مجموع المسلمين في العالم. ويُشكل الاسلام في أفريقيا السوداء 20 % من مجموع السكان، وفي دول جنوب آسيا 30 % من مجموع السكان. وتعدّ فرنسا من الدول الاوروبية الأكثر عددا من المسلمين إذ يبلغ عددهم 6 مليون مسلم(10% من السكان)، وأن 70 % من السكان في جمهوية البانيا هم من المسلمين. ويقدّر عددهم في جمهورية البوسنة والهرسك 48%، وفي مقدونيا 30%. وفي الولايات المتحدة بين 8. 1 مليون الى 7 مليون تابع من مجموع 330 مليون. والعدد الأكبر من المسلمين يعيش في اندونيسيا(170 مليون نفس ـ 90% )، ثم في الباكستان (136 ـ 99%)، وبعدها بنغلادش 87%، والهند 11%، وايران 99%، ومصر92%، وتركيا 99%، ونايجيريا 50%، والمغرب 99%، واثيوبيا50% وافغانستان99%، والعراق97%، والسعودية 99%.
وينمو الاسلام بنسبة 9 . 2 % سنويا، بحسب الإحصاءات التقديرية للموسوعات الاسلامية والبريطانية والأمريكية والكاثوليكية، وتفوق هذه النسبة على الزيادة السنوية العالمية التي تقدر 3. 2 %. وتعود الزيادة السكانية في الدول الاسلامية الى نسب الولادات العالية التي تفوق على كل الديانات الاخرى. حيث أن كل (6) من (9) دول من حيث الولادات العالية في العالم، هي من الدول الاسلامية.
البدايات والأصول:
يعني القرآن الكريم في استعماله لكلمة الاسلام الى حالة الإنسان الذي يُسلم أمره لله ويُطيعه في كل شيء. فكل من يُطيع الله هو مسلم حتى وإن لم يتبع دين محمد. ولكن المصطلح إنحصر إستعماله اليوم في الجماعة التي تتبنى الموقف الإيماني للقرآن الكريم. وهو مسلم إذن من يتلو الشهادتين ويلتزم بالأركان الاسلامية الخمسة.
وكان العرب مثل غيرهم من الأمم يعبدون الطبيعة وقواها وظواهرها المختلفة، إذ كانوا يعبدون الشمس والقمر والنجوم ويصنعون لها التماثبل ويتشفعون بها. وكان لهم في مكة 365 صنما في الكعبة وحولها، يُقدسونها ويُقدمون القرابين لها في أيام الحج وفي الأيام الإعتيادية. وكان تأثيرهم بالأديان الأخرى كبيراً، إذ كانت اليهودية قد إنتشرت في الحجاز واليمن ويمتد نفوذها من يثرب حتى تيماء في أقصى حدود الحجاز الشمالية مع سوريا. ولهم عشائرهم المنتشرة في الجزيرة العربية، مثل بني قريظة في يثرب من جهة الجنوب الشرقي، وبني النضير من جهة الغرب. وكان تجمعهم الأكبر والأهم في شمال الحجاز، في ما يُسمى بمنطقة الخيبر. وكانت هناك مناطق مسيحية في شمال الحجاز وجنوبها وفي اليمن وعلى طول ساحل الخليج. وكانت تنتشر الديانات الاخرى مثل الديانة الحنيفية التي كانت تؤمن بإله ابراهيم وتحارب الأوثان والعادات الجاهلية وكذلك الديانات الزرادشتية والصابئية والمانوية(المسيحية ـ الزرادشتية) والمسيحية النصرانية (النصارى) والتي كانت تتمركز في مكة ولها أسقف في عهد النبي محمد وهو القس (ورقة بن نوفل) الذي كان من القريش. وكان لهذه الأديان تأثير ولا سيّما في نشر عبادة الله الواحد ونبذ العادات الجاهلية القديمة وترك عبادة الأوثان.
وكان نشوء الاسلام في هذه الأجواء التي كانت تسعى الى إدراك الحقيقة المطلقة، غير أن كل فرقة كانت تسعى اليها بطريقتها الخاصة. وأما دعوة الاسلام التي نادى بها الرسول محمد، فكانت الدعوة الجامعة والموحدة لكل هذه الفرق من خلال تطبيق المساواة وفرض السلطة بين الناس كما جاء في سورة الشورى:"وأمرُهم شورى بينهم"، وفي سورة الطور:"كل امرىء بما كسب رهين". ولقد حاول الاسلام منذ اليوم الأول أن يكون البديل الأوحد لكل الأديان والمذاهب وأن يجمعها ويشرحها ويوحّد بينها، لغرض خلق منهج أقوّم وأعدل. وكانت الدعوة الاسلامية قد مرّت في مراحل مختلفة من التعريف بالله وبحكمته وجلاله، وشرح صفاته الالهية العديدة وكشفها. ومن ثمّ موقف الانسان منه ومن الجنة والنار والحياة الأبدية، وأخيرا دور التطبيق الفعلي للديانة وشرائعها في الحياة اليومية.
الله:
يدور كل شىء في الاسلام، حول الله. واسم (الله) هو آرامي وعربي، ويستخدم بالصيغة نفسها في المسيحية الشرقية، وفي بعض الطوائف اليهودية الشرقية كالسفردية والمزراهية. ولله في الاسلام (99) إسما وهي في الحقيقة صفات لله في معظمها كما جاء في القرآن الكريم:"وَلله الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ" "سورة الاعراف 7: 180". ويتكلم ثُلث القرآن الكريم تقريبا عن الله وعلاقته بالخليقة وتعاليمه وصفاته. بيد أن كل سورة من سور القرآن تبدأ بالبسملة:(باسم الله الرحمن الرحيم) وان صفاته الجوهرية هي الرحمة والقوة والحكمة وغايته الأساسية هي هداية الناس ونشر الحق والعدالة بينهم. ولا يعترف القرآن الكريم بفكرة تجسد المسيح. ويُعلم بأن إله الاسلام والمسيحية واليهودية هو إله واحد:"وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُون" العنكبوت 29: 46". ويُكافىء الله الأبرار مكافأة عظيمة. ويُدين الأشرار دينونة مُخيفة يذوقون نارا وسعيرا تحرق أجسادهم وتأكل أعضاءهم. ولكنه مع ذلك هو الرحمن الرحيم الذي يغفر التائب إذا تاب.
النبي محمد:
ولد النبي محمد، يوم الثاني عشر من شهر ربيع الاول سنة 570 ميلادية. ونشأ في بطن من بطون القريش، بني المطلب من بني هاشم بن عبد مناف. وكانت عشيرته القريشية تسكن جنوب الحجاز بقرب مكة التي كانت المركز الديني والتجاري في الجزيرة العربية.
وكان النبي يُمارس العمل منذ بكورة طفولته ويقضي في الصحراء صباه، وأصبحت الصحراء بالنسبة إليه المدرسة الاولى التي تعلم من شمسها الحارقة ولياليها الباردة، الشىء الكثير. وتزوّج من خديجة بنت خويلد، الأرملة الثرية وانتقل بعد زواجه الى بيتها، وهو في الخامسة والعشرين من عمره والتي تكبره بخمسة عشر عاما. وأنجبت له (6) أطفال، مات (5) منهم في مرحلة الطفولة فيما عدا فاطمة الحبيبة الى قلبه. وكان في سفراته التجارية الى سوريا وفلسطين يلتقي باليهود والمسيحيين ويُناقشهم في أيمانهم بالله والأنبياء. وزاره الملاك جبريل حينما كان يعتكف للصلاة في غار حراء وأوحى له بالقرآن من سنة 610 ميلادية الى أن توفاه الله. ولبث يدعو الناس في مكة الى الله بالحكمة والموعظة الحسنة. وآمن به نفر من الأصدقاء والأقرباء ومن ضمنهم زوجته خديجة التي كانت من المؤمنين الأوائل بدعوته، وابنته فاطمة وصديقه أبو بكر الصديق، وابن عمه علي ابن أبي طالب وابنه زيد بالتبني. وهاجر المسلمون الى المدينة المنوّرة (يثرب) في 16 تموز من سنة 622 ميلادية وذلك بسبب التحرّشات والاضطهادات التي واجهوها من أهل مكة. وبدأ التقويم الهجري منذ ذلك التاريخ. وفي سنة 630 ميلادية زحف النبي على مكة ودخلها من دون مقاومة وبدأ بتحطيم التماثيل الوثنية في كعبتها. وقام بعد ذلك بتوحيد العشائر العربية تحت راية روحية واحدة. وفي 632 ميلادية قام بحجته الأخيرة مع أربعين ألفا من أتباعه وتوفى بعد تلك الحجة في سنة 11 هجرية الموافق 7 حزيران من سنة 633 ميلادية وعن عمر ناهز الثالثة والستين، دون أن يترك ولداً ذكرا يخلفه.
شىء من التاريخ:
بدأ تاريخ الاسلام في الجزيرة العربية في القرن السابع الميلادي مع النبي محمّد ودعوته الايمانية التوحيدية. وبعد قرن واحد من موته، امتدت الدولة الاسلامية من المحيط الأطلسي في الغرب الى آسيا الوسطى في الشرق ودبّت الانقسامات والفتن فيها بعد الخليفة الثالث، مما أضعف مسيرتها التوسعية، وقامت دول وممالك تدّعي كلها بشرعيّتها القيادية للعالم الاسلامي.
بعض التواريخ المختصرة:
570 ميلادية، ولادة محمّد في مكة من آمنة زوجة عبد الله بن عبد المطلب من بطن هاشم من قبيلة قريش من العرب المستعربة.
595 ميلادية، زواج محمّد من السيدة خديجة، صاحبة تجارة وقوافل كثيرة والتي تنتمي نسبا الى نفس عشيرة النبي.
610 ميلادية، في 27 من رمضان، يوم نزول آيات القرآن الكريم في ليلة القدر، بعد رؤية محمد للملاك جبريل وسماعه صوتا يدعوه الى النبؤة والى عبادة الله الواحد الأحد الذي لا إله إلا هو وحده، الخالق الحيّ القيوم.
611 ميلادية، اعلان النبي محمد، بقبول القرآن من الله بوساطة الملاك جبريل. وإيمان زوجه السيدة خديجة به، فزيد بن حارثة، فعليّ بن أبي طالب، فالصديق أبو بكر.
615 ميلادية، هجرة النبي محمد مع أتباعه الى الحبشة المسيحية واحتمائهم بالنجاشي(الملك المسيحي) بعد معارضة قريش لدعوته ومحاربتهم له ولأتباعه.
622 ميلادية، يوم الهجرة الجماعية الواقع في 24 أيلول، والذي أدى الى تغيير اسم يثرب الى المدينة. والبدء بالحساب الهجري كما اقترحه عمر بن الخطاب، وهي نهاية الحقبة المكية في حياة النبي محمد وبداية الحقبة المدنية، وتسمية الشعب الساكن فيها بالأنصار وتعيين يوم الجمعة يوما للأجتماع بين المسلمين وتحديد شهر رمضان للصوم والشروع بترتيب القوانين والتشريعات الدينية والدنيوية لأقامة دولة الاسلام مع التشريعات الروحيّة في الصوم والصلاة والزكاة والحج الى مكة مرة في الحياة وخلق النواة الاولى للدولة الاسلامية في العالم.
624 ميلادية، في 17 من رمضان (آذار)، انتصار المسلمين في معركة بدر بقيادة النبي محمد على القافلة المكية القادمة من سوريا بقيادة أبي سفيان.
625 ميلادية، انتصار القريش على المسلمين في معركة أحد.
627 ميلادية، انتصار المسلمين على القريش في معركة الخندق.
630 ميلادية، فتح مكة من قبل النبي محمد وأتباعه. ودخوله فيها في شهر كانون الثاني دخول الظافر المنتصر من دون أي مقاومة من قريش، والبدء بتحطيم الأصنام في الكعبة وجعلها حرما اسلاميّاً.
632 ميلادية، يوم وفاة النبي محمد في الثامن من حزيران، من دون ترك وصية لتعين خليفة له مما كان له أثر كبير على وحدة الاسلام. ومن ثمّ ترشيح (أبو بكر الصديق) وهو من المهاجرين، خليفة للمسلمين الذي أصبح اختياره إنقاذا للدين والدولة الاسلامية الفتية من فتنة حقيقية ومن انشقاق خطير.
634 - 632 ميلادية، تولي الخلافة بعد موت الرسول محمد صديقه أبو بكر بن قحافة المشهور بأبي بكر الصديق. الذي كان عليه أن يُجابه القبائل العربية التي إرتدت عن الاسلام بعد موت الرسول(حروب الردة) وذلك لتوطيد هيّمنة الاسلام في الجزيرة العربية.
644 - 634 ميلادية، الفترة التي ولىّ عمر بن الخطاب الخلافة الاسلامية بمبايعة المؤمنين له وتحوّل الاسلام غرباً نحو مصر وشمالا نحو سوريا وشرقا نحو ايران. والبدء بوضع التشريعات والقواعد القانونية لمعاملة القبائل والشعوب المغلوبة أو المستسلمة وكيفية ادارتها.
635 ميلادية، انتصار خالد ابن الوليد على البيزنطيين وسيطرته على عاصمتهم دمشق بعد حصار دام ستة أشهر.
644 ميلادية، إغتيال الخليفة عمر بن الخطاب في 3 تشرين الأول من قبل مجوسيّ فارسي اسمه (أبو لؤلؤة) بطعنة مسمومة من الخلف وهو يُصلي في المسجد.
644 ـ 656 ميلادية، الفترة التي حكم فيها الخليفة عثمان بن عفان وقيادته الدولة الاسلامية واهتمامه بشؤونها ومتابعته الفتوحات وتجميع القرآن الكريم. واشتداد الفتن والثورات في عهده الى يوم قتله في حزيران سنة 656 ميلادية وهو ابن (83) سنة.
656 ـ 661 ميلادية، مبايّعة الامام علي بن أبي طالب وهو ابن عم الرسول وزوج ابنته فاطمة. واشتداد الفتن والحروب بين المسلمين في عهده ولاسيّما بعد معارضة معاوية بن أبي سفيان والي الشام لهذه المُبايعة. وإعتقاد الشيعة، بأن علي بن أبي طالب كان مُكرها على قبول الخلفاء الثلاثة من قبله. ومن ثمّ قتله غدرا مع أولاده وأغلب رجال أهل بيته.
1258 – 661 ميلادية، تحوّل الاسلام نحو الغرب الى شمال افريقيا واسبانيا والى شرق الهند وشمال سمرقند.
750 ـ 661 ميلادية، فترة العهد الاسلامي الأموي في دمشق وتوسيع دعائم الحكم شرقا وغربا والإستيلاء على مناطق الهند والسند وشمال أفريقيا في الغرب وإعتناق البربر للإسلام ونشوء الصراعات الكبيرة بين المسلمين بعد استلام يزيد للحكم، ورفض مبايعته من قبل ثلاثة من كبار المسلمين وهم الحسين بن علي وعبدالله بن الزبير وعبدالله بن عمر الخطاب، وتحقيق الانقسام الاسلامي الكبير بين الشيعة والسنة.
700 ميلادية، انتشار حكم الاسلام غربا في شمال أفريقيا.
711 ـ 713 ميلادية، بسط السيادة الاسلامية داخل اسبانيا، ووصول القوات الاسلامية حتى مشارف (تور) في فرنسا.
750ـ 1258 ميلادية، فترة الحكم الاسلامي العباسي (السلالة العباسية) ونقل العاصمة من كوفة الى بغداد. وتميز الحكم في تعزيز أركان المملكة الاسلامية السنية وادخال العادات غير العربية على ادارة الدولة مع ادخال الفلسفة الاغريقية في الحياة الفكرية بمساهمة المسيحيين المشارقة(السريان والكلدان والآشورين).
765 ميلادية، تأسيس مذهب الشيعة الاسماعيلية.
874 ميلادية، تأسيس الطائفة الاثني عشرية(الشيعة).
800 ـ 900 ميلادية، جمع الأحاديث النبوية.
909 ـ 1171 ميلادية، فترة العهد الاسلامي الفاطمي(السلالة الفاطمية).
1055 ميلادية، تزايد النفوذ التركي السلجوقي واستيلائهم على المناطق البيزنطية تدريجيا.
1095 ـ 1270 ميلادية، فترة الحملة الصليبية المسيحية على الأراضي المُقدسة.
1200 – 1526 ميلادية، عهد السلطنات الاسلامية في شمال الهند.
1258 ميلادية، سقوط الامبراطورية العباسية بعد 500 سنة من الحكم في بغداد بوصول المغول الى العراق، ونهاية الحكم الاسلامي العربي.
1350ـ 1680 ميلادية، عهد السلطنات الاسلامية في جنوب الهند.
1380 ـ 1918 ميلادية، عهد الحكم الاسلامي العثماني التركي.
1492 ميلادية، احتلال القسطنطينية من قبل العثمانيين.
1492 ميلادية، طرد الجيوش المسيحية الاوروبية للمسلمين المغاربة من اسبانيا واسترداد ملوك قشتالة معظم أراضي المملكة والاستيلاء على مملكة غرناطة العربية والتي كانت آخر مملكة عربية سقطت في يد الملوك الاسبان الكاثوليك.
1501 ـ 1799 ميلادية، فترة العهد الصفوي الايراني.
اتساع رقعة الاسلام الجغرافية ووصوله الى اندونيسيا في القرن الرابع عشر والقرن الخامس عشر. ثم توسعه نحو الهند وذلك في عهد السلالة المغولية الكبرى.
1526 ـ 1857 ميلادية، فترة العهد الاسلامي المغولي في الهند.
1654 ميلادية، بناء تاج محال في الهند.
نشوء الدولة الاسلامية في مالي ـ افريقيا في القرن الرابع عشر والسابع عشر والتي كان لها الدور المهّم في تقوية الاسلام في أفريقيا.
قيام ثلاثة دول اسلامية قويّة في العالم في القرن الثامن عشر: الدولة العثمانية في تركيا والشرق الأوسط ومناطق مهمّة من البحر المتوسط، والدولة الصفوية في ايران، والدولة المغولية في الهند.
1798 ميلادية، دخول الجيوش الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت الى مصر.
1815 ـ 1900 ميلادية، الاحتلال الاوروبي لشمال أفريقيا والشرق الأوسط. وسقوط الدول الاسلامية القويّة تحت تأثير الثورات الصناعية الحديثة في اوروبا ونشوء الاستعمار الغربي الجديد في القرن التاسع عشر الذي زحف نحو الشرق والسيطرة على دوله وشعوبه وخيراته لعقود عديدة.
1918 ميلادية، سقوط الامبراطورية العثمانية.
1919 ـ 1984 ميلادية، فترة التحرّر من الدول الاستعمارية في العالم وقيام الحركات التحررّية في الدول الاسلامية من الاستعمار الغربي وتأسيس دول مستقلة بذاتها في القرن العشرين.
1928 ميلادية، تأسيس حزب الاخوان المسلمين. وتحقيق امنية الكثير من العلماء والقادة والمفكرين الاسلاميين في منتصف القرن العشرين في انشاء رابطة خاصة تجمع دول العالم الاسلامي في إطار واحد يُراعي المصالح المشتركة لجميع هذه الدول ويُسمى بالمؤتمر الاسلامي.
1948 ميلادية، الحرب العربية ـ الاسرائيلية، حول فلسطين.
1964 ميلادية، تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية.
1979 ميلادية، الثورة الاسلامية في ايران.
وشهدت الفترة الزمنية الاخيرة برود العلاقة بين الشعوب الاسلامية والغرب والتي بقيت تشوبها سوء الفهم في التعامل بسبب المتغيّرات الحضارية والدينية والاجتماعية. مع دخول عوامل جديدة أدت الى توتر كبير بين الثقافتين قد تؤدي الى نوع من الصدام بين الحضارات كما تنبأ صموئيل هتنغتون والمفكرون الآخرون.
العقائد:
يأتي تعريف (العقيدة) في الاسلام من الجانب اللغوي الى الفعل (عقد) وهو العهد واليمين ومكانه القلب والعقل والضمير. وأما من الجانب الاصطلاحي: فالتصديق بالعقيدة والاطمئنان اليها يقينا بالبرهنة والاستدلالات العقلية والحسيّة والطبيعية من دون ريب هو التعريف الأقرب لها. وتسمى العقائد الاسلامية بالشريعة والتي تخاطب الناس عامة وفي نظر العلماء المسلمين نزلت الشريعة القرآنية بلسان عربي مُبين لكي يفهمها الناس جميعا بإختلاف طبقاتهم ودرجات فهمهم وقابلية إدراكهم.
وتوجد ايضا مفاهيم فقهية وعقائد ايمانيّة، تساعد المسلمين في التقرّب الى الله والى بعضهم البعض مثل أغلب الديانات في العالم. وكذلك موجبات العقيدة، التي تفرض الإيمان بالله وبرسله وملائكته. والايمان بمحمد رسول الله، خاتم الرسل والأنبياء. والقبول بالأنبياء الذين سبقوه وبكتبهم المقدسة وبالجنة والنار.
ومن هذه المفاهيم والعقائد:
• الايمان بالله في الاسلام هو الايمان المطلق في التوحيد في الله، الذي لا أول له ولا آخر. وليس كمثله شىء، محيط بكل شىء، يُحيّ ويُميت وكل شىء هالك إلا وجهه الكريم السرمديّ، الذي لا يحدّه الماضي والحاضر والمستقبل.
• الايمان بالله هو التسليم المُطلق والثقة الكاملة به، لايحتاج الى دليل أو إثبات لوجوده لأنه فوق الأدلة. وفي هذا النوع من الإيمان تختلف درجات المؤمنين قوّة وضعّفا بحسب قابليّات المؤمنين الفكرية وبحسب تجاوبهم معه.
• تشمل العقيدة القرآنية على كل مجال من المجالات الحياتية لأدارة الدولة والمجتمع. وتشمل ايضا على أنواع العقوبات ضد المخالفين للقانون والمجرمين والقتلى والسكارى والمعتدّين والسارقين والزواني، بالاضافة الى قوانين الميراث والزواج. والتفاصيل الاخرى حول الصوم والزكاة والحج والممارسات اليومية لهذه العقائد والشرائع.
• يُقدرعدد الأنبياء في القرآن الكريم بخمسة وعشرين نبيا ورسولا ومن هؤلاء الأنبياء، آدم ونوح وابراهيم وموسى وعيسى. وهم معصومون من الخطأ، مرتبتهم أعلى من مرتبة الملائكة. فهؤلاء ثماني عشر وهناك سبعة رسل ذكروا في آيات اخر وهم: آدم وهود وصالح وشعيب وادريس وذوالكفل والنبي محمد. والايمان بجميع هؤلاء الرسل والانبياء واجب على كل مسلم ومسلمة.
• يؤمن الاسلام بظهور الملائكة للأنبياء بهيئة البشر، وهم ينقلون للبشر الرسالة السماوية. ويوضح القرآن بعض خصائصهم، فهم لا يأكلون ولايشربون(بحسب القرآن) ولا توجد بينهم الفروقات الجنسيّة. والملاك جبريل هو رئيسهم والمُتحدّث بإسم الله. وأما عزرائيل فهو ملاك الموت، الذي يستلم الأنفس البشرية. وإسرافيل، الملاك المسؤول عن القيامة بعد الموت. وسرافيم، الملاك الذي يُسبّح الله ويحسب على الناس خطاياهم. وعدد كبير من الملائكة والمخلوقات الروحيّة التي تملأ الفضاء.
• يؤمن الاسلام بوجود القوى الشريرة بقيادة رئيس الشياطين (ابليس) الذي كان قريبا من الله يوما ولكنه سقط بسبب عدم بيعته لآدم، وكذلك يؤمن الاسلام بوجود الجّن التي هي مخلوقات ناريّة تستطيع أن تأكل وتشرب وتموت وهي من العوالم الغيبيّة، إذ ورد ذكرهم في القرآن الكريم ولهم قدرات خارقة وهم مأمورون بالعبادة لله:"وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأنسَ إلا لِيَعْبُدُونِ" الذاريات 56. ومنهم المؤمنون والكافرون، ويُحاسبهم الله على أعمالهم.
• يُعلم الاسلام بأن الديانة هي واحدة منذ آدم والى اليوم وقد بشرّ الأنبياء المرسلون من قبل الله بالرسالة نفسها للبشرية، ولا فرق بينهم، فهم إخوة وأمهاتهم شتى ودينهم واحد:"سُنة من أرسلنا قبلك من رسلنا، ولا تجد لسُنتنا تحويلا".
• يُصوّر القرآن اليهودية والمسيحية على أنها الديانات الابراهيمية وأتباع اليهودية والمسيحية هم من أهل الكتاب، ويُفرّق في تعامله بينهم وبين الوثنيين.
• يؤمن الاسلام بالانسان وبأنه مخلوق على صورة الخالق ولكنه لا يعرف الخطيئة الموروثة وهو يرتفع في المقام الى القمة (قمة الخليقة)، الى مقام الملائكة. ويهبط في المقام، الى مقام الشياطين (أسفل السافلين). فالانسان الأول، لا تدينه خطيئته أبدا ولا تدين أبناءه:"وعصى آدم فغوى، ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى" سورة طه. أو في الآية من سورة التين:"لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم، ثم رددّناه أسفل سافلين، إلاّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات" سورة التين. فالشرّ إذا هو مشكلة شعورية في جوهرها.
• يُعلم القرآن الكريم عن القضاء والقدر ويسمي هذه الحقيقة (بالقدرية). فالله عليم بكل شىء ويُتابع الأمور الدقيقة التي هي نابعة من إرادته ولا يخفى عليه شىء:"إنا كل شي خلقناه بقدر". فكذلك الحوادث التي تصيبنا فإنها تعدّ ضرورية الوجود، وهي تتحقق لأنها جزء من نظام الخلقة وفقا للقضاء الآلهي المُعيّن والمرسوم لها من قبل الله. وتؤكد كذلك الاحاديث النبوية هذا الامر كما جاء في صحيح مسلم في قوله:(... ونؤمن بالقدر خيره وشره).
• يُحرّم الاسلام الخمر وهو من أشد الجرائم في نظر الشريعة:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون، إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِر وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ الله وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ" المائدة 90 ،91. ويُحرّم بيعها والمُتاجرة بها، ولكنه يُجيز على المسلم أن يشرب منها ما يأمن به من الموت عطشا إذا كان في الصحراء القاحلة. ويُحرّم ايضا الميسرة ولحم الخنزير والدم ولحم الميّت، ويُجيز كذلك أكل اللحم الحرام فقط لكي ينقذ الانسان نفسه وعائلته من الموت جوعا في حالة المجاعة الشديدة.
• يُحرّم الاسلام الربا أو الزيادة في الفائدة النسبية المضاعفة تحريما شديدا لكونها تنافي الشريعة في معناها وصورتها:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ الله لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" آل عمران 130.
• لا إيمان بدون الأعمال الصالحة. فالإيمان والأعمال الصالحة شرط أساسي للفوز بالجنة:"الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة" 2/82. ولهم من عند الله مغفرة وأجر كبير وكل أنواع الملذات من حور عين الى مآكل دائمة لا تنتهي وظلال وارفة وأنهار عذبة وغرف ومنازل وفرش مرفوعة وأسرّة مصفوفة وزراري مبثوثة.
• على كل مسلم أن تكون له أعمال البر المختلفة لكي يكون مسلما صالحا ومنها الإحسان الى ذوي القربى واليتامى وأبناء السبيل والسائلين وإطعام المساكين، لأن الله مع المُحسنين. ومن يعمل حسنة في هذه الدنيا يزيد الله له فيها أو يُضاعفها حسنا، لأن الله يعلم ما تعمل من خير ولا يخفى عليه شىء ويُعطيك أجره. أما الذين ضلوا السبيل، فسيطرحهم في النار الموقدة ويكون حسابهم عسيرا وينبذهم نبذا أبديا، وحينئذ لا تغنيهم أموالهم ومناصبهم وعروشهم.
الجامع والمسجد:
المسجد هو بيت العبادة للمسلمين، ويعتبر من أهم المباني الدينية في الاسلام. وكانت المساجد قديما عبارة عن مباني مربعة الشكل، ولم يكن لها مآذن، لكن التطوّرات الحديثة التي طرأت على العالم أثرّت على طريقة بناءها في العالم.
وسمى المسلمون بيت الصلاة بالمسجد لكونه مكانا للسجود والعبادة، ويُطلق عليه الجامع إذا كان كبيرا. ويصطف المؤمنون فيه بإنتظام خلف الإمام للصلاة الفرضية كل يوم ولاسيّما في يوم الجمعة.
ويُقدس المسلمون المسجد الحرام في مكة والمسجد النبوي في المدينة المنورة والمسجد الاقصى في القدس(فلسطين). ويُقدس الشيعة ايضا المراكز الشيعيّة المهمّة في النجف وكربلاء في العراق بالإضافة الى المساجد المقدسة السابق ذكرها في مكة والمدينة.
مكة:
كانت مكة فقيرة الموارد، قليلة الخيّرات قبل الاسلام وكان العيش فيها صعبا جدا، لذلك كانت تحتاج الى دعم خارجي، يُبعد عنها الجوع والموت. ولكن موقعها الجغرافي لوقوعها في وسط الطريق التجاري بين اليمن والشام ومركزها الديني لوجود الكعبة (البيت الحرام) فيها، جعلها من أهم الاماكن في الجزيرة العربية ولهذا سماها القرآن الكريم(أم القرى). وتعدّ من أقدس المقدسات في الاسلام لوجود الكعبة فيها قبلة للمسلمين، إذ يتجه نحوها كل مسلم في صلاته أينما كان، خمس مرات في اليوم.
ولعلّ من أهم الأحداث في يوم مولد النبي محمد هو قدوم (أبرهة الأشرم) للسيطرة عليها وعلى تجارتها. ولهذا يُسمى ذلك العام بعام الفيل. ومن الأمور المهمّة الاخرى التي حدثت بعد استلام النبي الحكم فيها، هو منع وأد البنات وتحديد تعدّد الزوجات والقضاء على الاسلوب القبلي فيها وتوحيد عشائرها تحت قيادة واحدة ودين واحد ومكان مقدس واحد للعبادة.
وأما موقعها الجغرافي فهو في(غرب المملكة العربية السعودية) أو شبة الجزيرة العربية، وتقع على بعد 75 كم في شرق البحر الأحمر، إلى الجنوب الشرقي منها، وترتفع عن سطح البحر 280 مترا. وتحيط بها الجبال ذات التركيبات الغرانيتية. وقلّ ما تهطل فيها الأمطار.
شهدت مباني مكة تحسينات كثيرة منذ دخولها في الاسلام. حيث كان (الخليفة عثمان بن عفان) أول من قام بتجديد وتوسيع الكعبة والمسجد الحرام في القرن الأول الهجري. وقام الامويون بعده بإصلاحات عديدة وذلك في عهد الخليفة (الوليد بن عبد الملك). وفي عهد العباسيين قام (أبو جعفر المنصور) بفرش الأرضية بالرخام وبتزيّين الرواق بالنقوش المختلفة. واستولى عليها بعد ذلك القرامطة في موسم الحج، فدّنسوا المكان وقتلوا الحجاج وأخذوا معهم الحجر الأسود حيث إنقطع الحج في تلك الفترة الى أن أعادوه بعد 30 سنة من أبعاده عن الكعبة. ومن ثم حكم الهاشميّون بعد طردهم للسليمانيين. وحكم بعدهم (بنو قتادة) بعد اجلاء بني هاشم عنها. وحكم بنو قتادة فيها نحو سبعة قرون ونصف الى أن أجلاهم السعوديون عنها. وقام السعوديون بترميمات وتوسيعات كثيرة في المسجد الحرام، مما جعله آية من آيات الجلال والجمال.
الهجرة:
قضى النبي محمّد فترة عصيبة في مكة بعد أن أعلن نبوته. إذ أن القريشييون وزعماءهم أدركوا ما يُهدّدهم ويُهدّد تجارتهم، فشنوا عليه حربا شنيعة لا رحمة فيها وأتهموه بالمجنون والمشعوّذ، وكانوا يشتمونه وينكلوا بأتباعه شرّ تنكيل. فقرّر الهجرة الى الحبشة رحمة بأتباعه وهربا من التعذيب والإهانات اليومية، وكان عدد المهاجرين ثلاثمائة وثمانون شخصا وكانت هذه أول هجرة في الاسلام.
وتمت الهجرة الثانية بعد اثني عشرة سنة من الدعوة الاسلامية وذلك في صيف سنة 622 ميلادية وبسبب البيعة في العقبة مع نفر من أهل المدينة والتي أصبحت الحجر الأساس في بناء الاسلام وانتشاره. إذ أصبح بقاء النبي في مكة بعد هذه البيعة وذيوع خبرها مستحيلا عليه وعلى أتباعه، فقرّر الخروج منها والقيام بالهجرة الجماعية الى مدينة يثرب والتي سميّت بعد ذلك (المدينة المنورة أو مدينة الرسول) إكراما له. وكان أول عمل قام به بعد الهجرة هو بناء مسجد للعبادة وللتداول في شؤون الجماعة والدعوة الى الدين الجديد. وكان يُصلي فيه بالمسلمين الصلوات الخمس وفي اتجاه بيت المقدس(اورشليم)، فحوّل الإتجاه نحو مكة عندما رفض اليهود قبول الدين الجديد. وكان يأوي إلى المسجد من لا مأوى له من الفقراء المسلمين وغير المسلمين، وتأكيدا لضمان المعيشة الكريمة للجميع فكان لا بد من شن الحروب ضد التجار الأغنياء للحصول على أموالهم وتوزيعها على المسلمين الفقراء. وبعد أن أزداد عدد الأنصار والمهاجرين في المدينة، بدأ يضع البذرة الاولى لأقامة الدولة الاسلامية والاعلان عن الجهاد بالسيف في الدفاع عنها ضد خصومه وأعدائه وأصبح نفسه قائدا دينيّا وسياسيّا يُمارس قانون الدولة الاسلامية الاولى ويقضي في جميع شؤون الناس ويرعى أمورهم:"أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ الله عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ، الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا الله وَلَوْلا دَفْعُ الله النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ الله كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ الله مَن يَنصُرُهُ إِنَّ الله لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ" سورة الحج 39ـ 40 .
ويحتفل المسلمون في يوم الهجرة من كل سنة منذ ذلك التاريخ كبداية للتقويم الهجري. وهو أهم حدث بالنسبة الى الاسلام والمسلمين إذ يبدأ النبي منذ هذا التاريخ بالدفاع عن نفسه ضد خصومه. وبعد حروب ومناوشات مع القريش إضطر أن يعقد معهم الصلح، والذي سمي بصلح الحديبية وانشغل في فترة الصلح هذه في القضاء على القوّة اليهودية التي كانت تعاديه في(يثرب) المدينة. وجهز النبي بعد ذلك جيشا تعداده عشرة آلاف مُقاتل من المهاجرين والأنصار ومن القبائل العربية التي ناصرته سنة(630) ميلادية، فدخل مكة مع المسلمين من دون قتال أو إراقة دماء ومن الجهات الأربعة للمدينة. فطاف النبي حول الكعبة سبع مرات. ثم أمر بتحطيم كل التماثيل والأصنام الوثنية فيها وحواليها. ولم تمض فترة قصيرة من دخوله مكة فاتحا حتى أسلمت الجزيرة العربية وتوحّدت تحت قيادته. وقد أعتاد النبي أن يوكل الى ابي بكر الصديق رئاسة الصلاة في غيابه.
النصوص المقدسة:
يحتوي القرآن على الشرائع والقوانين الآلهية التي تُساعد المسلمين على التقرّب الى الله والى بعضهم البعض والى التشريعات الاخرى التي يحتاجونها لادارة دولة اسلامية. فهو إذا كتاب دين ودولة، ينظم أمور المسلمين في الحياة الدنيا والآخرة. والقرآن هو الكتاب المقدس لدى المسلمين مثل التوراة عند اليهود والانجيل لدى المسيحيين. وهو كلام الله ومصدرا للعقيدة والايمان عند المسلمين.
ويتكون القرآن من فصول تعرف بالسور، التي نزلت على النبي محمد (حسب العقيدة الاسلامية). ويتألف من 114 سورة وكل سورة مقسمة الى آيات، وتحمل كل منها اسما يُشير عموما الى جزء من فحواها. ونزلت 90 سورة في مكة وفي معظمها قصيرة وحادة تحذر من الكفر وتدعو الى الايمان بالله الواحد الأحد، الذي لاشريك له. والباقي من القرآن نزل في المدينة ويتألف من 24 سورة طويلة تشرح أمور المسلمين وتنظم حياتهم الدينية وشرائعهم الروحية والمدنية.
فالقرآن هو نسخة عن كتاب مكنون أو محفوظ في السماء بحسب رأي القرآن ومعظم العلماء المختصون في الدراسات القرآنية. وتعدّ لغته إلهية مقدسة مفعمة بالأسرار في نظر المسلمين. ويدلّ مضمونه أكثر من لغته على صدقيّته في الايمان بالله الواحد وعلى الجهاد في سبيله ونشر عقيدته في العالم كله. ويستمد منه المسلمون الهداية والإرشاد في حياتهم اليومية ويُرافقهم في همومهم ومتاعبهم في الحياتية اليومية.
وهذه بعض المفاهيم عن النصوص الاسلامية المقدسة:
• منذ إعلان النبي محمد النبوّة الى أن توفاه الله في الثالثة والستين من عمره كانت حياته وحيّ ونبوّة، والعمل على وحدة الأمة وبناء الدولة الاسلامية.
• أوكلت مهمّة جمع القرآن بعد وفاة النبي الى الصحابي(زيد بن ثابت) من الرقاع والجلود والحجارة ومن صدور المؤمنين الذين حفظوه، وذلك في عهد (الخليفة أبو بكرالصديق) لجمعه في مصحف واحد، خوفا من ضياعه بسبب موت الكثير من الصحابة في الحروب.
• يُركز القرآن في معظمه على العلاقة بين الله والانسان وعلى الجنة والجحيم وعقاب الأشرار ومكافأة الأخيار. وكذلك في تحريم عبادة التماثيل، ومنع تصوير الله والنبي والخلفاء خوفا من الوقوع في الشرك، وتعد هذه من أعظم الخطايا في الاسلام، لكون الله لا يُشرك في سلطانه وسيط أو شفيع.
• يُعدّ القرآن المصدر الرئيسي للممارسات الدينية والتشريعية والقضائية والأخلاقية للمجتمعات الاسلامية. وانه يحتوي على كل أنواع الحكم والقوانين والعبادات التي يحتاجها المؤمن في حياته الدينية اليومية.
• الأحاديث النبوية هي مصدر آخر من مصادر الفقه والتشريع في الاسلام والتي تأتي في المرتبة الثانية بعد القرآن في القدسيّة. وتركز في معظمها على الحياة الشخصية للنبي محمد والحياة الاقتصادية والاجتماعية للجماعة الاسلامية المؤمنة، وعن الأخلاقيات التي يجب أن تتصف بها في تعاملها اليومي.
ترجم القرآن مؤخرا الى لغات عديدة، ولكن المسلمين لا يعترفون إلا في النسخة العربية. ويعدّون الترجمات القرآنية مُجرّد معان للكتاب ولا يُمكن أن تعبّر تعبيرا حقيقيا عن القرآن. ولهذا فاللغة العربية هي اللغة الثانية لكل مسلم في العالم من غير العرب. وكانت أول ترجمة الى اللغة اللاتينية في التاريخ الأوروبي سنة 1143 من قبل الرهبان الكاثوليك. حيث شكلت النواة الاولى لباقي الترجمات. ثم توالت الترجمات القرآنية بعد ذلك. حيث ترجم الى الفرنسية سنة 1647 ميلادية. والى اللاتينية ثانية في سنة 1698 ميلادية، من قبل الايطالي (لودفيك مركي). وترجمات اخرى مشهورة في القرن الثامن عشر مثل ترجمة الانجليزي (جورج سال) سنة 1734 ميلادية. وترجمة (كزيمزكي) سنة 1840 ميلادية، وهي من أشهر الترجمات التي أصبحت مصدرا مهمّا للعلماء والباحثين والمستشرقين في اوروبا لسنين عديدة. وكذلك ترجمة (ادوارد مونتيه) في سنة 1925 التي كانت من أضبط وأدق الترجمات. وفي سنة 1949 ظهرت ترجمة (بلاشير)، ثم ترجمة (جاك بيرك) سنة 1990.
وجدير بالاشارة، أن الترجمات القرآنية الى اللغات الاوروبية تزيد اليوم على المئة ترجمة ومنها الترجمات الى الانجليزية التي تزيد على أكثر من 50 ترجمة والترجمات الى الالمانية التي تزيد عن 40 ترجمة. وكذلك الترجمات الى الفرنسية التي تزيد عن 30 ترجمة. والترجمات الاخرى، التي هي تحت الطبع من قبل الاوربيين والمسلميين الذين يعيشون في اوروبا والتي سوف تغني المكتبات العالمية. وساهمت هذه الترجمات الى حد ما في معرفة العالم الاسلامي وحضارته وفكره الروحي، وشجعت الاوروبيين في بناء الحوار الديني بين الديانتين الكبيرتين(المسيحية والاسلام).
ويعدّ القرآن اليوم من أكثر الكتب انتشارا في العالم الاسلامي، إذ له دور عظيم في حياة شعوبه الاسلامية، الروحيّة والأخلاقية والتنظيمية وفي حفظ اللغة العربية من الضياع إذ لا يزال عدد كبير من تلامذة المدارس يحفضونه ويتخذونه مصدرا للألهام اللغوي والشعري والأدبي.
أركان الاسلام:
توجد في جميع الأديان طقوس أو دعائم أو أساسيات لا بد من ممارستها من قبل الأتباع لكي يكونوا أتباعا حقيقين. وتسمى في الاسلام (أركان الدين) وهي خمسة:"أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن تقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت الحرام إن استطعت إليه سبيلا".
1 ـ الشهادة
الشهادة هي تعبير ايماني عن الحقائق أو هي تصريح بما يؤمن به الانسان من دون تردد أو خوف، وبنيّة صادقة ولغرض صالح. أي أن تقول الحق وأن لا تقول إلا الحق. وهي في الاسلام شهادة مهمّة للدخول فيه والانتماء إليه. وتدعو الناس الى الخروج من طور العبودية العامة للدخول الى طور العبودية الخاصة لله الخالق الذي:"هُوَ الأوَّلُ وَالأخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ" سورة الحديد 3 . وهي الركن الأول الذي تقوم عليه أركان الديانة، وبغير هذا الركن لا يكون المرء مسلما.
2 ـ الصلاة
فعل يُحاور المؤمن من خلالها مع الله، وغرضها الحقيقي، إنما هو تعظيم الله، بالخشوع والخضوع لعظمته الخالدة، لأن الصلاة تنهي عن الفحشاء وتبعد عن المُنكر. فهي تهذب النفوس وتقوّم الأخلاق. ويُنظر الي القرآن على أنه كتاب صلاة وعبادة ومنهج دين ودستور دولة. ويُصلي المسلمون، خمس مرات في اليوم:"فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاَةَ فَاذْكُرُواْ الله قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا" النساء 103. وعلى المسلم أن يُؤديها في أوقاتها وأن لا يستهين أو يتكاسل عن إقامتها. وتضبط أوقاتها اليوم بالساعات الفلكية المنضبطة وتتوزع في وقت الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والصبح. ومن أنكر كونها فرضا بحسب السُنة والائمة، فهو مُرتد عن دين الاسلام بلا خلاف.
ويجتمع المسلمون في يوم الجمعة في المسجد للصلاة الجماعية. ويستطيع المسلم أن يُصلي في كل مكان طالما فيه الماء للوضوء وإن لم يكن الماء موجودا فالوضوء بالرمل يُكمل الصلاة. والوضوء هو فرض يبدأ بغسل الوجه واليدين الى المرفقين ومن ثم غسل الرأس كلا أو بعضا وغسل الرجلين الى الكعبين: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ الله لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" سورة المائدة 6 . ويدعو المؤذن المؤمنين الى المسجد للصلاة مُناديا:(الله أكبر. أشهد أن لا إله إلا الله. وأشهد أن محمدا رسول الله. حيّ على الصلاة. حيّ على الفلاح. الله أكبر. لا إله إلا الله)، ويتبعه الإمام الذي يقود الجماعة في الصلاة ومن ثمّ الخطيب الذي يخطب في الجماعة. وقد يُمارس الإمام نفسه في بعض الأحيان، كل هذه المهام وبحسب حاجة الجماعة وبحسب حجمها. وليس في الاسلام كهنوتا كما في المسيحية واليهودية، ولكن الامام يُمارس المهام نفسها، مثل الزواج ودفن الموتى. وهو قائد للجماعة في خصوص التشريع والقانون والعادات الاجتماعية. وتتجه المساجد عادة نحو مكة، التي هي قبلة المسلمين أينما كانوا في العالم، وهم يصطفون في المساجد بنظام وترتيب ليقفوا في حضور الله ويُسبّحوه ويُمجّدوه في صلوات مستمدّة من القرآن الكريم.
الأركان التي تقوم عليها الصلاة:
النية قبل الشروع في الصلاة.
القيام بين يدي الله والتكبير.
القيام بشرط أن يكون قادرا على القيام.
القراءة (الفاتحة).
الركوع والسجود.
الرفع من الركوع والرفع من السجود والاعتدال ثم الطمأنينة(القعود الأخير).
التشهد الأخير.
السلام.
ومن يترك واحداً من هذه الأركان من دون عذر شرعي بطلت صلاته وعليه إعادتها. ولكي يتسنّى للمسلم اداء الصلوات، يجب عليه أن يكون طاهراً، عن طريق الوضوء للصلاة وهو غسل أطراف الجسم والوجه كما بيّنا.
الشروط اللازمة لصحة الصلاة ودوامها:
الإسلام... التمييز... الطهارة... ستر العورة... استقبال القبلة... دخول الوقت... العلم بفرضيتها.
3 ـ الزكاة
ركن مهّم من أركان الاسلام غايتها التقرّب الى الله وتوزيع الثروة بصورة عادلة في المجتمع الاسلامي. وعلى الدولة الاسلامية الحق في جبايتها وجمعها بالقوّة من الممتننع عن دفعها، وعليها مقاتلة الجماعات التي تمتنع من دفعها لأنها فرض إلهي بالضرورة كما جاء في الكتاب:"وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ الله إِنَّ الله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ" البقرة /110. وشروطها هي البلوغ والعقل والاسلام، إذ لا يمكن جمعها من الصبي ولا من المجنون. ولا يُمكن ايضا جمعها من المرتد أو الكافر.
4 ـ الصوم
كان الصوم معروفا عند الكثير من الديانات القديمة. ولغويا هو الإمساك عن قول أو فعل شىء ما. وأما شرعا، فهو الإمساك عن الأكل والشرب والجماع (المفطرات) من الصبح الى المغرب (يوما كاملا). وهو صيام مفروض على كل مسلم صحيح البدن وخال من الأمراض في الشهر المقدس وهو شهر رمضان: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" البقرة 183. وهو شهرالجهاد والكفاح، الذي أوحى الله فيه بالقرآن للنبي محمد:"شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ الله بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ الله عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ"البقرة 185. ويستعمل المسلمون التقويم القمري في تحديد توقيته ولذلك يختلف توقيته كل سنة. وثبوت تحديده هو رؤية الهلال إذا كانت السماء خالية مما يمنع الرؤية من غيم أو دخان أو غبار. والطريقة الأخرى لثبوته هو إكمال شهر شعبان ثلاثين يوما إذا لم تكن السماء خالية مما ذكرنا.
5 ـ الحج
الحج هو فرض على كل مسلم، ذكرا كان أم أنثى كما يذكر القرآن الكريم: "ولله على الناس حج البيت من أستطاع إليه سبيلا" آل عمران 97. وشروطه هي أن تكون مسلما، إذ لا يجوز على المرتد أو الغير المسلم أن يحج الى البيت الحرام. ومن الشروط الاخرى للحج هي البلوغ في العمر. إذ لا يجوز على الصبي الذي لا يفهم الدين أن يحج، ولا يصح كذلك على المجنون، فهو مثل الصبي الغير الناضج في العمر. ولا يصح ابضا الحج لمن لا يستطيع ماديا أو بسبب وجود عائق يمنع الابتعاد عن العائلة أو البلد الذي يعيش فيه.
ومن طقوس الحج الدوران حول الكعبة سبع مرات مع تقبيل الحجر الأسود. وهو اجتماع ديني كبير إذ يجتمع فيه المسلمون من جميع أنحاء العالم الاسلامي في مهبط الوحي ومهد الرسالة. وهو برهان على الرابطة الدينية القويّة بين المجتمعين من مختلف الأجناس البشرية. ويحج المسلمون الى(الكعبة) في مكة وهي المدينة المقدسة المعروفة في الحجاز.
ويقوم أكثر من مليوني مسلم برحلة الحج الى مكة في السعودية كل عام وقد يكون 50 % من هؤلاء الحجاج من السعودية نفسها. والحج في الاسلام هو بمثابة الولادة الجديدة.
ويلبس الحاج قطعتين من القماش الأبيض من دون غطاء للوجه ومن دون ملابس داخلية أثناء القيام بمراسيم الحج وأما بالنسبة الى النساء فيلبسن ملابسهن الاعتيادية ولكن بدون مكياج أو أي نوع من أنواع التبرّج. وهم يقضون فترة في مكة والمدينة. إذ يدخلون المسجد في مكة مستخدمين الرجل اليُمنى أولا، فتبدأ الرحلة الإيمانية للمسلمين بين الصفا والمرّوة وبين مكة والمدينة للتقرّب الى الله الواحد والتأمل والصلاة وطلب الغفران والتكفير بالشيطان، رجالا ونساء من كل الأجناس البشرية، وذلك رمزا الى الوحدة والألفة والوقوف أمام الله في عفة وطهارة.
ويبدأ الحج رسميّا في الثامن أو التاسع من شهر ذي الحجة الذي هو الشهر الثاني عشر في السنة القمرية الاسلامية والذي يبدأ برؤية الهلال. وهو فرض على كل مسلم قادر على إدائها.
الجن والملائكة:
يؤمن الاسلام بوجود الجن والشياطين وهناك أدلة عديدة على وجودهم في الاسلام. فالجن اسم جنس للجمع، واحده (جني) ومعناه لغويا(الشىء المستتر) وهي أجسام نارية مخلوقة من نار السموم كما جاء في القرآن الكريم: "والجان خلقناه من قبل من نار السموم" الحجر37 . ومنهم الصالح والطالح ومنهم محب للخير أو كاره له. ويسمى الكفرة المتمردون من الجن بالشياطين الذين يوسوسون في صدور الناس، الذين هم من ذرية إبليس.
وأما الملائكة فخلقت من نور وهي تستطيع أن تتشكل بصور الانسان فهي إذن مخلوقات نورانية ليس لها جسم مادي. لا يأكلون ولا يشربون ولا ينامون ولا يتزوجون بعكس البشر والجن. وهم كلهم مؤمنون صالحون إذ يُسبحون الله الليل والنهار ولا يفترون ولا يعصون له أمر ويفعلون ما يُؤمرون.
الطقوس والعادات:
تتميز الديانة الاسلامية بوجود طقوس وعادات كثيرة لغرض التقرّب من الله وتقوية إيمان المؤمنين كما في الأديان الاخرى التي تحاول أن تمارس طقوسا مختلفة للتعبير عن عقائدها وشرح أسرارها. فعندما يولد طفل في العائلة المسلمة مثلا يُحاول أحد الأقرباء أن يُردّد الشهادة في أذني الطفل. ويُختن الطفل الذكر بعد اليوم السابع من عمره وعلى أن لا يتجاوز الثاني عشر من عمره.
وأما الزواج فهو عقد مهم يقرّه القرآن ويُشجّعه. ويمنع القرآن ايضا العزوبية وعدم الزواج. والآباء هم المسؤولون في إختيار الزيجات لأولادهم برضى الطرفين في طبيعة الحال. لأن الزواج في الاسلام هو أكثر من اتحاد شخصين، فهو بالأحرى اتحاد عائلتين.
والزواج ليس طقسّا كما في المسيحية، وإنما هو عقد علاقة بين الرجل والمرأة. ولا يحتاج المسلم أن يذهب الى المسجد للزواج وإنما يُمكن عقده في البيوت أو الأماكن العامة مع وجود شخص مسؤول وبوجود شاهدين. ويُسمح للمسلمين بالطلاق ولكنه من أكره الحلال عند الله. ويسمح ايضا بتعدد الزوجات، ولكن على الرجال أن يعدلوا بينهن ويوفرّوا لهن العيش الكريم: "فإنكحوا ما طاب لكم من النساء مًثنى وثلاث، ورباع، فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة".
الأعياد:
كانت تكثر الاعياد في العرب قبل الاسلام، فمنها الدينية والشعبية والمحلية. ومنها الخاصة بالآلهة مثل اللآت والعزّى ومناة الثالثة. وكانت العرب تحتفل بها لتعظيم الآلهة والأصنام التي تمثلها وكذلك لتعظيم الكعبة المشرفة. وكانت العرب تلعب وتمرح وتلبس أجود الملابس وتنشد الشعر والرقص بالسيف. منع الاسلام هذه العادات كلها بعد مجيئه وأعطاها صفات روحية بعيدة عن الروح الوثنية. وبقيّت هذه الأعياد حيّة في الاسلام ولكن بمفهوم جديد لتمجيد الله وعبادته ولتوزيع الصدقات على الفقراء والمساكين. وتسمى اليوم بالذكر وهي فرصة لهداية الناس وتثقيفهم روحيّا وتقريبهم من الله.
ومن الأعياد الاسلامية:
المحرّم: وهو الشهر الاسلامي الأول في التقويم الاسلامي، والرمضان هو الشهر التاسع وهو الشهر الذي يصوم فيه المسلمون البالغون من الأكل والشرب والتدخين من الفجر الى غروب الشمس.
ليلة القدر: هي الليلة التي يُقرّر فيها الله مصير المؤمن ومصير العالم ولهذا يقضي معظم المسلمون هذه الليلة في الصلاة وقراءة القرآن وذلك في السابع والعشرين من شهر رمضان(شهر الصوم).
عيد الفطر: يحتفل المسلمون به في ختام شهر رمضان وهو عيد مهّم جدا في الاسلام، إذ يتبادل فيه المسلمون الهدايا ويُقدّمون التهاني بعضهم لبعض.
عيد الاضحى المُبارك: هو عيد القرابين، ويؤمن المسلمون أن ابراهيم الخليل قدم في هذا اليوم ذبيحة حيوانية لله بدلا من ابنه اسماعيل البكر. ولذلك يحتفل المسلمون بذبح الحيوانات على شكل قرابين لله. ويقع هذا العيد بعد صوم رمضان.
الاسراء والمعراج: يقع في 27 من شهر رجب وهو الشهر السابع من التقويم الاسلامي، واليوم الذي صعد فيه النبي محمد في لقاء الله الذي علمه الصلاة وهذا ما يُسمى(المعراج). وأما الإسراء فهو توجه النبي ليلا من مكة الى بيت المقدس:" سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ"الاسراء. ويقترب النبي من الله اقترابا خاصا لكي ينال البركة وما يلزم من الهداية والعون لإنجاز المهمّة النبوية.
المولد النبوي: يحتفل المسلمون في عيد ميلاد النبي محمد والذي يقع في يوم 12 من الشهر الثالث. وهو عيد شعبيّ منتشر في العالم الاسلامي، حيث يجلس المؤمنون في حلقات دائرية، يُسبحون الله ويرتلون التسابيح لتمجيد النبي.
وأما بالنسبة الى التقويم الاسلامي فهو تقويم قمري أنشأه الخليفة الثاني عمر بن الخطاب وجعل من هجرة الرسول الى المدينة نقطة الإنطلاق للسنة الجديدة ولهذا سمي بالتقويم الهجري. ويتكون من 12 شهرا قمريّا ومن 354 يوما. وأما الشهر فيتكون من 29 أو 30 يوما، والفرق بينه وبين التقويم الميلادي هو 11 يوما.
والأشهر بحسب التقويم الاسلامي الهجري هي:
محرّم.. صفر.. ربيع الأول.. ربيع الثاني. . جمادى الأولى. . جمادى الثانية.. رجب وهو من الأشهر الحرم. . شعبان.. رمضان وهو شهر الصوم. . شوال وفيه عيد الفطر. . ذو القعدة وهو من الأشهر الحرم. . ذو الحجة وفيه موسم الحج وعيد الأضحى ومن الأشهر الحرام.
وصلت الى درجة لا يمكن حلها وتجاوزها، فكان لا بد من الإتكال على الله والإتكال على شخص ملهم ومعصوم للألتفاف حوله والنظر اليه رمزا للوحدة في الدين والجماعة. وكان على المؤمنين الطاعة المطلقة له لكونه الشخص المنظور الذي يستطيع أن يُحقق العدالة والأمن في الجماعة الاسلامية. ومن هنا نشأت الفرق الاسلامية المختلفة. وبما أن النبي محمد لم يُعيّن خليفة له ولم يترك إبنا يرثه بعد وفاته، خلق ذلك نوع من الفتنة والفوضى بين المسلمين الذين كانوا بأمس الحاجة الى قائد يُوّحد صفوفهم ويُوجههم دينيّا ودنيويّا ويشرح لهم دينهم. ومما أدى الى حدوث انشقاق بين فريقين منهم 1ـ فريق عثمان بن عفان وعلى رأسه معاوية بن أبي سفيان (بني امية)، وفريق علي بن ابي طالب (بني هاشم). وإشتعلت الفتنة والحرب بين الاثنين حينما عارض معاوية خلافة علي بن ابي طالب.



#صبري_المقدسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسيحية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية(الجزء الثالث)
- المسيحية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية(الجزء الثاني)
- المسيحية: المنشأ والجذور والعقائد الدينية(الجزء الاول)
- اليهودية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية
- الزرادشتية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية
- الزواج: واحد + واحد = واحد
- الهندوسية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية
- الأمل نزعة فطرية تعلم التشبث بالحياة
- سعادتي في الايمان
- الثقافة الصحية ركن من اركان المجتمع المتمدن
- لا نظام من دون منظم ولا حركة من دون محرك
- هل وجد الكون بالصدفة، أم هو أزلي، أم هو مخلوق؟
- الكون في نظر العلم والاساطير الدينية
- العمل قانون الحياة
- لماذا نحتاج الى الصداقة والاصدقاء؟
- مفهوم الزمن وقيمته في العلم والحياة اليومية
- بدأ الكون من نقطة كان الزمن فيها صفرا
- التفاؤل: مفتاح النجاح في الحياة العملية
- الحضارة المعاصرة: وليدة الحضارات القديمة مجتمعة
- الحداثة: الضامن الرئيسي لتحرير العقل


المزيد.....




- هل العودة لياسمين عبد العزيز ممكنة بعد الانفصال؟ أحمد العوضي ...
- شاهد ما يراه الطيارون أثناء مشاركة طائراتهم في العرض العسكري ...
- نتنياهو منتقدا بايدن: سنقف لوحدنا ونقاتل بأظافرنا إن اضطررنا ...
- البيت الأبيض: نساعد إسرائيل على ملاحقة يحيى السنوار
- أبرز ردود الفعل الإسرائيلية على تصريحات بايدن حول تعليق شحنا ...
- الخارجية الروسية تعلق على اعتراف رئيس الوزراء البولندي بوجود ...
- زيلينسكي: جيشنا يواجه -موقفا صعبا حقا- في المناطق الشرقية
- -حزب الله- يعرض مشاهد من عمليات عدة نفذها ضد الجيش الإسرائيل ...
- هل من داع للقلق في الدول العربية بعد سحب لقاح أسترازينيكا؟
- بنوك مودي في الهند تنفق 400 مليار دولار ليفوز بدورة ثالثة


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - صبري المقدسي - الإسلام:المنشأ والجذور والعقائد الروحية(الجزء الاول)