أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناس حدهوم أحمد - وبكت الدالية














المزيد.....

وبكت الدالية


ناس حدهوم أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 4087 - 2013 / 5 / 9 - 12:02
المحور: الادب والفن
    


وقف محمد نادل مقهى المواعيد أمام داليته الجميلة التي يحيطها دوما بكامل عنايته الفائقة . ولم يكن يعلم بأن نظرته الحالية هي الأخيرة . فقد كان يحدق فيها بإمعان غير معهود منه ودون أن
يدري أنها نظرة وداع .
الدالية كانت تتأهب لموسم ولادتها خلال الصيف الذي لاح على الأبواب . لتجود بعناقيدها الفريدة وبظلالها الرائعة فتضفي على باحة المقهى بهاءا ورونقا من فوق رؤوس الرواد خلال كل
المساءات الدافئة والمقمرة . الجميغ كان في انتظار هذه الولادة أسوة بالولادات الأخرى المنصرمة . لم يبق سوى برهة زمنية قصيرة حتى تطل تلك العناقيد الرضيعة مشرقة كنجوم خضراء تكاد
تهتف بألحان الربيع والصيف الذي يليه وقد تزامن مع حلول شهر رمضان الكريم . ليخلو الرواد لسهراتهم إلى غاية ميعاد دق الطبول إعلانا لوقت السحور .
هاهي الدالية قد أورقت ونشرت براعيمها الورقية الخضراء فتحولت إلى غطاء نباتي باهر . وكان النادل محمد مسرورا وفخورا بها في آن . فهو الذي لم يتخل يوما عن إروائها بالماء الزلال
الصافي والنظيف فكان يزيد في إحيائها وبعث الحياة فيها لتجود هي أيضا على فضاء المقهى بعناقيدها المثقلة بحبيبات العنب ليتذوقها الفقراء والمعجبون بعد الفطور خلال الشهر المقدس .
الرواد يثنون على الدالية وخيراتها التي تكون دائما في متناول الجميع بدون استثناء .إنها محط إعجاب وحب وحنان .
فجأة وبدون سابق إعلام هجمت وحوش الإسمنت لتمزق الأوراق بلا رحمة أو ضمير وذلك قبل استئناف الأشغال الوهمية فكأن بينهما ثأر وانتقام . لم يبق سوى أعواد الشجيرة مغروسة
بثبات في الحوض المسيج الذي بناه لها محمد بكل شغف واعتزاز . وبعد الهجوم أصبح الفضاء كأنه أصيب بزلزال .
لاحظ الرواد قطرات مائية صافية لامعة مثل الضوء تنبثق عن رأس الجدع المقطوع والمتفرع من الحوض . كانت دموع الدالية شبيهة بدموع أم ثكلى فقدت فلدات أكبادها . هذا المصاب
أحدث تصدعا وجلبة داخل المقهى وخارجها . ولم يعد هناك من حديث إلا عن نكبة الدالية . الأم المفجوعة .
وقف الجميع يملؤهم الغيظ والحزن وهم يتأملون تلك القطرات من الدموع تسيل قطرة قطرة بدون انقطاع لأيام . والرواد يرددون
- إنها تبكي
- الدالية تبكي
- إنها تبكي عناقيدها التي أجهضت
الحزن خيم على الجميع ودموع الدالية تقطر في هدوء منكسر .
الترقب لعودة وحوش الإسمنت لاقتلاع جذور الشجيرة يرتعش في عيون الرواد . ستختفي تلك الهالة الخضراء من الساحة .
ولن يبقى سوى الذكريات
هذا ما جاء من أجله وحوش الإسمنت أعداء المناطق الخضراء .


محمد



#ناس_حدهوم_أحمد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رد على مقال - كمال كبريال - مبارك ومقارنات لابد منها
- دفاعا عن الناشط الحقوقي أحمد عصيد
- ليل الحب
- الإنفجار القادم
- زوبعة في فنجان
- قطار العفونة
- من تكون ؟
- في الهواء
- تطاون المغتصبة
- الحكمة السوداء
- الصحفيون الجدد
- حلم ويوم عيد
- صحافة قلي السم
- خيانة الدم
- حواء يامنبت الطفل المنتظر - بمناسبة عيد المرأة لسنة 2013 -
- أنت والكأس
- el reducto
- هواجس الطفولة
- العاصفة
- الظلم والسياسة


المزيد.....




- مصطفى محمد غريب: هواجس معبأة بالأسى
- -أعيدوا النظر في تلك المقبرة-.. رحلة شعرية بين سراديب الموت ...
- 7 تشرين الثاني عيداً للمقام العراقي.. حسين الأعظمي: تراث بغد ...
- غزة التي لا تعرفونها.. مدينة الحضارة والثقافة وقصور المماليك ...
- رغم الحرب والدمار.. رسائل أمل في ختام مهرجان غزة السينمائي ل ...
- سمية الألفي: من -رحلة المليون- إلى ذاكرة الشاشة، وفاة الفنان ...
- جنازة الفنانة المصرية سمية الألفي.. حضور فني وإعلامي ورسائل ...
- من بينها السعودية ومصر.. فيلم -صوت هند رجب- يُعرض في عدة دول ...
- وفاة الفنان وليد العلايلي.. لبنان يفقد أحد أبرز وجوهه الدرام ...
- وفاق الممثلة سمية الألفي عن عمر ناهز 72 عاما


المزيد.....

- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناس حدهوم أحمد - وبكت الدالية