زعزعة المزمور الخامس عشر !!!

توماس برنابا

الحوار المتمدن-العدد: 4080 - 2013 / 5 / 2 - 10:20
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

المزمور الخامس عشر:

1. مَزْمُورٌ لِدَاوُدَ يَا رَبُّ مَنْ يَنْزِلُ فِي مَسْكَنِكَ؟ مَنْ يَسْكُنُ فِي جَبَلِ قُدْسِكَ؟
2. السَّالِكُ بِالْكَمَالِ وَالْعَامِلُ الْحَقَّ وَالْمُتَكَلِّمُ بِالصِّدْقِ فِي قَلْبِهِ.
3. الَّذِي لاَ يَشِي بِلِسَانِهِ وَلاَ يَصْنَعُ شَرّاً بِصَاحِبِهِ وَلاَ يَحْمِلُ تَعْيِيراً عَلَى قَرِيبِهِ.
4. وَالرَّذِيلُ مُحْتَقَرٌ فِي عَيْنَيْهِ وَيُكْرِمُ خَائِفِي الرَّبِّ. يَحْلِفُ لِلضَّرَرِ وَلاَ يُغَيِّرُ.
5. فِضَّتُهُ لاَ يُعْطِيهَا بِالرِّبَا وَلاَ يَأْخُذُ الرَّشْوَةَ عَلَى الْبَرِيءِ. الَّذِي يَصْنَعُ هَذَا لاَ يَتَزَعْزَعُ إِلَى الدَّهْرِ.


في أواخر عام 2002م ، كنت أعظ عن هذا المزمور للمرة الخامسة ولفئة مختلفة من السامعين من الشباب الجامعي... وعلى غير العادة المتبعة في أن خدمة الكلمة ( العظة) تستغرق نصف ساعة؛ أستغرقت هذه العظة المكتظة بالأدلة مني حوالي ساعة والشباب مستمعون مستمتعون...! فهذا هو الدستور السلوكي الذي يؤهل لحياة بعيدة عن الزلل والتزعزع!!!

هذا المزمور يتناول حياة سلوكية مُبتغاة من المؤمنين حتى يعيشوا في هناء جراء طاعتهم لما به من وصايا... والمزمور يتكون من مجرد خمس أيات فقط! تلخص الحياة الانسانية المستقيمة...؛ سلوك بالكمال والاستقامة، عمل الحق ، التكلم بالصدق بدأً من القلب اي مع الذات، عدم الوشاية ، عدم الاضرار بالاصحاب ، عدم تعيير الاقرباء ، إحتقار الرزائل ، إكرام رجال الله ، الثبات على المبادئ رغم الظروف ، عدم التعامل بالربا ....و عدم الارتشاء وخاصة ضد الابرياء ! ومن يصنع هذه الأمور تكون مكافأته هي عدم التزعزع الى الأبد... أي عدم التألم من جراء أفعال خاطئة تودي بالناس الى التهلكة!!!

وبما أني مؤمن بالمزمور وبما فيه ، فقد كانت المرة الخامسة التي أعظ عنه في كنيسة مختلفة ولفئة عمرية مختلفة لأني أرى مدى أهميته...فقد كان يمكنني الحديث على كل نقطة من النقاط الاحدى عشر في عظة كاملة منفصلة دون توقف.... وفي نهاية تلك العظة أنتهيت بالوعد الألهي الذي يعد أن من يصنع هذه النقاط الاحدى عشر لن يتزعزع الى الدهر... وصحت بأعلى صوتي... لن يتزعزع الى الدهر... لا شيطان ولا إنسان ولا أي مخلوق سيمنع هذا الوعد من الحدوث... هذا الوعد بالثبات وعدم التزعزع الذي يصيب البشر أجمعين! و (من سيفصلنا عن محبة المسيح اشدة ام ضيق ام اضطهاد ام جوع ام عري ام خطر ام سيف (رو 8 : 35) ) !!!

كنت في حماس شديد... والشباب يشاهد ويستمع... وختمت كلمتي وجلست على مقعدي حتى أنتهى الأجتماع والخدمة الدينية!!! ولم تمر شهور بسيطة ووجدت الاضطهاد والزعزعة تنتابني!! لست أعلم هل أغضبت الشيطان ام ماذا؟! لقد كنت أسلك في حياتي بإستقامة ونقاء قلب كما يقول المزمور وكنت متوقع أن أعيش في هناء وعدم تزعزع كما وعد الإله في مزموره الذي أوحى به الى عبده داود!!! ولكني أجتزت الاضطهاد والمتاعب بسبب أمانتي الدينية، وبسبب كوني مسيحي فقدت وظيفتي العالية التى سهرت أحلى ليالي عمري في الإستذكار للوصول إليها!!! أين الله في هذا؟ أين وعده الكريم؟! وسقطت في إكتئاب شديد دام شهوراً... وعشت حالة من التشكك في الوعود الإلهية.... !

حدث هذا... من أكثر من عشر سنوات... وكانت النتيجة أن أفتح الانترنت على Google واكتب Atheism لأسبح في فضاء جديد .... وراح مني النوم وأنا أقرأ لتستنير عينايا وأنا أطبق ما أقرأ على حياتي الشخصية وفي ضوء دراساتي الدينية المكثفة! ولا أكذب حينما أقول كنت أدافع عن ديني ضد ما كنت أقرأ... ولكن لم أستطع منع نفسي من القراءة والقراءة المستفيضة... وفي خلال عامين أصبحت ربوبي Deist اي الايمان بالخالق دون الاديان... وبعدها بعام أنتقلت الى اللأدرية Agnosticism أي عدم التيقن من وجود اله من عدمه ولكن من المؤكد خطأ الاديان الحالية.... ومن حوالي خمس أعوام فقط أصبحت ملحداً تاماً وبصورة إيجابية... وهرب مني الارق والمرض وكافة الاعتلالات النفسية والبدنية... التي سببها ترهيب وتخويف الدين والخوف الذي يبثه في النفوس!!! نعم لم أعد متزعزعاً... مثلما كنت حينما كنت مؤمناً...فقد أكتشفت أنه حينما كنت أبحث عن عدم التزعزع... كان يتمكن مني التزعزع أكثر دون أن أدري... في صورة مخاوف وقلاقل دينية من الله ويوم الدينونة!!

أما الأن... فأستطيع القول بكل حرية... نعم أنا ما زلت أنفذ في حياتي كل ما هو في مزمور 15 ولكن ليس طمعاً في جنة أو نعيم أو سماء... ولكن لأن هذا نموذج صحيح لحياة فاضلة... ولكن لا يمكن الهروب مما يستجد من حوادث... ويجب أن نحسب العدة ونستعد لمواجهة أي طارئ!!! ولكن نفسياً أصبحت في حالة ثبات إنفعالي بعيد عن الخوف والارق والصراع والتزعزع.... لأني ببساطة شديدة بعدت عن الدين!!!

#توماس_برنابا (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل