أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - داود روفائيل خشبة - الحرية والسلطة














المزيد.....

الحرية والسلطة


داود روفائيل خشبة

الحوار المتمدن-العدد: 4070 - 2013 / 4 / 22 - 19:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



بين الحرية والسلطة تقاطب جدلى dialectic polarity، فتفعيل الحرية يستدعى وجود السلطة، وفاعلية الحرية شرط لكينونة السلطة. لتوضيح وتبرير هذه المقولة نحتاج فهما فيه شىء من العمق لمفهوم الحرية ومفهوم السلطة.
إذا كان توماس هوبز Thomas Hobbes (1588-1679) قد صدق حين قرّر ضرورة السلطة للحفاظ على حياة الأفراد، فإنه قد غفل عن الكثير حين قصر حاجة الإنسان على طلب توفير الأمن وحفظ الحياة على المستوى الحيوانى.
إن إنسانية الإنسان لا تكتمل إلا بالانفتاح على الآخر والتفاعل مع الآخر. يبدأ هذا الانفتاح والتفاعل من دائرة الأسرة ويتـّسع فيمتدّ إلى العشيرة والقبيلة ثم الوطن حتى يصل إلى الانفتاح على الإنسانية والتفاعل مع الإنسان من حيث هو إنسان. وإذا كان الانفتاح والتفاعل بين الإنسان والإنسان يبلغ حدّ التماهى التامّ فى درجات الحبّ العليا، فيكون الفعل والتفاعل عفويّا تماما لا يتقيّد بقيد أو شرط، إلا أنه مع اتـّساع الدائرة تأتى الحاجة لقواعد تنظـّم مساراته وتحكم تبعاته. من هنا تنشأ ضرورة السلطة. حتى على مستوى الأسرة، فى بعض أوجه النشاط وفى سياقات وملابسات معيّنة، تتولـّد ضرورة سلطة الوالدين، الأب والأم كل منهما فى مجاله. وعلى نفس الأساس تقوم ضرورة السلطة فى القبيلة وفى الدولة وفى المجتمع الدولى.
السلطة فى جوهرها قوّة خارجية وهى على هذا نقيض الحرية كقوّة ذاتية عفويّة الانبعاث. إذا نحّينا ما أشرت إليه بوصف أسمى درجات الحبّ، حيث يتحقـّق التماهى التامّ، وحيث تكون الحريّة فعلا ذاتيّا عفويّا خلاقا، فإننا نجد أن هاتين القوّتين، السلطة كقوّة خارجية والحريّة كقوّة ذاتية، ترتبطان ارتباطا جدليّا لا انفصام له، بحيث أنه إذا انتفت إحداهما ترتـّب على ذلك أن تتبدّد الأخرى. حيث تستشرى السلطة فتقمع وتنفى كل حريّة، فإما أن تنفضّ الوحدات الفاعلة فى الكيان الكلى من حول السلطة ولا يكون للسلطة محتوى أو أن يتحوّل الكيان كله إلى آلة ميكانيكية الفعل بلا حياة، وفى الحالتين لا تعود السلطة سلطة. وحيث تنضو الحريّة عنها كل القيود والقواعد تتبدّد الضوابط المنظـّمة والحافظة للتفاعل الإنسانى، ومع انتفاء السلطة يتحلـّل الكيان العضوى للجماعة الإنسانية على مختلف مستوياتها.
علاقة التقاطب الجدلى بين الحرية والسلطة تستوجب بقاء التوتـّر الحيوى بين القطبين لكيلا يتحوّل الكيان العضوى للمجتمع الإنسانى إلى آلة ميكانيكية الحركة بلا حياة، من ناحية، أو يتفتـّت إلى جزيئات متفرّقة يتلاشى فيما بينها التواصل والتفاعل الإنسانى، من الناحية الأخرى. ولأن فعل السلطة هو فى جوهره فعل قوّة خارجية غير مهيّأة بطبيعتها للانفتاح أو لاستشعار كنه الذات أو احتياجات الذات، وتنطوى بالضرورة على نقض الحريّة، فإن القطب الآخر فى العلاقة الجدلية، قطب الحريّة، يتحتّم عليه أن يبقى دائم اليقظة، دائم الفعل، فى مواجهة فعل السلطة. هذا شرط ضرورى لأن يبقى الإنسان إنسانا.
أعتذر للقارئ عن هذا التناول شديد التجريد، شديد الاختزال، لموضوع يستحق معالجة مسهبة مستفيضة مزوّدة بالأمثلة التوضيحية، فعسى أن تكون لنا عودة للموضوع.
داود روفائيل خشبة
القاهرة، 22 أبريل 2013



#داود_روفائيل_خشبة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التاريخ الإسلامى والدولة الإسلامية
- مرجعية الأزهر
- الإخوان والثقافة دونت ميكس!
- وحى الشعراء ووحى الأنبياء
- سورة الفتوى
- حكايتى مع الدين
- حدود احترام أحكام القضاء
- هل بقى أمل؟
- فى الدين (8) الإسلام
- فى الدين (7) المسيحية
- فى الدين (6) اليهودية
- فى الدين (5) البوذية
- فى الدين (4) الهندوكية
- فى الدين (3) زرادشت
- فى الدين (2) نشأة الدين
- فى الدين (1) كلمة تمهيدية
- الهزل والجد فى أمر تعريب التعليم والعلوم
- عبثية التفاهم مع الإسلام السياسى
- ما العمل؟
- حين نتنازل عن عقولنا


المزيد.....




- حماس قالت إن نزع سلاحها خط أحمر.. هل تنجح خطة ترامب بشأن غزة ...
- ما انعكاسات الإغلاق الحكومي على المجتمع الأميركي؟
- برلين ـ توقيف ثلاثة أشخاص في برلين يُشتبه بانتمائهم لحماس وا ...
- فلسطيني من غزة: -نسمع في الأخبار عن هدنة واتفاق وكل يوم في ق ...
- المغرب: أكرد، بونو، أوناحي... لاعبون دوليون يعبرون عن دعمهم ...
- أي الجزيرتين تختار لعطلتك: بوكيت التايلندية أم لنكاوي المالي ...
- كاتب إسرائيلي: شيطنة نتنياهو في أميركا قد تقلب ترامب عليه
- أمنستي: أي مقترح سلام بغزة يجب أن ينهي الاحتلال والفصل العنص ...
- بحثا عن معلومات سرية اختراق البريد الإلكتروني لعدة جهات دبلو ...
- -تيلي نورود-.. أول ممثلة افتراضية في هوليود تشعل أزمة جديدة ...


المزيد.....

- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - داود روفائيل خشبة - الحرية والسلطة