أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عزو محمد عبد القادر ناجي - الوسطية والاعتدال في تيارات الثورة السورية















المزيد.....



الوسطية والاعتدال في تيارات الثورة السورية


عزو محمد عبد القادر ناجي

الحوار المتمدن-العدد: 4070 - 2013 / 4 / 22 - 17:39
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


الوسطية والاعتدال
في تيارات الثورة السورية
يرى بعض جاهلي الشعب السوري والغير مدركي السياسة ، أن سوريا ما بعد سقوط الأسد ستسودها الفوضى والتطرف الديني والعرقي والشوفيني وتصبح مأوى للإرهاب والجماعات المتطرفة الجريمة المنظمة ، ونسي هؤلاء أو تناسوا –حسب رأي غالبية أبناء الشعب السوري - أن تركيبة سوريا الاجتماعية والقومية والحضارية لا تسمح للمتطرفين بأن يحكموها، فالعاصمة دمشق يسكنها منذ زمن طويل أناس محافظون دينياً، لكنهم لم يكونوا يوماً متطرفين أو متزمتين أو ظلاميين. كيف لا، وهم من أبرع وأمهر العاملين في المجال التجاري في العالم العربي، إن لم يكونوا في العالم، وبالتالي، فلا يمكن الجمع عملياً بين التجارة والتطرف، ناهيك عن أن دمشق قلب سوريا النابض لا يمكن أن تعيش من دون التعامل التجاري اليومي مع بقية أطياف المجتمع السوري بمختلف توجهاته. وعندما نظرنا إلى حركة البيع والشراء في "سوق الحميدية" رمز دمشق التجاري الأهم ستجد المسلم والشيعي والدرزي والمسيحي والإسماعيلي وبقية مكونات المجتمع السوري التي تعايشت وتعاضدت على مدى زمن طويل.ولو نظرنا إلى ثاني أكبر مدينة في سوريا، ألا وهي حلب عاصمة سوريا الاقتصادية، لوجدنا أنها لا يمكن، في أي حال من الأحوال، أن تكون مدينة متطرفة، ولن تقبل بأن يحكمها المتطرفون، فبحكم موقعها الجغرافي وطبيعة أهلها الكرام المشهورين بمهارتهم العالية في التجارة والمهن والفن والطرب لا يمكن أن تكون حلب إلا مدينة حضارية منفتحة على الجميع. وبما أن أكبر وأهم حاضرتين في سوريا لا يمكن أن تقبلا بالتطرف، فلا مستقبل للتطرف في سوريا كما يحذر بعض الأبواق، خاصة العلمانيين منهم ، ومن الجدير بالذكر أن النظام السوري يحتمي بالأقليات ولا يحميها،وباختصار، فإن التطرف الذي يحذر منه النظام هو مفبرك ولا محل له من الإعراب على الأرض السورية، وهو من صنع نظام الأسد الذي يحرض على ضرب مكونات المجتمع السوري ببعضها البعض على مبدأ "فرّق تسد" لأغراض سلطوية ولتخويف السوريين من بعضهم البعض وبعبارة أخرى فإنه ليست هناك حاضنة شعبية واسعة أو عامة لقوى التطرف في سوريا، ومقاتلة بعض الجماعات المتشددة إلى جانب الجيش السوري الحر لا تعني أبداً أنها ستحكم المشهد السياسي فيما لو تغير النظام، خاصة أنها لا تشكل سوى شيئاً يسير جداً من المقاتلين، غير أن النظام يحاول تضخيم دورها في الثورة كي يصور الثورة على أنها ثورة متطرفين لتخويف الداخل والخارج بالخطر "القاعدي" المزعوم على سوريا. وبالتالي فإن كل من يحاول أن يخوّف السوريين بالمتطرفين فيما لو سقط النظام، إما أنه ساذج، أو أنه خبيث يحاول الالتفاف على مطالب الثورة وتشويهها لتمديد عمر النظام المتساقط، أو إحباط آمال السوريين في التحرر والانعتاق من الطغيان ،عداك عن أن صناديق الاقتراع ستكون الحكم في سوريا الجديدة، وتذكر مجلة "إيكونومست" البريطانية المرموقة في تحقيق لها حول تركيبة المجتمع السوري بأن سوريا لم تشهد منذ أكثر من مائتي عام أي اعتداءات طائفية تذكر ،وبالتالي فإن من يخوّف العالم والسوريين من أن المتطرفين سيحكمون فيما لو سقط النظام فإنه غير صادق، فلا يمكن لجماعات لا يتجاوز أفرادها سبعة آلاف وهي جبهة النصرة أن يحكموا بلداً كسوريا بالرغم من تأكيدنا أنها غير متطرفة بل عملياتها ردا على النظام الأسدي وشبيحته ومرتزقته من مبدأ العين بالعين والسن بالسن والبادئ أظلم ، كما أنها حتى الآن لم تنقل المعركة إلى مناطق العلويين النصيريين أتباع النظام رغم حق الشعب السوري في ذلك فأطفالهم ليسوا أفضل من أطفالنا ونساءهم ورجالهم ليسوا أفضل منا، خاصة بعد أن كسر شعب سوريا جدار الخوف مرة وإلى الأبد، ولأنه لم يضحي السوريون بالغالي والنفيس لينتقلوا من الظلم إلى الظلام، فلا خوف على سوريا من التطرف والمتطرفين سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين أو قبائل عربية أو كردية أو شركسية أو تركمانية ،أو يزيديين أو اسماعيليين أو دروز أو غيرها ، هذه لعبة متهافتة في حقيقة الحضارة السورية عبر منذ آلاف السنين وحتى يومنا هذا ،والمسألة تقتصر على أمراء الحرب من رجال نظام الإرهابي بشار وشبيحته ومرتزقته وذلك لتدمير تآلف الشعب السوري بأطيافه وذلك لمصلحة مجوس إيران وملحدي روسيا ، وكلاهما نظامين غير أخلاقيين كما أثبتت الوقائع التاريخية ذلك .

فالثورة السورية انطلقت واشتعلت في 15/18 آذار/مارس باستشهاد شابين شاركا بمظاهرة سلمية في مهد الثورة السورية العظمى في مدينة درعا وكانت أول الشعارات المرفوعة "واحد واحد واحد الشعب السوري واحد " وانتشر ذلك الشعار كالنار في الهشيم وبات لازمة في كل مظاهرات أو خطاب ثوري سوري، وشاركت كل أطياف وأعراق الشعب السوري في الثورة دون استثناء بنسب متفاوتة لكن الحقيقة المؤكدة هي تضامن السوريين بغالبيتهم العظمى في مواجهة الاستبداد والظلم والاقصاء وكان رد فعل النظام سلبيا جدا فخرجت بثينة شعبان ـ مستشارة بشار الأسد ـ لتقول بأن التحركات والعصيان والتمرد ـ كما أسمته ـ الدائر على ساحات المدن والأرياف السورية هو حراك طائفي، ووصمت الشعب السوري بالطائفية، فما كان من السوريين إلا أن أسموا واحدة من جمعهم باسم المجاهد صالح العلي في بيان واضح لمنع الفصل الطائفي في الثورة، وسموا أخرى باسم الجمعة العظيمة في اتحاد مصيري ووجداني بين مسلمي ومسيحيي سوريا ، وتعبيرا عن الوحدة العميقة كانت المظاهرات تخرج تحت شعار آزادي باللغة الكردية معلنة وحدة سورية بليغة تجلت بعض مظاهرها في تبوّء علويين وكرد ومسيحيين ودروز واسماعيليين مراكز قيادية عليا لأكبر التشكيلات السياسية المصاحبة للثورة، فجورج صبرا –مسيحي-رئيس المجلس الوطني وغسان هيتو –كوردي-رئيس الحكومة المؤقتة ومنذر ماخوس-علوي- سفير الائتلاف في فرنسا وما هذه إلا نماذج فقط هدفها الإشارة إلى عقلية سورية وطنية طاغية قد يغفلها البعض وقد تتراجع تحت وطأة الظلم والتهميش أو الخوف من المستقبل .
وعند منتصف شهر أيلول /سبتمبر من العالم 2011 أي بعد ستة أشهر من انطلاق الثورة السورية بدأ النظام بتسريب ونشر مخاوف من تقسيم سوريا، ونشر على وسائطه العلمية المرئية والمقروءة صورة لخارطة سورية تظهر تقسيم سوريا لدويلات على أساس طائفي، وروجوا لتلك المقولة عبر طابورهم الخامس من مخبرين وأبواق إعلامية وعناصر مخابراتية ومندسين في صفوف الثوار وامتلأت صفحات التواصل الاجتماعي المؤيد للسلطة بتقسيمات لسوريا التاريخية إلى دولة كردية ودولة علوية ودول سنية ودولة درزية ، وبالتأكيد فإن ذلك الافتراء لا ينطلي على أحد إلا أن النظام يسعى إلى اقتطاع جزء من سوريا كملاذ أخير-فيما لوكما يظن في الاستمرار في حكم سوريا إلى الأبد كما يدعي - وإقامة دويلة خاصة به يستمر من خلالها حكمه وإبقاء دولته الاستبدادية العنصرية للحفاظ على مصالح حلفائه الإقليميين والدوليين ( روسيا وإيران ) ويظن النظام أنها ستكون -تلك الدويلة- ورما سرطانيا يشكل تهديدا دائما ومستمرا لسوريا ما بعد نظام الأسد بحيث يحرم سوريا من حدودها البحرية –حيث يسعون إلى احتلال الساحل السني وضمه لدولتهم المزعومة التي خلقتها لهم فرنسا فيما سبق والتي لم تشمل سوى بعض الجبال في الساحل السوري ولا تشمل الساحل بأي شكل من الأشكال- ويعمل على إبقاء تواصل مع كيانات حزبية وطائفية موالية له في لبنان والعراق وتركيا.
لكن لابد أن نشير هنا أنه بعد ما يقرب سنتين من الثورة برزت مخاوف مستقبلية وأحيانا وجودية لبعض الطوائف نتيجة لتنامي التوجهات الإسلامية الجهادية وطغيان الشعارات الدينية على الحراك السلمي وعلى التوجهات السياسية مثل ( الشعب يريد خلافة إسلامية ) ، أو دولة دينية إسلامية تحكمها الشريعة ويشكل ذلك تحديا لمنطلقات الثورة السورية وهي ظاهرة مستجدة ساهم في وجودها سياسات النظام الطائفية وغلوه المتطرف والعنيف ، رغم أن هذه الأصوات لاتعبر إلا عن قلة قليلة لا تأثير لها على مسار الثورة السورية ، فالجيش الحر على سبيل المثال قوامة ما يقرب من 150 ألف مقاتل ، وجبهة النصرة فيما لو سلَمنا في ادعائهم أنها متطرفة – بالرغم من تأكيدنا أنها غير متطرفة وإنما تمارس رد فعل فقط على بعض جرائم النظام وهذا حق مشروع انطلاقاً من مبدأ العين بالعين والبادئ أظلم –فهي لا تشكل أكثر من سبعة آلاف مقاتل ، وهذا تأكيد أنه لا يوجد تطرف في الثورة السورية .
كذلك أوجد تنوع التشكيلات و المجموعات المسلحة وانخراط غير السوريين من المجاهدين الإسلاميين-وهم قلة قليلة جداً- ضد طائفية النظام النصيري فوضى مسلحة مازالت مضبوطة ومسيطرة عليها فالبعض يخشى من تحولها لتمرد مسلح بعد زوال السلطة الحالية ، لكن بما أنها لا تمثل إلا القليل من الثوار فلا يخشى من أنها قد تسبب أي فوضى ، ونحن على يقين أنها ستنضم للجيش الوطني الجديد الذي سيشكل في سوريا ، أما أفرادها المدنيين فسيشكلون حزباً سياسياً يساهم في الحراك الديمقراطي السوري في سوريا الجديدة .
وحول ادعاء البعض بتطرف بعض التيارات المقاتلة في سوريا ، فقد أوضح رموز هذه التيارات أنهم مع العدالة والحق وعدم التمييز بين أبناء الشعب السوري كما يرى ذلك بعض قادة جبهة النصرة في سوريا –التي صنفتها أمريكا ضمن المنظمات الإرهابية على أساس أنها جزء من تنظيم القاعدة في العراق -وهو أبو عبيدة المهاجر وبعض مشايخ السنة مثل الشيخ عدنان العرعور، وبعض مشايخ الشيعة وهو هاني الفحص في مؤتمر قامت الجزيرة مباشر بنقل مباشر له:
حيث قال المهاجر :
نتعهد بألا نعتدي على أي شخص من أي طائفة كانت في سوريا، كما سنحاسب كل انسان من أي طائفة في محاكم عادلة.
وإن الإشاعات التي يبثها النظام والمتآمرين بالتخويف من الإسلام والمسلمين لا صحة لها حيث يمنعنا ديننا الحنيف من أي عمل مخالف لشرع الله.،ونحن نؤيد الخطوة التي خطاها اخواننا العلويين ونبارك لهم خطوتهم ومؤتمرهم ونرجو أن تنقلوا هذه الرسالة إلى العلويين في الداخل ونؤكد أننا لن نحاسب أحد عن جرائم غيره.

وقد سأله بعض الحضور عن بعض المخاوف مثل مستقبل المقاتلين غير السوريين في سوريا بعد التحرير فأجاب السيد أحمد الشامي: من يريد أن يبقى في سوريا فليبقى وله ما لنا وعليه ما علينا، وفي سؤال آخر عن الأسس القانونية التي تتم عليها المحاكم الشرعية للأستاذ نجاتي طيارة فأجاب بأن ذلك يتركه للمختصين الذين يقومون بذلك.

أما الشيخ عدنان العرعور فقال : نحن نشكر جميع الحضور على ما يبذلونه في دعم الثورة والعمل على اسقاط النظام وإيجاد قواعد متينة للتعايش ونشر السلم وتحقيق العدل وأشكر المؤتمر وحضوره من الطائفة العلوية وهنا أنبه الطائفة للفخ الذي نصبه النظام لهم في توريطهم بما يفعله في سوريا، والأفضل على الأقل الوقوف على الحياد، والجميع يعلم بأن هذا النظام أرادها طائفية منذ البداية. والمعروف أن الكثيرون من المنتمون لحزب البعث شاركوا ويشاركون بالثورة ، والنظام حاول اتهام الثورة بالتطرف واتهامنا بالطائفية ليشن حرب اجرامية على الشعب السوري.
إن ديننا دين محبة وعدل وهناك الكثير من الآيات التي تأمر بذلك: "إن الله يأمر بالعدل" إلى غير ذلك من الآيات.
الشعب السوري شعب التفاهم والحوار والحديث عن الإقصاء هو فعل لا يعرفه إلا هذا النظام والظلم والبطش الإسلام منه براء، وعلينا الوقوف وجهاً لوجه لمحاربة الطائفية والحروب الصليبية هي حروب طائفية.

إن طرح القضايا للمناقشة هو هام وإبقاءها بدون مناقشة خطأ ونحن كمسلمين إذا ناقشنا عقيدتهم فهذا لا يعني أننا طائفيون.
إن ازالة الحواجز بين الطوائف ضروري ولا تزال إلا بالحوار واستعمال اللسان وهذه قضية ضرورية وأول من خالفها هو النظام، وهو الذي أطلق النار على المتظاهرين الذين كانوا يهتفون بحقوقهم. وأريد أن أنوه لأمر بأن الحكم الشرعي لأصحاب الإختصاص وليس للكتائب أن تحكم على أحد حيث لا يجوز في دين الله الإعتداء على أحد.
إن من يثير الفتن العشائرية والقومية هو من يملك حقد قديم وهنا أذكر الآية القرآنية: "يا أيها الناس إنا خلقناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم"، تعارفوا وتتفاهموا وتعايشوا، ولا يؤخذ المرء بجريرة أخيه وأبيه، ننشد بلداً تكون فيه المواطنة للجميع وأن تتوفر فيه حقوق الإنسان للجميع والحرية هي ملك للجميع
أما الشيخ اللبناني الشيعي هاني الفحص فتحدث عن قضايا هامة وخطيرة تخص الشيعة في البلدان العربية وكذلك موقفهم من ايران
وفيما يلي تلخيص لأهم ما جاء في حديثه:
- لم يكن يرغب بالمشاركة ولكن هناك ضرورة لتوضيح بعض الأمور، فأنا لا أريد أن أظهر أمام الشيعة خائناً ولا أن تقولوا عني أنتم بأني خائناً.
- نوري المالكي هو الذي قال بأن النظام السوري هو نظاماً ارهابياً.
- الدولة الإيرانية هي دولة تعمل لمصالحها فهي لا شيعية ولا اسلامية ويجب العمل ضد المشروع الإيراني. ولا يوجد مشروع عربي للعراق وتركوه لقمة صائغة لإيران حيث يوجد تواطئ أمريكي وإيراني على العراق.
- العرب تخلوا عن لبنان وتركوه لقمة سائغة لإيران.
- مقتدى الصدر بيد الإيرانيين.
- من الضروري ادارة الإختلاف بعقل والأكثرية السنية تحتاج لعقل بنفس قدر حصتها
- العلاقات بين حزب الله وإيران والقاعدة أعمق مما نتصور
- مؤتمر العلويين بإنصافهم لأنفسهم والتفريق بينهم وبين النظام وكذلك يجب عمل نفس الشئ بإنصاف الشيعة وفصلهم عن ايران.
- هناك الكثير من الجماعات السنية في لبنان تعمل مع ايران وهم ينفذون أوامرها.
- حاول الشيعة أن يشيعوا العلوية فتعلونوا وأخذوا جميع سلبيات العلوية.
- نريد لغة مدنية عالية.
- يجب محاربة المشروع الإيراني وليس التشيع.

كما أن رغبة بعض الأصوات القليلة من الكورد السوريين في إقامة دولتهم الكوردية التاريخية التي يرون أن الأراضي السورية تشكل جزء منها ،من هذا المنطلق دأب زعماء الأحزاب الكوردية الكبرى كالبارتي على تأكيد حرصهم على الحقوق القومية والثقافية والسياسية الكاملة للشعب الكوردي السوري وذلك ضمن سوريا الموحدة جغرافيا وسياسيا ، ويعتبر ذلك الموقف معبرا عن الرأي العام الكوردي السوري رغم ما يشوبه من تطلعات فيدرالية أو أمنيات قومية لا تتوافق مع التوجهات العامة للثورة السورية كما لا تنسجم مع الأجواء الدولية والإقليمية، ولكن تبقى هذه الأصوات نشاز لا تعبر عن الشارع الكوردي السوري المتطلع إلى العيش المشترك في دولة سورية تحكمها العدالة ، مع ضمان الحقوق القومية واللغوية والتراثية والخصوصيات الثقافية لهم سيما وأنهم يعيشون مع أخونهم السوريين من الأعراق الأخرى منذ آلاف السنين ، وهناك علاقات قربى ونسب ، وعلاقات ثقافية واقتصادية مع السوريين الآخرين ومن المستحيل أن يتخلوا عنها .
لكن بسبب تلك التخوفات يحاول البعض من أطياف المعارضة السورية خلق حلول لإيقاف نزيف الدم السوري صنع استراتيجية مستقبلية لسوريا المستقبل بعد سقوط الطاغية بشار الأسد ، حيث قام البعض من أعضاء ورشة الوحدة الوطنية وتجريم الطائفية بمبادرة لحل الازمة السورية ورأوا الاعتماد من خلالها على السوريين فقط ودون اي تدخلات خارجية، وتقوم خطتهم على عدة خطوات هي :
• الخطوة الأولى
دعوة الطائفة العلوية لتشكيل وفد من المشايخ ووجهاء من العشائر، أوالمناطق للقاء مع وفد من علماء الدين والوجهاء من المعارضة يمثلون ضمير وعقل الشعب الثائر والمنكل به.
• الخطوة الثانية
الاجتماع بأقصى سرعة خارج سوريا او بالمناطق المحررة البعيدة عن إرهاب النظام، للاتفاق على مبادئ أساسية لحل الأزمة، ووضع خطوط عامة تكون ملزمة لجميع الأطراف واحالة المسؤولين عن الجرائم الى محاكم عادلة أيا كان.
• الخطوة الثالثة
تشكيل هيئة وطنية قوامها شخصيات وطنية تضم رجال دين ووجهاء و خبراء من مختلف الاختصاصات والأطراف تضع خطة عملية لمعالجة الأزمة بالاستناد الى المبادئ الأساسية التي وضعت في الفقرة الثانية.
على ان يتم تصوير هذه الاجتماعات والحوارات كلها ويبث جزء منها مباشر عبر القنوات الفضائية، لكي يكون الشعب شاهد ومشارك بعملية الحل.

كما وضعت الورشة آنفة الذكر خارطة طريق ورأوا أنها التي تعبر بسوريا الوطن و الشعب إلى المستقبل وتقوم على مايلي :
• يجب أن يتمكن الكيان السوري الموحد للمعارضة السورية –الإئتلاف الوطني والحكومة الانتقالية -من إقناع العالم بأنه البديل الشرعي المناسب للنظام القائم ، وأن يفرض على العالم بأن يقاطع مصالحه مع مصالح سوريا الوطن و الشعب من خلاله ، و عندها سيتلقى هذا الكيان الدعم من العالم و سيبدأ العالم بالضغط الفعلي و الفعال على النظام القائم بكافة الطرق و الوسائل الممكنة حتى يسقط أو يستسلم .
• يجب أن يعمل الكيان السوري الموحد آنف الذكر على توحيد الكتائب على الأرض من خلال كونه الكيان الشرعي المدعوم و المعترف به دوليا و يتمكن من التأسيس لجيش سوري وطني و جهاز قوى أمن داخلي و جهاز قضائي مستقل يكونوا النواة لسوريا المستقبل .
كما رأى بعض العلويين أن مؤتمر "كلنا سوريون - معاً نحو وطنٍ للجميع" الذي صنفه الإعلام بمؤتمر العلويين الذي انعقد في القاهرة بتاريخ 23-03-2013 يعتبر مؤتمراً تاريخياً بكل أبعاده وعمل جيد ممكن أن يساعد في الإستعجال في سقوط نظام بيت الأسد وسيؤسس لمرحلة ما بعد سقوط نظام آل الأسد.
لكن رفض الكثيرون من المعارضين العلويين المشاركة به لإعتبارهم إياه بأنه يحمل معانٍ طائفية حيث لا يوافق بعضهم على تلك الصيغة بالرغم من تبرير المنظمين للوضع الخطير الذي أقحم النظام الطائفة به، وامتنع أيضاً الكثيرون ممن حضروا عن الظهور الإعلامي حيث ادعوا أنهم يخافون على أهاليهم من الشبيحة المتورطين في الإجرام والقتل الذين يمارسونه ضد المعارضين العلويين كاعتبارهم خونة للطائفة ووقوفهم مع المتشددين التكفيريين على حد قول أحد المشاركين.
وحول البيان السياسي لمؤتمر كلنا سوريون ” معاً نحو وطن للجميع “كلنا شركاء ، تنادى جمع من المعارضين السوريين من أصول علوية لعقد مؤتمر في هذه الظروف الاستثنائية التي تمر بها ثورة شعبنا في وطننا السوري الحبيب، حيث توصّل المؤتمرون المجتمعون في القاهرة يوم السبت 23-3- 2013 إلى إعلان ما يلي
• إن الثورة السورية هي ثورة الشعب بكل أطيافه ضد الطغيان والاستبداد والفساد وليس لها أي وجه آخر.
• إن النظام السوري لا هوية له إلا هوية الاستبداد والنهب والتدمير، وأما الدمج بين النظام الحاكم والطائفة العلوية، فهو خطأ سياسي وأخلاقي قاتل ، فالنظام السوري ليس نظام الطائفة العلوية ولم يكن يوماً في خدمتها، بل على العكس، كانت الطائفة العلوية رهينة – ولا تزال- من قبل النظام .
• إن إحدى مهام الثورة السورية، وفي سياق إعادة بناء الهوية الوطنية، تحرير الطائفة العلوية من أسر النظام الحاكم.
• إن الشجاعة والمسؤولية التاريخية تقتضيان منا اليوم القول لأهلنا وأقربائنا بأن مستقبلهم وأمنهم يكون بالوقوف مع الشعب السوري في ثورته وأننا نرفض رفضاً قاطعاً محاولة النظام اختطاف الطائفة ووضعها بمواجهة إخوانها من باقي مكونات الشعب السوري وأننا نحمل النظام المسؤولية الكاملة عن كل الضحايا من ابناء الطائفة العلوية.
• إن المطلوب ليس إسقاط النظام فحسب بل وتفكيك بنية النظام الشمولي التي أقامها ، وبناء دولة المواطنة والقانون .
• إن الجرائم التي ارتكبها النظام السوري هي وصمة عار ليس في جبينه فقط بل في جبين الإنسانية وتاريخها وهي تحتم علينا كبشر أولاً وكسوريين ثانيا أن لا نرضى بأقل من محاكمة تاريخية لجرائمه التي هي من أفظع الجرائم التي عرفتها البشرية ،ونؤكد هنا على ضرورة محاسبة كل من تورط متعمداً في سفك دماءالأبرياء من السوريين، بحيث تخضع تلك المحاسبة لمحاكم قانونية عادلة يقدم أمامها أولئك المتورطون سواء كانوا من الطائفة العلوية أو غيرها من الطوائف الأخرى .
• إن النظام السوري يكذب حين يقول بأنه حام للأقليات – وخاصة منها الطائفة العلوية – وهي كذبة يريد منها تخويف السوريين من التشدد الإسلامي المحتمل والقادم على حد زعم النظام ، وكذلك يريد إعطاء صورة خاطئة للعالم بأنه يحارب جماعات تكفيرية وأنه الضامن للحرب على الإرهاب .
• يتفهم المؤتمرون مسألة الحاجة إلى التطمينات بين مختلف اطياف الشعب السوري وذلك لخصوصية اللحظة التي تمر بها الثورة من احتقان طائفي ودفع إلى فتنة تلاقى فيها النظام مع أطراف أخرى .لكن المبدأ العام الذي نؤمن به في الدولة السورية القادمة بأنه لا تطمينات ولا ضمانات لأحد في سوريا إلا من الشعب السوري نفسه ولا حام ولا مدافع عن أي سوري إلا الشعب السوري نفسه وكل ادعاءات الحماية والتطمينات تعبر في العمق عن منطلقات طائفية تتناقض مع مفهوم المواطنة.
• قامت الثورة السورية من أجل الانتقال إلى نظام ديموقراطي وبناء دولة المواطنة وكل من يحاول حرف الثورة عن هدفها الأساسي بإلباسها ثوب الصراع الطائفي أو المذهبي هو شريك في سفك الدم السوري.
• ندعو كل المؤيدين لهذا النظام على اختلاف انتماءاتهم بالتوقف فوراً عن دعم هذا النظام الذي يقتل أخوته ويهدد حاضر ومستقبل بلدهم وأن يوجهوا كل جهودهم لإسقاط هذه الطغمة التي تدفع سوريا إلى غياهب المجهول، كما نناشد كل الفئات الصامتة بالخروج عن صمتهم وتحمل مسؤوليتهم الوطنية التاريخية والانخراط في صفوف الثورة.
• نتوجه إلى أخوتنا في الجيش السوري، ونخص بالذكر أبناءطائفتنا، بعدم رفع السلاح بوجه شعبهم ورفض الالتحاق بجيش يريد النظام زجهم فيه لقتل إخوتهم السوريين، كما نؤكد على قوى الثورة بتحمل مسؤوليتها في توفير كل السبل المساعدة لتمكينهم من فك ارتباطهم بالنظام .
• لا نغمض أعيننا عن الأخطاء التي ترتكب باسم الثورة، سواء من قوى مسلحة أو جماعات تكفيرية متشددة، ولا نتواطأ بالصمت عن كل ما يشوه وجه الثورة، لكننا نرى أن هذا النظام هو المنتج الأساس لكل هذه التشوهات سواء بشكل مباشر أم غير مباشر وسواء أنتجها الآن أم عبر تاريخ حكمه الطويل.
• إن أية محاولة لتقسيم سوريا من أطراف داخلية أو خارجية، تعتبر خيانة للوطن وللتاريخ وللأجيال، وعلينا جميعاً كسوريين أن نقاتل ضدها، رافضين كل شكل من اشكال المحاصصة، فسوريا لن تكون إلا دولة واحدة لجميع أبنائها
• إننا اليوم نرفع من القاهرة صوتنا لنقول: كلنا سوريون ننتمي إلى شعب من أعرق شعوب الأرض، قام بثورته من أجل الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة ، شعب يتطلع إلى بناء دولته الديموقراطية المدنية الحديثة في وطن يتسع للجميع دون تفريق أو تمييز على أساس الدين أو العرق أو الجنس، ومن هنا جاء شعار مؤتمرنا (( كلنا سوريون .. معاً نحو وطن للجميع ))
عاشت ثورة شعبنا العظيم
والرحمة لشهداء الوطن
القاهرة 23 -3-2013
لكن يرى البعض أن هذا المؤتمر خطير على الثورة السورية لعدة أسباب أهمها :
• المؤتمر منظم من قبل رفعت الاسد تخطيطا وتسييسا وتمويلا ، ورفعت معروف بارتباطه بالنظام من وراء الكواليس ، كما أن انهيار النظام يعني محاكمته عن كل الجرائم التي ارتكبها بحق الشعب السوري وخاصة في مجزرة حماه وتدمر وغرها من المجازر ، ومساهمته الكاملة في تثبيت دعائم النظام الأسدي ، وسرقته لأموال الشعب السوري
• شخصيات المؤتمر إما إنهم موظفون سابقون في إدارة آل الاسد من صحفيين وحزبيين جرى الاستغناء عن خدماتهم في إطار صراع شعب المخابرات أو صراعات أجنحة العائلة الاسديه او أنهم مهاجرون طوعيون الى بلدان المغترب طمعا في المال او استخداما لبعض اختصاصاتهم ذات الرواتب الاعلى في بلدان الاغتراب أو أن بعضهم كانوا موظفين في السفارات السوريه واحتسبوا أن البقاء في الخارج يعفيهم من خدمة العلم ويؤمن لهم مستوى من العيش الرغيد في الخارج بعد ان اخذت الثوره مسارها واقتنع الكثير منهم بالبحث عن موقع ومأل حيث كان النظام طائفي بامتياز فعلى سبيل المثال معظم أعضاء السفارات والقنصليات بالخارج هم من الطائفة العلوية، كما أن معظم طلاب البعثات العسكرية والطلابية كانوا من الطائفة العلوية
• معظم المؤتمرين كانوا اما في إدارات الدوله او في جمعية الدراسات العليا التي أسسها رفعت الاسد، وجلهم من طائفة النظام أو كانوا في سرايا الدفاع او في جمعية المرتضى التي أسسها الأخ الشقيق لحافظ الاسد وهوجميل الاسد ، وحتى لايغيب آل الاسد فيما لو اضطر بشار الى غير مايبتغي أو في حالة شغور المسؤوليات أو قدوم عهد جديد للثوره
• المؤتمر يهدف الى إعادة رفعت الاسد من باب الطائفة ، مادامت قد استحالت عودته حزبيا أو عسكريا بانقلاب أو غيره.
• المؤتمر سيسلك مطلبية المحاصصة الطائفيه على أساس منطق وقاعدة الاستباق الطائفي باعتبار ان"الطائفة السنيه" "قادمة الى الحكم" "وهى ستقصي الأقليات" وبالخصوص الطائفة العلويه" وعلى اعتبار أن الأصولية السنيه يجب ان تقابل بأصولية علويه لفرض المحاصصه ، وأن انتصار المبدأ الوطني والتعددي للثوره فيكون العلويون قد شكلوا ائتلافا لدخول مؤسسات الدوله القادمه حسب طبيعتها النسبيه أو غيرها ، ويمكن للتجمع القادم أن يشكل أطرا حزبيه أو مذهبيه طبقا لغرض المحاصصه أيا كانت طبيعتها وكما يقتضي التحدي!!
• معظم المشاركين في المؤتمر لم يعملوا في المعارضه ولم يصارعوا النظام إلا عبورا وليس في تاريخهم مقاربة على ذلك ، وبالتالي فليس لهم أي تاريخ نضالي ضد الطائفية والديكتاتورية التي تحكم سوريا منذ عقود .
• يعقد المؤتمر بمباركة هيئة التنسيق المعروفه بولائها للنظام وتنسيقها معه ، وبالتالي فهو بمباركة هيئة غير معترف عليها من قبل الثورة
• ليس بين المؤتمرين اي مرجعية فقهيه او مذهبيه او مشيخة علويه بالمطلق كون هؤلاء المراجع العلوية لهم التأثير الأكبر على أفكار العلويين ، من خلال ما يعرف بالدخلة ، أي الدخول على مشايخ الطائفة وتلقينهم التعاليم الدينية منذ سن 16 ومافوق ، وهذه التعاليم فيها الكثير من الانحراف والكره للآخرين من غير العلويين والادعاء أن لكل كلام باطن وظاهر يفسرونه على هواهم ، ومن الممكن الاطلاع على الكتب السرية لهذه الطائفة لتبيان مدى عدم تقبلها للآخرين واحتقارها إياهم بغض النظر إن كانوا مسلمين أو مسيحيين أو يهود أو غير ذلك من الأديان والمذاهب الأخرى .
• المؤتمر سيتبنى مبادرة رفعت الاسد التي أطلقها منذ شهرين وأعاد إطلاقها من خلال بيان نسب الى مشايخ العلويين منذ فترة قصيرة وما سيتغير سيكون في الظاهر وليس في الجوهر، وهذا من صلب العقيدة الدينية لهم
• المؤتمر سيظهر تشددا ضد بشار الاسد يعكس صراع عمه رفعت معه ويعكس تشددا يبعد الشكوك عن طبيعته وأهدافه الباطنية، على قاعدة أشدهم كفرا بها أقربهم حبا لها!!!
• يدير المؤتمر كل من توفيق دنيا وبسمه قضماني وآخرين من الصحفيين،وبعض الصحفيين السابقين في صحافة الأسد وبعض أساتذة جامعتي تشرين في اللاذقيه والبعث في حمص ، ومعروف هؤلاء عن ولائهم المطلق للنظام ، وأنهم لم يصلوا إلى ما وصلوا إليه في سلك التدريس الجامعي سوى لولاءهم للنظام وانتمائهم لطائفته .
كما يرى هؤلاء أن خطورة المؤتمر تنعكس في كل ماورد اعلاه !وتنعكس في انه ينعقد بتسميته الطائفيه تكريسا لاشكالية شديدة الخطوره في اصطناع مواجهة طائفيه ، وفي إظهار أن مكونات الشعب السوري ئؤخذ وتقرأ وتحتسب طائفيا ، وليس سياسيا او حزبيا او وطنيا ، بتكريس الطوائف على حساب الأطر السياسية والكيانات الحزبيه.
لكن يرى البعض من المعار ضين أنه لا يمكن حل المشكلة السورية بالاعتماد على المحاصصة الطائفية المجتمع الدولي والنظام العربي حاولا حل مشكلة الصراع الأهلي والإقليمي الذي دار فوق الأراضي اللبنانية والذي امتد لما يقرب من خمسة عشر سنة باتفاق محاصصة طائفية سمي اتفاق الطائف لكن الإشكالات السياسية والاجتماعية والطائفية ما زالت تعصف بالدولة والمجتمع اللبناني بل ومازالت تدخله في دوامة التجاذبات الإقليمية والدولية بحدة ، تنعكس أزمات واستقطابات أمنية وطائفية تهدد استقراره كما تهدد وحدته وتماسكه وسلمه الأهلي.أيضا العراق قابع في ظل استعصاء سياسي واضطراب أمني يفتح الباب مشرعا لصراع أهلي طائفي واثني شامل قد لا ينتهي إلا بخسائر بشرية هائلة ودمار واسع ولا يحل إلا تقسيم العراق وإنهاء وحدته السياسية والجغرافية، بسبب تقسيم العراق إداريا وسياسيا وجغرافيا وفقا للنسبية الطائفية والعرقية حسب استراتيجية الإدارة الأمريكية التي كانت تحتل العراق.
وأنه قد استغل النظام العالمي والقوى الإقليمية التناقضات الطائفية ليزيد من الاشتباك الطائفي ويعمق الاستقطابات المذهبية في كل من العراق ولبنان ولم يعمل جاهدا على التخفيف من حدة الانقسام الديني والوجداني المتجذر في الثقافة العربية والإسلامي وبالرغم من أن المجتمعات العربية عاشت لقرون طويلة تحت رايات وطنية وقومية تفرضها قوة قاهرة مسيطرة ومهيمنة كانت تدفع بالاحتقان الديني نحو الأعماق بعيدا عن ظاهر التعامل المدني والسياسي إلا أنها كانت ترسخ الانتماءات الدينية والمذهبية والقومية بقوة وشدة دون أن تدري وربما بإرادة مبيتة هدفها استغلال القوة والنفوذ السياسي والاقتصادي لصالح طائفة دون غيرها من أطياف المجتمع.
وعلى الصعيد الاقليمي أصبحت ايران تسيطر على القرار السياسي والاستراتيجي لشيعة العراق بواسطة حزب الدعوة وقائده الطائفي نوري المالكي كذلك هو الحال حيث بات لبنان أسير لإرادة إيرانية بعد سيطرة حليفها الرئيسي حزب الله بقيادة الطائفي حسن نصر الله ، وفي الطرف الأخر يلاحظ بوضوح دعم دول عربية كبرى كالمملكة السعودية لمقاومة المشروع العالمي الشيعي الإيراني في لبنان والعراق وسوريا والبحرين

ويرى آخرون أن الاستقلال السياسي الوطني الكامل في ظل المعادلات الجيواستراتيجية العالمية وفي ظل ثورة الاتصالات وتنامي دور المجتمع الدولي عبر الأمم المتحدة ومجلس الأمن مستحيل، فحتى الدول العظمى مثل الصين وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية تجد نفسها مرغمة إلى حد كبير على الالتفات للنظام العالمي الجديدة وعدم الانفراد بالقرار ولو على الأقل ضمت تحالفات دولية كبرى كحلف وارسو وحلف الناتو ومجموعات دولية أصغر كالاتحاد الأوربي ومجموعة الثمانية، كذلك هو الحال لدى معظم دول العالم التي تتطلع لدور أكبر للمنظمات الإقليمية كالاتحاد الإفريقي والآسيان . وعلى الصعيد العربي نرى رغبة لدى الأنظمة العربية لاتخاذ قرارات تحت مظلة جامعة الدول العربية، أو مظلة مجلس التعاون الخليجي وغيرها من التكتلات الإقليمية والدولية. فالدول بمشاركتها بمنظمات إقليمية أو دولية تضع نصب عينها في المقام الأول مصالحها الوطنية والقومية، وتبحث عن الدعم لمشاريعها الداخلية والخارجية، لكنها تسعى في ذات الوقت لتجنب الصدام مع بقية دول العالم قدر الإمكان.

فسوريا الجديدة تبحث عن منطقة ثابتة وقاعدة مستقرة تؤمن التوازن بين استقلالية وسيادة القرار الوطني والانخراط الطبيعي مع مؤسسات المجتمع الدولي.
و أن السوريون يستطيعون تجنب مخاطر التأثيرات الدولية الإقليمية التي تحكمت ببلدان أخرى كالعراق ولبنان عبر عدة أمور هي :
• الابتعاد عن بناء النظام السياسي وفق تقسيمات طائفية أو مناطقية
• إقامة دولة الديمقراطية والعدالة والمواطنة التي تحفظ الحقوق وتحمي الجميع وتمنع تكرار استغلال فئة لنفوذها العسكري والسياسي لإخضاع بقية السوريين والسيطرة على مقدرات الوطن
• التماسك والالتفاف حول المؤسسات السياسية والمدنية الوطنية وعدم الخضوع مباشرة للإملاءات الدولية والإقليمية
• إن العدالة يجب أن تأخذ مجراها بعيدا عن الحسابات الطائفية وغريزة الحقد وانفعالات الثأر كما أنه من المتفق عليه أن تكون سوريا الديمقراطية القادمة لكل أبنائها دون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو الدين أو المذهب.

كما يرى البعض أن العناصر الشاملة لسياسة العدالة الانتقالية هي :
• المحاكمات الجنائية: ،ويقصد بها عقد المحاكم المسؤولة عن محاكمة مرتكبي الجرائم مع الأخذ بعين الاعتبار تراتبية المسؤولية
• لجان الحقيقة : لجان تقصي الحقائق بعضها مختصة بتقدير وتقديم التعويضات ومسح الأضرار
• الاعتراف بالجميل وتقديم التقدير : إيجاد السبل الملائمة والآليات التي من خلالها تعترف الحكومات بالمعاناة واتخاذ خطوات لمعالجة الأضرار في البنية التحتية .
• الإصلاح المؤسسي لمؤسسات الدولة : إصلاح المؤسسة العسكرية والمؤسسة الأمنية والمؤسسة القضائية بما يكفل منع تغول سلطات الدولة على الشعب كما يعيد القرار لتحرك المؤسسة العسكرية والأمنية للسلطة التنفيذية المنتخبة من الشعب وإقرار القوانين المحصنة لحقوق الأفراد
• لجان التوعية والتثقيف والمصالحة الوطنية
• إقرار قانون خاص بالعدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية
• تغيير أساليب وأشكال العمل في النيابة العامة ، بما يساعد على تشجيع الضحايا للتبليغ عن الجناة ويسهل التعرف على الضحايا وعلى الجناة، وبما يسهل وصول الأفراد لمقرات النيابة العامة
فالعدالة الانتقالية لا تعني بالضرورة العدالة الجنائية فقط ، ولكن غير ذلك من أشكال العدالة، كالعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص ، وترتبط هذه الفكرة بالتالي بالتحول السياسي، مثل تغيير النظام أو التحول من الصراع المسلح إلى المصالحة الوطنية ، نحو مستقبل أكثر سلاما وديمقراطية بأدوات واضحة المعالم، ومن مهام العدالة الانتقالية حصر العقاب والمسؤولية بالأفراد وليس بالمجموعات العرقية أو الإثنية التي ينتمون إليها، فلا يجوز أخذ فئة أو جماعة أو طائفة بجريرة فرد أو أفراد منها، فالعدالة تستوجب معاقبة المجرم ذاته، بل وتستوجب تحصين وحماية أهله من الانتقام طالما أنهم ليسوا شركاء في الجريمة، وهذا جوهر قيمة العدالة فالهدف هو تحصين المجتمع والسعي لمنع تكرار الجريمة وليس فعلها بدلالة الانتقام أو الثأر
كما أن العدالة الانتقالية تشير إلى مجموعة من التدابير القضائية وغير القضائية التي يتم تنفيذها من قبل دول متعددة من أجل معالجة مخلفات انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وتشمل هذه التدابير:
1 - الملاحقات الجنائية
2ـ لجان تقصي الحقائق،
3 ـ برامج التعويضات،
4 ـ أنواع مختلفة من الإصلاحات المؤسسية
.5 ـ إجراءات مدنية وقانونية لترسيخ المصالحة وتمكين العدالة
6 ـ إحياء وتفعيل دور المجتمع المدني ومنظماته وتأكيد انغماسه في تحقيق العدالة الانتقالية
7 ـ تمجيد ذكرى الضحايا وإعادة كتابة تاريخ الحدث وتثبيت الحقائق وتخليد ذكرى الشهداء والأبطال الذين اشتركوا في الثورة السورية ،وماذا قدم كل واحد منهم للثورة السورية

ويرى البعض أن العلاج والوقاية من التطلعات أو الأفكار الانعزالية والانفصالية يكون من خلال عدة أمور أهمها :
1 ـ إن أقامة دولة القانون والحق والمواطنة التي تسودها العدالة والكرامة والمساواة تجعل مواطنيها وأبناءها ملتزمين بانتمائهم الوطني وحبهم للدولة التي ينتمون إليها سياسيا .
2 ـ التنمية الاقتصادية والبشرية وترقية الموارد الطبيعية والبشرية وتحقيق مستويات متقدمة من العيش الكريم وتأمين متطلبات الحياة والعمل وحقوق الإقامة والتنقل والتعليم والضمان الاجتماعي والصحي هي مؤشرات ومؤثرات قوية للحفاظ على الوحدة والانتماء
3 ـ الحفاظ وحماية الحقوق الدينية والثقافية والاجتماعية والقومية لكل فئات وأطياف السوريين
4 ـ دعم الوحدة والتعاون بين أطياف الشعب السوري
5 ـ تحقيق العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية بنبذ الخلافات وإزالة الاحتقان وتبريد الأحقاد
6 النظام السياسي الديمقراطي والتعددي الذي يؤمن المشاركة الكاملة والتناوب على الحكم والتداول السلمي للسلطة، والتمثيل العادل والمنصف لكافة أطياف وفئات الشعب ركيزة ودعامة صارمة للحفاظ على الوحدة والتماسك السياسي والاجتماعي.
7 ـ التنوع الطائفي والإثني والثقافي والاجتماعي هو عنصر إغناء وقوة للحضارة والتاريخ السوري
8 ـ نشر المبادئ والقيم السامية للإسلام كدين وسطي، ابتدأ بمكارم الأخلاق وانتهى بالعدل والتوحيد والرحمة ، وتجنب النظريات التكفيرية والحركات السياسية الرافضة لفكرة الوطن والمناهضة للمواطنة، ويكون ذلك عبر الحوار والتواصل وبالاستفادة من التجارب السابقة للدول المجاورة في تجاوز الجماعات المتطرفة وأفكرها.
وعن دور منظمات المجتمع المدني في المرحلة المقبلة-مابعد سقوط الأسد- فمنظمات المجتمع المدني هي المجموعات الصغيرة التي تجعل من المجتمع معافى, وتملأ ما يدعى بالساحة العامة وتحل أغلب مشاكل الحياة اليومية التي هي ليست من اختصاص الحكومة باعتبارها (مجموعة التنظيمات التطوعية الحرة, التي تملأ المجال العام بين الأسرة والدولة لتحقيق مصالح أفرادها, ملتزمة في ذلك بقيم ومعايير الاحترام والتآخي والتسامح والإدارة السلمية للتنوع والخلاف) وهذه التعريفات هي ما ينطبق بصورة دقيقة على المجتمع السوري، فالنظام الأسدي منذ عقود طويلة قتل المجتمع المدني وربطه بالهيئات الحكومية والمؤسسة الأمنية، لكنه فشل بدليل قيادة الانتفاضات الثورية السورية من قبل مؤسسات المجتمع المدني .
فقد كان للمجتمع المدني في سوريا دور فاعل وجوهري في حمل راية الثورة وإعلان مطالب الشعب التي كانت وراء ثورته ، عبر كتابة اللافتات وطباعة المنشورات والبخ على الجدران حتى بات ما يعرف في سوريا بالرجل البخاخ وهو لقب أطلق على كل من كان ينشر شعارات الثورة على الجدران، وحيث يعرف الجميع أن القوى السياسية التقليدية السورية فوجئت مثلها مثل غيرها بالانتفاضات الشعبية التي خرجت في كافة المدن والأرياف السورية ولم يكن لها أي دور يذكر في التحريض أو التنظيم أو التخطيط لكنها ركبت الموجة وحاولت إدارتها أو السيطرة عليها إلا أنها فشلت .
واستفادت الجماعات المدنية من ثورة الاتصالات فشكلوا مجموعات على صفحات التواصل الاجتماعي وكان لها دور فاعل جدا في التحفيز والتنظيم ، إلى جانب العمل الإعلامي الجبار الذي قام فيه شبان مدنيون لم يسبق لهم العمل الإعلامي إلا أنهم أثبتوا قدرات فائقة في التعليم والتنظيم والاستفادة من الخبرات المتاحة
كما أنشأ السوريون التنسيقيات التي تنظم المظاهرات ثم بدؤوا بتنظيم أعمال الإسعاف والطبابة بعد تصدي النظام بالضرب والكسر والرصاص للمتظاهرين السلميين ، وعندما أوغل النظام في محاصرة المناطق المحاصرة تم تنظيم مجموعات إغاثية ، وكان لتلك الأعمال الدور الحاسم في استنهاض الشباب ونفخ الروح في المجتمع المدني السوري ونجحت منظمات المجتمع المدني السوري في تنظيم المناطق المحررة وتشكيل المجالس المحلية والإدارية. وخرجت المظاهرات من المساجد وشارك فيها كل أطياف المجتمع السوري واعتبر المسجد جزء من المجتمع المدني حيث كان من الطبيعي تواجد المسيحيين وأفراد وجماعات من كل الطوائف ينطلقون من المساجد وما حولها في مظاهرات عارمة أيام الجمع ، وفي ذلك أكبر الدلالات على فاعلية قدرة منظمات المجتمع المدني بتحريك الشعوب واستنهاض روح التحرر والمشاركة والتضامن والتقدم ونشر الوعي والتنظيم والتخطيط وهي أهم أدوار هيئات ومنظمات المجتمع المدني.
لكن يرى بعض المهتمين بالشأن السوري أن المهام الرئيسة المطلوبة في المرحلة الانتقالية والمرتبطة مباشرة بالمجتمع المدني:
• استعادة الحياة الطبيعية عبر ترميم البنية التحتية ومؤسسات إدارة الحياة المدنية من مدارس ومشافي ومعامل وأسواق وطرقات ووسائط نقل ، ومياه وكهرباء وتأمين أساسيات الحياة من طعام وغذاء وكساء.
• توفير الأمن والنظام وبسط سلطة القانون، وتنظيم السلطات الأمنية ، وإنهاء فوضى السلاح، والمبادرة بتشكيل أجهزة الشرطة والأمن وإمدادها وتزويدها بالمعدات واللوازم الأساسية والضرورية
• توفير مستلزمات الحياة الأولية والتي لا يمكن الاستمرار بدونها كالخبز وماء الشرب النظيف وتنظيف الأحياء والشوارع العامة وترحيل القمامة وإرساء القواعد الصحية لمنع انتشار الأمراض والأوبئة المعدية ، حيث أنه بسبب اهمال النظام للمناطق السورية وقصفها بالقنابل الجرثومية انتشرت الكثير من الأمراض مثل الكوليرا والتفؤيد والكبد الوبائي وغيرها من الأمراض .
• العمل الفوري على إصلاح وترميم المساكن التي دمرتها حرب النظام على الشعب والحرص على إيواء المشردين
• إعادة المهجرين إلى مساكنهم واللاجئين إلى ديارهم ، باعتماد خطط تنظيمية شاملة مدعومة باعتمادات مالية واقتصادية ولوجستية كبرى تشارك فيها دول الجوار ومنظمات وهيئات الأمم المتحدة
• إيلاء قضية المرأة والطفولة أهمية قصوى، فكثيرا من الأطفال باتوا بلا مأوى وبلا أهل أيتام فقدوا الوالد وفقدوا الأم ونساء فقدوا الابن والزوج والأخ ، ناهيك عما تخلفه الحروب الداخلية من أمراض ومآسي نفسية وعصبية وجسدية خطيرة على النساء والأطفال
• إعادة الحياة للحركة الثقافية والفنية ورعاية الفن الملتزم بالشعب وقضاياه
• نشر ثقافة الديمقراطية والتسامح والتآخي وإشاعة روح المواطنة وإعلاء شأن الوطن والإنسان
• تفعيل الدور الوطني والإنساني والأخلاقي للمراكز الاجتماعية الدينية وإبعادها ما أمكن عن التجاذبات السياسية لتكون عناصر وحدة ونقاط تلاقي تحمي المجتمع من الانزلاق في دروب الفتنة ومجاهل الاقتتال الأهلي .
• انجاز الدور السياسي والعسكري والأمني المنوط بالحكومة الانتقالية واستعادة واجباتها الأساسية هو المدخل الأول والسبيل لتمكين المجتمع المدني من انجاز المهام الملقاة على كاهله.
• البدء بتفعيل المجالس المحلية المنتخبة وإمدادها بالموارد المادية واللوجستية وتأمين سلامتها ودعمها سياسيا وإعلاميا.
وعليه فقد استعاد المجتمع المدني السوري دوره في استرداد السياسة من السلطات والنخب، حيث باتت النخب السياسية المعارضة مجبرة على تلبية المطالب الشعبية والاتساق بالمسار السياسي الذي تخطه الثورة ، فلا بقاء لأي تجمع سياسي لا يلبي مطالب الناس وإرادتهم.
وعليه فلابد من بناء وإقامة الهيئات الاعتبارية والمادية لتحقيق العدالة الانتقالية هي عامل جوهري في إعادة الصحة والعافية للمجتمع المدني وتجنب تفتيت التضامن الاجتماعي وتخريب السلم الأهلي ، ونشر الثقافة الديمقراطية وروح التشارك وقبول الآخر والتعايش مع الاختلاف وتعدد الآراء ونبذ التعصب وتجنب التشدد والعنصرية مهمة لصيقة بالمجتمع المدني وجدلية قيميّة يرتقي المجتمع بارتقائها.
كما أنه لابد من إعادة البناء على أسس جديدة تحقق العدالة والكرامة والديمقراطية والعيش الكريم ، وتأسس قواعد الدولة على بنيان ثابت يمنع التسلط وتكرار الدكتاتورية والاستبداد، وترد الحقوق لأصحابها وتقيم العدل وتنصف المظلوم، من هنا يأتي دور المصالحة الوطنية لتكون ركيزة اجتماعية وسياسية وقانونية في دولة حديثة عادلة ديمقراطية ينعم أبناؤها بالسعادة والهناء قدر المستطاع ، ويتعاظم دور المصالحة الوطنية عند البحث عن إزالة أسباب الانحدار الاجتماعي ومحو الأحقاد المتنامية جراء الأحداث الدامية والتدميرية التي عصفت بالوطن.
فالمصالحة الوطنية مشروع أهلي وخطة وطنية وقيمة أخلاقية وإنسانية وحقوقية ، تقتضي تعرف الضحايا على الجناة الحقيقيين ومحاسبتهم وتعويض المتضررين ، وهي ليست مجرد لقاءات إعلامية أو بيانات سياسية وأطروحات نظرية، بل هي قضية محورية وضرورية لها ضوابطها وقواعدها وقوانينها، وهي حاجة ضرورية وعنصر حيوي لإعادة الوئام الاجتماعي والسلم الأهلي، كما أنها معنية بكل أبناء الوطن مهما اختلفت انتماءاتهم العرقية أو الدينية أو السياسية، وتشمل هياكلها كل التيارات السياسية والفكرية من اليمين إلى اليسار، وإذا كانت النخب الثقافية أو السياسية تعتقد بأنها غير معنية بالمصالحة فهي مخطئة لأنها في صلب الموضوع وجزء من الأزمة والعلاج.
إلا أن ما يعيق تحقيق المصالحة الوطنية هو فكرة الهيمنة أو السيطرة والانفراد في الحكم ، وبالتالي تمنع أبناء الوطن من تخطي الأزمات وتجاوز العقبات التي سببها التحول والانتقال من عالم الاستبداد إلى عالم الحرية، بل إن الرغبة في الاستحواذ و الامتلاك تخلق أجواء من عدم الثقة وتعيد أجواء الاحتقان والاستقطاب الوطني من جديد ، وعلية كان لا بد من إقامة مجتمع المراقبة وتأمين المشاركة الحقيقية دون إقصاء أو عزل، واليقظة من تحويل الديمقراطية إلى استبدادية عددية؛ فالوطن لكل المواطنين أسياد وأحرار لهم نفس الواجبات ونفس الحقوق. هذا هو المنطق الذي يحكم صلب المصالحة الوطنية لأنه يعيد الحقوق لأصحابها ويعلي من شأن الإنسان ويكرس الوطن كحاضن وجامع وحامٍ للجميع دون استثناء. وعلية فالتغيير السياسي والإصلاح وحده لا يكفي للانتقال إلى حالة الاستقرار والأمن الاجتماعي إذ تشكل المصالحات الوطنية إجراءً ضروريا وحاجة ملحة لإتمام الانتقال والتغيير .
وتقوم المصالحة الوطنية على الأمور التالية :
• توافق المجتمع على قانون المصالحة الوطنية
• بناء وإقامة مؤسسات دستورية قوية
• استقلالية القضاء وعدم تسيسه وإخضاعه للقانون وليس للرغبات والمشاعر والأمنيات
• تشكيل لجان مصالحة تتوافق مع العادات والتقاليد الشائعة في المجتمع
• مؤتمر حوار وطني جامع ينظر بمعالجات جوهرية ومخلصة لفهم مشكلات الماضي وسبل تجاوزها ومنع تكرارها
• إعادة الاعتبار لقيمة العفو في التاريخ العربي والإسلامي واستذكار أن قيمة الكرم هو العفو عند المقدرة
• تشكيل هيئة حكومة خاصة بالمصالحة الوطنية ، تتمتع بميزانية مادية خاصة و بصلاحيات إجرائية وقانونية واسعة
حيث تعمل منظمات المجتمع المدني على رقابة الدولة وتصحيح مساراتها، وكلما كان حيا قويا وفاعلا في دولة ما كلما كانت مؤسساتها متينة ومتماسكة بعيدة عن الفساد وقريبة من عامة الناس بكافة طبقاتهم وشرائحهم .
ويتميز المجتمع المدني بمرونة تسمح له بحرية التصرف والحركة واختيار آليات وأساليب لا تخضع لمؤثرات سياسية ، كما يتحلى بهامش كبير من الحرية يتيح له اتخاذ مواقف انتقائية لتعدد مرجعياته وتداخلها، وبذلك يكون له قدرة على التكيف والتلاؤم مع الظروف المحيطة والطارئة لإتمام المهام والوظائف الموكلة إليه.
ولهيئات ومنظمات المجتمع المدني دور فعال في تثبيت المصالحة الوطنية وذلك عبر تحقيق الاندماج الاجتماعي بين أطياف الشعب، والبحث عن الأحداث التاريخية والوطنية والاجتماعية المشتركة ، وسيكون إنشاء هيئات مدنية تجمع مختلف الطبقات والشرائح الاجتماعية والعرقية والدينية عملية فاعلة في التعارف والتقارب وقبول الأخر ، كما أن التواصل الاجتماعي واحد من أهم عناصر تجنب عوامل التباعد والتناحر و تخفيف حدة الاستقطاب ما دون الوطنية، كما أنه القوة المعنوية التي تحطم الجمود بين المكونات الاجتماعية المختلفة . ولما كان المجتمع المدني يتمتع بالتنوع والتعدد والاتساع ، والقدرة على الانتشار داخل المؤسسات التعليمية والدينية والثقافية، كان قادرا على لعب أدوار هامة في إنقاذ الوطن وصيانة وحدته وتحقيق المصالحة بين أبنائه ، حيث له تأثير يضاهي أحيانا دور القوى والتيارات السياسية، خاصة في ظل الصراعات الأهلية وفترة الانتقال من حالة الاستبداد والظلم إلى حالة الديمقراطية والعدل.
لكن أهم مشكلات الثورة السورية والتي يجب معالجتها والتغلب عليها هي :
1. هجرة الكثير من الشباب والخبرات حيث تركت الساحة بلا يد تدافع أو تعمل
2. هجرة التجار ورؤوس الأموال وتخلت ونضبت الموارد وتركونا
3. تكفير أغلب الشعب من قبل أقلية من بعض المتشددين ، وخاصة من بعض الأقليات الدينية كالنصيرية العلوية
4. وعود بدعم غربي لمجموعات منبوذة وتاريخ مزري وسرقة وإجرام حيث كان الكثير منهم أذيالا للنظام واستفادوا منه استفادات كبيرة ولم يردوا مما أخدوه شيئاً للشعب السوري المنهوب
5. البقاء بحالة اللاحسم لعدم توفر أي امكانيات للمجموعات المقاتلة على الأرض ، والسبب يعود بسبب بعض الأصوات النشاز ممن يحسبون أنفسهم ثوار ، مما يجعل دول العالم الحر تتخوف من الدعم الكبير للثوار السوريين بالإمكانيات الضرورية لإنهاء النظام ، مثل موضوع الحرب على إسرائيل ، والعداء لليهود ، والعداء للغرب ، وطرح موضوع خلافة إسلامية ، واتخاذ نموذج طلبان لحكم الدولة ، ومنع الحرية الشخصية للآخرين مما يجعل الغرب يتخوف من سقوط النظام فجأة ريثما يعي الشعب السوري مصالحه وتوازن القوى الدولي لتكون سوريا أسوة بدول مثل مصر وتركيا وتونس وماليزيا ، عندها يكون البديل الذي يحظى بمباركة عالمية دولية .
6. خلافات سياسية دائمة وتضخيم إعلامي لبعض الوقائع على الأرض ، فصحيح أن الحرب هي إعلامية بالدرجة الأولى ، لكن يجب ألا نتبع أسلوب النظام بتقليل قوة الخصم والدعاء بالحسم السريع ، فالحقائق مهمة كما أن حجب الكثير من الحقائق أهم ريثما يتحقق الانتصار على النظام الأسدي .
ومايؤكد هذه الحقائق تأكيد رئيس الإئتلاف الوطني السوري معاذ الخطيب من أن الشعب السوري أصبح زاهداً بأي مؤتمر دوليّ، ما دام يعجز عن تمرير الحدّ الأدنى من الدّعم لحرية السوريين، فهل يحتاج تقرير حق الدفاع عن النّفس إلى سنوات يُذبَحُ فيها الشعب السوري بطريقة ممنهجة وواضحة ، وقراره ينبُع من مصالحه، ويرفض وصاية أيّة جهة في اتخاذ قراره...كما أكد الخطيب أن ثورتنا صنيعة نفسها، وأن الشعب السوري وحده هو الذي فجّرها وهو الذي سيقرر طريقها. وبالنسبة لمقعد الجامعة العربية فهذا المقعد هو جزءٌ من إعادة للشرعيّة التي حُرِم الشعب السوري منها طويلاً.. وثمة محاولات دائمة للتشويش على الثورة السورية من خلال ثلاثة محاور:
أولها الأقليات...
ثانيها الأسلحة الكيميائية...
ثالث المحاور موضوع الإرهاب ، فهل إرهاب الدولة لمدة سنتين مقبول؟ هل لأحدٍ وجهٌ أن يتحدث عن الإرهاب، وكلّ يوم يُذبَح الشعب السوري تحت سمع العالم وبصره ، وأن النظام هو الذي يرفض أيّ حل للأزمة، وأكد الخطيب حول الحل السياسي أيضا بقوله : نحن نرحب بأي حلّ سياسي يحفظ دماء الناس ويجنّب المزيد من الخراب، قدّمنا للنظام مبادرة إنسانيّة ليس فيها أي بند سياسي ولا عسكري، فقط أطلق سلاح الأبرياء، رفض النظام بصلافة!والمجتمع السوري مجتمع متمدّن، يعاني أبناؤه من أمرٍ هو أنهم لم يجلسوا مع بعضهم من قبل، اكتشفوا أنفسهم مع الثورة، أنشأوا إدارات مدنية، أجهزة شرطة، محاكم، قضاء، مشافٍ تعمل تحت الأرض، مدارس تحت القصف..نطالب باسم شعبنا المظلوم بالدعم في كل صوره وأشكاله، من كل أشقائنا وأصدقائنا، ومن ذلك الحق الكامل في الدفاع عن النّفس، ونطالب بمقعد سوريا في هيئة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، وتجميد أموال النظام التي نهبها من شعبنا، وتخصيصها لإعادة البناء والإعمار.

مما سبق نستنتج أن الشعب السوري الثائر هو شعب ثائر باعتدال ووسطية ولا مكان للتطرف في ثورته ، ودولته الجديدة ، وأنه يسعى للسلام مع كل دول العالم واسترجاع أرضه من خلال مبدأ الأرض مقابل السلام ، وسيسلك طريق الدول المحترمة والمعتدلة كماليزيا وتركيا وتونس ، ولن يسلك سلوك الدول العدوانية التي تصدر الإرهاب كإيران وكوريا الشمالية وبوليفيا وروسيا والصين وغيرها من الدول غير الأخلاقية التي لا مكان لحقوق الإنسان فيها ، وستكون دولة تنتهج النموذج الغربي في طريقة الحكم كما كانت سوريا في خمسينات القرن المنصرم حيث كانت تسمى يابان الشرق الأوسط وكانت تحسدها الكثير من الدول ، حيث كان دخل الفرد فيها الأعلى في الشرق الأوسط ، والسبب يعود للديمقراطية التي كانت سائدة فيها وحرية الرأي والتعبير وحقوق الإنسان والوسطية في التدين والاعتدال في التعامل ، ونحن على يقين أن الشعب السوري قادر خلال بضعة سنوات قليلة-بعد سقوط النظام الأسدي- على استعادة مكانة سوريا ودورها المحوري فيما لو استفاد من تجارب الماضي وحذا حذو الدول الناجحة لا الفاشلة .









#عزو_محمد_عبد_القادر_ناجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقترحات بحثية لطلبة وطالبات إدارة الأعمال
- ستراتيجيات الحراك الثوري السوري للقضاء على النظام الأسدي الإ ...
- استراتيجيات النظام الأسدي للقضاء على الثورة السورية
- حملة الوفاء لمدينة الشهداء دوما في ميدان الشهداء في طرابلس
- عناصر وأبعاد الاستراتيجية الثورية
- التحقيق من أجل إيقاف انتهاكات حقوق الإنسان في عالمنا العربي
- من أجل إنشاء مركز تدريب وتأهيل للخرجين من أجل اكتساب الخبرات ...
- رؤية ورسالة وأهداف الأقسام العلمية في الجامعات
- آلية عمل الإدارة الإستراتيجية
- السياسة التعليمية التي يجب أن تتقيد بها الجامعات العربية
- مناهج وأسالبيب البحث العلمي
- -آفاق التنمية البشرية في ليبيا الجديدة- تحت شعار -التحول من ...
- محاضرات في القانون المدني
- محاضرات في القانون التجاري
- عامر يا شهيد الأمة
- الشهيد القائد عامر محمد ناجي ثائر من أجل الحق والعدل
- رأي الشهيد القائد عامر محمد ناجي في الحياة والموت والشهادة و ...
- المدى الزمني لسقوط الأسد ونظامه الإرهابي
- سيناريوهات الثورة السورية حسب المعطيات الداخلية والظروف الدو ...
- استراتيجية شهيد الثورة السورية الشهيد البطل عامر محمد ناجي ل ...


المزيد.....




- الحرب على الاونروا لا تقل عدوانية عن حرب الابادة التي يتعرض ...
- محكمة تونسية تقضي بإعدام أشخاص أدينوا باغتيال شكري بلعيد
- القذافي يحول -العدم- إلى-جمال عبد الناصر-!
- شاهد: غرافيتي جريء يصوّر زعيم المعارضة الروسي أليكسي نافالني ...
- هل تلاحق لعنة كليجدار أوغلو حزب الشعب الجمهوري؟
- مقترح برلماني لإحياء فرنسا ذكرى مجزرة المتظاهرين الجزائريين ...
- بوتين: الصراع الحالي بين روسيا وأوكرانيا سببه تجاهل مصالح رو ...
- بلجيكا تدعو المتظاهرين الأتراك والأكراد إلى الهدوء
- المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي: مع الجماهير ضد قرارا ...
- بيان تضامن مع نقابة العاملين بأندية قناة السويس


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عزو محمد عبد القادر ناجي - الوسطية والاعتدال في تيارات الثورة السورية