أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - سامي الذيب - جريمة الختان 127: منع ختان الذكور في العصور القديمة















المزيد.....

جريمة الختان 127: منع ختان الذكور في العصور القديمة


سامي الذيب
(Sami Aldeeb)


الحوار المتمدن-العدد: 4063 - 2013 / 4 / 15 - 10:41
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


بعد عرضنا للجدل الديني والطبي والاجتماعي حول الختان في المقالات السابقة نبدأ مع هذا المقال الجدل القانوني. ونشير حالا أن المشرّع والقضاء ورجال القانون لم يهتموا كثيراً بالختان، إمّا لحساسيّته الدينيّة والسياسيّة، أو لأنه لا يدر عليهم ربحاً. وهذا الموضوع لا يدرّس في كلّيات القانون رغم الحملة الإعلاميّة الكبيرة التي تحيط به. والكتب التي تتكلّم عن حقوق الإنسان قليلاً ما تتعرّض له. ونبدأ اليوم بعرض تطوّر موقف المشرّع تجاه هذه العادة قديماً.

أوّل ذكر لمنع الختان هو ما تم في عصر ملك إسرائيل آحاب (توفّى عام 853 ق.م). وهذا يستشف من قول النبي إيليّا: «إني غرت غيرة للرب، إله القوات، لأن بني إسرائيل قد تركوا عهدك» (1 ملوك 9:19-10). فعبارة «تركوا عهدك» قد تشير هنا إلى «ترك عهد الختان». وتخليداً لموقف النبي إيليّا، يضع اليهود كرسياً خلال الختان يُدعى كرسي النبي إيليّا كشاهد على إتمام العهد. والنص المذكور لا يقدّم تفاصيل هذا المنع أو أهدافه، كما أنه لا توجد مصادر تاريخيّة أخرى تذكر هذا الحدث. وإن صح هذا الخبر، فإن منع الختان نابع من سلطات اليهود ذاتها، وقد تصدّى لهذا المنع رجال الدين اليهود.

وثاني ذكر لمنع الختان هو ما تم تحت سيطرة اليونانيين. فسفر المكابيين الأوّل يخبرنا بأن يهوداً رأوا في إنفصالهم عن الأمم مضرّة لهم. فذهبوا إلى الملك اليوناني «أنطيوخس»، ملك سوريا حينذاك، طالبين منه أن يعملوا «بأحكام الأمم»، فأذن لهم ذلك. فقاموا ببناء مؤسّسة رياضيّة بدنيّة في القدس وعملوا لأنفسهم غلفاً وتركوا أولادهم دون ختان. ثم أصدر الملك قانوناً يمنع الختان ويجازي المخالفين بالقتل. وكان مراقبو الملك يقتلون النساء اللواتي ختن أولادهن، ويعلّقون أطفالهن في أعناقهن، ويقتلون أيضاً أقاربهن والذين ختنوهم. وعلى إثر ذلك المنع، قام رجال الدين «الحسيديون» بحملة معادية ضد من تخلّى عن الختان، فختنوا بالقوّة كل من وجدوه في بلاد إسرائيل من الأولاد الغلف. ويضيف سفر المكابيين الثاني أن الملك قد أرسل «جيرون الأثيني» ليكره اليهود على الانصياع للقوانين اليونانيّة. فتم إحضار إمرأتين ختنتا ولديهما، «فعلّقوا طفليهما على أثدائهما وطافوا بهما في المدينة علانية، ثم القوهما عن السور». ويبيّن هذان النصان أن اليهود هم المبادرون بترك الختان وأن رجال الدين قد تصدّوا لهم. وليس هناك مصدر تاريخي حيادي يثبت إصدار الملك تلك القوانين الصارمة. وقد تكون من إختلاق مؤلّف سفر المكابيين لتبرير تصرّفات رجال الدين والظهور بمظهر المضطهد.

وإذا ما إنتقلنا إلى خبر منع الإمبراطور «هادريان» للختان، فهو أيضاً مشكوك فيه. ولفهم ما حدث، يجب أن نشير إلى أن اليهود كانوا يمارسون الختان قَبل «هادريان» رغم أن المفكّرين الرومان كانوا يستهزئون من هذه العادة ويعتبرونها علامة تعالي اليهود على غيرهم من الشعوب. وقد حاول الأباطرة الرومان إتّخاذ قوانين ذات طابع إنساني بقصد الحد من التعدّي على سلامة الجسد. فقد منع قانون روماني صدر عام 97 خصي العبيد تحت طائلة مصادرة نصف أملاك من يقوم بذلك. ويشير قانون آخر بأن من يخصي رجلاً، «بهدف اللذّة أو الجشع»، يعاقب بالنفي إلى جزيرة وتصادر جميع أمواله، والذين كانوا ينتمون لطبقات فقيرة كانوا يصلبون أو يرمون إلى الوحوش لتفترسهم. وهذه القوانين لم تمسن ختان اليهود. وقد قام بعض المسيحيّين بختان أنفسهم لكي يستفيدوا من إمتيازات اليهود، ومن بينها عدم المشاركة في الطقوس الدينيّة تكريماً للإمبراطور الذي كان يعتبر إلهاً حيّاً في الأرض. وهكذا كان ينظر إليهم وكأنّهم يهود من قِبل الشعوب وكانوا ينجون من إضطهاد اليهود لهم.

وقد أعاد «هادريان» عام 129 أو 130 منع خصي الحر أو العبد، بإرادته أو غصباً عنه، وعاقب على هذه الجريمة بالإعدام ومصادرة الأموال. وذكر أن الطبيب الذي يجري تلك العمليّة ومن يوافق على إجراء «بتر أعضائه الجنسيّة» يعاقب بالإعدام.

وقد أثار إستعمال تعبير «بتر الأعضاء الجنسيّة» في هذا القانون جدلاً كبيراً بين الباحثين، وخاصّة اليهود، معتبرين بأنه يعني الختان، وأن ذلك كان موجّهاً ضد اليهود. وهم يشيرون إلى أن هذا المنع كان سبباً في نشوب ثورة «بار كوخبا» بين عام 132-135. فهناك نص تاريخي يذكر أن اليهود قد ثاروا لأنهم منعوا من «بتر الأعضاء الجنسيّة». فربطوا بين هذا النص وبين قانون «هادريان». كما إعتمدوا على قانون أصدره الإمبراطور «أنطونينوس» (توفّى عام 161) يقول فيه بأنه يسمح لليهود ختان أطفالهم، ولكنّهم إذا ما مارسوه على غيرهم من الأمم فتجري عليهم العقوبة المطبّقة على من يمارس الخصي. فاعتبروا هذا القرار إستثناءاً على المنع الذي كان سارياً في زمن «هادريان». ولكن هذا التفسير لم يلقى إجماعاً بين الباحثين. فقد إستمر اليهود في ممارسة الختان في روما ذاتها في زمن «هادريان».

وعلى فرض أن «هادريان» منع الختان خارج روما، فإن هذا القرار لم يكن عملاً عدائياً ضد اليهود بقدر ما هو عمل يتّفق مع مبادئ هذا الإمبراطور الذي كان يرى في الختان عادة سيّئة، فأدخلها ضمن منعه بتر الأعضاء الجنسيّة. وقد يكون منعه وسيلة لمساندة أولئك اليهود الذين حاولوا إسترجاع الغلفة وأبدوا رغبتهم في ترك الختان. ففي تلك الحقبة التاريخيّة، فرض رجال الدين اليهود، إضافة إلى الختان (بالعبريّة: ميلا)، عمليّة سلخ بطانة الغلفة (بالعبريّة: بيريا) لمنع شد جلد القضيب وإلغاء علامة الختان. وهكذا يكون قرار «هادريان» موجّهاً ضد رجال الدين اليهود، وليس ضد اليهود أنفسهم. وهناك دلائل كتابيّة من عام 154 على أن الختان قد منع أيضاً بخصوص المصريّين، باستثناء رجال الدين القديم، لأن الختان كان شرط لدخولهم سلك الكهنوت. ممّا يعني أن منع الختان كان منعاً شاملاً وليس ضد اليهود بصورة خاصّة.

ونشير هنا إلى أن القوانين الرومانيّة اللاحقة، حتّى بعد تحوّل الإمبراطوريّة للمسيحيّة، قد أكّدت على حماية اليهود ضد هجمات معاديهم، كما نصت على حقّهم بختان أطفالهم، ولكنّها منعتهم من ممارسة الختان على غيرهم، عبيداً كانوا أم أحراراً، تحت طائلة الإعدام والنفي إلى إحدى الجزر ومصادرة الأموال. كما أنها منحت الحرّية للعبد الذي يشتكي على سيّده لإجرائه الختان عليه. وكل مسيحي يقبل ختان نفسه أو ختان عبده حسب عادات اليهود يعاقب بنفس العقاب. والطبيب الذي يجرى العمليّة يعاقب بالإعدام. وكان الهدف من هذه القوانين في العصر المسيحي منع اليهود من التبشير بدينهم بين الأمم الأخرى ومنع المسيحيّين من الإرتداد.


--------------------------------------
كتبي: http://www.sami-aldeeb.com/sections/view.php?id=14
كتابي عن الختان http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=131
طبعتي العربية للقرآن بالتسلسل التاريخي http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=315
موقعي http://www.sami-aldeeb.com
مدونتي http://www.blog.sami-aldeeb.com
عنواني [email protected]





#سامي_الذيب (هاشتاغ)       Sami_Aldeeb#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل نمنع الكتب المقدسة؟
- جريمة الختان 126: علاج الآثار النفسيّة للختان
- دين تحت التجربة وبالمزاد العلني
- جريمة الختان 125: الأساليب الأخرى في توصيل المعلومات
- جريمة الختان 124: اسلوب الجد في توصيل المعلومات
- جريمة الختان 123: مكافحة الختان من خلال الدين
- جريمة الختان 122: الختان والحروب
- جريمة الختان 121: الدراسات الشاملة لمكافحة هذه الجريمة
- جريمة الختان 120: الختان والحلقة الجهنمية
- جريمة الختان 119: الختان والعنف الإجتماعي
- أكثر من مليون زيارة لصفحتي في الحوار المتمدن
- هل هناك امكانية لإصلاح الإسلام وكيف؟
- العبقرية السويسرية: حوار مع مهجرة سورية
- الغرب محتل من الإسلاميين وعميل لهم
- مسلسل جريمة الختان 118: أثر الختان على العلاقة مع الأهل
- مسلسل جريمة الختان 117: آثار صدمة الختان على الطفل
- مسلسل جريمة الختان 116: الغرب وازدواجيّة المعايير
- مسلسل جريمة الختان 115: الأفارقة والتدخّل الغربي في ختان الإ ...
- نسخة جديدة من القرآن بالتسلسل التاريخي
- مسلسل جريمة الختان 114: الغرب وختان الإناث في عهد الإستعمار


المزيد.....




- ماذا قالت المصادر لـCNN عن كواليس الضربة الإسرائيلية داخل إي ...
- صافرات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل
- CNN نقلا عن مسؤول أمريكي: إسرائيل لن تهاجم مفاعلات إيران
- إعلان إيراني بشأن المنشآت النووية بعد الهجوم الإسرائيلي
- -تسنيم- تنفي وقوع أي انفجار في أصفهان
- هجوم إسرائيلي على أهداف في العمق الإيراني - لحظة بلحظة
- دوي انفجارات بأصفهان .. إيران تفعل دفاعاتها الجوية وتؤكد -سل ...
- وسائل إعلام إيرانية: سماع دوي انفجار شمال غرب أصفهان
- صافرات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل وأنباء عن هجوم بالمسيرات ...
- انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول أمر ...


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - سامي الذيب - جريمة الختان 127: منع ختان الذكور في العصور القديمة