أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - سامي الذيب - جريمة الختان 126: علاج الآثار النفسيّة للختان















المزيد.....

جريمة الختان 126: علاج الآثار النفسيّة للختان


سامي الذيب
(Sami Aldeeb)


الحوار المتمدن-العدد: 4059 - 2013 / 4 / 11 - 18:56
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


بالإضافة إلى الآثار الطبّية الضارّة، يترك ختان الذكور والإناث أثاراً إجتماعيّة ونفسيّة ضارّة تدوم مدى الحياة. ويرى معارضوه ضرورة الإهتمام بها من خلال الوسائل النفسيّة والتربويّة لمساعدة الشخص المختون والمجتمع وتفادي تكرار الختان. وعملهم هذا لا يختلف عن عمل طبيب النفس الذي يداوي من يقوم ببتر نفسه. ونحن نقدّم هنا ما عثرنا عليه في كتابات معارضي ختان الذكور. وهذا ينطبق على ختان الإناث أيضاً.

يقول عالم النفس «جولدمان» عن ختان الذكور أنه إذا ما عرف الشخص بأنه وقع ضحيّة الختان وأنه يعاني من أضراره النفسيّة والصحّية، عند ذلك سوف يأخذ ثلاثة مواقف: الانغلاق على الذات، أو البحث عمّن يستمع له، أو الثورة. وأفضل أسلوب للقضاء على الختان والشفاء من آثاره هو التعبير عنه لأنه يؤدّي إلى راحة نفسيّة ويساعد على إستعادة الثقة والإحساس بقوّة ذاتيّة. ولكن التعبير عن الختان ليس مقبولاً في المجتمع عامّة. لذلك قليلاً ما يبوح الشخص عن آلامه. وإذا ما إختار المرء التعبير عن مشاعره، فيجب أن يكون ضمن محيط يثق به. فليس كل مختص في مجال الطب النفسي منفتح على موضوع الختان بسبب حساسيّته. وبما أن الختان له صلة بالعلاقة الجنسيّة، فقد يكون من المهم أن يكون إنفتاح المختون مع شريك الحياة الجنسيّة. وإذا كان التعبير عن الشعور ضمن العائلة، فقد يكون مفيداً أن يقدّم معلومات كتابيّة للطرف الآخر حتّى يعي المشاكل التي تتعلّق بالختان. وإذا عبّر الأهل عن ندمهم لإجراء الختان، فإن ذلك سوف يخفّف من الغضب الذي يكنّه المختون نحوهم.

والتعبير عن الشعور أمام رجل قد يؤدّي إلى تواجد رابطة بين الرجال. فكما أن الختان يخلق ترابط بين أفراد القبيلة، فإن رفض الختان يمكن أن يخلق ترابط مشابه. وكذلك من المهم التعبير عن الشعور أمام إمرأة بسبب رهافة حسّها وطبعها الودود. فهذا يفيد كل من المختون والمرأة على السواء. فيجب إعادة خلق ثقافة جديدة وروابط جديدة تحل محل الثقافة التي تبتر والروابط المبنيّة على البتر. والمغفرة أحد وسائل الشفاء النفسيّة وتهدف إلى إعادة الصلة والتراحم بين الناس. وهذا يتطلّب تعيين المسؤولين عن الختان وتحمّل المسؤوليّة عن الأخطاء. فلا يمكن تعليق المسؤوليّة بعنق الأطبّاء فقط، أو بعنق الأهل فقط. فالختان مشكلة إجتماعيّة يتحمّل مسؤوليّتها المجتمع ككل. فبدلاً من تحميل المسؤوليّة لطرف بعينه، يجب زيادة الوعي إجتماعيّاً للمساعدة في حلّها على المستوى الجماعي.

وقد يؤدّي تطوّر الوعي حول الختان إلى وضع حواجز بين الرجال وأهلهم. فبموافقة الأهل أو دون موافقتهم تم إجراء الختان على طفلهم فحرموا هذا الطفل من حقّه في تقرير مصيره بإرادة مستقلّة. غير أن الأهل هم بدورهم ضحايا المحيط الثقافي وكثيراً ما يجهلون العمليّة، أو لا يُؤخذ رأيهم، وربّما أرادوا أن يتفادوا صراعاً مع أحد الطرفين (الأب أو الأم) أو الطبيب أو النظام. ويجب هنا العمل برقّة لمعرفة ما إذا كان يجب مواجهتهم وإشعارهم بذنبهم بشأن الختان. ففي بعض الحالات من المفضّل عدم تحميل الأهل المشقّة مجدّداً، وفي بعضها قد يكون حسناً وضع الأمر على المكشوف ومشاركتهم في عمليّة شفاء الشرخ بين الأهل وابنهم.

وفي هذا المجال يجب أن لا يأخذ الشخص موقفاً حيادياً. لأن سكوته عن الختان يعني أن هناك أطفال آخرين سوف يختنون. فيجب أن يتحمّل الشخص ذاته مسؤوليّة الأمر فيكافح ضد الختان شخصياً حتّى يحد من هذه العادة. وإضافة إلى منع ختان الآخرين، يساعد إتّخاذ موقف ضد الختان في شفاء الذات. وهذا أيضاً يعطي شعوراً بالحرّية والثقة بالذات. وكما أن الخوف من التعبير يعدي الآخرين، فإن الشجاعة على التعبير لها أثر العدوى. فالخوف يؤدّي إلى الإحباط واليأس ليس فقط على المستوى الفردي بل الجماعي أيضاً. وبتغيير أنفسنا نساعد في تغيير الثقافة التي تحيط بنا والمجتمع الذي نعيش فيه.

وهناك أسلوب لتخفيف العبء من خلال كتابة الرسائل للأهل والأطبّاء والمستشفيات الخ. ويمكن كتابة هذه الرسائل وتركها جانباً لقراءتها بعد حين. ويظهر حين ذاك أن الرسالة قد أدّت مفعولها على نفسيّة الشخص. ولكن قد يكون مفيداً إرسال بعضها كوسيلة لإحداث التغيير. وهناك اللجوء إلى وسائل أخرى مثل العمل، والغناء، والرقص، والموسيقى، والشعر، وتمثيل الأدوار، أو الإسترخاء، وإعادة تخيّل اللحظة. وهناك أيضاً طقوس يمكن المشاركة بها للشفاء.

وفيما يخص ختان الإناث، تقول الدكتورة سهام عبد السلام بأنه ينبغي توفير الدعم الصحّي والنفسي والقانوني لمن تعرّضن للتشويه الجنسي ليعرفن أن المجتمع لا ينبذهن شخصياً بالدعوة إلى نبذ ذلك التشويه فيصبحن عاملاً مساعداً لجهود مناهضة الختان. ويمكن للأطبّاء مساندة هؤلاء النساء بقدر الإمكان بمعالجة ما يكون لديهن من مضاعفات أو عواقب عاجلة أو آجلة لعمليّة التشويه الجنسي، وأن يعرفهن بأن التشويه الجنسي هو المتسبّب فيها لا سيما لو كانت مشكلات توافق جنسي مع الزوج، لأن معرفتهن بهذا سيخفّف عنهن وطأة الإحساس بأنهن السبب في عدم التوافق الزوجي، وثانياً لأنه سيجعلهن يفكّرن في عدم تعريض بناتهن لهذه العواقب. ويمكن التخفيف من وطأة هذه المضاعفات بجلسات إرشاد للزوجين معاً أو إعطائهما معلومات عن المناطق الجنسيّة الثانويّة لدى المرأة، وتشجيعهما على التعاون للتغلّب على هذه الصعوبة. فلا يأس مع الحياة.

هذا وعمليّة إكتشاف الذات ومحاولة شفائها بحد ذاتها ضروريّة إذا ما أردنا أن نتجنّب الدائرة المفرغة. فقد سبق وذكرنا أن الشخص الذي يتم إنتهاكه صغيراً، يقوم عامّة بانتهاك غيره كبيراً. ولكن حتّى لا تستمر هذه العمليّة إلى ما لا نهاية، يجب توعية الشخص الذي أنتهك ومساعدته لكي يتغلّب على مشاكله الذاتيّة. فإن كان من غير الممكن إرجاع المختون إلى حالته الطبيعيّة جسديّاً ونفسيّاً، فعلى الأقل يجب مساعدته حتّى لا يقوم بدوره بانتهاك غيره. وهذا هو الدور الهام لمعارضي الختان في توعية المجتمع أمام ظاهرة إنتهاك الأطفال. ونحن ننقل هنا للقارئ رأي عالمة النفس «اليس ميلير» المتخصّصة في هذا المجال.

تقول هذه العالمة بأن القاتل لم يكن ليقتل لو أنه إستطاع أن يتذكّر كيف أنتُهك في صغره ويعيش تلك اللحظة ويفكّر فيها. لذا يجب كسر القمقم الذي كبت فيه الإنسان تجربته في صغره، وإعادته لوعيه، حتّى يستطيع أن يتخلّص من رغبته في إعادة ما عاشه من ألم على غيره. ويجب في ذلك التخلّص من المبرّرات التي تردّد لصالح من قام بعمليّة الإنتهاك.

فمثلاً يجب أن يعي المختون أنه تم بتر قضيبه والتغلّب على حرّيته والسيطرة عليه بحجّة الدين أو حجج أخرى، وأن هذه الحجج لا يمكن الإستناد عليها للتصرّف معه بهذا الأسلوب الوحشي. وهكذا يستطيع أن يفلت من الحلقة المفرغة فلا يقوم بدوره بختان إبنه. وتحمل العالمة «ميلير» على إستغلال الدين إستغلالاً سيّئا. فالدين يعلّمنا أن نحترم أهلنا ولذلك نحجم عن إتّهامهم بما يفعلونه معنا. لقد تعوّدنا أن ننظر إلى أعمال القسوة وكأنها أعمال حب. لقد وقعنا تحت تأثير تعاليم التوراة التي تقول: «من لا يستعمل عصاه يبغض إبنه والذي يحبّه يبادر إلى تأديبه» (الأمثال 24:13). ولا أمل في الخروج من المأزق إلاّ بالإعتراف بالحقيقة وهو أن الختان عمليّة بتر وحشيّة مهما كانت الأسباب الدينيّة والإجتماعيّة. وهذا أيضاً مهم للمشرّع نفسه، فهو لن يحرّك ساكناً قبل أن يعترف بأن الختان جريمة بحق المجتمع لها نتائجها الوخيمة.

وترى هذه العالمة في ختان الإناث والذكور عمليّة إنتهاك أحيطت بالقدسيّة. وللتخلّص منها يجب كسر هذه القدسيّة التي تحيطها والإعتراف بأن هذا الفعل هو جريمة، أو حسب تعبيرها «أبشع جريمة تقترفها البشريّة» تم تكريسها ولا يوجد أي قانون يمنعها. وفي كل من ختان الذكور والإناث هناك شعور بأن ذلك لمصلحة الأطفال. وهذه العمليّة القاسيّة التي تتم على الصغير تقود هذا الأخير عندما يكبر إلى إجراء مماثل على الغير مع نفس التبريرات. وتضيف بأن كل مجرم كان في بداية الأمر ضحيّة. وحتّى لا يكون كل ضحيّة مجرماً يجب توعيته وإشعاره بما وقع عليه في صغره. وفقط عندما يستطيع أن يحس ما أصابه يمكنه أن يرأف بالغير. ويجب في ذلك مصاحبته حتّى لا يقود نفسه وغيره إلى الهلاك.

--------------------------------------
لطلب كتابي عن الختان ورقيا أو تحميله مجانا أنظر هذا الرابط
http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=131&action=arabic
حملوا مجاناً كتابي الذي يبين أن القرآن من تأليف حاخام يهودي مسطول
http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=315&action=arabic
أنظروا مدونتي التي تحتوي على أكثر من9000 مقال وشريط عن الأديان عامة والإسلام خاصة
http://blog.sami-aldeeb.com



#سامي_الذيب (هاشتاغ)       Sami_Aldeeb#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دين تحت التجربة وبالمزاد العلني
- جريمة الختان 125: الأساليب الأخرى في توصيل المعلومات
- جريمة الختان 124: اسلوب الجد في توصيل المعلومات
- جريمة الختان 123: مكافحة الختان من خلال الدين
- جريمة الختان 122: الختان والحروب
- جريمة الختان 121: الدراسات الشاملة لمكافحة هذه الجريمة
- جريمة الختان 120: الختان والحلقة الجهنمية
- جريمة الختان 119: الختان والعنف الإجتماعي
- أكثر من مليون زيارة لصفحتي في الحوار المتمدن
- هل هناك امكانية لإصلاح الإسلام وكيف؟
- العبقرية السويسرية: حوار مع مهجرة سورية
- الغرب محتل من الإسلاميين وعميل لهم
- مسلسل جريمة الختان 118: أثر الختان على العلاقة مع الأهل
- مسلسل جريمة الختان 117: آثار صدمة الختان على الطفل
- مسلسل جريمة الختان 116: الغرب وازدواجيّة المعايير
- مسلسل جريمة الختان 115: الأفارقة والتدخّل الغربي في ختان الإ ...
- نسخة جديدة من القرآن بالتسلسل التاريخي
- مسلسل جريمة الختان 114: الغرب وختان الإناث في عهد الإستعمار
- مسلسل جريمة الختان 113: ختان الإناث ومعادة الإسلام
- مسلسل جريمة الختان 112: إتّهام اليهود بنشر ختان الذكور


المزيد.....




- فرنسا: لجنة مكافحة الاحتيال ترصد وعودا مضللة في الخدمات الفن ...
- الرئة بـ-3 ملايين جنيه-.. اعترافات صادمة للمتهم بقتل -طفل شب ...
- سرقة 71 مليون دولار من بنك فلسطين في غزة
- حرب غزة: ترقب لرد حماس على مقترح الهدنة وتحذير أممي من -حمام ...
- للمرة الأولى.. إمبراطورية الغاز الروسي في مرمى سهام الاتحاد ...
- وسط جحيم خيام النايلون.. نازحو غزة محاصرون بين موجات الحر وت ...
- هل إعادة تشكيل وظيفتك حل للشعور بالرضا والتقدم في العمل؟
- مالمو تستعد لاحتضان -يوروفيجن- في أجواء تطغى عليها حرب غزة
- -لوموند-: مجموعات مسلحة نهبت نحو 66 مليون يورو من بنك فلسطين ...
- الوفد الروسي يحمل النار المقدسة إلى موسكو


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - سامي الذيب - جريمة الختان 126: علاج الآثار النفسيّة للختان