أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - سامي الذيب - مسلسل جريمة الختان 116: الغرب وازدواجيّة المعايير















المزيد.....

مسلسل جريمة الختان 116: الغرب وازدواجيّة المعايير


سامي الذيب
(Sami Aldeeb)


الحوار المتمدن-العدد: 4032 - 2013 / 3 / 15 - 07:28
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


يستنكر الغرب، حكومة وإعلاماً، ممارسة ختان الإناث ويرسم لهذه العادة صورة بشعة للغاية، وكثيراً ما لا يفرّق بين درجاته المختلفة. فتبدو تلك العادة في مخيّلة الغربي العادي والمثقّف كعمليّة وحشيّة تمارسها شعوب متخلّفة تتمثّل في الدول الإفريقيّة التي كانت يوماً خاضعة للإستعمار الغربي. وكأن الغرب برسمه هذه الصورة القاتمة يبحث عن مبرّر لاستعماره السابق لهذه الدول أو يريد الثأر منها لخروجها من سلطته.

ولكن حتّى وإن صفت النوايا، على الأقل عند النفوس الخيِّرة، أو قَبلنا بالحِكمة القائلة: «رب ضارّة نافعة»، علينا أن نعترف بازدواجيّة المعايير لدى الغرب. فبينما يقوم بفضح عادات الأفارقة ومعايبهم، يتناسى الغرب أن له عاداته ومعايبه التي لا تقل بشاعة عن عادات ومعايب الأفارقة. وكل هذا يجعل مكافحة ختان الإناث في إفريقيا أكثر صعوبة. فالإنسان المهاجم بصورة تحيّزية سوف يدافع عن نفسه. وبدلاً من تغيير عاداته فإنه سوف يشدّد عليها، إن لم يكن «إقتناعاً»، فعلى الأقل «مماحكة».

ونشير أوّلاً إلى أن الغرب مارس ختان الإناث في الماضي القريب وما زال يمارسه في أيّامنا ولو بإعداد أقل وبحجج أقل وقعاً على النفوس مثل تجميل الفرج أو زيادة اللذّة. وكثيراً ما يتغاضى الإعلام الغربي عن هذه الحقائق مُشَهِّراً فقط بالممارسات التي تتم بين المهاجرين الأفارقة في الدول الغربيّة. ويكفي هنا ذكر مقال نشرته منظّمة العفو الدوليّة في صفحتها على الانترنيت تقول فيه «إن عمليّة ختان الإناث في الدول الصناعيّة تجري في الغالب بين المهاجرين الذين يأتون من دول تمارس ختان الإناث». ولم يذكر المقال ما يحدث بين الغربيّين. وقد أشرنا سابقاً إلى تقرير مستشار منظّمة الصحّة العالميّة عن ختان الإناث في 1979 الذي لم يتعرّض إلاّ إلى الختان الفرعوني معتبراً أن الأنواع الأخرى من ختان الإناث ليست ضارّة ما دام أنها تمارس في الولايات المتّحدة.

ويسكت الغرب أيضاً عن ممارسته لعدد من عمليّات البتر على النساء دون مبرّر طبّي لها في كثير من الأحوال، مثل العمليّات القيصريّة، وشق العجّان عند الولادة، أو بتر الثدي وغيرها.

وفيما يخص الذكور، يجب أن لا ننسى أن الغرب يرفض الدخول في جدل حوله. وأود هنا أن أذكر تجربة شخصيّة. ففي إحدى محاضراتي في سويسرا حول تاريخ وأسباب ختان الذكور في الولايات المتّحدة، وقف أمريكي يحمل دكتوراه في القانون من جامعة هارفرد، وقال وعلائم الغضب على وجهه: «انك تتعدّى علي. هل تظن حقيقة إنني مشوّه جنسيّاً كالهمج في أدغال إفريقيا الذين يبترون الأعضاء الجنسيّة لبناتهم؟»

لقد إختصر هذا الأمريكي الموقف الغربي المتعالي من الأفارقة وعاداتهم. والحقيقة أنه لا فرق بين الغربيّين وبين الأفارقة فيما يخص الأعضاء الجنسيّة. فختان الذكور وختان الإناث هو تعدّ على الأعضاء الجنسيّة السليمة مهما كانت هويّة المتعدّي وادّعاءاته الحضاريّة. والمشكلة مع الغربيّين أنهم يلومون الغير على إنتهاك حقوق الإنسان ويتناسون عامّة إنتهاكاتهم لتلك الحقوق. وهذا ما جعل معارضي ختان الذكور في الدول الغربيّة ذاتها يلومون دولهم لأنها تعمل لاحترام حقوق الإنسان في الدول الإفريقيّة أكثر ممّا تعمل لاحترام حقوق مواطنيها، وبفعلها هذا تنكر على ذكورها حقوقاً تعترف بها لإناث الدول الإفريقيّة.

في مقدّمة لكتاب ضد ختان الذكور لمؤلّفة أمريكيّة يقول الدكتور «فريديريك ليبوايي»:
«إن منظّمة الصحّة العالميّة تقود حملة ضد ختان الفتيات البالغات في إفريقيا. والرأي العالمي تحت الصدمة لرؤية التشويه الجسدي الذي يقع على الأعضاء التناسليّة للإناث. ولكن ختان الذكور لا يختلف عن ختان الإناث، فهو في نفس المستوى ونفس الطبيعة بينما ندعو أنفسنا عقلانيين ومتقدّمين. إن ختان الإناث يجرى على فتيات إفريقيّات في حالة وعي وحولهن من يُفهِمهن أنه إمتحان عليهن أن يتحمّلنه بشجاعة، رغم أن القصد الأساسي لكل ذلك هو إخضاعهن للرجال والتأكّد من أنهن لن يتحدّين سلطتهم. أمّا في حالة ختان الذكور الذي يتم على الأطفال حديثي الولادة، فإنه لا وعي لديهم، والتعذيب يتم وهم لا حول لهم ولا قوّة [...]. لقد حان الأوان أن نضع حدا لذلك العمل البربري».

ويقول الطبيب «جيرارد تسفانج» أن عدداً كبيراً من معارضي ختان الإناث يسكتون عن ختان الذكور. والآن يقوم اليهود والمهاجرون من الدول الإسلاميّة باللجوء إلى المستشفيات لإجراء ختان الذكور على حساب النظام الإجتماعي الفرنسي. وقد يكون مؤيّدو ختان الذكور هم أنفسهم مختونين، أو أنهم يظنّون أن الختان يساعد في تحسين الأطفال الزنوج بينما يفضّلون الإبقاء على أعضاء بناتهم الجنسيّة سليمة. وهذه المواقف المتناقضة للرجل الأبيض جعلت الإفريقي يشك في كلامه. فكل من ختان الذكور والإناث عند الأفارقة يهدف إلى تصليح وتكميل جسم الإنسان. لذا لا يرون لماذا عليهم أن يتوقّفوا عن ختان بناتهم بينما يستمرّون في ختان ذكورهم. ولن نتمكّن أبداً من القضاء على ختان الإناث إلاّ إذا قضينا على ختان الذكور في بلادنا. وهذه معركة شديدة المخاض لأنها تخالف كثيراً من أحكامنا المسبقة وعاداتنا وتصطدم باللوبي الذي يختن في الولايات المتّحدة. ولكن هذا بحد ذاته ليس سبباً لكي نيئس.

هذا والمتبحّر في الحملة الحاليّة ضد ختان الإناث يرى أن هذه الحملة تستهدف الأفارقة على إختلاف دياناتهم. فكل الدراسات تركّز على هذه القارّة بالذات رغم أن ختان الإناث يمارس في دول أخرى مثل عُمان والبحرين وإندونيسيا وبعض مناطق الباكستان والهند، وربّما أيضاً في بعض دول أمريكا الجنوبيّة والوسطى. وليس هناك مسح شامل ولا إحصائيّات ولا دراسات متعمّقة بخصوص ختان الإناث في تلك الدول. وقد لفتت إنتباهي ممارسة ختان الإناث في عُمان عندما زرتها في سبتمبر 1999 وقابلت رئيسة الجمعيّة النسائيّة العمانيّة وعدداً من موظّفي الوزارات بما فيها وزارة الصحّة. ففي هذا البلد تقدّر نسبة النساء العمانيّات المختونات بأكثر من 90%. إلاّ أنه لا توجد أيّة حملة تهدف إلى إلغائه هناك رغم أن منظّمة الصحّة العالميّة ومنظّمة الأمم المتّحدة تطالبان جميع دول العالم بالعمل على القضاء على تلك العادة. لا بل إن رئيسة منظّمة الجمعيّة النسائيّة العمانيّة أكّدت لي بأن ختان الإناث ليس مطروحاً للنقاش بتاتاً في بلدها، وليس هناك من يطالب بإلغائه، وليس عندها أيّة نيّة في بدء مثل هذه الحملة. وعندما سألتها ما إذا كانت قد سمعت بالحملة ضد ختان الإناث في مصر، أخبرتني بأن تلك الحملة سياسيّة أوّلاً وآخراً ولها أهداف سياسيّة معروفة. وبما أن عُمان ليست مستهدفة سياسيّاً، فإن ختان الإناث في عُمان ليس محل جدل في المحافل الدوليّة.


--------------------------------------
اطلبوا واهدوا كتبي
http://www.amazon.com/s/ref=nb_sb_noss_2?url=search-alias%3Daps&field-keywords=aldeeb
حملوا مجاناً كتابي الذي يبين أن القرآن من تأليف حاخام يهودي مسطول
http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=315&action=arabic
انظروا مدونتي التي تحتوي على أكثر من 9000 مقال وشريط عن الأديان عامة والإسلام خاصة
http://blog.sami-aldeeb.com



#سامي_الذيب (هاشتاغ)       Sami_Aldeeb#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسلسل جريمة الختان 115: الأفارقة والتدخّل الغربي في ختان الإ ...
- نسخة جديدة من القرآن بالتسلسل التاريخي
- مسلسل جريمة الختان 114: الغرب وختان الإناث في عهد الإستعمار
- مسلسل جريمة الختان 113: ختان الإناث ومعادة الإسلام
- مسلسل جريمة الختان 112: إتّهام اليهود بنشر ختان الذكور
- مسلسل جريمة الختان 111: ختان الذكور ومعاداة الساميّة
- مسلسل جريمة الختان 110: الختان وسلاح المال
- مسلسل جريمة الختان 109: الختان والزواج كصفقة تجاريّة
- مسلسل جريمة الختان 108: معدّل الختان يعتمد على من يدفع تكالي ...
- الإسلام في طريقه للانقراض
- اعدام أبو العلاء المعري اعدام لإنسانيتنا
- القرآن وألف ليلة وليلة
- كتب مكدسة وانبياء مشعوذون
- دين جديد وكتاب مقدس جديد : عرض للنقاش
- هل حد الردة من الإسلام؟
- مسلسل جريمة الختان 107: جمال البنا والختان
- الإعلان قريبا عن دين جديد وكتاب مقدس جديد
- صلى الله على سامي وسلم
- الثورة الحقيقية تكمن في نسف قدسية القرآن
- مسلسل جريمة الختان 106: تجارة الغلفة


المزيد.....




- مقتل فلسطينية برصاص الجيش الإسرائيلي بعد مزاعم محاولتها طعن ...
- الدفاع المدني في غزة: العثور على أكثر من 300 جثة في مقبرة جم ...
- الأردن: إرادة ملكية بإجراء الانتخابات النيابية هذا العام
- التقرير السنوي لـ-لعفو الدولية-: نشهد شبه انهيار للقانون الد ...
- حملة -شريط جاورجيوس- تشمل 35 دولة هذا العام
- الصين ترسل دفعة من الرواد إلى محطتها المدارية
- ما الذي يفعله السفر جوا برئتيك؟
- بالفيديو .. اندلاع 4 توهجات شمسية في حدث نادر للغاية
- هيئات بحرية: حادث بحري جنوب غربي عدن
- وزارة الصحة في غزة تكشف عن حصيلة جديدة للقتلى والجرحى نتيجة ...


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - سامي الذيب - مسلسل جريمة الختان 116: الغرب وازدواجيّة المعايير