عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .
الحوار المتمدن-العدد: 4061 - 2013 / 4 / 13 - 23:06
المحور:
الادب والفن
مدينتي
خلف الأفق
وراء تلك الهضيبات
تتراءى مدينتي
من هناك
أراها تسير بمهل
مدينتي
من هناك
من هنا
أرى رجالك
نساءك
يحذوهم الأمل
الأمل الكاذب
مدينتي
الناتئة جوار الجبل
أراك تكبرين
وسط الغبار
الذي يعكر صفو السماء
مدينتي التي تظهر
خلف الأفق
أراك تتجمدين
أراك تتكورين
كما يتكور العجين
مدينتي
أراك تسيرين
بمهل
أراك خائفة
وجلة
مدينتي
مما تخافين ؟
مدينتي
أ هي قرب نهايتك ؟
تصفرين
تذبلين
كما يذبل الأقحوان
ويتخشب الصبار
مدينتي
حيث هناك تطفح
تجمعات
وراء تلك الهضيبات
مدينتي
أين هي الشجيرات ؟
أ ماتت كما تموتين الآن ؟
ماذا عن الآمال ؟
أ ماتت كما تموت النساء ؟
ماذا عن الرجال ؟
أ ماتوا كما يموت الأطفال ؟
مدينتي وراء تلك الهضيبات
أرى موتا يعتريك في عمق الأوصال
وجروحا تتعمق في الأغوار
أجل يا مدينتي
لقد طالك الهجران
وأمسيت بيدرا للضياع
مدينتي وراء تلك الهضيبات
أرى لقالقا، وقد أخذت الأعشاش
وسافرت نحو الأمصار
هناك بعيدا... بعيدا
******************
مدينتي لقد سألت رجلا منك
يتكىء على العكاز
وهو يشرع في الوداع
وداعك يا مدينتي
فقلت له :
" مالك تغادر هذه المدينة، وهي تتوشح
ابتسامة الصباح "
فقال لي : " كلا يا ولدي
هذه مدينة الأحزان
أنظر إلى قدمي التي كسرها الطغيان
إلى عيناي التي فقأها الجلاد
يا ولدي إنني طريح الفراش
عانيت الجوع والآلام
أهرقت مني الدماء
أجل يا ولدي
لا لشيء إلا لأنني تفوهت بكلمة الإنسان
ها أنا أغادر لكي أجد الإنسان "
******************
مدينتي وراء تلك الهضيبات
مدينتي التي تحيط بها الزروع والوريدات
أراك تتوشحين الحزن
وتلبسين معطف البؤس
مدينتي
ها أنت سمعت كل شيء
سمعت الألم
السغب
الجرح
مدينتي
متى تلتئمين ؟
متى تستفيقين ؟
وتطردين
هؤلاء القتلة
الذين يعبثون
بمنازلك الفيحاء
وبحدائقك الحسناء
مدينتي التي تنبلج تحت الجبل
التي تتوارى خلف الأفق
أرى غبارا يتطاير فوق الأرصفة
أرى وحلا يعم كل الأمكنة
أرى مياها تملأ كل الأودية
أرى مزابلا تعتري كل الأقبية
أسمع كلاما أجوفا يستحوذ على كل الأدعية
مدينتي
لقد طالك الموت
ولكن ستحيين
أ تموتين موتا أخرى لكي تحيين ؟؟!!
عبد الله عنتار
بنسليمان
10-04-2013
#عبد_الله_عنتار (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟