أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عنان عكروتي - قراءة في قصيدة -النساء- لماجدة الظاهري و عائشة المغربي // بقلم عنان عكروتي















المزيد.....

قراءة في قصيدة -النساء- لماجدة الظاهري و عائشة المغربي // بقلم عنان عكروتي


عنان عكروتي

الحوار المتمدن-العدد: 4059 - 2013 / 4 / 11 - 00:32
المحور: الادب والفن
    


قبل البداية أود أن أقول إنّ هذا النّص كتابة مشتركة بين الشّاعرة التونسيّة ماجدة الظّاهري والشّاعرة الليبية عائشة المغربي، وهو إفراز جمالي جاء ليؤكّد الدافقة الشّعوريّة الواحدة بين الشاعرتين التي تفجّرت نصّا ربّما يكون نقطة انطلاق مهمّة في حركات التّجديد الشّعري ومادّة جديدة للنّقّاد للعناية بهذه التّجربة الثّنائيّة.
قصيدة "النّساء" جاءت لتؤكّد أنّ الشّعر ليس مجرّد تدفّق عاطفي، إنّما هو صرخة احتجاج، صرخة الأنثى التي يريدون سجنها في جسد حوّلوه إلى ميدان للغزو أين تتجرّأ عليه السّناجب القارضة للضّوء. يتشكّل النّص بلغة جديدة من حيث استعمال أدواتها و تطويعها في نسق وسياق بعيدا عن البكاء و التّوسّل و إطلالة أنيقة مغايرة تدعم سياق إذابة شعر نسوي/شعر ذكوري و تدعّم أنّ الأدب فعل إنساني بالأساس يؤسّس لصورة شعريّة حديثة لها فلسفة جماليّة جديدة تعود إلى مدى الوعي الفكري، مثلما نقرأ :
نساء مبجلات في الارض
لا شان لنا بجنة تحت اقدامنا
لنا جنة
نرفعها فوق اكفنا
إذن هناك سعي من الشّاعرتين إلى شحن اللّغة بمكوّنات متعدّدة ذات صور حسية و نفسيّة وإيحائيّة مؤسّسة على الرّمز و الإيحاء(1)، و هناك حرص على انتقاء مفردات اللّغة وتوظيفها توظيفا واعيا ممّا يخلق جملة شعريّة تكسر البوتقة التّقليديّة في الإيقاع الدّاخلي وتجعل بناءها بناء معماريّا مفتوحا. و لا يفوتنا الإشارة إلى أنّ النّص قدّم بطريقة لا يمكن تجزئتها فكان وحدة بنيويّة لا تفصّل و لا تفكّك.
يبدأ النّص:
نساء عابرات
منمقات
بالقرنفل وكلام المساواة
نساء ليس لهن اسماء دون اضافة
باسقات في وهج الحقول والتضحيات
نساء ترسمهن الغيمات في طريق الشمس المهاجرة
يتناثرن غيثا على ربيع الحقول
نساء متدثرات بالخطايا
يطهرن المذابح بالقصائد والاغنيات
يطلقن الأماني كالمواني
يبنين ليتامى البحر سفحا يقبل الشمس
وتجنح فتحبل القصائد بالرؤى
نساء ترسمهن الغيمات الماكرة قطرات مترعة بالمطر
على يباس الحقول
تبددهن غافيات في متعة العطاء
هن فائض الحب عن الحب
في كل عيد
هن
فائض الحزن عن الحزن
لحنا للنشيد
يأتي اليهن الطريق
صباحا مبللا بالخواء
قميصا مزركشا بالدماء
شهيدا يلتحف النشد
ويغني العلم
أوّل ما نلاحظه هنا أنّ الصّورة الشعريّة مستمدّة من الطّبيعة ( القرنفل/الحقول/الشّمس/البحر ) ممّا جعلها تحقّق أبعادا جماليّة متعدّدة و تفتح أبعاد النّص ليكون ممتدّا كالطّبيعة و في نفس الوقت يستوفي شروط التّلقّي و التّواصل مستثمرا الخصائص التّشكيليّة و المعنويّة بإتقان كبير. فكان نصّا قابلا لقراءات متعدّدة ممتدةّ لا يحدّها مكان أو زمان.و هذا المزج بالطّبيعة وفّر انسيابية متناغمة و خلق جملة شعريّة كسرت البوتقة التّقليديّة في الإيقاع الداخلي وخلقت نسقا موسيقيّا و انفعالات وجدانيّة تستفزّ المتلقّي و تحمله إلى عالم مفتوح من الدّهشة يندمج فيه المتلقّي بسهولة.
ثم نقرأ في النص:
يا امه يا اخته يا رفيقاته يا حبيباته يا عشيقاته
اضربن الارض باحزان القلوب ليفيض زهرها
نوافيرا باتجاه السماء
لنا يصدح النشيد بما يليق
إنّ ارتباط القصيدة بضمير الجماعة هو محاولة لحشد الآخر و إقحام المتلقّي ليكون جزءا من هذا المشروع و هي ضرورة تتطلّبها كل لحظة تاريخيّة يزداد فيها القمع و يقسو فيها الواقع من شدّ إلى الوراء و تصحّر فكري. و إعادة تشكيل الحاضر البائس تتطلّب اندماجا و توحّدا داخل فكرة إنسانيّة تشارك كل الأطراف في صياغتها. فكان هذا الضّمير الجماعي تعبيرا على أنّ الكل في دائرة صراع واحدة و الكل معني بطريقة أو بأخرى للتصدي لها.كما سمح للشّاعرتين بالتّواري على المستوى الظّاهري لتترك للمتلقّي هذا الصّراع ليستكمل المشوار. ولم تكتفيا بهذا الإقحام للآخر و بالأخص "الرّجل" فقط بل وظّفتا الاستعارة توظيفا واضحا من خلال تخصيب المعاني بدلالات ذات بعد إنساني تعمل على تجاوز الإلغائيّة المجتمعيّة والخروج عن الطّوق الذي حصرت فيه الذّات الأنثويّة و إفشال المشروع الدّيني المتعصّب.
إنّ النّص الشّعري الحديث له فلسفة جماليّة جديدة تعتمد على تكثيف الصّورة التي تمّ توظيفها هنا للابتعاد عن الكتابة المباشرة التي تلهب المشاعر دون مراعاة أصول الكتابة الشعريّة.فكان انسجاما بين شاعريّة متأجّجة يزيدها العمق النّضالي أناقة و قدرة كبيرة على ربط الصّنعة الشعريّة بالصّورة التي كانت عميقة مثلما نقرأ في هذا المقطع:
رفيف اجنحة اليمامات الجميلات المحلقات بالوان البساتين
تدل الانبياء الى رسائلهم
لكل نبي يمامة
لكل نبي ان يستدل على يمامته
بلونها بخفقتها باجنحتها برعشتها بزقزقتها
كما يقول علاء الدين رمضان"الشّاعر يأخذ لغة من مفردات الوجود ليجعل منها بنية لغويّة جديدة كأنّها تظهر إلى الوجود للمرّة الأولى". فقدرة الصّورة على الإدهاش هي التي تميّز شاعر عن آخر.و اللّغة الشعريّة تجعل الصّورة أساسا لها، و هي لغة غير عاديّة حيث "أنّها لم تعد تستجيب للمعنى العرفي المتّفق عليه"
..
نساء يمتشقن النهار بطوله فوق ظهورهن ويمنحن الليل متعة الحلم والغناء
نساء .. نكاد نشمه دمنا
تكاد روائحه تفتح ابواب المتاهات
للموتى المتحسرين على موتهم
قبل عرس الشهيد
للحائرات الشاردات عن افكارهن
يجمعن ريش الطير في صدر الكلمات
لمن تاه من الشهداء في طريقه الى القصلة
إنّ امتلاك معجم لغوي ثري يسمح للشّاعر بالتّصوير الفنّي و قدرة على إيصال انفعالاته وأحاسيسه بطريقته هو لا بطريقة غيره.و يسمح للشّاعر بالتّحلّل من قيود المعاني المباشرة فيتّخذ من الإيحاء و الرّمز طريقة لتفاعله مع الموضوع و هذا ما وجدناه هنا، تعبير شعري تصويري لا تقريري اعتمد على الاستعارة و التّشبيه ممّا أحالنا على نمط تتعمّق فيه التّجربة الشّعريّة و أسلوب صياغتها و لعلّ ما نقرأه هنا نموذج لما أقول:
نساء مدجّناة بكلام المساواة
فالجبال تطوّع شهوة الاتجاه
و نقرأ أيضا
نساء لدينا اسباب كي نمتحن كل صباح
اشعة الشمس في شمسها
شدها لاشراقة الوريد
المتورد في وجنتي سماء معطرة بنسائم تجدف
خفقاتها ضد احتمال الانحناء
فالنص عن إرادة في التغيير، و ثورة على الواقع، و رفض للسّائد تجسّدت بشكل مباشر وغير مباشر من خلال البناء اللّغوي للقصيدة و الهيكل العام الذي نحتت به، من حيث استعمال أدوات النّداء(يا أمّه /يا أخته/ يا رفيقاته...) و هو ما يعكس تواتر حضور الأسلوب الإنشائي الطلبي.. كما أتاح هذا الأسلوب الفرصة للشاعرتين للمزج بينها وبين الأساليب الخبريّة بالإضافة إلى الوجوه البلاغيّة الأخرى المكثّفة للتّرميز والتّخييل . و أكّد هذا النّص أن الشّعر محك للوجدان على الشاعر الغوص فيه بعمق.. و إنّ مخاطبة الوجدان لا تقل أهميّة عن الصورة التي يجب أن تكون منسجمة مع السّياق العام حتى تخترق نفسيّة المتلقّي
و تترك آثارها الواضحة عليه. فيكون الالتحام الحقيقي بين الشاعر و سامعه،ذلك الالتحام الذي ينتهي بتبنّي الموقف العام المطروح في النص عموما.



#عنان_عكروتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصلوي يصدر - غريزة البيجامة - و - ما لاينبغي أن يقال - .
- تقرير الملتقى الثالث للنص الجديد//هاني الصلوي
- الحيَاةُ تَستغْرقْ
- قراءة في ديوان ( يتدفأ بالذكرى ) للشاعر علالة حواشي
- ناي و أسى
- هل يمكن التخلص من ما يحيط بالنص و عزله عن لحظة كتابته؟؟ قراء ...
- وقفة طلالية
- أيها الضوء الشارد
- اعلان في النشرة
- كيف نبني جسرا بين الشعر و الناس؟
- قراءة في نص فارس البيل ’’هي الصبح’’ ((هواجس الكتابة و ممارسة ...
- ترنيمة عشتار
- اقرأ
- أما بعد
- (( ملل ))
- (متيمٌ بين أشعاره)
- زمن الميلاد
- أحبك أكثر
- (( قراءة في قصيدة :شايلوك و لحم التائب للدكتور هشام المعلم
- من أنت ؟؟..


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عنان عكروتي - قراءة في قصيدة -النساء- لماجدة الظاهري و عائشة المغربي // بقلم عنان عكروتي