أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد قاسم - هل ستنمو لحية مصر؟















المزيد.....

هل ستنمو لحية مصر؟


محمد قاسم

الحوار المتمدن-العدد: 4057 - 2013 / 4 / 9 - 12:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



طويلة لحية مصر هذه الأيام . والمفارقة أن عقد مقارنة بين وجه مبارك الحليق ووجه مرسي الملتحي لم تعد مزحة،أنها لبّ القضية. فالمقارنة بين وجهين ليست بالضرورة مقارنة بين نمطين شكليين أو بين فلسفتين أو نظريتين واحدة لونها أبيض والأخرى لونها أسود. لقد أصبحت المقارنة معياراً
رمادياً يطرد التاريخ ويترك آثاره على ورق يحترق. فهناك وجه حليق الشارب واللحية لكنه قبيح ، وهناك وجه بلحية وشارب كثين لكنه جميل. والعكس صحيح أيضاً .
لقد أنتهى عصر مبارك وجاء عصر الأخوان . وأنتهى زمن الوجوه الحليقة وتربع الملتحون على كرسي
الخلافة. وبين وجهين قبيحين ضاعت مصر. من ينكر أن وجه مبارك كان وسيماً وجذاباً، ويخفي وراءه قبحاً قل نظيره؟ ومن ينكر أن وسامة مبارك أنتجت وجهاً جميلاً لمصر.؟ ولكن من ينكر أيضاً أن تلك الوسامة قد أخفت وراءها أنياباً حادة أمتصت دماء الغلابة؟ ولكي تتكسر تلك الأنياب قامت ثورة مصر وأرادت وجهاً حليقاً
لمصر أكثر وسامة من مبارك ومن دون أنياب. لكن اللعبة الدولية أنتجت دمية بلهاء في معمل الديمقراطية. وأنقلبت الثورة على أعقابها بصعود الأخوان وتربع الوجه الذي لم يحلم به المصريون ابداً فوق سدة الحكم. جاء هذه المرة ملتحياً وله مخالب وأنياب ، بمعنى أن له ظهراً مسنوداً بأوتاد لا تنكسر. فضاع وجه مصر الجميل واصبح بلا ملامح.
وجه مرسي هو وجه الأخوان وليس وجه مصر. تطوقه لحية قصيرة لم تكبر بعد. أنها في طور النمو. أو هي في وضع يؤهلها للنمو السريع مع أضافة المواد الكيمياوية المستوردة. ولعل هذه المواد أصبح وجودها في الدكاكين والأرصفة أكثر من وجود علب السجائر ومطاعم الكشري. مغلفة في علبة مكتوب عليها (السلفية).
ولنا أن نتخيل شكل الوجه الجديد بلحيته الأخوانية الصغيرة مضافاً أليها لحية سلفية طويلة .
نسمع كثيراً ونقرأ أكثر عن فتاوى السلفيين التي تناغمت مع منهج الأخوان والتي وضعت اللبنات الأولى لهدم صرح المدنية المصرية العريقة. وبين اللحيتين غاب دور الليبراليين وانحسرت رسالة التجديد . ويكاد يكون غياب مؤسسات المجتمع المدني لا رجعة فيه في ظل صراع محموم بين نفسٍ خائفة وأخرى خرساء . وكذلك باتت عجلة النمو الأقتصادي في مهب الريح مع ضياع فرص تسنم التكنوقراط زمام الأمور في مؤسسات حكومية عاجزة عن تأهيل نفسها ، ومقيدة باغلال الروتين . لكن المشكلة الأكبر هي بأحتواء دور القوى السياسية الرافضة لحكم الأخوان ، وهي بمجملها قوى ليبرالية أما متهمة تحت طائلة ما يسمى الفلول ، أو متهمة بمعاداة الأسلام .
وهنا منبت الشوكة. أن أفراز أتهامات محمية بقوة اللحية تجعل من الأمر معقداً ، وخصوصاً إذا ما أنبنت تلك
الأتهامات على أساس توجيه خطاب للنصف النائم من المجتمع المصري. وهو نصف معطل ويسير وفق اهواء نافخي البوق الديني. مع ملاحظة سياسة النأي بالنفس المتبعة من قبل النصف الآخر (القبطي تحديداً). ولا تبدو المشكلة تنحصر في هذه الزاوية فقط ، بل ثمة فشل مروع للقوى الليبرالية المصرية جعل منها مجرد أقلية سياسية بلا هوية ومغلوبة على أمرها. ويكمن هذا الفشل في انتاج منهجية للنقد فاشلة في مجملها ، تقوم على مبدأ ضخ الأجواء السياسية المشحونة بمزيد من الخطابات الأعلامية التي ضللت الشارع ولم ترعب الخصوم. الأمر الذي قوّى من ساعد الأخوان وأفرز شخصيات معارضة ميتة سريرياً.
ان مشكلة هدم صرح مدنية مصر العملاق باتت اليوم وكأنها مشروع قائم ، له أصوله وله أدواته . وأصبحت بوادرها تهدد وجود شعب اصيل بكل عوامل ثقافته الحية . وبدأت خطابات جادّة تظهر علناً وهي تنادي بهدم الأهرامات وأبو الهول . وشاهدنا بأم أعيننا البرقع الذي غطى تمثال السيدة أم كلثوم. وظهرت وجوه غاضبة على شاشات التلفاز تلعن الفن والفنانين وتلعن الأدب والأدباء ، وتهدد بحرق الصروح الأعلامية الحرّة. كل ذلك وسط صمت الطبقة السياسية الحاكمة والمتهمة أساساً بتحريك منطق العنف ضد الآخر الآيديولوجي وذلك من خلال الدفع نحو مزيد من الشحن المبرمج لأسلمة مؤسسات الدولة المدنية. وصرنا لا نستبعد – إذا أفرزت الأنتخابات النيابية القادمة أغلبية الأخوان والسلفيين – أن تفرض قوانين صارمة تذهب بأتجاه أسلمة الحياة المدنية بالكامل. وبالتالي سوف لن يبدو منظر الممثلين في السينما ،وهم ملتحون والممثلات وهنّ يلبسن البراقع والمغنيات يغنين من وراء الستارة السوداء ، منظراً خارقاً للعادة بل هو جزء أصيل من واقع فرضته قوانين وشرعية حقيقية تدعمها الدول المنادية بالديمقراطية وحرية أفراز القوانين المشرعنة من قبل نواب الشعب.
ربما يبدو التوصيف مزعجاً ، وقد يعرض صورة ضبابية خالية من الحلول المنطقية . فثمة ضياع للغة الفهم السياسي لواقع مصر. وعدم الفهم لم يأت حتماً من مرسي والأخوان فقط ، بل يتعداه الى خصومهم السياسيين أيضاً. وهنا تكون الصورة مجزأة الى عناوين غائمة وعلامات لا تشير الى شيء واضح.
فإذا كان الواقع السياسي لمصر يتأرجح بين الأخوان المسلمون وطريقة أدارتهم المقلوبة للبلاد والعباد ،وبين معارضين ليبراليين يدورون في متاهة طويلة وعريضة من دون أن يطرحوا مشروعاً واقعياً يخرج مصر من براثن المشروع الديني ،وبين قطب مكوّن لأرث ومضمون تاريخي وأجتماعي وهم الأقباط المتفرجون على واقع الحال من أبراجهم العاجية، وبين أغلبية مجروحة ومسحوقة منقسمة على نفسها ولا تفهم من واقعها سوى فلسفة (من يتزوج أمي أناديه يا عمي). فهل سينتج هذا الضياع وهذا التشرذم ثورة جديدة في مصر تطيح بحكم الأخوان ومن يواليهم.؟ والسؤال الأكثر حساسية هو من سيقوم بهذه الثورة؟
مما لا شك فيه فأن ثورة مصر قادمة لا محالة. لكنها لن تقوم من ميدان التحرير ، ولن يتحمل وزرها شباب الفيس بوك ، ولن تأتي من قوى المعارضة بكل تأكيد. وسوف لن تكون ثورة جياع مغلوبون على أمرهم ولا من أطياف مهمشة ولا من طبقات خسرت مغانمها .ولن يكون للجيش المصري دور فيها . بل ستكون ثورة من براءة أختراع القضاء المصري . وسوف تدخل تأريخ الثورات من أوسع أبوابه . أكاد أجزم بأن الأنقلاب على حكم الأخوان سوف يكون أنقلاباً أبيضاً ونضيفاً ، لن تراق فيه قطرة دم واحدة . لأن قادة هذه الثورة هم من الصفوة الذين سكتوا على الضيم كثيراً ولم يبق في قوسهم منزع. ولسوف تكون الثورة الأولى في التاريخ التي يقودها قضاة خرجوا من رحم مؤسسة عريقة ولها شرف الريادة في المنطقة العربية .
ربما يقول قائل بأن هذه المؤسسة تضم البعض من القضاة الذين يدينون بالولاء لحكم الأخوان . وهذا صحيح ، لكنهم لا يشكلوا العصا التي تعيق حركة الدولاب، وهم خارج متن القضاء . أن المؤسسة القضائية المصرية هي في عمق اللعبة ولم يغب دورها القادم عن أباطرة الغرف المظلمة . فقد حيكت وما زال يحاك ضدها مشاريع هدفها تعطيل معمل القضاء المصري الذي ضلّ منتجاً من دون توقف طوال تأريخه المشرّف.
وستبقى لحية مصر تنمو شيئاً فشيئاً في ظل هذا الركود وهذا النعاس الذي يكاد أن يكون مزمناً والذي تمارسه قوى تريد التغيير ولكن في أحلامها الوردية. وستبقى بالمقابل بوادر ثورة قادمة ستوقف هذا النمو وستطيح بكل أدوات المشاريع الملتحية التي دخلت الحياة السياسية في مصر من بوابة الدين وسوف لن تخرج الأمن بوابة القضاء.



#محمد_قاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العرب يصنعون موتهم
- مسلمة الحنفي _ كتاب في ثقافة الكبار
- لم ألكيل بمكيالين يارئيس أئتلاف دولة القانون
- الحركة الكردية في سوريا بين الفوضى المبرمجة وأزمة التجديد
- ايران..اصبح العنوان الابرز في المنطقة
- الحوار السوري الاسرائيلي وماهية فرصة السلام المتوقعة
- هل الكرد عامل تمزق في المنطقة ام عامل استقرار
- تركيا تحاول وقف رزنامة الزمن


المزيد.....




- ماذا كشف أسلوب تعامل السلطات الأمريكية مع الاحتجاجات الطلابي ...
- لماذا يتخذ الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إجراءات ضد تيك ...
- الاستخبارات الأمريكية: سكان إفريقيا وأمريكا الجنوبية يدعمون ...
- الكرملين يعلق على تزويد واشنطن كييف سرا بصواريخ -ATACMS-
- أنطونوف يصف الاتهامات الأمريكية لروسيا حول الأسلحة النووية ب ...
- سفن من الفلبين والولايات المتحدة وفرنسا تدخل بحر الصين الجنو ...
- رسالة تدمي القلب من أب سعودي لمدرسة نجله الراحل تثير تفاعلا ...
- ماكرون يدعو للدفاع عن الأفكار الأوروبية -من لشبونة إلى أوديس ...
- الجامعة العربية تشارك لأول مرة في اجتماع المسؤولين الأمنيين ...
- نيبينزيا: نشعر بخيبة أمل لأن واشنطن لم تجد في نفسها القوة لإ ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد قاسم - هل ستنمو لحية مصر؟