ثورات الربيع ستنجح لانها بدون رابط استعماري

سامي بن بلعيد

الحوار المتمدن-العدد: 4056 - 2013 / 4 / 8 - 08:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

ثورات الربيع أتت لتحرر الانسان العربي من عبودية الثقافة المجتمعية , من عبودية الاستبداد والتبعية والانقسام والصراع والتشرذم , ثورات الربيع أتت لتجعل من الانسان إنسانا قبل أن يكون مفكرا أو عالما أو باحثا أو طبيبا أو زعيما , ثورات الربيع أتت لتبني الشعوب ولم تأتي لبناء الزعامات , و الشعوب سوف تنتصر لثوراتها ولن تسمح للفاسدين والمستبدين أن يخذلوها عنها مهما طال بها الزمن

ثورات التغيير هي الطريق الى التحرير والبناء والمدنية لكل العرب وهي الطريق الوحيد الذي سيكشف لنا الحقيقة الغائبة عن أذهاننا من خلال ايقاظ عقولنا وضمائرنا الانسانية
ثورات الشعوب مهمة عامة يقوم بها الجميع وتهدف الى بناء وعي الانسان وتصحيح قيمه وأدبياته والارتقاء به الى درجة تجعله برى الحياة من زاوية بصرية نظيفة لا تخدعها الوان ولا أضواء ولا غش , زاوية تجعل الانسان يرى الحياة كما هي رؤية تجعله قادر على التمييز والاختيار وقادر على التفكير والتحليل النقدي , رؤية تأتي من عقله وليس من عواطفه , أي ان الثورة ستقوم بعملية صيانة لملكة انتاج المعرفة وللوجدان الانساني ايضا وكل هذه الاشياء ستقوم بها كل النخب الثورية لحتى تتجذّرالافكار الثورية وتصبح ثقافة عامة يحملها المجتمع بأسره بغض النظر عن الشواذ هنا وهناك , ورغم أهمية القيادات الثورية إلا إننا يجب أن نتحرّك معها بشكل متناغم ومتزامن نسمع صوتها وتسمع صوتنا لا بد من تجسيد الشراكة الثورية لحتى نصل الى الغايات المرجوّة ولن تترك مثل سابقاتها من حركات الاصلاح والتنوير الثقافي

ولضمان تنفيذ ذلك بنجاح لا بد من معرفة الاسباب التي تقتل الثورات وحركات التصحيح والتحرير منذ منتصف اربعينيات القرن المنصرم حيث أصبح في علم المؤكد انه لا يمكن ان تنجح أي ثورة عربية إلاّ في حال القضاء على تلك المعوقات التي جعلت الجسد العربي منهكا وغير قادر على التفكير السليم والحركة السليمة
ورواد الثورات ومفكريها أدركوا بأن لدينا ثلاثة قيود تمنعنا من التقدم الاول هو الاستعمار المباشر والغير مباشر والثاني هو الحكام بأمر الاستعمار والثالث وهو قيد الثقافة المجتمعية وهوالاخطر لانه ينتج التخلف والصراع والتبعية والتآكل الداخلي وكل المصائب التي نعيشها ولا يمكن التحرر من قيد المستعمر وقيد الحاكم بأمره الا بعد التحرر من قيد الثقافة المجتمعية وهذه ليست بحاجة الى زعيم بل بحاجة الى نخب مثقفة تستنهض وعي الجماهيير وتحيي ضمائرها الميتة وتيقظ عقولها النائمة لكي تعرف كيف تثور بوعي وتنجح يثورتها وتمتلك قدرة الدفاع عنها وتمتلك استراتيجية البناء والشراكة مع العالم , لذلك فالتغيير اصبح ضرورة ملحة من اجل مستقبل افضل للشعوب أما بدون التغيير سيظل المستقبل افضل لتجار الحروب من زعماء الفيد والفساد

والجميل في الامر ان ثورات التغيير ليس لها رابط إستعماري مثل سابقاتها من الثورات ولهذا هي ثورات غير مرحب بها ضمنيا من قبل القوى الاستعمارية والقوى العربية الحاكمة وعصاباتها
وصحيح ان وسائل الاعلام لا زالت بيد المستعمرين وأغلب ركائزهم ولكن ذلك لا يعني غياب للوعي الثوري الذي لا زال يترعرع ويتربى في عقول الشباب وضمائرهم
ثورات الشعوب اتت من الشعوب ولاجل الشعوب وبالاخير الشعوب لن تقهر وهي الوارث ومن لا زال غير مقتنع بإرادة الشعوب وغير مقتنع انه منها عليه الانتظار ومراقبة الاحداث

الربيع العربي يظل ربيع دائم الخضرة لكل من يحملون الامل في عقولهم وقلوبهم
وسيكون خريف دائم على حكام الفساد وأزلامهم الذين سيتساقطون كأوراق الخريف
وسيأتي يموما يكون ربيع الشعوب مكتسي بحلة جمال ساحر يتمتع بها أصحابها ولكن تلك الحلة ستكون مثل شتاء قارس على كل العقول الفاسدة والمتخلفة

ربيعنا العربي طويل ونحن في مرحلة زرع البذور لتأتي منها أشجار ونباتات مختلفة تأتينا بثمار شهية ولذيذة وورود وأزهار تنبعث منها الروائح الزكية والعاطرة وهذا الامر لن يأتي إلا بعد تنقية الارض من النباتات والاشجار والطحالب الضارة التي تزكم الانوف بروائحها الكريهة وتعطل الصحة العامة من سمومها

#سامي_بن_بلعيد (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل