أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - ميثم محمد علي موسى - (( أبناء ميدان الشرف))















المزيد.....

(( أبناء ميدان الشرف))


ميثم محمد علي موسى

الحوار المتمدن-العدد: 4055 - 2013 / 4 / 7 - 03:22
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


(( أبناء ميدان الشرف))
قد يعيش المرء غريباً أو مغترباً ، وهي مرارة ، أما أن يضحي بحياته في أرض غريبة ومن أجل الحرية ولينعم الآخرين بالسلام ويظل مجهولاً إلى الأبد ، فتلك هي المأساة !
يُفقَد الكثير من البشر أثناء الحروب أو في الأنظمة الدكتاتورية ، قتلاً ، وتختفي إلى الأبد أخبارهم وتندثر رفاتهم في أرض ما مجهولة ، فلا تتحدث عنهم شواهد قبور ولا مقابر تُذرف عندها دمعة ، ويظل في عيون أبنائهم بريق الأمل وإنتظار عودتهم لعشرات السنين ، غالباً كالسراب يتبخر في الهواء مع الأيام ! معظم العوائل العراقية تنتمي ألى هذه المجموعات البشرية ( وسوريا حالياً) فهي فقدت الآلاف المؤلفة من أبنائها ، نساءً ورجالاً ، في حروب الطاغية صدام مع جيرانه ، أو في سجونه ومعتقلاته ، أو في معمعة الحرب الطائفية البشعة منذ 2003. فهل من سيعثر عليهم ذات يوم ، ويخبر أهلهم ، على الأقل بقبورهم أو الأرض التي تضم رفاتهم ؟ أم أنهم يظلون طي النسيان ؟
تساؤلي هذا له علاقة بصحفي وكتاب له علاقة بالجنود المجهولين ، ضحايا الحرب في أرض غريبة!
شاب هولندي يدعى (رَمكو رَيدنك – مواليد 1976) كان يدرس الصحافة ، ويعيش في مدينة أمرسفورت . شاءت الصدف أن يتم أيفاده ألى موسكو أثناء دراسته ضمن برنامج التبادل الدراسي بين هولندا وروسيا ، خلافاً لرغبته في السفر إلى أمريكا. منذ تلك اللحظة وبعد عودته إلى هولندا تغيرت حياته ووضع لنفسه رسالة واضحة و خاصة بعد أكتشافه لمقبرة ضمن حدود مدينته ويقصدها من بيته بواسطة الدراجة الهوائية تضم رفات جنود أستشهدوا في الحرب العالمية الثانية عند تحرير أوربا من الجيش الألماني النازي . صب الصحفي رَمكو رَيدنك كل أهتمامه على تلك المقبرة فيتعرف مذهولاً من خلال الوثائق الرسمية أن 865 جندياً من مواطني الأتحاد السوفيتي ( السابق) يرقدون بسلام في تلك المقبرة التي يطلق عليها ( ميدان الشرف). تلك المقبرة الوادعة تقع في ضواحي قرية لوسدن التابعة لمدينة أمرسفورت الهولندية ، وتضم قتلى الروس- السوفيت زمن الحرب العالمية الثانية في المعارك الدائرة حينها لتحرير أوربا من النازية الهتلرية ، منهم 101 من أسرى و ضحايا الجيش السوفيتي في المعسكر النازي الذي أقامه هتلر في مدينة أمرسفورت بين سنتي 1941 و 1942. أضافة ألى 73 جندياً قضوا نحبهم في مدن مختلفة في هولندا أثناء المعارك ، تم أعادة دفن رفاتهم في هذه المقبرة عام 1979 . كما تضم المقبرة 691 قبراً لضحايا الحرب من جنود الأتحاد السوفيتي الذين استشهدوا في المعارك التي جرت في ألمانيا نفسها ، وهؤلاء تم نقل رفاتهم من مقبرة مدينة ( ماركراتن الهولندية الجنوبية ) بعد أنتهاء الحرب وتحديداً عام 1947 . في مدينة ماركراتن جنوب هولندا أراد الأمريكيون أن تظل المقبرة لقتلاهم فقط ، فتم البحث عن مقبرة أخرى لغير الأمريكيين ، فكان مصير هؤلاء السوفيت مقبرة أمرسفورت.
في كل عام يحتفل الروس في عيد الأنتصار على النازية يوم 9 مايو ، يتم أستذكار من أستشهد في الحرب العالمية الثانية من الجنود السوفيت دفاعاً عن بلده وعن حرية الآخرين ومنهم هؤلاء الذين تحوي قبورهم المجهولة ( ألى وقت قريب ) على رفاتهم في أرض غريبة بعيدة عن الوطن، و يجهل عنها لا مواطني هولندا نفسها فحسب ، بل وذوي الضحايا نفسهم !
لم تكن هناك معلومات كثيرة متوفرة عمن تم دفنه في مقبرة ( ميدان الشرف) في لوسدن ، مع أن هناك أسماء كتبت باللغة الروسية على شواهد قبورهم ، بل لم يكن هناك من يهتم كثيراً بالبحث عن ذويهم ، والتعريف بمصيرهم قبل رَمكو.
نالت مقبرة ( ميدان الشرف) إهتمام الصحفي رَمكو رَيدنك ، وأخذ يبحث في أرشيف الدولة الهولندي والألماني والروسي والأمريكي عن أصول الراقدين فيها للوصول ألى ذويهم ، وألف كتاباً عنها أسماه ( أبن ميدان الشرف) صدر في أبريل 2012 وفيه الكثير من القصص المؤثرة التي تعرف أليها في سنوات بحثه الدؤوب عن ذوي الضحايا .. في دفة كتابه يروي كيف تُضاء زوايا معتمة في حياة بعض البشرفي لحظة غير متوقعة ، وكيف تتفتح مغاليق المجهول لهم.. يروي رَمكو من ضمن مايرويه عن الجندي (فلاديمير بوتينكو) أبن العائلة الفلاحية الروسية ، وكيف يطبع قبلة وداع على جبين أبنه الصغير(ديميتري بوتينكو) تاركاً أياه وإلى الأبد ليلتحق بالجيش الأحمر على جبهات القتال عند بدأ الحرب. وتفقد عائلة (فلاديمير بوتينكو) الأتصال به وتنقطع أخباره مرة واحدة . بعد ستين عاماً ، وتحديداً في عام 2000 و أثناء بحثه عن أقارب القتلى من الروس- السوفيت في تلك المقبرة يعثر رَمكو على رجل عجوز في أوكراينا وهو ( ديميتري بوتينكو ) الذي لايتذكر سوى قبلة الوداع من أبيه و ليكون أول زائر للمقبرة تم العثور عليه من ذوي الضحايا ، ليجثم عند شاهِد قبر أبيه ( فلاديمير بوتينكو) في منظر مؤثريحتضن فيه أبنٌ شاهِدَ قبر أبيه باكياً ، وهو رجل عجوز في عمر أكبر من أبيه عند أستشهاده وهو الذي لم يكن يعرف لوالده قبراً. ظل هذا المنظر يلاحق الصحفي ويحثه في البحث عن بقية أهل القتلى وذويهم. ويتضمن كتابه قصصاً ذات مسحة أنسانية جميلة تشد القارئ إلى تلك اللحظات الأولى التي يعثر فيها على أبناء الراقدين في مقبرة ميدان الشرف ، وهناك نتلمس بل نعيش مشاعر الأبناء تجاه أمهاتهم وآبائهم الذين فقدوهم في سن مبكرة. أنها قصص الحياة و الحرب والموت والحب الأنساني الأزلي. لم تكن المقبرة حتى 1998 ترى زائراً أو مهتماً بمصائر البشر فيها ، لولا الجهد الجميل لهذا الصحفي المثابر ، الذي أراد التعريف بهؤلاء الجنود المجهولين.
مع نهاية عام 2011 أستطاع هذا الصحفي بعد جهد سنوات بحث ومتابعة مضنية أن يعثر على ذوي 183 من ضحايا تلك الحرب ، وعرّفهم بمصير أبائهم وأمهاتهم الراقدين تحت شمس غريبة . يُنظّم رَمكو سنوياً بجهود شخصية وبواسطة معونات وتبرعات رحلات لأبناء وذوي الشهداء من الروس ( السوفيت ) ألى هولندا لزيارة المقبرة ووضع أكاليل الزهور عليها وأستذكار الراقدين فيها و للوقوف عند رفات آبائهم الذين قدموا حياتهم ثمناً لتحرير أوربا من النازية والفاشية .
كتاب ( أبن ميدان الشرف ) واحد من الكتب المؤثرة والتي تمجد في نفس الوقت أولئك الجنود المجهولين الذين قدموا حياتهم قرباناً لحياة البشرية .. أنه وقفة أجلال لمن يدفع حياته ثمناً للحرية ومن أجل حياة غيره.
د. ميثم محمد علي موسى
----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------أسم الكتاب
))Kind van het ereveld((

– أسم الصحفي
Remco Reiding






#ميثم_محمد_علي_موسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أولئك الذين يُقبّلون الأيادي والأقدام!
- موت الشيوعي ماقبل الأخير ..
- تركيا ( تطلق سراح كتب معتقلة) !
- حروب سلفية - وهابية علنية
- مجزرة سنجار بين ألاسلام وألبوذية !
- زمن البعث وقائمة باسماء المغفلين والحمقى
- لماذا يُشتم هذا الكاتب مثلاً ؟هل عاد خلف بن أمين؟
- مصير القادة/هل من يتعض؟
- مازالت هولندا تغلي على مِرْجَل - علي!
- ماذا دهانا ؟
- الجرائم بلا عقاب ! وجريمة سامراء منها !
- ابعاد ثورة الكاريكاتيرالذي هز ملياراً !
- عار العراق
- الإعلام العربي .. إلى اين ؟
- سخرية ألأقدار من ألدوري ، قبل وبعد موته !
- قصر لساجدة خير ألله طلفاح في لاهاي !!
- ملاحظات سريعة حول مداخلة د. سيار ألجميل
- درس في ألتواضع
- ألمسافة بين ألقتل وألعقل
- أكتب غاضباً..


المزيد.....




- فيديو أسلوب استقبال وزير الخارجية الأمريكي في الصين يثير تفا ...
- احتجاجات مستمرة لليوم الثامن.. الحركة المؤيدة للفلسطينيين -ت ...
- -مقابر جماعية-.. مطالب محلية وأممية بتحقيق دولي في جرائم ارت ...
- اقتحامات واشتباكات في الضفة.. مستوطنون يدخلون مقام -قبر يوسف ...
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بسلوكها
- اكتشاف إنزيمات تحول فصائل الدم المختلفة إلى الفصيلة الأولى
- غزة.. سرقة أعضاء وتغيير أكفان ودفن طفلة حية في المقابر الجما ...
- -إلبايس-: إسبانيا وافقت على تزويد أوكرانيا بأنظمة -باتريوت- ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف بلدتي كفرشوبا وشبعا في جنوب لبنان (صور ...
- القضاء البلغاري يحكم لصالح معارض سعودي مهدد بالترحيل


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - ميثم محمد علي موسى - (( أبناء ميدان الشرف))