أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فواز قادري - كيف ستكون ذاكرتنا القادمة؟














المزيد.....

كيف ستكون ذاكرتنا القادمة؟


فواز قادري

الحوار المتمدن-العدد: 4054 - 2013 / 4 / 6 - 09:10
المحور: الادب والفن
    


أعتقد لستُ وحدي من الذين يعيشون في الخارج، ومازالت تحاصره تلك الأمكنة والأشياء الصغيرة والحميميّة التي شكّلتنا: البيت، الحارة، الحي، المدينة، الوطن. على الدوام أجدني مزدحماً بها، وأستعذبها وأغالي أحياناً في معانيها ومكانتها، حتى تصبح عندي مقياساً للأشياء والأمكنة: نكهة الأطعمة، شكل رغيف الخبز، رشفة الماء، رائحة عرق الأجساد، رعشة الهواء، لون السماء، زقزقة العصافير، ظلال الأشجار. الكثير من مخزون هذه الذاكرة مازلتُ أحمله معي أينما ذهبتُ، ساحات اللعب، الطرقات، المشاوير، أنوء بشتّى الذكريات الغير قابلة للنسيان، فكيف بأعزّ من ربطتني بهم حياة ذات معنى! بدءاً من الطفولة التي حفرت في القلب أسماء بعض الأصحاب إلى أبد الروح، مروراً بالصِّبا والشباب والرجولة، وهذه الأخيرة كوّنت ذاكرتي الأحدث، الذاكرة التي جعلت خياراتي في الحياة شبه نهائيّة. ولكوني هنا أتحدث عن الذاكرة الجمعية للشعب السوري، التي تتشكّل الآن، لهذا سأتجاوز إغراء الحديث عن ذكرياتي. الذي يحدث للشعب السوري، جعل سورية صغيرة بحجم قلب، وكبيرة إلى درجة نظنّها هي الكوكب، لا تفارقنا في حلّ وترحال، تلازمنا في كل الأوقات، ترافقنا إلى سرير النوم، نجلسها على طاولة الطعام، تذهب معنا إلى أعمالنا ومشاويرنا، نهذي باسمها في اليقظة والمنام (لستُ أتحدث هنا عن الشهداء اليوميين أو عن مشاريع الشهادة، من يعيشون تحت رحمة الطائرات والقصف الذي لا ينتهي وكل أشكال الموت).
هكذا هي صورة سورية في ذاكرتنا الماضية، وفي هذه الذاكرة الكثير من المآسي التي تعايش معها أهلنا وتجرّعوها وصبروا عليها، ذاكرة موشومة على أعمار أجيال من السوريين. ولكن ما أن بدأت الثورة السورية، وأحس النظام بدنوّ نهايته، على يد هذا الشعب نفسه الذي تحمّل كل شيء وصمت طويلاً، حتى أظهر من الوحشية ما لا يصدّقه عقل، ولا رأته عين ولا سمعه عاقل، جرائم لا سابق لها في التاريخ، ارتكبها حاكم بحق الشعب الذي يحكمه، بحق البشر والطبيعة والحيوان والحجر.

أية ذاكرة تتشكّل الآن عند الأطفال السوريين؟ وكم من السنين ستمرّ حتى ينسون القليل منها؟ وكم من المرّات سيحكونها لأحفادهم، كم مرّة ستدمع الأعين وستعلق اللقمة في الحلق؟ كم من الأسماء التي لا يعرف مصيرها ستتردد على ألسنة الأهل والأقارب والجيران؟ كم من الجثث التي لن يُعرف أًصحابها؟ وكم من الجثث سيفرح أهلها في العزاء بعد اكتشافها؟ كم من القبور ستُفتح؟ وكم من الجثث التي سيعاد دفنها في مقبرة العائلة؟ كم من الأمّهات ستنشف دموعهن وتكلّ أعينهن من البكاء؟ كم من الزوجات سينمن وحيدات في أسرّة باردة؟
أيّة ذاكرة تُكتب الآن بالدمع وبالدم والآه؟ سيأتي اليوم الذي سنقول فيه كم كان ثمنك غالياً أيتها الحرية؟ ولكنك جديرة به "وبتستاهلي أكثر من هيك"


هذا الربيع علامة فراشة حزينة
لم تستدل أجنحتها على أطفال قلبي
أنا العابر درب قيامة البلاد
لن أطيل مكوثي في الرثاء
أغني لأمسح لو قطرة دمع واحدة
وأجفف سيول هذا الأسى الجليل.

هل هذا قاربك الذي يتأرجح
هذه البحيرة التي تربّي أسماكها
على زرقة السماء الصافية
هذه الشطوط التي تلملم ظلال العابرين
قبل أن يفرش خيامه الليل
هذه الأغاني التي ترددها الطيور
في الغابة القريبة
أهذا كله لك أيتها الحريّة؟



#فواز_قادري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا تشبهني هذه القصيدة تماماً
- وجوه
- ماذا بعد؟
- أيّها العيد، قف على باب قلبها.
- قصيدة -استشراف- والثورة السورية بعد عشرين عاماً
- تغريبة السوريين
- غبار الأصدقاء.. غبار المدن
- على وسادتها ينام التاريخ قلقاً
- ميونيخ بيضاء بلا قطرة دم واحد.
- امرأة ورجل وثلاثة أطفال
- نساء سوريّات في الثورة
- كن رحيماً أيّها الثلج الوسيم.
- يرتجف الثلج تحت قدميه الحافيتين.
- أرسم لها أرضاً حنونة.. وأرفع فوقها سمائي
- شهداء السنة الجديدة
- للكتب أرواح أيضاً
- حلم
- تفاصيل
- أمّهاتي الكثيرات
- جثّة من التي تفسّخت؟


المزيد.....




- فنانة مصرية مشهورة تؤدي مناسك الحج على كرسي متحرك
- قصة الحملات البريطانية ضد القواسم في الخليج
- أفراح وأتراح رحلة الحج المصرية بالقرن الـ19 كما دونها الرحال ...
- بسام كوسا يبوح لـRT بما يحزنه في سوريا اليوم ويرد على من خون ...
- السعودية تعلن ترجمة خطبة عرفة لـ20 لغة عالمية والوصول لـ621 ...
- ما نصيب الإعلام الأمازيغي من دسترة اللغة الأمازيغية في المغر ...
- أمسية ثقافية عن العلاّمة حسين علي محفوظ
- ثبتها الآن.. تردد قناة روتانا سينما 2024 على نايل سات واستمت ...
- عروض لأفلام سوفيتية وروسية في بوينس آيرس
- -مصر القديمة.. فن الخلود-.. معرض لقطع أثرية مصرية في سيبيريا ...


المزيد.....

- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فواز قادري - كيف ستكون ذاكرتنا القادمة؟