أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مزمل الباقر - عشاء














المزيد.....

عشاء


مزمل الباقر

الحوار المتمدن-العدد: 4053 - 2013 / 4 / 5 - 11:05
المحور: الادب والفن
    


عشاء



دعا الراوي حبيبته إلي مأدبة عشاء فاخر بالمطعم الأنيق. تحدثا قليلاً في الطريق إلي المطعم. بعد قليل ولجا إلي المطعم الأنيق. اختار الراوي طاولة بعيدة عن الرواد تتوسطها شمعة حمراء اللون .. برهة ثم أتاهما النادل مبتسماً، عارضاً عليهما خدماته. اختارت حبيبة الراوي أصنافاً بعينها من قائمة الطعام مثلما يحدث عادة، وانصرفا إلي حديثٍ هامس.

بعد قليل قدم النادل وفي معيته أطباق الطعام محمولة علي عربة صغيرة. وما أن وضع الأطباق علي المائدة وانصرف. حتي استحالت جميع الأطباق بما تحمل من طعام إلي بلاستيك بالمعني الحقيقي للكلمة وسط دهشة الحبيبين.

هرع صاحب الدعوة إلي مطبخ ذلك المطعم الفاخر مقتفياً أثر النادل بعد أن تأكد من أن ما رأه ليس بمداعبة ثقيلة الظل كما أنه ليس حلماً، أو شيء من هذا القبيل.

دلف الرواي إلي المطبخ مغاضباً، فهاله ما رأي كان كل شيء هناك من البلاستيك.. الأطباق، الطعام، النادل، الطباخين، أواني الطبخ، حوائط المطبخ، كل شيء وقعت عليه، عينه كان بلاستيكياً مع عميق الأسف.

كتم الراوي صرخته حتي لا تصل أذنا حبيبته، وفضل أن يرسل بصره عبر نافذة المطبخ عوضاً عن إرسال صيحته. ليجد أحدهم علي حائط بلاستيكي مقابل المطبخ الأنيق، يتبول خيطاً بلاستيكياً أصفر اللون والشارع بلاستيكي الاسفلت.

أرتد طرف الراوي متحسراً، ورنا إلي خارج المطبخ هذه المرة. فإذا بالمقاعد والطاولات ورواد المطعم يمثلون عالماً من البلاستيك. بل حتي صاحب المطعم الأنيق، ذلك الذي يجلس خلف الكاشير، كان قد استحال إلي بلاستيك.
عاد الراوي مسرعاً إلي محبوبته، جاذباً اياها، من ساعدها الأيسر. كي يغادرا المكان سريعاً، قبل أن تنتقل عدوي البلاستيك إليها. غير أن الساعد الأيسر للحبيبة لم يستجب لليد اليمني للراوي، التي امسكت بالساعد جيداً. وبآءت جميع جهود الراوي العضلية بالفشل، - لأنه كما جاء في سياق الأحداث- قد صارت له حبيبة بلاستيكية التكوين ولعلها اضحت بلاستيكية المشاعر أيضاً!.

لم يعد للراوي بدٌ من أن يطلق ساقيه للريح مخلفاً معشوقته، قبل أن تستحيل ساقاه إلي ساقين من البلاستيك. ويغدو تمثالاً بلاستيكياً متقن الصنع. وظلت لعنة البلاستيك تطارده في الطرقات.

أطفأت التلفاز مغمغماً: (فليم مـ... قـ... ر... ف.. ! ) هالني رؤية حرف الميم ينزلق من فمي في بطءٍ ليسقط أرضاً. وحرف القاف سمعته يقول: زِو، حينما غشي ردني. وإذا بحرف الراء يرتطم بالقاف قبل أن يأتيني صوت ارتطامها بالأرض. غير أني سمعت صوت سقوط حرف الفاء، كأنه آتي من سابع أرض وله شكل البلاستيك. ربما أذني صارت بلاستيكية لأني لم أسمع ارتطام علامة التعجب بأرض حجرتي.

تحسست أناملي اليمني، أذني اليمني، فوجدتها بلاستيكية الملمس. وإنتقلت عدوي البلاستيك إلي يدي اليسري كذلك. لاشك أنني تبلسكت دون أن أدري ما تعنيه هذه الكلمة. لأني حينما هممت باعتصار جبهتي مفكراً، حاكت كفي البلاستيك وكذلك فكري. وإذا بي آخر الأمر مجرد عبوة من البلاستيك تحتاج إلي .... تحتاج إلي ..


مزمل الباقر
الخرطوم في 26 يونيو 2002م



#مزمل_الباقر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كابتشينو
- قطارك فات
- مانفستو
- ايديولوجيا
- شماشية
- دوبيت
- الصورة
- أبو حازم من(الشعبية) إلى (تمبكتو)
- معلومة جديدة
- شريان
- يا فاطمة
- ناسك في محراب الغفوات
- أم در
- (من ترى أنطق الحجر) أو ظاهرة الحسد الثقافي وسط النخب السودان ...
- تداعيات
- ست شاي
- عقوبة عائلة من زوباتيا
- صوتك وشاح من مخمل
- تضاريس النزوح الأخير
- عن ما جرى الشيوعيين في عهد النميري - قراءة في كتاب حسن الجزو ...


المزيد.....




- خطوات الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية بالاسم فقط “هنــــ ...
- في ذكرى رحيل فلاح إبراهيم فنان وهب حياته للتمثيل
- الفنان صبيح كلش .. حوار الرسم والتاريخ
- مرتديًا بذلته الضيقة ذاتها .. بينسون بون يُصدر فيديو كليب سا ...
- -الزمن المفقود-.. الموجة الإنسانية في أدب التنين الصيني
- عبور الجغرافيا وتحولات الهوية.. علماء حديث حملوا صنعاء وازده ...
- -بين اللعب والذاكرة- في معرض تشكيلي بالصويرة المغربية
- مفاجأة علمية.. الببغاوات لا تقلدنا فقط بل تنتج اللغة مثلنا
- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مزمل الباقر - عشاء