أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - توماس برنابا - الافيون .... والصحة النفسية!!















المزيد.....

الافيون .... والصحة النفسية!!


توماس برنابا

الحوار المتمدن-العدد: 4051 - 2013 / 4 / 3 - 08:21
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    



أحياناً تنتاب الانسان نوبات من الاكتئاب أن لم يكن لديه هدف حياتي من الحياة. فالمتدين ربما لايجد هدفاً في الحياة سوى الحياة الاخرى والتجهيز لها بالجهاد والتبليغ والاستعداد الروحي ومن هنا يحقق ذاته في هذه الحياة مما يلاشي أوقات ونوبات الاكتئاب فالاهداف هنا Metaphysical ماورائية! وإن وجد إنسان لا يؤمن بالحياة الاخرى فربما تنتابه أيضا أوقات كأبة ناتجة عن تفاعله المستمر مع البيئة الاجتماعية المحيطة، أو بسبب أحباط تنفيذ رغاباته أو أهدافه!

عندما تواجه البشر المنغصات الحياتية واحباطات تحقيق الذات والاهداف فهم يحتاجوا الى تغييب وعيهم حتى يستطيعوا مواصلة حياتهم وتحمل هذه المنغصات؛ وهنا ينقسم الناس الى قسمين: قسم يذهب الى المخدرات والمكيفات المادية حتى يغيبوا عقولهم ولو لساعات ينسون فيها واقعهم المرير ويرتشفون رشفة من السعادة! حينما تساهم هذه المخدرات في رفع المواد الكيميائية في الجسم المسببة للسعادة حتى ولو كان ذلك الامر وقتي! اما النوع الثاني: فهو يخدر نفسه بالامور الدينية ( الافيون الديني الماورائي) ويقنع نفسه والاخرين بأن الله يجيزه فى متاعب ويبتليه حتى يكافئه فيما بعد هنا على الارض او في السماء أو الجنة! فيشعر بالسعادة الوقتية وهذا الاثر مشابه تماما لاثر الافيون او المخدرات الطبيعية!!

ويجد المتدين سعادته أيضاً وسط المتعبدين أو أثناء قيامته بالخدمة الدينية التطوعية ؛ فأذا فشل الانسان في حياته الدينية أو العملية مثلاً ، نجده يكثر من مرات الذهاب الى دور العبادة بل يكون أكثر الجميع في القيام بالانشطة الدينية التطوعية، أخذا في الاعتبار بأن القيام بهذه الامور هي مفتاح التعويض بالجنة أو السماء بل أكثر من ذلك فأنه يشعر بتحقيق ذاته التي فقدها في دراسته أو عمله! فتنتفخ أوداج ذلك الانسان ويشعر أنه ذو قيمة كبيرة خاصة حينما يًدعى من الناس لإلقاء خطبة في مسجد أو عظة في كنيسة! ويصل بغروره بأن قيمته تكمن في ذلك النشاط ورفع الروح المعنوية له من قبل الناس الى أن يوجه مسار حياته نحو التفرغ للدعوة الدينية حتى يكون قس أو شيخ! و اكثر هؤلاء الناس من حملة الدبلومات والشهادات البسيطة التى لا يستطيعون كسب قوتهم من خلالها، هم من سييجلسون على المنابر للتحكم في عقول الاذكياء والعلماء في الشعب!! لقد قيل في القديم لا تعامل الحمار أكثر من حقه حتى لا يشعر ويتصرف بأنه حصان عربي أصيل وأول من سينضر من تلقاء ذلك هو أنت الذي بدأت بمعاملته بما لا ينبغي له أن يرتئي بمرتبته فوق مستواه الحقيقي لأن لذلك أثر كارثي على المجتمعات!!

أنظر لمعاهد إعداد الدعاة الاسلامية وكليات اعداد رجال الدين المسيحي وخاصة البروتستانت، لمن تفتح أبوابها؟! فالحد الادني هناك من الشهادات العلمية دبلوم فني وأحيانا الاعدادية!! فكيف يمكن لمن فشل في حياته الاكاديمية أن يتحكم في الحياة الروحية والإجتماعية والتثقيفية للمتفوقين والاسوياء أكاديميا ومهنياً في المجتمع؟! ألن يساهم ذلك في تقديس الجهل والتخلف وأعطائه صبغة ليست من حقه في مجتمعنا الشرق أوسطي؟!

فدائماً وأبداً من مظاهر الاحساس بالتدين ثلاث أركان أساسية: أحدهما هو التقدير الذي يناله الفرد من نفسه أو الاخرين حيث أن ماسلو يضع تقدير الذات الحاجة الرابعة في هرم ماســـلو للحاجات الأساسية للإنسان. فالإنسان يحتاج لتقدير الذات سواء من نفسه أو من الآخرين و هذا ليس بعيب و لكن هل يصح أن نتخذ من الدين وسـيلة لتقدير الذات و القبول و الإعجاب و يكون ذلك الهدف الأساسي من الدين و ممارساته و طقوسه؟! أما الركن الاخر هو التجمهر والشعور بالقوة والانتماء! فعندما يجتمع الإنسان كمتعبد في مكان ملئ بالمتعبدين أمثاله ، ينمو داخله شعور بالقوة لأنه عضــو في ذلك الكيان الكبير و تنمو بداخله مشاعر النشــوة و القوة و هو يتعبد في مكان كبير؛ و الديانة عنده هكذا مرتبطة بهذه المشـاعر فإذا انتفت هذه المشاعر بسبب قلة عدد المتعبدين أو وجوده منـفرداً أثناء العبادة ، لا يشعر بأنه يتعبد و لا يشعر بالديانة التي يريدها!!! والركن الثالث هو ممارسة طقوس ما ، أي كان نوعها ، لمغفرة المعاصي والخطايا؛ و الدين عند المتدينين هو ممارسة طقوس معينة يبغون منها مغفرة خطاياهم و يكثرون منها كي يكثروا من خطاياهم ، وهكذا دواليك. فالحسنة تلغى المعصية و لذا نجد أن من يكثر من الحسنات كثير السيئات فهو إنسان شرير القلب و يريد أن يكسب رضا الله بعمل بعض الطقوس؛ و شر قلبه يظهر في أنه يفعل هذه الطقوس كمن يدين الله بدين يسترده عند قيامه بسيئة و لذا يجب علي الله أن يغفر سيئاته لأنه يتعبد و يمارس الطقوس والفرائض والله سيكون ظالماً إن لم يدخله الجنة ؛ أو السماء!!!

فأذا أردت نزع الاحساس بالتدين من النفوس فقط أفعل الاتي وسيترك الانسان العبادة بمجملها: لا تقدر ذلك الانسان حينما يقوم بخدمة دينية، وأقنعه بأن يتعبد منفرداً ، وأغلق الباب أمامه عن فعالية الطقوس أو الفرائض في مغفرة المعاصي!! والطوائف التي تنادي بهذه الامور وخاصة المسيحية تقل في عدد أعضائها لدرجة كبيرة لهروب الكثيرين من هذه الكنائس التي تسلبهم الراحة ،والسعادة والافيون الوهمي، التي كانت تخدرهم وتعطيهم أمل في الحياة!!

هناك نوع ثالث من البشر يكون بين بين؛ فهو لا يريد تغييب عقله بالمخدرات والخمور لتغييب عقله عن الواقع الاليم ، ولا يريد أن يتدين لانه فقد دينه ولم يعد يسبب له هذه السعادة الوهمية... وهذا النوع يندرج تحته اللادينيين سواء ربوبيين Deists أو لا أدريين Agnostics أو ملحدين Atheists. فكيف يتصرف اللاديني حينما تواجهه منغصات الحياة وحينما يفقد المعنى والهدف في الحياة ؟! قسم ابراهام ماسلو الحاجات الانسانية Maslow s hierarchy of needs الي طبقات أو مستويات :

يتكون هرم ماسلو من خمس مستويات للاحتياجات, من الاسفل الى الاعلى
1. الحاجات الفيسيولوجيه (العضويه(
2. السلامة والأمان
3. الحب والانتماء ( الاجتماعية)
4. الاحترام والتقدير
5. إدراك وتحقيق الذات. (الاحتياج الخامس: يسمى باحتياجات النمو)

فمثلا الانسان الذي يعيش في مستوى الحاجات الفسيولوجية مثل الحاجة للنوم والاكل والشرب والتنفس ويعش اليوم بيومه ، همه الاول أن يلبي نداء الجسد فإن سقف غاياته فيما بعد هو الاحساس بالامان الذي عند تحقيقه يشعر بسعادة متناهية مثل تحقيق السلامة الشخصية وسلامة ممتلكاته والامن الوظيفي والامن النفسي والمعنوي وأمن الموارد وسلامته الصحية. والانسان الذي حقق عامل الامان في حياته يصبح هدفه وسقف أمانيه هو تحقيق الحب والانتماء لاسرة او عائلة او جماعة او حزب ! فمثلاً من يبحث عن االحب والزواج وتكوين أسرة ينتمي اليها، وغيره من يشعر بأنه كسب الدنيا وما فيها حينما يكون صداقات ويكون عضو في شلة من الاصدقاء. هذه الاحتياجات منبثقة من حاجة الانسان الى أن ينتمى و يشعر بأنه مقبول وسط الناس ، وان يكون منضم لمجموعة اجتماعيه كبيره مثل النوادى و النقابات أو الاحزاب، أو الصغيره مثل الاسرة و الاصدقاء و شريك حياته. فى حالة نقص الاحتياجات هذه الانسان يمكن أن يصبح انطوائى و يصير متوتر و قلق ومكتئب ، لا يقوى على التفكير أو الحياة كفرد سوي في المجتمع!

والانسان التي تحققت لديه الحياة الاجتماعية السليمة وتوفرت لديه وسائل الراحة الجسدية، فسعادته وأماله تنصب بعد ذلك لمستوى أعلى وهو نوال تقدير وأحترام الذات من قبل الذات والاخرين. فيحاول الانسان أن يحصل على مكانة أجتماعية محترمة بين الناس حتى يفوز بإحترامهم وتقديرهم فيشعر بالقوة والثقة بالنفس لينتقل لمرحلة ومستوى أعلى! ولكن هناك من لا يبرح هذا المستوى لان هدف حياته هو ارضاء الاخرين لوجود نقص في الثقة بالنفس لديه، وهذا الانسان ربما ينضم لجماعات هو متأكد أن تضر الصالح العام ولكنه يصر أن ينضم اليها ويحصل على مكانة فيها ليسلب من الناس أحترامهم له... مثل الانضمام الى الفتوات والبلطجية أو حزب يضر بالمجتمع حتى يخاف الناس منه، لان الناس نبذته ولم تحترمه فأراد بذلك أن يرغمهم على أحترامه وما أكثر هؤلاء في مجتمعنا الشرق أوسطي!!
أما أذا تحققت للأنسان كل سبل الراحة الجسدية وعوامل أمانه مادياً وإجتماعياً وأستطاع أن يكون له مكانة أجتماعية مرموقة في المجتمع، تعلو سقف أمانيه ورغباته وأهدافه التي ينال من تحقيقها السعادة؛ الى تحقيق الذات Self-actualization وهنا يجب على الانسان أن يشعر أنه راضي عن نفسه حينما يصنع من نفسه كاتبا مرموقاً أو عالماً أو أن يمارس وظيفة يشعر من خلالها بالقيمة حتى ولو لم يكن محتاجاً للعمل لكون هذا الانسان غنياً أو مستغنياً عن العمل كربات البيوت!!

ولذلك ينبغي للاديني للشعور بالسعادة أن يضع في حسبانه ذلك الهرم للحاجات الاساسية . والمشكلة هنا أن هناك الكثير يصلون لقمة هذا الهرم وهم ما زالو شباب فهناك من أصبح ملياردير وهو لم يبلغ الاربعين من عمره فيرى أن الدنيا لا معنى لها وتكثر حالات الانتحار في الدول المتقدمة مثل الدانمارك والنرويج حيث أن نصيب الفرد من الدخل القومي في أعلى مستوياته العالمية! الا أذا أتخذ الانسان هدف ما ورائي لمواصلة الحياة وهو إرضاء الله وطمعاً في السماء أو الجنة! ولكن ماذا عن الملحد؟! الملحد لا يؤمن بحياة أخرى بعد الموت فكيف يحقق توازنه النفسي أن وصل لقمة الهرم؟! حينما تواجه الملحد المتقدم ( الذي وصل لقمة الهرم) المنغصات الحياتية مثله مثل غيره من البشر، فأنه يغيب عقله بالخمور والمخدرات ذلك الافيون الطبيعي ، بعكس المؤمن الذي يغيب عقله بالافيون الديني الماورائي! ولكن ما أراه هنا للملحد أن يغير مجرى حياته ويبدأ من الصفر حتى يشعر بالسعادة ، مثل تغيير سكنه ، أو تغيير البلد الذي يعيش فيها ، أو تغيير الاصدقاء، أو تغيير شركته ، أو بدأ عمل أو مشروع جديد ، وحينها سيشعر مرة أخرة بالسعادة! ويتشابه ذلك الانسان مع من نال درجة الدكتوراة في مجال ما وحصل على لقب دكتور ولكننا نجده يدرس في مجال أخر بل مجالات أخرى للحصول على درجات دكتوراة فلسفة في مجالات أخرى فالانسان لا يشبع أبداً ولا نهاية لسلم تحقيق الذات الى يوم مماته!!



#توماس_برنابا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذهب! ياقوت !مرجان! أحمدك يا رب!!
- هل تكلم الحمار؟!
- زهقنا ! كل يوم فول!
- الجهمية والمعتزلة في الاسلام في مقابل الكالفينية و الارمينية ...
- الغناء والانشاد الديني الذى غزا الكنيسة في طريقه لغزو المساج ...
- أصبع الله.... أم عشوائية؟!
- رحمة يا دنيا رحمة !!!
- إختيار صعب: إما موت يونان النبي ( يونس ) في بطن الحوت أو عدم ...
- ثلاث إشكاليات منطقية تنتظر الرد في أول صفحة فقط في الكتاب ال ...
- تقويض فكرة الثواب والعقاب الدينية
- المسيح والشيطان يؤكدان أن الارض مسطحة من إنجيل متى!
- الصوم من منظور لا ديني
- قصة عبور البحر الاحمر للشعب العبراني فى سفر الخروج من التورا ...
- مجهودات باسم يوسف تصب في مصلحة الرئيس!!
- لا بيض بل حليب
- مجمل الأقداس
- كوانتم الشفاء


المزيد.....




- رئيس وزراء فرنسا: حكومتي قاضت طالبة اتهمت مديرها بإجبارها عل ...
- انتخاب جراح فلسطيني كرئيس لجامعة غلاسكو الا?سكتلندية
- بوتين يحذر حلفاء أوكرانيا الغربيين من توفير قواعد جوية في بل ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 680 عسكريا أوكرانيا وإسقاط 13 ...
- رئيس جنوب إفريقيا يعزي بوتين في ضحايا اعتداء -كروكوس- الإرها ...
- مصر تعلن عن خطة جديدة في سيناء.. وإسرائيل تترقب
- رئيس الحكومة الفلسطينية المكلف محمد مصطفى يقدم تشكيلته الوزا ...
- عمّان.. تظاهرات حاشدة قرب سفارة إسرائيل
- شويغو يقلّد قائد قوات -المركز- أرفع وسام في روسيا (فيديو)
- بيل كلينتون وأوباما يشاركان في جمع التبرعات لحملة بايدن الان ...


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - توماس برنابا - الافيون .... والصحة النفسية!!