أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعود سالم - خرائب الوعي .. 19 - الأسطورة














المزيد.....

خرائب الوعي .. 19 - الأسطورة


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 4049 - 2013 / 4 / 1 - 15:54
المحور: الادب والفن
    


حين تغيب الشمس وتتلاشى آخر خيوط الضوء، ويتشبع الكون بالظلمة، ‪وتختفي الحيوانات والطيور والبشر من الشوارع، يعود إلى إلى حجرته في الطابق الثاني كما يفعل كل يوم ويقف كالعادة في وسط الغرفة الصغيرة، بعد أن يقفل الباب وراءه، يلف المكان بنظراته وكأنه ينتظر أن يكتشف شيئا جديدا في كل مرة، غير أن كل شيء باق في مكانه كما هو، الكرسي والطاولة والسرير والكتب على الأرض وكأس القهوة والمنفضة، باقية كما هي عند خروجه في الصباح. الزمن لم يمر من هنا هذا اليوم، قال ذلك في نفسه وهو يخلع معطفه ويعلقه في مسمار على الجدار، ثم كالعادة يستلقي على السرير ويغمض عينيه. ويترائى لهب أزرق خفيف يلتهم رأس الشمعة .. يحرقها .. يبعث فيها رعشة الحياة، فتبدأ في نشر خيوط دقيقة متجاورة، ترسل ضوءا كابيا وحرارة خفيفة لذيذة، ويسمع صرير باب عتيق، ينفتح قليلا وتفوح من الداخل رائحة الضوء ومخلوقات بشرية. بين الجدران الكلسية الباردة يتناثرون، يمارسون لعبة الحياة بعبث طفولي، يتحدون الكون والزمان وقوانينه ويعبثون بأرواحهم ويناشدون جنون الليل، يريدون الوصول إلى صلب الوجود وإمتصاص رحيق الحياة. هناك في الداخل.. عدة رؤوس منكفئة تحدق في لهب الشمعة، وتتيه وسط تشابكات الوعي اللانهائية، عدة مخلوقات بشرية تمارس طقوس سحر لا اسم له، حول شمعة كابية، ولحن يتيم لقيثارة فقدت اوتارها في زحمة التاريخ وغبار المعارك الوهمية، ويصلون بلغة العصر صلاة المادة السحرية السوداء .. الخضراء .. الرمادية .. تقود خطاهم عبر الدروب الوعرة. عدة مخلوقات بشرية يتقاسمون كل شئ يتعلق بمصيرهم وحياتهم والتي لا يعرفون كيف بدأت، ولا كيف ستنتهي، ويختلفون في كل شيء، بعد أن فقدوا كل الاشارات والخرائط والأدلة.. يبحثون عن جبل النار، عن نبتة الخلود، وعن شجرة المعرفة. يبحرون في قوارب ليلية حيث منابع الأمطار والرياح والكلمات والألوان والضياء. تبتدئ حياتهم بالنار والدخان، وأصوات وأحلام جنون ترتاد الخلايا العصبية، شموس وأقمار ونجوم تشتعل في أعماق الليل، وفي الفجر تنتحر ألأشواق على بوابات المدن الغريبة المشبعة بالضباب، تحرسها الجيوش والعسكر والشرطة والسجانين والقضاة ورجال السياسة والصحفيين، تلاحقهم أصوات البشر الغليظة، تطاردهم كل سلطات الدنيا، تحاصرهم بين جدران مظلمة وأزقة مشبوهة، يمتصهم العالم حتى الثمالة، ثم يرمي بهم وسط تلك البحيرة الآسنة، رموزا للفقر والغربة !! ويغرقون في ألوانهم. الأحمر المخثر القاني، والأسود المظلم، والأزرق والأبيض، ثم الأصفر الدافئ، وكل ألوان الأصوات الهمجية ولغات الليالي الباردة. ألوان الرعب الداخلي، والخوف والقلق البعيد، ألوان ارتعاشة الأصابع لحظة ملامسة الثلج، لحظة ملامسة جمرة ملتهبة، شفة صامته، أو يد تمتد في العتمة. يحلمون بتفجير الأرض وما عليها، بزلزال وبركان من الغضب، يحيل الأرض والبشرقصيدة حب، ترنيمة شوق، وأغنية للعدم. وتنتهي الأسطورة كحية تلدغ ذيلها، بلهب أزرق خفيف يلتهم رأس الشمعة، يحرقها، ويبعث فيها رعشة الحياة، وتبدأ في نشر خيوط دقيقة متجاورة، ترسل ضوءا كابيا، وحرارة خفيفة لذيذة، وهناك عند نهاية المنعطف يصر باب عتيق، ينفتح قليلا وتفوح من الداخل رائحة مخلوقات بشرية.



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خرائب الوعي .. 18 - إختفاء البحر
- إغتصاب المرأة .. من مظاهر الرجولة
- حكاية الضجر .. 3 - وقود الثورة
- حكاية الضجر .. 2 - العجلة
- القاتل والقتلة والجوع
- حكاية الضجر .. 1- القناص
- مسرحية -الديموقراطية هي الحل-
- ورعب السلطة
- رعب الحرية
- خرائب الوعي .. 17 - شيزوفرينيا
- خرائب الوعي .. 16 - الريح والكلمات
- خرائب الوعي .. 15 - إستراحة
- بيان من أنصار البدعة
- تداعيات 3- شيطان المحبرة
- تداعيات 2- الغثيان
- تداعيات 1- الرجوع
- خرائب الوعي .. 14 - إفتح يا سمسم
- خرائب الوعي .. 13 - الرأس المقطوعة
- خرائب العقل .. 12 - تحرش بعد الغروب
- خرائب الوعي .. 11 - الشاعر والعطش


المزيد.....




- تايلور سويفت تتألق بفستان ذهبي من نيكولا جبران في إطلاق ألبو ...
- اكتشاف طريق روماني قديم بين برقة وطلميثة يكشف ألغازا أثرية ج ...
- حوارية مع سقراط
- موسيقى الـ-راب- العربية.. هل يحافظ -فن الشارع- على وفائه لجذ ...
- الإعلان عن الفائزين بجائزة فلسطين للكتاب 2025 في دورتها الـ1 ...
- اكتشاف طريق روماني قديم بين برقة وطلميثة يكشف ألغازا أثرية ج ...
- من الجو..مصور يكشف لوحات فنية شكلتها أنامل الطبيعة في قلب ال ...
- التمثيل الشعري للذاكرة الثقافية العربية في اتحاد الأدباء
- الكوتا المسيحية: خسارة ريان الكلداني وعودة الجدل حول “التمثي ...
- مؤرخ وعالم آثار أميركي يُحلل صور ملوك البطالمة في مصر


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعود سالم - خرائب الوعي .. 19 - الأسطورة