أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعود سالم - خرائب الوعي .. 18 - إختفاء البحر














المزيد.....

خرائب الوعي .. 18 - إختفاء البحر


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 4048 - 2013 / 3 / 31 - 14:21
المحور: الادب والفن
    


بعد منتصف الليل بقليل، استلقى على السرير، منهكا مهزوما حتى النخاع. انتظر النوم طويلا محدقا في السقف المعتم ومنصتا لأصوات الشارع الخافتة. وعلى الجدار المقابل بدا له وجهها محاطا بالغيوم. ولم يعرف إن كان حلما أم ذكرى أم فكرة مندسة في ليل الفراغ. رأى وجهها المبلل بالعرق، مغمضة العينين. ورأى حلمها في المرآة، رأى وجهه المذعور ملطخا بالطين والدماء، ورأى جسده المهزوم مستلقيا على السرير يحلم بوجهها مغمضة العينين. وسقطا معا في هاوية المرآة. وسقطا معا في الشارع على الرصيف تحت رذاذ المطر الخفيف. في عتمة المساء تحت المطر. دعنا نذهب إذا، أنا وأنت في عتمة المساء، قالت له، عندما تمتد الظلال وتتبرعم الأصوات وتظهر الصور. دعنا نتحدث إذا، قال لها، عن الأفق البعيد وشاطئ البحر وبرودة الماء والرمال، عن ثورة العبيد، عن رغيف الخبز، عن سنابل القمح وعن اليوم البعيد. لا، قالت له، لا تصادر حلمي، دعنا فقط نبحر معا، في عتمة المساء، في مياه البحر العميقة. لا تصادر حلمي ودعنا نبحر بعيدا عن الأسياد والعبيد. قالت له، دعنا نهاجر معا لكواكب جديدة، لأرصفة تلمع برذاذ المطر الخفيف، والشوق للكلمات الدافئة، بعد منتصف الليل بقليل، حيث تستلقي على السرير، منهكا مهزوما حتى النخاع وترى وجهك في مرآة عيني، مشروخا واقفا على الرصيف، وحيدا مثل حجر. لست حيا ولست ميتا، تردد لنفسك دون إقتناع، لكنني صامد أقاوم الرياح، كعمود كهرباء، كنخلة، ‪وتظل واقفا والعالم يدور من حولك، تظل واقفا كشجرة والعالم يرقص أمام عينيك ‬ رقصة الموت، تردد بينك وبيني، أم رقصة الوداع الأخير؟ أنا هنا وربما هناك، لست حيا ولست ميتا، أنا في البين بين. ترقب التفاصيل الدقيقة في غلاف الضرورة، وترهف السمع لهمسات الأسرار. العالم يمتصني كما الأشياء تمتص الفضاء، والكينونة تهرب من مسامات قشرتي. وتعاود الإنصات للأصوات الخافتة، للخطوات البعيدة المتعثرة والكلمات المبهمة المغلفة بضباب الريبة والقلق. وفي المرآة تخمن ظل الإيماءات المشبوهة والبسمات الخفيفة، وترى رمشة العينين، وإنعكاس وميض النظرات العاشقة. مللت الوقوف، يقول لها، مللت الوقوف على حاشية الزمن، جسدي تخشب والتصق حذائي بالأرض، أصبحت تمثالا حجريا قابلا للإنكسار. وتقولين له، لا تصادر حلمي الآن، فلن أنكسر ولن أنهار، هيا بنا نبحر معا قبل أن يدركنا النهار، فها هي الريح تنفخ قلبي شراعا، وهاهو صوت العاصفة يختلط بتنهدات الأحجار، هيا بنا نهاجر قبل أن يتجاوزنا الإعصارونتحلل كالغبار. لا أستطيع الحراك، تيبس الجسد تمثالا وغاصت أقدامي في الرمال، يقول لها، فأنا لست حيا ولست ميتا، أرى ولا أرى، أريد ما لا أريد ولا أريد ما أريد. غاص ألجسد في الرمال واختفى البحر.



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إغتصاب المرأة .. من مظاهر الرجولة
- حكاية الضجر .. 3 - وقود الثورة
- حكاية الضجر .. 2 - العجلة
- القاتل والقتلة والجوع
- حكاية الضجر .. 1- القناص
- مسرحية -الديموقراطية هي الحل-
- ورعب السلطة
- رعب الحرية
- خرائب الوعي .. 17 - شيزوفرينيا
- خرائب الوعي .. 16 - الريح والكلمات
- خرائب الوعي .. 15 - إستراحة
- بيان من أنصار البدعة
- تداعيات 3- شيطان المحبرة
- تداعيات 2- الغثيان
- تداعيات 1- الرجوع
- خرائب الوعي .. 14 - إفتح يا سمسم
- خرائب الوعي .. 13 - الرأس المقطوعة
- خرائب العقل .. 12 - تحرش بعد الغروب
- خرائب الوعي .. 11 - الشاعر والعطش
- خرائب الوعي .. 10 - المرأة التي أكلها النمل


المزيد.....




- أبحث عن الشعر: مروان ياسين الدليمي وصوت الشعر في ذروته
- ما قصة السوار الفرعوني الذي اختفى إلى الأبد من المتحف المصري ...
- الوزير الفلسطيني أحمد عساف: حريصون على نقل الرواية الفلسطيني ...
- فيلم -ذا روزز- كوميديا سوداء تكشف ثنائية الحب والكراهية
- فيلم -البحر- عن طفل فلسطيني يفوز بـ-الأوسكار الإسرائيلي- ووز ...
- كيف تراجع ويجز عن مساره الموسيقي في ألبومه الجديد -عقارب-؟
- فرنسا تختار فيلم -مجرد حادث- للإيراني بناهي لتمثيلها في الأو ...
- فنانة تُنشِئ شخصيات بالذكاء الاصطناعي ناطقة بلسان أثرياء الت ...
- فيلم -مجرد حادث- للمخرج الإيراني جعفر بناهي يمثل فرنسا في تر ...
- غداً في باريس إعلان الفائزين بجائزة اليونسكو – الفوزان الدول ...


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعود سالم - خرائب الوعي .. 18 - إختفاء البحر