أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعود سالم - تداعيات 3- شيطان المحبرة














المزيد.....

تداعيات 3- شيطان المحبرة


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 4030 - 2013 / 3 / 13 - 00:02
المحور: الادب والفن
    


ورأى حصانا أبيض يندفع مسرعا، يبرز من وراء الأمواج، وينطلق على الشاطئ .. يعدو ..  وطفل صغير جالس على كومة من تبن البحر ينظر إليه مسحورا، وبدأ شيء ما يغلي في داخله، وعرق غزير يتصبب من جبينه ومن تحت إبطيه، وأحس بقميصه ملتصقا بظهره، ولسانه وكانه التصق بحلقه، وأحس بحاجة قاتلة إلى رشفة من سائل ما تبلل شفتيه ولسانه وحلقه المتيبس، فطلب بصوت واهن كاس ماء..، ثم عاود الطلب بصوت أقوى، وفي المرة الثالثة، وحين لم يسمع جوابا، بدأ شيء آخر شديد الحرارة يخزه في صدره ويحرق رئتيه من الداخل، فنهض مسرعا وكأن قوة شيطانية أيسته تعبه وفقدانه لحواسه، وفتح الباب محموما، فاستقبلته على الفور غيمة من الدخان ورائحة شيء ما يحترق، فهرع إلى المطبخ، أطفأ موقد الغاز، وفتح النافذة ليخرج الدخان الكثيف، ودار حول نفسه عدة دورات كالمجنون، وحين لم يجد أحدا، شعر بشيء شديد المرارة يصعد إلى حلقه، وفجأة رأى ورقة صغير على الطاولة، تحت الوعاء البلاستيكي الذي يحتوى على الملح، أخذ الورقة بيد مرتجفة، وحين حاول قراءتها، كانت الكلمات تقفز قفزا من الورقة وتنشب مخالبها الغجرية الحادة في عنقه ووجهه وعينيه .. لقد مللت العيش وحيدة مع الجدران، وداعا ايها الرجل الجدار !! قالت له الورقة البيضاء، ونظر إلى الجدار أمامه، نظر بتركيز شديد، يريد أن يرى ذلك الشيطان الذي يفسد حياته يحيلها إلى رماد ودخان، أو لعله يرى أثار المحبرة وقد رسمت صورة ما، أو شكلا سرياليا بواسطة الحبر السائل على الجدار، ولكن لم يكن أمام عينيه سوى ذلك الجدار الكلسي الأبيض، يحدق فيه بفراغ قلق، وذلك السلب المطلق يخرج له لسانه، ويزيد من غليان الغضب في أعماقه، وارتعاش أصابعه، وفي هذه اللحظة، في هذه اللحظة بالذات، حين نظر إلى علبة الملح في يده، أحس بها وكأنها جمرة تحرق جلده، وتبعث ألما رهيبا في عظامه، فقذف بها بعنف على الجدار المقابل، فأصدرت صوتا مكتوما، وتبعثر الملح على أرضية المطبخ، وعندها فتح الباب، وخرج مسرعا إلى الشارع، حيث الفضاء الواسع ممتلئ بندف الثلج التي تتساقط في حركة مستمرة، خفيفة، محولة الحقول إلى مساحات بيضاء ناصعة في أشكال مربعة أو مستطيلة متجاورة، محاطة بخطوط داكنة رقيقة. البرد يتخلل العظام مثل إبر فولاذية حادة، وفي صدره تغلي أحاسيس وكلمات ومشاريع قادمة لتغيير مجرى حياته، ويحرك يده في جيبه ليتحسس ذرات الملح اللزجة الملتصقة براحة يده وأصابعه، ويسرع في خطاه ..



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تداعيات 2- الغثيان
- تداعيات 1- الرجوع
- خرائب الوعي .. 14 - إفتح يا سمسم
- خرائب الوعي .. 13 - الرأس المقطوعة
- خرائب العقل .. 12 - تحرش بعد الغروب
- خرائب الوعي .. 11 - الشاعر والعطش
- خرائب الوعي .. 10 - المرأة التي أكلها النمل
- خرائب الوعي .. 9 - لا يحب الله والله لا يحبه
- خرائب الوعي .. 8 - الطابق الثاني
- خرائب الوعي .. 7 - قوارب الهجرة إلى الجحيم
- خرائب الوعي .. 6 - الصندوق
- خرائب العقل .. 5- الحاشية
- خرائب الوعي .. 4 - مقبرة الضباع
- خرائب الوعي .. 3 - العمياء وقصر الغول
- خرائب العقل .. 2- وطني حقيبة وأنا مسافر
- خرائب الوعي 1- البداية
- ليبيا .. الثورة القادمة
- محطة الكلمات المتصلة
- الفضيحة
- حوار مع الله .. الحلقة السابعة


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعود سالم - تداعيات 3- شيطان المحبرة