أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - خليل البدوي - رحلة ابن بطوطة للبصرة















المزيد.....

رحلة ابن بطوطة للبصرة


خليل البدوي

الحوار المتمدن-العدد: 4048 - 2013 / 3 / 31 - 18:48
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    



كان ابن بطوطة أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن إبراهيم الطنجي احد الرحالة المغاربة في القرن الثامن عشر / الرابع عشر الميلادي والذي جاب العالم يومذاك، فقام بزيارة العديد من البلدان حيث تعرف على ثقافات متنوعة وعادات وتقاليد مختلفة منها الطبيعي ومنها الغريب، والأجمل من كونه قام بزيارة هذه البلدان هو قيامه بتسجيل ما رآه فيها في كتاب شهير قام بكتابته له ابن الجوزي هو الكتاب الذي يعرف باسم "رحلات ابن بطوطة"، حيث أصبح هذا الكتاب بعد ذلك دليلاً لكثير من المهتمين بالإطلاع على كل ما يتعلق بثقافات البلاد الأخرى.

قضي ابن بطوطة في رحلاته هذه حوالي ثلاثين عاماً تعرض فيهم للعديد من الأحداث، منها العديد من الأحداث التي تعرضت فيها حياته للخطر، ومن خلال كتابه قام بإعطاء وصف دقيق لكل ما صادفه في رحلته من أماكن وشخصيات ومعالم وأحداث وغيرها من الأمور الشيقة التي قام بتناولها، ودون ملاحظاته ومنها وصوله إلى البصرة واستقراره فيها فترة من الزمن حيث دون لنا معلومات تعد فريدة من نوعها عن أحوال البصرة في القرن الثامن عشر / الرابع عشر ميلادي، ونذكر أدناه النص الكامل لما رواه ابن بطوطة في رحلته عن البصرة، حسب المخطوطة التونسية لابن بطوطة بطرّة المستقاة من شراح مقامات الحريري ومن الخريدة، وكما جاء في [ تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار] قال ابن بطوطة بعد خروجه من موضع المشيرب:
ثم رحلنا منه ونزلنا بالقرب من البصرة، ثم رحلنا فدخلنا ضحوة النهار إلى مدينة البصرة، فنزلنا بها في رباط مالك بن دينار، وكنت رأيت عند قدومي عليها على نحو ميلين منها بناء عالياً مثل الحصن، فسألت عنه، فقيل لي: هو مسجد علي بن أبي طالب (رضي الله عنه).
وكانت البصرة من اتساع الخطة وانفساح الساحة بحيث كان هذا المسجد في وسطها. وبينه الآن وبينها ميلان، وكذلك بينه وبين السور الأول المحيط بها نحو ذلك، فهو متوسط بينهما.
ومدينة البصرة إحدى أمهات العراق الشهيرة الذكر في الآفاق الفسيحة الأرجاء المونقة الأفناء، ذات البساتين الكثيرة والفواكه الأثيرة، توفر قسمها من النضارة والخصب، لما كانت مجمع البحرين: الأجاج والعذب، وليس في الدنيا أكثر نخلاً منها، فيباع التمر في سوقها بحساب أربعة عشر رطلاً عراقية بدرهم، ودرهمهم ثلث النقرة.
ولقد بعث إلى قاضيها حجة الدين بقوصرة تمر، يحملها الرجل على تكلف، فأردت بيعها، فبيعت بتسعة دراهم، أخذ الحمال منها ثلثها عن أجرة حملها من المنزل إلى السوق. ويصنع بها من التمر عسل يسمى السيلان، وهو طيب كأنه الجلاب.
والبصرة ثلاثة محلات: إحداها محلة هذيل، وكبيرها الشيخ الفاضل علاء الدين بن الأثير، من الكرماء الفضلاء، أضافني وبعث إلي بثياب ودراهم، والمحلة الثانية محلة بني حرام، كبيرها السيد الشريف مجد الدين موسى الحسنى، ذو مكارم وفواضل، أضافني وبعث إلي التمر والسيلان والدراهم، والمحلة الثالثة محلة العجم، كبيرها جمال الدين ابن اللوكي.
وأهل البصرة لهم مكارم أخلاق وإيناس للغريب وقيام بحقه، فلا يستوحش فيما بينهم غريب.
وهم يصلون الجمعة في مسجد أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) الذي ذكرته ثم يسد فلا يأتونه إلا في الجمعة وهذا المسجد من أحسن المساجد وصحنه متناهي الانفساخ مفروش بالحصباء الحمراء التي يؤتى بها من وادي السباع وفيه المصحف الكريم الذي كان يقرأ فيه لما قتل واثر تغييره الدم في الورقة التي فيه قوله تعالى (فسيكفيكم الله وهو السميع العليم).
شهدت مرة بهذا المسجد صلاة الجمعة فلما قام الخطيب به إلى الخطبة وسردها لحن فيها لحنا كثير جليا فعجبت من أمره وذكرت ذالك للقاضي حجة الدين فقال لي أن هذا البلد لم يبقى به من يعرف شيئا من علم النحو وهذه عبرة لمن تفكر فيها سبحان مغير الأشياء ومقلب الأمور هذه البصرة التي إلى أهلها انتهت رياسة النحو وفيها أصله وفرعه ومن أهلها الذي لا ينكر سبقه لا يقيم خطيبها خطبة الجمعة على دؤوب عليها.
ولهذا المسجد سبع صوامع إحداها الصومعة التي تتحرك بزعمهم عند ذكر علي ابن ابي طالب ( علي السلام ) صعدت إليها من أعلى سطح المسجد ومعي بعض أهل البصرة فوجدت في ركن من أركانها مقبض خشب مسمرا فيها كأنه مقبض مملسة البناء فجعل الرجل الذي معي يده في ذالك المقبض وقال بحق أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) تحركي وهز المقبض فتحركت الصومعة.
وكان أمير البصرة حتى ورودي عليها يسمى بركن الدين العجمي التوريزي، أضافني فأحسن إلي.
والبصرة على ساحل الفرات والدجلة، وبها المد والجزر، كمثل ما هو بوادي سلا، من بلاد المغرب، وسواه، والخليج المالح الخارج من بحر فارس على عشرة أميال منها، فإذا كان المد غلب الماء المالح على العذب، وإذا كان الجزر غلب الماء الحلو على الماء المالح، فيستسقي أهل البصرة ماء غير جيد لدورهم. ولذلك يقال: إن ماءهم زعاق.
لـلـه اتـرجـة غـدا بيننا مـعبراً عن حال ذى عبرة
لـما كـسا الله ثياب الضنا اهل الهوى وساكني البصرة
قال ابن جزي، وبسبب ذلك كان هواء البصرة غير جيد، وألوان أهلها مصفرة كاسفة، حتى ضرب بهم المثل.
قال ابن بطوطة بعد خروجي من الحويزاء وفي طريق عودتي إلى طنجة: (سافرت) إلى البصرة، فشاهدت قبر الزبير بن العوام، ومشهد طلحة بن عبيد الله احد العشرة وهو بداخل المدينة وعليه قبة ومسجد وزاوية فيها الطعام للوارد والصادر وأهل البصرة يعظمونه تعظيماً شديداً وحق له منها مشهد الزبير بن العوام حوارى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وابن عمته (رضي الله عنهما) وهو بخارج البصرة ولا قبة عليه وله مسجد وزاوية فيها طعام لأبناء السبيل ومنها قبر حليمة السعدية أم الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من الرضاعة (رضي الله عنها) والى جانبها قبر ابنها رضيع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومنها قبر أبي بكرة صاحب رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم ) وعليه قبة، وعلى ستة أميال منها بقرب وادي السباع قبر انس بن مالك خادم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا سبيل لزيارة إلا في جمع كثيف لكثرة السباع وعدم العمران، ومنها قبر الحسن ابن أبى الحسن البصري سيد التابعين ومنها قبر ثابت البناني، وقبر محمد بن سيرين، ومنها قبر محمد بن واسع ومنها قبر عتبه الغلام ومنها قبر مالك بن دينار وحبيب العجمي، رضي الله تعالى عنهم أجمعين.
وعلى مقربة منها قبة مكتوب فيها اسم صاحب القبور ووفاته وذلك كله داخل السور القديم وهي اليوم بينها وبين البلد نحو ثلاث أميال وبها سوى ذلك قبور الجم الغفير من أصحابه والتابعين المستشهدين يوم الجمل
قال التازي: موقع مدينة البصرة أنشئت عام 17=639 أيام الخليفة عمر ابن الخطاب تُرك في القرن السادس الهجري= الثاني عشر الميلادي، وتم الاتجاه نحو موقع آخر يوجد على بعد خمس كيلو مترات في الغرب، وفي مكان البصرة القديمة توجد اليوم مدينة الزبير وقد قام البروفيسور ماسينيبون بدراسة لموقع البصرة 1956.
وقال: يتحدث ابن حوقل عن أنهار البصرة فيذكر أنها عُدّت أيام بلال بن أبي بردة (ت 126=744) فزادت على مائة ألف نهر وعشرين ألف نهر، تجري فيها الزوارق وكنت أنكر ما ذكر.. حتى رأيت كثيراً من تلك البقاع فرأيت في مقدار رمية سهم عدة من الأنهار صغاراً تجري في جميعها المسماريات (المخيطة بالمسامير- ذات ألواح ودُسرُ)، ولكل نهر اسم ينسب به إلى صاحبه الذي احتفره أو إلى الناحية التي ينصب منها أو ينصب ماؤه إليها..! قال المعلق عن المدينة: دخلتها سنة 537=1142 وقد خربت ولم يبق من آثارها إلا الأقل، وطمست محالّها فلم يبق منها إلا محال معلومة كالنحاسين والقساميل وهذيل والمربد وقبر طلحة، وقد بقي من محلة بيوت معدودة، وباقي بيوتها إما خراب، وإما غير مسكونة، وجامعها باق في وسط الخراب كأنه سفينة في وسط بحر لجيّ.. وسورها القديم قد خرب ، وبينه وبين ما قد بقي من العمارة مسافة بعيدة.. وسبب خرابها ظلم الولاة والجور.
وقد تميزت مخطوطة تونس بذكر اللولي بدل اللوكي، وقد يكون معنى اللولي المشتغل باللؤلؤ.
يقول ابن بطوطة: ثم ركبت من ساحل البصرة في صندوق، وهو القارب الصغير إلى الأُبلّة وبينها وبين البصرة عشرة أميال في بساتين متصلة ونخيل مضلة عن اليمين و اليسار والبياعة في ظلال الأشجار يبيعون الخبز والسمك والتمر واللبن والفواكه وفيما بين البصرة و الأُبلّة متعبد سهل بن عبد الله التستري فإذا حاذاه الناس بالسفن تراهم يشربون الماء مما يحاذيه من الوادي ويدعون عند ذالك تبركاً بهذا الولي (رضي الله عنه).
وكانت الأُبلّة مدينة عظيمة يقصدها تجار الهند وفارس فخربت وهي الآن قرية بها آثار وقصور وغيرها دالة على عظمها.



#خليل_البدوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أين ساعات البصرة ؟
- أبو صابر وغسان كنفاني والضحك على الذقون
- المعري بين رسالة الغفران ودعايات انتخابات مجالس المحافظات
- أبو صابر بين الماغوط و أرسطوفانيس ونائبات البرلمان
- أبو صابر والبرلماني فيكتور هيجو
- عندما يذهب جلد الشاعر ابن الرومي للدباغ
- أبو صابر وربابة بشار بن برد
- حوار مع ابو صابر حول الأدب الساخر
- الحمار حمار حتى ولو نهق طول النهار
- إعادة التدوير/ التقاء البيئة مع الاقتصاد
- التدوير الوظيفي
- التعذيب وأدواته في العصور الوسطى
- حمار عراقي يحصل على الجنسية الامريكية
- مراسم زواج حمار وحمارة
- مؤتمر دولي للحمير في القاهرة


المزيد.....




- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة
- سيناريو هوليودي.. سرقة 60 ألف دولار ومصوغات ذهبية بسطو مسلح ...
- مصر.. تفاصيل جديدة في واقعة اتهام قاصر لرجل أعمال باستغلالها ...
- بعد نفي حصولها على جواز دبلوماسي.. القضاء العراقي يحكم بسجن ...
- قلق أمريكي من تكرار هجوم -كروكوس- الإرهابي في الولايات المتح ...
- البنتاغون: بناء ميناء عائم قبالة سواحل غزة سيبدأ قريبا جدا
- البنتاغون يؤكد عدم وجود مؤشرات على اجتياح رفح


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - خليل البدوي - رحلة ابن بطوطة للبصرة