أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - خليل البدوي - حوار مع ابو صابر حول الأدب الساخر















المزيد.....

حوار مع ابو صابر حول الأدب الساخر


خليل البدوي

الحوار المتمدن-العدد: 4041 - 2013 / 3 / 24 - 11:04
المحور: كتابات ساخرة
    




اسند رأسك على التاريخ كلما أردت أن تفهم الحاضر، لأن التاريخ ليس هو الماضى الذي حدث وانتهى، بل الأحداث السائلة، تندفع إلى الأمام بغير توقف فى مجرى الزمن، فالتاريخ هو الدراما التي تعيد خلق نفسها من رماد الأمس، فى كل حقل من حياتنا كلما امتدت إليه يدك، ستجد التاريخ عرقاً نابضاً.
كل المعارف البشرية موجودة في الكتب، وأثمن الكتب التي أنتجتها الحضارة البشرية، منذ العصور السحيقة ومواعظ الفراعنة وملاحم السومريين، مروراً باليونان القديمة وبداية تأسيس العلوم والفلسفة، فالعصور الوسطى وازدهار الحضارة الإسلامية، ثم عصر النهضة الأوربية والثورة ضد الظلم و الاضطهاد وبروز فلاسفة التنوير وأفكارهم التي تتغنى بالتسامح و تنادي للحرية، وأخيراً العصر الحديث وازدهار أدب الروايات، كلها أشارت من قريب أو بعيد وباختصار أو إسهاب عن الحمار، لكن قلة من هؤلاء أنصفوا الحمار أما الآخرين فنسجوا ما بمخيلاتهم قصصاً عنه، هكذا ابتدأ أبو صابر قوله.
قلت: ويبقى السؤال الحائر: هل كان الكتاب يكتبون لمجرد التسلية والفكاهة، أم لكشف المهمش وتعرية المستبدين والظالمين؟ وهو المطلوب...!!
ولماذا سكتوا الآن؟
قال: أن الأدب الساخر أدب عظيم لا يستطيع كتابته إلا كل موهوب، مثقف، واسع المدارك، كبير القلب، يحتوي آلام البشر وهمومهم وأوجاعهم في الحياة، فتكون سخريته كالبلسم الذي يداوي جراحهم، لان الأديب الساخر الموهوب يعلو بهم فوق الحزن ويساعدهم على تجاوز مرحلة الكآبة أو الإحباط أو الحزن، ويصيب أعصابهم بنوع من الاسترخاء اللطيف، فيفكرون بسلام، ويعيدون النظر في ما يتخذونه من قرارات وتكون صحتهم النفسية أقدرعلى التفكير.
قلت: صدقت وهذا جزء من وظيفة الأدب الساخر، الذي يعتبر نوعاً من النقد الاجتماعي تماماً مثل فن الكاريكاتير الذي يشارك صانعوه كتاب الأدب الساخر في الموهبة وان اختلفوا معهم في الأداة، فأداتهم الريشة، وأداة الأدب الساخر الكلمة.
قال: الأدب الساخر برأيي، هو أصعب أنواع الأدب وأكثرها عمقاً، فإن خلا من الفكر والهدف والمضمون؛ تحول إلى "نكات بايخة" مجتمعة في مكان واحد.
قلت: نعم فالأدب الساخر مَلهاةُُ مُبكية..مآساةُُ مُضحكة..كوميديا حزينة.. تنزل الإنسان المغرور بعقله من عليائه، لتوجه له النقد الحاد للاذع ليعرف أن كان فيها يضحك على نفسه أم يبكيها؟!
فال: لكأنني أرى صندوق الدنيا وقد انزاحت ستائره لكي "نتفرج" على أنفسنا ونضحك ونضحك ونضحك، ثم لا ندري إن كنا نستمر في الضحك سخريةً من أحوالنا، أم نتوقف قليلاً لنبكي على ما آل إليه حالنا.
قلت: لكن احمد لله أن رأيت ابتسامة تعلو الشفاه...في زمننا العربي الكئيب...والذي جعل الحمير!!! يسخرون منا ويهزأون بنا....
بل ويركبوننا!!!!
قال: أني أرى الغصة تتخلل قهقهتك...
قلت: نعم حياتنا ملهاة مبكية وكوميديا ساخرة...بل مضحكة مبكية لأنها تتناول أحوالنا...هل أقول كلنا في الهم عُرْبُُ؟ أم حمر مستنفرة فرت من قسورة؟
قال: أتعرف ماذا قالوا في الأدب الساخر؟
قلت: وماذا قالوا؟
قال: الكتابة الساخرة تحتاج إلى مصارحة الذات أولا قبل مصارحة المجتمع وتعمد إلى تكسير جميع الحواجز اللغوية والأدبية لتكون الرسالة أقوى من طلقات الرصاص..في ساحة الوغى من أجل أن يتغير العقل وما وعى. .وشر البلية ما يضحك.
قلت: وقالوا: الأدب الساخر هو أدب الألم والوجع والذكاء.. إذ ليست أي سخرية تكون قيمة أو ذات وقع ورنين في أذن المشاهد أو صورة تختزنها عين المتابع .. السخرية الواعية والتي تحمل في طيها المعنى والعمق والبعد الثالث لما وراء الأحداث هي السخرية التي تستحق أن يتوقف الإنسان عندها ويراها أو يقرأها.
قال: تعرف الكتابة الساخرة باختصار شديد أنها التمرد على الواقع .. والثورة الفكرية ضد البديهيات التقليدية .. سواء كانت سياسة أم اجتماعية ...!! فهي "تعكس صورة الواقع بجماله وقبحه.. ولكن بأسلوب مختلف عن الكتابة العادية.
قلت: وقالوا أيضاً: أن الأدب الساخر لا يعني الضحك من أجل الضحك فهذا يسمى تهريجا بينما الأدب الساخر هو كوميديا سوداء تعكس أوجاع المواطن السياسية والاجتماعية ويقدمها بقالب ساخر يرسم البسمة على الوجه ويضع خنجرا في القلب ويشتمل هذا الأدب على كافة أنواع الإبداع الأدبي الذي يطرح موضوعاته بسخرية والكاتب الساخر هو من يحول الألم إلى بسمة والحزن إلى إبداع .ولابد لنا أن نوضح أيضاً أن الأدب الساخر ليس هجاء بينما الهجاء هو من قلب الأدب الساخر فالهجاء خارج القالب الأدبي هو تهجم دونما هدف .. في حين يمكن للكتابة الساخرة أن تتضمن الهجاء.
قال: وأزيدك من الشعر بيت..قالوا: الفرق كبير بين الأدب الساخر وبين النكتة، فهو من أصعب أنواع الأدب، كالفرق بين القصور والأكواخ، فإن لم يكن للكاتب الساخر قضية مهموم بها ورسالة يريد لها أن تصل، فإنه يصبح مهرجاً.
قلت: نعم الكاتب الساخر يجعل القارئ يبكي من فرط الضحك وفي الوقت نفسه يضحك من فرط الألم.
قال: أصبت يا صديقي، الكاتب الساخر كما قال إبراهيم المعلم "هو كالنحلة تلسع وتطير قبل أن يشعر الإنسان بما حدث"، كما إن الكاتب الساخر يبذل مجهود أكبر من الكاتب الرومانسي أو السياسي ، لذلك يستهلك بنات أفكاره أكثر من أي كاتب أخر، وما الكتابة الرومانسية غير شوية أهات وليل وسكون وبحر كبير مجنون، وبيت مسكون وشطآن وألم وفراق وهجران
قلت: ليس بالضرورة أن يكون الكاتب الساخر ذو دم خفيف، بالعكس ممكن أن يكون من أثقل أهل الأرض ظلاً،.. والدليل.... قلة الكتاب الساخرين.
قال: نرى النصوص الساخرة تحاكي قضايانا الاجتماعية والسياسية وغيرها عن طريق السخرية التي تحوي مصطلحات أدبية .. فتعري الواقع المعاش بطريقتها الساخرة .. التي تجعلنا نضحك وبنفس الوقت نبكي حالنا..!!السخرية على مر التاريخ كانت وسيلة للتعرية، تعرية الزيف والأخطاء، تعرية الفساد ،تعرية للذات، وهناك الكثير من الأدباء من كتب بهذا النوع من الأدب.
وهناك من تخصص بكتابة الروايات والمسرحيات الساخرة .. والمسرحيات التي نقصدها هنا .. ليست كتلك المسرحيات غير الهادفة والتي لا تهتم إلا بطرح النكات عشوائياً وبدون أي مغزى أو هدف منها!!
قلت: أتعرف لماذا؟ لأن حياتنا كلها مآسي ومصائب، فأننا بدلاً من أن نجعل المصائب تضحك علينا...ينبغي أن نضحك نحن عليها.
قال: الأدب الساخر هو الأدب القائم على المفارقة في سير الحدث .. فيأتي الحدث بشكل ٍ غير متوقع .. ومثير للضحك أحيانا..أليس ذلك صحيحاً؟ ويا ترى ما رأي علماء النفس بذلك؟
قلت: علماء النفس يعرفون السخرية أنه: "سلاح ذاتي يستخدمه الفرد للدفاع عن جبهته الداخلية ضد الخواء والجنون المطبق.. إذ إن السخرية رغم هذا
الامتلاء الظاهر بالمرح والضحك والبشاشة" .. إلا أنها تخفي خلفها أنهاراً من الدموع.. إنها مانعة صواعق ضد الانهيار النفسي."
قال: هناك الشعر الساخر والقصة الساخرة والمقالة الساخرة...ماذا عنها؟
قلت: جميع أنواع الأدب الساخر قد تكون أحياناً نقد لأشخاص أو تصرفات سلبية وممارسات يعبر عنها الشاعر أو القاص أو الكاتب بطريقة فنية يعتمد فيها السخرية على رموز ما دعماً لقضية يتبناها ويؤمن بها.
وهناك فارق كبير بين الأدب الساخر وغيره من الآداب التي تعتمد في نصوصها على الطرفة أو الموقف الظريف والتي تندرج تحت مسميات أخرى.
قال: أتعرف ما قاله الكاتب الفلسطيني الكبير أميل حبيبي في روايته «الوقائع الغربية في اختفاء أبي النحس المتشائل».
قلت: لا!!
قال: قال: «السخرية سلاح يهز عروش الظالمين»
قلت: صدقت.
قال: وماذا عن كتابك هذا؟
قلت: كتابنا هذا حشد في أوراق لكتابات مختلفة في الأسلوب لكتاب معروفين، فكانت صحبة حميرية فريدة تتميز بقدرة عالية علي إبداء الرأي والنظر إلي المشاكل بعين ثاقبة ذات أفق متسع لرصد واقع مليء بالتناقضات والسلبيات التي يعيشها ويسلكها البشر دون نظرة مراجعة منهم، وتتحول أنت يا صاحبي "الحمار" من مجرد مكان للبيان فيه إلي مكان يموج بالمناقشات والحكايات بل والنكات أيضاً، كلها علي لسانكم انتم معشر الحمير الذين يكيلون ما لذ وطاب من التهكمات والتعليقات والحوارات لبني الإنسان كما كان لهم من قبل من إلصاق تهم عدم الفهم والغباء.
قال:ما جئنا به لغرض دفع المجتمع إلى رؤية نفسه على حقيقتها، لان السخرية تكشف التناقضات، فتكشف الحقيقة، ولهذا تكون أداة من أدوات التغيير في المجتمع.
قال: عادة ما يتعرض هذا الأدب للملاحقة، لأنه لا يكشف العيوب الاجتماعية وحسب، بل يعريها، كما يعري الظالمين ويجعلهم محوراً للسخرية.
قلت: (اللي علي راسه بطحة يحسس عليها).
قال مبتسماً: وما المقصود بالمثل؟
قلت: المقصود بالمثل بأن الشخص الذي يقوم بأعمال خاطئة أو إيذاء الناس يظن بأن أي حديث أو تصرف منهم موجه له هو شخصياً، حتى ولو كان
ليس هو المقصود!!
قال: ويحضرني شعر بالمناسبة:
يا هي اكبر مشكله لاجاك جاهـل وابتـلاك =
ودك تصحيه مـن جهلـه وعيـا لايفيـق
في غياهيب الضلاله غاب سمعه عن نداك =
من يلاقي له علاج بحضرته يمكن يليـق
لا تقـدم نصحـك إلا للـذي أهـلٌ لـذاك =
مالك ومال الذي ما يحفظ العهـد الوثيـق
لو سقيته من شوير الشهد ما دور رضـاك=
يا نسب الفضل له في كل شي وإلا يضيق
لو وهبته مهجتك بأفعاله السيّـه جـزاك =
لو رفعته فوق راسك عاد للمهوى السحيق
مشكلته انه تردى فـي متاهـات الهـلاك =
لابغيت اتخرّجه من ضيق يدخل في مضيق
لو يجد فرصه يضرك ما توانى فـي أذاك =
أضعف الإيمان كلمه نابيـه بـك ما تليـق
ما يهمك دامك الشامخ فـلا يرقـى سمـاك =
الدني طبعه دني يبقى من الأدنـى لصيـق
لا رفع صوته عليك إنسان ما يسوى حـذاك =
اعتبر صوته مجرد قرع نعلك في الطريق

ضحكت وقلت: لا عاب فوك أبو صابر!!



#خليل_البدوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحمار حمار حتى ولو نهق طول النهار
- إعادة التدوير/ التقاء البيئة مع الاقتصاد
- التدوير الوظيفي
- التعذيب وأدواته في العصور الوسطى
- حمار عراقي يحصل على الجنسية الامريكية
- مراسم زواج حمار وحمارة
- مؤتمر دولي للحمير في القاهرة


المزيد.....




- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - خليل البدوي - حوار مع ابو صابر حول الأدب الساخر