أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامي المصري - الثورة المصرية والمتأمركون المتصهيونون















المزيد.....


الثورة المصرية والمتأمركون المتصهيونون


سامي المصري

الحوار المتمدن-العدد: 4045 - 2013 / 3 / 28 - 09:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كنت أعد للسفر خارج مصر لأول مرة في حياتي، وكنت في حالة من الانبهار حول توقعاتي فيما سوف يقابلني في مجتمع جديد. وفي وسط تلك المشاعر ابتدرتني طفلتي الصغيرة بسؤال غريب، "هل السماء في أوربا لونها بمبي يا بابا؟ "لقد ضحكنا كثيرا على هذا التصوُّر البريء وكم تندرنا به، إلا أنه بعد أن سافرت فعلا لأواجه مجتمع جديد تبين لي أنني كنت أفكر بنفس هذه السذاجة. فقد كان يعتلي رأسي في ذلك الوقت الكثير من التساؤلات المشابهة. كنت أسأل نفسي عن لون الخلفية الثقافية للمجتمع الغربي ومدى اختلافها عن ثقافتي. كيف يمكن التعامل مع الثقافات المغايرة للثقافة التي نشأت فيها وهل سيسهل لي التعبير عن نفسي؟ هل ممكن أن يفهمني الإنسان الغربي بسهولة أنا الإنسان المصري القبطي الشرقي؟ وما هي إمكانية التواصل ومداه وحدوده مع الثقافات المغايرة؟ وما هي إمكانياتي في التغير لتقبل ثقافات أخرى تخالف ثقافتي؟ وما هي الحدود والخطوط الحمراء التي ينبغي ألا أتجاوزها؟

بعد أن خضت التجربة لأول مرة بدأت أكتشف أن السماء في أوربا وأمريكا والكونغو والهند وأستراليا لونها واحد، وقد يتغير تغيرا طفيفا بتغير الفصول أو الوقت من النهار والليل لكن لون الخلفية الإنسانية واحد في كل مكان، فما نتفق فيه كبشر أكثر بما لا يقاس مما نختلف عليه بسب الثقافة، فاكتشفت وحدة الإنسانية. كلنا كائنات ميكرسكوبية متشابهة تدب على كوكب الأرض المتناهي في الضآلة. الناس كلهم متشابهون في الفكر، فنفس المنطق الذي أتكلم أنا به ليس غريبا عن الآخر الذي يعيش في نصف الكرة البعيد. وبنفس المنطق يفهمني كل الناس على الأرض وإلا لما أمكن التواصل. إننا قد نختلف في الرأي، لكن ذلك الخلاف في الرأي لا يخضع لثقافة ما، فقد تجد نفس الآراء المختلفة المتعددة في كل ثقافات العالم. وجدت نفسي قادرا على التفاعل والحوار مع كل المجتمعات والثقافات بكل عمق وبنفس القدر من الفهم، وذلك لا يتوقف على الخلفية الإثنية التي نشأت فيها بل على قدر ثقافتي وإمكانياتي المعرفية ومقدرتي الشخصية.

لا يزال هناك من يحاول أن يقنعنا بأن السماء الأمريكية لونها بنبي!!! فيصور الأمريكيون على أنهم السوبرمان، فهم أعلى من مستوى البشر حيث بلغوا بالعلم والثقافة إلى الإنسان الأعلى قدرا وبالتالي حققوا رفاهة الإنسان وكأن الحياة الأمريكية هي النيرفانا أو الجنة. وبهذه التصورات الساذجة يريد أن يقنعك بأن السياسة الأمريكية هي المثلى، والرأسمالية هي أعظم النظم التي بلغت بالأمريكي لحد الكمال. إن تلك اللأفكار التي تعشش في أمخاخ عبيد الاستعمار، كل من عنده عقدة الخواجة وشعور الدونية، تُشوِّه الحقيقة تماما من أجل أغراض سياسية استعمارية استعلائية ليس لها أي أساس في الواقع. لست أريد أن أخوض الآن في محنة الحياة الأمريكية داخل أمريكا نفسها بسبب الرأسمالية البشعة حيث أريد أن أركز أولا على محنة العالم والإنسانية كلها بسبب جرائم السياسة الأمريكية العالمية ضد الإنسان، والتي تُخضِع العالم كله لسياسة الاقتصاد والإرهاب الصهيوني الذي يبتز العالم ويحركه نحو الخراب. هناك بيننا من يشيد بعظمة السياسة الأمريكية المتحضرة القائمة على العلم ليُخدّرنا ويفرض علينا مرارة الواقع الرهيب، بينما جريمة السياسة الأمريكية الجديدة مُعلنة دون تغطية أو خجل، تفرض على المنطقة كلها التخلف الإسلامي في أبشع صوره. الإخوان المسلمون وهم أخطر صورة للخيانة والتخلف والرجعية والفساد والتخريب تستخدمهم السياسة الأمريكية كوسيلة تدميرية هائلة بقوة وإصرار ليجردوا الأرض من ثوبها الحضاري، ويعودوا بالتاريخ لماضوية دموية بشعة، فيرجعون بالإنسان لبربرية عصور ولت، اجتاح فيها الإرهاب مثل جراد يغير على الأرض المثمرة الخضراء ليجردها من ثوبها الإنساني ويُصحِّرها ويعريها من ثوب خصبها الحضاري. السياسة الأمريكية تستخدم الإخوان المسلمين كقوة رجعية مُخرَّبة تقوم بأبشع عمل تستعيد لذاكرة التاريخ غزوات البربر التي اجتاحت الأرض في عصور غابرة. محاولات كثيرة تحاول تلوين تلك الردة الحضارية المتخلفة باللون البمبي لتلبثها ثوبا حضاريا فاقع الألوان. لا يمكن وصف تلك المحاولات بأقل من أنها جريمة إنسانية تفرض علينا التخلف البربري وتغطيه بمسميات مضللة زائفة. إن تلك المحاولات المتأمركة رغم شكلها الحضاري ورغم إدعاء العداء للتخلف الإخواني فهي تعمل بقوة لخدمة المستعمر المجرم الذي يفرض علينا الإخوان المسلمين، فتقوم بمساعدة الإخوان بشكل غير مباشر بضرب الثورة للنيل من الشعب المصري وإحباط جهاده ضد المستعمر.

من العجيب حقا أن هناك من يحاول أن يقنعنا أن المشكلة ليست في ما ترتكبه السياسة الأمريكية من جرم في حق الإنسانية بفرض الإخوان المسلمين فوق الساحة العربية كلها وبالتحديد فوق المجتمع المصري، بل يوجهون الاتهام للتكوين الثقافي لمجتمعاتنا الشرقية والتخلف المعرفي الذي يُخضع الإنسان للفكر الديني المتخلف. الإسلام السياسي ليس دينا ولكنه يستخدم الدين كوسيلة تخريبية ليدمر حضارة شعب عريق وهذا ما يعيه تماما كل مصري اليوم. لو رجعت لتاريخ المائة عام الماضية في مصر ستجد ما يكذب كل تلك الترهات الفارغة، فأن الخصب الثقافي المصري كان في أوج إنتاجه ونضجه الحضاري بما لا يقل عن المجتمعات الأوربية مع احتفاظه بشخصيته وهويته المصرية الفريدة التميز. الفكر المصري العملاق منذ الربع الأخير من القرن التاسع عشر قاده كوكبة نادرة من عمالقة المفكرين والكتاب والأدباء والشعراء ورجال الدين من كل دين والقصاصين والفنانين التشكيليين والمبدعين من الموسيقيين وفن الغناء الذي بلغ إلى ذرى الأمجاد والسينمائيين من مخرجين وممثلين وكتاب ورواد المسرح المصري العمالقة. كل تلك الجوقة النادرة الحدوث كانت تعزف لحن الحرية لتقف فوق قمة التحضر الإنساني وتشع بوهج ضيائها سحر الخلود لينير الأرض فيبلغ عنان السماء. حتى في مجالات العلوم والصناعة والتشييد تشهد تلك الفترة أمام التاريخ بمدى الوعي المعرفي لشعب عظيم اسمه الشعب المصري. إن الردة الحضارية التي نعيشها اليوم ليست لها أي علاقة بالتاريخ الثقافي للشعب المصري لكنها غزوة أمريكية صهيونية بربرية بهدف سرقة مصر من شعبها.

ماذا يجرى اليوم؟؟؟ ومَن وراء تلك الكوارث التي تشهدها مصر سوى سياسة أمريكية عنصرية مجرمة؟ هل هناك من دليل واحد على أن الشعب المصري بثقافته مستعد أن يقبل تلك الردة الحضارية الإخوانية؟ إن الدماء الغزيرة التي تسيل في شوارع مصر، والتي يجود بها اليوم رخيصة، شباب مصر الغالي العظيم ليغسلوا عار التخلف، تعلن رفض المصري الحر لتلك الردة الحضارية الإخوانية، التي تفرضها السياسة الأمريكية الشريرة على المصريين، بالقوة المسلحة والإرهاب. وهي لا تنبع بأي شكل من ضمير الشعب المصري العظيم. فلماذا أيها المتأمركون تتهمون الشعب بتخلف الإسلام السياسي بينما الشعب العظيم يرفضه بكل قوة بدمه؟

إن ذلك التخريب الثقافي الذي يحاول تمييع الأمور ليجامل المستعمر يشارك بكل قوة في محاربة الثورة المصرية وتشويه الجهد الجبار للثوار الأبطال حتى يخضعهم للبربرية الأمريكية الإخوانية. إن تلك الأفكار المسممة المنتشرة والمندسة بيننا لا يمكن الاستهانة بها، فهي عمل معادي ومحبط بشكل مباشر للوطنية المصرية المتألقة، ومُثبِّط ومقاوم للثورة المصرية العظيمة، ومضلل ومشتت جدا للإمكانيات والقدرات المحدودة المتاحة للعمل الوطني للمصريين، في جهادهم المشروع لإنقاذ ما تبقى لنا، ضد البربرية الأمريكية التي تقوم بأخونة مصر. تارة نجد من ينكر حقيقة الثورة، وهناك من ينسبها للإخوان المسلمين، وآخرون يزعمون أنها مسرحية مدبرة، ويعتبرون الثوار شباب متهور ضل طريقه يلزم إيقافهم بالقوة حتى يعود الشكل الطبيعي لمصر. وهناك من يعتبر الثوار بلطجية مأجورين لعمل ضد الوطن مستهينا بالدم المسفوك والبطولات الرائعة. وهناك من يترحم على عصر مبارك الأسود الذي وصل بمصر إلى تلك الحالة المذرية التي مكنت الإخوان المسلمين من مصر. ومن العجيب أن تجد مباراة إعلامية بين الكتاب في هجو وشتم الشعب المصري العملاق ووصفه بكل الصفات السيئة بينما يقف الأبطال مستهينين بالموت من أجل حب مصر الأم ... لا أعرف كيف يستوعب الناس هذا الأسلوب الإعلامي البذيء التي يشتم المصريين ويتهمهم بكل باطل ويهاجم قوى الثورة والثوار، إن ذلك أثر أكيد من آثار الاستعمار حيث اعتاد المصريون تلقي تلك الاتهامات الكاذبة من المستعمر الشرير. وصار ذلك الأسلوب الحقير بروتوكولا يعتبره الكاتب لازمة دونها لا يكون قد استوفى أصول الكتابة. أقول لكل كاتب يشتم ويسيء للشعب المصري مدعيا المعرفة أنت تسيء لنفسك وتظهر أنك تابع حقير لفكر استعماري متخلف عفى عليه الزمان.

أي شعب آخر على الأرض احتمل إخراج المساجين والخطرين من السجون وإطلاقهم على الشعب، بعد أن يختفي كل رجال الأمن وتغلق كل أقسام البوليس أبوابها ويستمر الأمر لأكثر من عام والشعب الصامد الجبار يدبر أموره بمنتهى التحضر وبجهد ذاتي يقوم بعمل لجان شعبية أذهلت العالم كله. لو حدث ذلك مع الشعب الأمريكي نفسه لارتكبت أعظم الكوارث التي لا يمكن تقدير عقباها. أي ثورة في التاريخ تم القبض فيها على 12 ألف ثائر بطل أودعوا السجون ولا أحد يعرف مصيرهم... وفي كل يوم يزيد المقبوض عليهم بأعداد غير معروفة وذلك غير من قتل وسحل ومن سحق تحت المدرعات ومن ألقوا في النيل حيث لا تعرف أعدادهم، ومع استمرار الإرهاب المريع وبعد مرور أكثر من سنتين وربع على الثورة، ورغم كل ذلك الترويع، الثورة ما زالت في كامل تألقها واشتعالها وفي كامل رونقها المتحضر الرفيع المستوى تقف أمام المستعمر الأمريكي بكل قوة معلنة الفشل الكامل لحكومته الإخوانية المتعفنة التي فرضها المستعمر المجرم بالقوة. ويساندها بأحدث الأسلحة الأمريكية وبالمال الذي لا نهاية له. نسمع عن بلايين وراء بلايين الدولارات غير المساعدات الغير محدودة التي تصل من الدول العربية. ورغم ذلك فهم عاجزون وفاشلون تماما في احتواء الإنسان المصري العظيم إنسان الحضارة العملاق. أي شعب آخر على الأرض تم حشد ضده كل القوى الإرهابية التي في العالم واستدعائهم من أفغانستان ومن كل المواقع المشتعلة ومن مراكز التدريب على الإرهاب في أمريكا وإنجلترا وإرسالها لمصر ليقوموا بمساندة حكومة الإرهاب الإخوانية، وذلك بعد إخراج كل الإرهابيين من السجون ليقفوا أمام شعب أعزل بلا سلاح، والشعب العظيم ما زال صامدا بكل قوة مدافعا عن حريته بثبات كامل. أي شعب في التاريخ عُزل عنه جيشه وقوات أمنه في نفس الوقت حيث يقف الجيش والبوليس ضد الشعب في خدمة المستعمر المجرم والشعب ما زال راسخا قويا في دفاعه عن كيانه الحضاري بكل قوة وثبات... إنه الشعب المصري العظيم الذي لا يستهين به إلا الخونة!!!

الخطير في الأمر أن كل المتأمركون هم متصهينون أصلا وهناك كثير من المثقفين يقومون بذلك العمل التخريبي الخياني عن عدم دراية أو عن دراية، مندفعا بالقصور الذاتي خلف تيارات سائدة على المستوى العالمي أو المحلي تسمم الهواء الثقافي، يضخها الإعلام الصهيوني النشط جدا بقوة وغزارة، ليخرب الفكر الثقافي في العالم كله. تلك الأفكار في شكلها المتأنق تلبس ثوب الحداثة والتحضر وهي في قمة التخلف والرجعية العنصرية الفاشية. مثقفون وإعلاميون كبار يسيرون في هذا التيار، والكثير منهم لهم كتابات مؤثرة تجتذب القراء مما تلحق أضرارا بالغة ليس فقط بمصر، ولكن لها تأثير عالمي سام يؤثر بشكل مخيف على كل شعوب الأرض. ما يهمني هنا هو مصر وما تتعرض له اليوم من قوى التخريب العالمية وأثر الإعلام الصهيوني المسمم وما يبثه من شرور.

ديناميكية العمل الإعلامي الصهيوني المحارب للثورة المصرية وخطره
المنظمات الإسلامية السياسية تخفي العلاقة بينها وبين الصهيونية والاستعمار الأمريكي، فتقوم بمهاجمته بعنف تحت شعارات دينية متعفنة متطرفة مبالغ فيها لتخدع بها الوطنيين، ولتجتذب القوى الرجعية الجاهلة باسم الدين. وهي تدعي كذبا وغشا العداء للصهيونية وأمريكا بشكل عنصري بينما هي تتقاضى منهم الأموال الطائلة والسلاح لهذا العمل القذر. الفاشية المتأسلمة تدعي العداء لأمريكا والصهيونية وهم بذلك يخدمون عن قصد التيار الصهيوني الذي يظهر مُتمَسكِنا ويمثل الضعف أمام عدو عنصري يستخدم قوى الدين مما يثير الإشفاق على بؤرة الشر العظمى. إن تلك المنظمات الإسلامية الإرهابية تستثير فاعلية تيارا آخر يظهر كأنه معاديا لهم ليكمل عملهم. إنه التيار االمتأمرك الذي يحمل الشكل الحضاري فيعادي ويهاجم التعصب والعنصرية ليشيد بالسياسة الصهيونية الأمريكية، فيعمل مع العدو وكأنه يدافع عن حق. بذلك تنحصر القوى الوطنية التقدمية بين فكي كماشة القوى الإسلامية في جانب والقوى المتصهينة التي ترفع شعارات تقدمية لتخدم نفس العدو المجرم، الذي يمسك بطرفي الكماشة ليحكم قبضته بكل قوة على العمل الوطني المدافع عن حقه في الوجود. فيحصر القوى الوطنية النظيفة المدافعة عن حق الشعوب، ويتهمهم بالرجعية والقروسطية والعنصرية والشعوبية والشعبوية والقومجية والعداء للسامية. ويحمل لها في كل يوم الجديد من المسميات ليحارب الفكر الوطني النظيف، ليحصره بين قوى الظلام المتأسلم وبين قوى الخيانة الشريرة التي تأخذ سمات التحضر لتذبح شعوب الأرض وتخضعها للاستعمار الجديد، المغلف نفسه بالشكل الحضاري. الخطورة في ذلك التيار أنه ليس فكرا واحدا لكنه متعدد الرءوس ليكون أكثر فاعلية وتخريبا. فقد تجده شيوعيا متطرفا أو رأسماليا متطرفا وكلهم في خدمة الرأسمال الصهيوني بطرق متنوعة متشابكة لتثير الكثير من البلبلة وتخفي الجريمة.

إن ذلك التكنيك السياسي الخطر جدا هو نفسه الذي حاصر الفكر الاشتراكي الأوربي منذ القر ن التاسع عشر بين فكي كماشة الشيوعية والرأسمالية، حتى فقد الفكر الاشتراكي التقدمي وجوده وكيانه. لقد تم تفتيت الاشتراكية أنواع كثيرة حتى بلغ أعداد الأحزاب الاشتراكية في أوروبا لما يزيد عن ثمانين حزبا اتسم بعضها بأشكال فوضوية سيئة السمعة لتشويه الفكر الاشتراكي الأوروبي الأصيل. بذلك تم تمييع وتذويب الفكر الاشتراكي الرائع الذي ظهر ليقاوم جرائم البرجوازية الصهيونية ضد الإنسان. تلك الجرائم التي استفحلت ونشرت الظلم الاجتماعي الرهيب والبؤس الإنساني بقيام الثورة الصناعية. البنوك التي أنشأها روتشيلد وأمثاله من قادة وصُنَّاع الصهيونية موَّلت الثورة الصناعية وقادتها لسحق الإنسان الأوربي، فابتزت وامتصت الثروات لتحيل الحياة إلى جحيم. وتحول الإنسان الأوربي المتحضر لعامل ذليل بلا حقوق يخضع للسيد البرجوازي الرهيب. وكانت الديمقراطية هي الكلمة السحرية التي ساعدت في محق الفكر الاشتراكي بتحريك نقابات العمال التي قادتها الصهيونية ضد مصلحة العمال أنفسهم عن جهل، فوضعت الحركات العمالية في خدمة رأس المال، لتخضعها لبراجوازية أصحاب الأعمال تحت شعار الديمقراطية. بذلك أفشلت الفكر الاشتراكي الذي كان هدفه الأول هو إنقاذ العامل الأوربي من استغلال الرأسمال الصهيوني الشرس. وبنفس الدينامكية تقوم القوى الصهيونية اليوم بوضع المنطقة العربية كلها تحت نفس الكماشة التي أثبتتها فوق رقاب كل دول المنطقة.

ويمكن تصنيف الاتجاهات المخربة التي تحارب الوطنية المصرية تحت أربعة تيارات ضخمة كالآتي:
• الإرهاب الإسلامي الذي يمثل العداء للصهيونية علنا ويعمل في خدمتهم سرا
• القوى المشايعة للرأسمالية الأمريكية في خدمة الصهيونية
• القوى المشايعة للشيوعية في خدمة الصهيونية
• القوى المسيحية في خدمة الصهيونية تحت شعارات دينية وتنبؤات كاذبة لا علاقة لها بالمسيحية

إن العدو الذي يهاجم الوطنية المصرية اليوم يتركز في التيارات الأربعة التي تتشعب لأقسام كثيرة لتغطي كل الثقافات وتجتذب أعدادا كبيرة من المخدوعين خصوصا المتعصبين والجهلة وتثير البلبلة والصراع على المستوى المحلي والدولي. يقود العمل عملاء خونة مدربين تحت إشراف القوى الصهيونية لتخريب العمل الوطني في كل الأرض، بهدف خدمة الاستعمار الجديد المتحالف مع الإسلام السياسي. القاسم المشترك بين تلك الاتجاهات الأربعة هو التعصب الشديد. هذه التيارات جميعا بقدر ما هي تناصر الصهيونية فهي تعادي الوطنية المصرية الممثله في شخص جمال عبد الناصر وخطه الحضاري الوطني العملاق.

ماذا تريد الصهيونية من مصر؟؟؟
الصهيونية تريد مصر نفسها طبقا للتخطيط البعيد المدى من النيل للفرات. العلم الإسرائيلي يعلن في كل يوم تلك الرغبة الصهيونية الجامحة في التوسع التي لن تهدأ قبل أن تحقق تلك الأهداف التوسعية طبقا للخطة الصهيونية القديمة. ولما كان من غير الممكن على إسرائيل تحقيق هذه المهمة الصعبة جدا فإنها تُسخِّر أمريكا لتعمل معها في تحقيق تلك المهمة بأساليب غاية في البربرية. كثيرا ما سمعنا "إحنا مالنا ومال القضية الفلسطينية". في الواقع القضية الفلسطينية هي المقدمة التي يعقبها التقدم للاستيلاء على كل الأرض المطلوبة لدولة إسرائيل الكبرى من كل الدول المحيطة. التراخي في القضية الفلسطينية معناه أمر محقق فعليكم أيها المصريون أن تعدوا خيام اللاجئين، فغدا ستطردون من بيوتكم وأرضكم حيث ستعمل البلدوزرات في أرض مصر لبناء المستعمرات الصهيونية لمزيد من المهاجرين اليهود من كل أنحاء العالم لقيام إسرائيل الكبرى .

إذن ما هو دور الإخوان المسلمين؟؟؟
الإخوان يسرقون مصر وأرضها من أصحابها قطعة قطعة وفي النهاية ستؤول إلى يد العدو الصهيوني كما حدث تماما في فلسطين. إن ما يحدث اليوم في سيناء هو بالتأكيد عملية سرقة للأرض من المصريين. قناة السويس تباع لمن؟؟؟

ما هي طبيعة الصراع الدائر اليوم في مصر:
ليس هو صراعا طبقيا
وليس هو صراع ثقافات
وليس هو صراعا دينيا
ليس هو أي من صور الصراعات السياسية التي يحاول أن يخدعنا بها المستعمر الطامع في مصر.

إنه صراع حضاري بين المصري العظيم إنسان الحضارة، المُطالِب بحقه في الحياة والحرية المدافع عن أرضه الغالية ضد استعمار بربري مجرم سواء كان استعمارا رأسماليا أمريكيا أم صهيونيا عنصريا توسعيا أم بريطانيا استغلاليا أم روسيا شيوعيا أم تركيا غبيا، فالكل لا يهمه أكثر من سرقة ثروات مصر واستغلال موقعها الاستراتيجي. وهو يحمل نفس العقلية الإمبريالية القديمة كما كانت عند الفرس واليونان والرومان والبيزنطيين. الجديد أنهم يستخدمون إمكانيات حديثة، وتكنولوجية متطورة، وأسلحة أكثر فتكا ومقدرتا على إشاعة الموت والخراب والقهر، وإعلاما أكثر تشويها للحقائق يستخدم أحدث تقنيات العصر. كل ذلك بهدف رجعي متخلف دنيء لتحقيق السيطرة الاستعمارية فوق الإنسان بأحقر أساليب الجشع والإرهاب والجبن التي لا تعفيه من وصمة عار التخلف والرجعية مهما خلع على نفسه من أردية العلم واستخدم من أساليب التكنولوجيا الحديثة.



#سامي_المصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فيلم «الراعي» بين الجمال والقبح
- أنا الشعب ... أنا الشعب «لا أعرف المستحيل» (2)
- أنا الشعب .. أنا الشعب 1- «لا أعرف المستحيل»
- «ديمقراطية أولاد السفلة» تسحق مصر
- الفصل الثاني من السيرة الذاتية للأنبا شنودة الثالث
- «الشرف العسكري» كما يراه العوا والإخوان
- «عام جديد 2012»... آه لو يعود.. ليعود الفرح والحب وحرية الرو ...
- «العدوان الثلاثي» الجديد على مصر
- شرف مصر المُهدَر بين عسكريين أشرار وتجار دين فجار
- «الانتخابات» مهزلة
- ارحل ... لقد انتهى وقتك... رصيدك نفذ
- للشعب القبطي البطل أهدي كتابي في يوم احتفاله التاريخي
- «مصر دي بلدنا» ولن نفرط فيها يا خونة
- «السفاح» ومصر التي لم نعرفها أبدا
- بين الأنبا شنودة وعمرو بن العاص و«موقعة الكلب»
- حكومة أخرى في مصر برئاسة شرف
- وللحريةِ الحمراءِ بابٌ بكل يدٍ مضرَّجَةٍ يُدقُّ
- ماذا يحدث في مصر من بعد الثورة
- من يحرق مصر؛ شعبها وثورتها «يا سيادة المشير»
- ديمقراطية الإرهاب والفوضى تضرب مصر


المزيد.....




- فن الغرافيتي -يكتسح- مجمّعا مهجورا وسط لوس أنجلوس بأمريكا..ك ...
- إماراتي يوثق -وردة الموت- في سماء أبوظبي بمشهد مثير للإعجاب ...
- بعد التشويش بأنظمة تحديد المواقع.. رئيس -هيئة الاتصالات- الأ ...
- قبل ساعات من هجوم إسرائيل.. ماذا قال وزير خارجية إيران لـCNN ...
- قائد الجيش الإيراني يوضح حقيقة سبب الانفجارات في سماء أصفهان ...
- فيديو: في خان يونس... فلسطينيون ينبشون القبور المؤقتة أملًا ...
- ضريبة الإعجاب! السجن لمعجبة أمطرت هاري ستايلز بـ8 آلاف رسالة ...
- لافروف في مقابلة مع وسائل إعلام روسية يتحدث عن أولويات السيا ...
- بدعوى وجود حشرة في الطعام.. وافدان بالإمارات يطلبان 100 ألف ...
- إصابة جنديين إسرائيليين بجروح باشتباك مع فلسطينيين في مخيم ن ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامي المصري - الثورة المصرية والمتأمركون المتصهيونون