أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - منى حسين - المساواة التامة بين المرأة والرجل بوابة العالم الأفضل















المزيد.....


المساواة التامة بين المرأة والرجل بوابة العالم الأفضل


منى حسين

الحوار المتمدن-العدد: 4033 - 2013 / 3 / 16 - 15:28
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


حوار مع سامان كريم عضو المكتب السياسي – الحزب الشيوعي العمالي العراقي

منى حسين: مفهوم المساواة يلصق به البعض اذيال تفكيرهم ليصوروا المساواة على أنها عبارة عن حرب جولات في العضلات واللكمات. مستندين على طبيعة الجسد البايلوجية سواء للذكر أو للأنثى، محاولين جر الامور الى نظام الغابة الذي يقوم على مبدا التسلط للاقوى متناسين ان المساواة تبدا من اول بذرة تزرع. واقصد بذلك ان كلا من المراة والرجل يتكونان بنفس العملية البايلوجية ويبيقيان في نفس المكان ونفس الفترة الزمنية المعروفة وبنفس العملية يولدان ونفس الحواس ونفس الجسد. لكن هناك فرق بايلوجي بسيط تفرضه طبيعتهما الجسدية وهو ما تحتاج اليه الانسانية لاستمرار بقائها وديمومة وجودها، وهناك من يروج على ان معنى المساواة هو المناصفة أو (التساوي الحسابي) في الوظائف والمناصب بين المراة والرجل وغيرها من الأمور التي يحاولون بها التضليل بشكل أو بأخر على مفهوم المساواة. كما وأن المبشرين الدينين ودعاة القبيلية والعشائرية والمدافعين عن التسلط الذكوري، والقومية العربية كحركة سياسية ينعتون المساواة بالأنحلال والأباحية. ما هو مفهوم المساواة، وماهي الخلفية التاريخية التي أستند عليها؟

سامان كريم: يجب ان نفرق بين "المساواة" والمساواة بين الرجل والمراة. إن تاريخ المساواة قديم قدم التاريخ. وأصبحت مقولة ومطلبا مقدسة لدى الجماهيرالمضطهدة" بفتح الطاء" عبر التأريخ. وتحول محتوى هذه المقولة عبر المراحل التاريخية المختلفة, حيث في مرحلة العبودية تساوي المساواة التحرر من العبودية. اما في المرحلة المعاصرة التي سادت وتعفنت فيها الرأسمالية على الصعيد العالمي, واخر ما توصلت اليها الطبقة البرجوازية وحركاتها المختلفة مثل اللبراللية تعني المساواة, مساواة امام القانون, اي أن المساواة جردت الى حد كبير من محتواها واختزلت الى الجوانب القانونية فقط . لكن حتى في هذه الاطار القانوني ان هذه المساواة لم تتحقق على ارض الواقع في بلد من بلدان العالم, وليس بالامكان تحقيق المساواة القانونية بين الراسماليين والعمال في ظل النظام الطبقي الحالي. اما فيما يخص المساواة بين المرأة والرجل في هذه المرحلة اصبحت نوعاً ما موديلا, حتى الحركات الاسلامية تتحدث عن المساواة بين الرجل والمراة, وهي ليست بعيدة عنها فقط بل متناقضة معها أصلا. مع الرواج الكبير للمساواة وبقدر شموليتها وتغطيتها لدى كل الحركات السياسية, بهذه القدر إبتذلت المساواة واختزلت الى معاني ومفاهيم اخلاقية وقانونية وتضليلية.
المساواة التي أومن بها: "المساواة، ليست أمام القانون فقط، بل وفي التمتع بالإمكانات المادية والمعنوية للمجتمع. المساواة في قيمة وشأن الجميع أمام المجتمع". وهذا نص ورد في برنامج الحزب الشيوعي العمالي العراقي برنامج عالم افضل. محور او لب تصوري هو ارى ان الانسان لا يتجزأ الى شطرين, ولا ينقسم الى قسمين وفق جنسه. حين نتحدث عن الانسان نتحدث عن كيان اجتماعي له طموحاته وتطلعاته واهدافه وهواياته ورغباته على كافة الصعد الحياتية من السياسة الى الاقتصاد والى العلاقات الاجتماعية. وفق هذا المنظور ان المساواة تعني ان الرجل والمرأة متساون على الصعيد السياسي "لا اقصد النسبة العددية في البرلمانات" على الصعيد الاقتصادي من حيث التمتع بكافة موارد المجتمع وبصورة متساوية مع الجميع, متساوية في اختيار شريك حياتها ونوع هذه الشراكة, ومتساوية في الإنفصال مع شريك حياتها وفق ما تراها مناسبة, والتمتع بالوصول الى كافة المسائل التي تخص المجتمع, وإدارته السياسية والامنية والاقتصادية والعسكرية,... هذا هو تصوري للمساواة. اختزلت هذه القضية الى ابعد الحدود وفق مصلحة الحركات السياسية.
ان محتوى المساواة القانونية في المجتمعات الاوروبية, اي تلك المجتمعات التي مهدت فيها الديمقراطية والليبرالية والفمنستية, لها محتوى اجتماعي اوسع ويشمل كافة عناصر المجتمع. وحتى من هذا الجانب اي حين نتحدث عن المساواة بين الرجلين في النظم الراسمالية, رجل راسمالي وآخر عامل نرى ان تلك المساواة القانونية هراء محض, وفقاعة تنفجر في كل الدورات البرلمانية, او هروب الرأسمالين من الضرائب, او الوصول والحصول على امكانيات الدولة والبنوك ووثائق الدولة والاعلام. ان الرجل العامل في الغرب ليس بامكانه ان يصل الى الاعلام مثلا نظراً لضعف امكانياته المادية وليس بامكانه ان يرشح نفسه للرئاسة أو حتى الى البرلمان نظراً لضعف امكانياته الاقتصادية.. الحالات كثيرة. "ان المساواة" البرجوازية التي شرعت كقوانين وفي ميادين مختلفة في تلك المجتمعات وبالطبع في العراق والبلدان الأسيوية والشرق الاوسطية هي فارغة من المحتوى, واختزالت المساواة التي تعبر عن مطلب وهدف عمالي منذ مهد الراسمالية الى قضايا اخرى. ان فهمي للمساواة بين الرجل والمراة هو جزء من هذا المسعى الانساني التحرري من كل القيود السياسية والاجتماعية والاقتصادية والاخلاقيات البالية. من هنا تندمج المساوة بالحرية بشكل لا ينفصل. بهذا المعنى ان المساواة لا تتحقق بشكل كامل إلأ حين تكف الطبقات الاجتماعية عن الوجود. ان المساواة المطلوبة ستتحقق في المجتمع الشيوعي. عبر الثورة العمالية.
على رغم ذلك نحن نسعى في ظل النظام الموجود لتحقيق المساواة القانونية بين الرجل والمراة, وخصوصا في العراق ان المرأة اصبحت عبداً بكل معنى الكلمة, تباع وتشترى مثلها مثل السلعة التجارية سواء كان في زواجها مع الرجل حيث الزواج الحالي هو عملية شراء وبيع بين الطرفين بدأ من المهر الى طلب خطوبتها من عائلتها او عمومتها. ان كل الانواع المختلفة من الزواج, الزواج الشرعي والمصواب والمسيار والمصياف والمسفار و المتعة وبقية الانواع اخرى من الزواج... هي كلها انواع اختلقت من قبل الحركات السياسية الحاكمة لحرمان المراة من الحرية وشد أغلالها. نحن نسعى الى تحقيق مساواة قانونية بين الرجل والمراة, بنضال جماهيري عارم يشترك فيها الرجال مع النساء لتحقيقها وفرضها على السلطات الحاكمة, وهذا جزء من مسعانا ونضالنا المستمر. ونقصد بمساواة قانونية, مساواة في كافة الميادين السياسية والاجتماعية والفردية. وهذا يعني تغير قانون الاحوال الشخصية, الى قانون المساواة بين الرجل والمراة في كل الميادين من حضانة الاطفال الى المساواة في الشهادة والمحاكم الى المساواة في الارث, والى المساواة في اختيار الرجل وطلب يد الرجل ومساواتها في الانفصال مثلها مثل الرجل,.... ان المساواة القانونية بهذا المعنى, تعني رفع شان المراة وازالة دونيتها في المجتمع. في العراق الحالي لا يتحقق هذا الامر بدون تحرير الدولة من الدين, اي فصل الدين عن الدولة والتربية والتعليم, وهذا جزء ايضا من مسعى المناضلين الذين يناضلون في سبيل حق المواطنة المتساوية اي دولة مواطنة, والعلمانين ايضا.
في هذا الاتجاه هناك تشويش وتضليل كبير حتى حول هذه المساواة القانونية, من يدعي ان المساواة تعني المساواة العددية فقط في البرلمان او في عدد الوزارات, او من يدعي انها تعني المساواة في الخروج من البيت ومتى تشاء او في الشرب او الملبس, وفي الضرب باللكمات مثلها مثل الرجل... هذه المسائل كلها هي افرازات او نتائج لظاهرة المساواة القانونية. ان المساواة القانونية ابعد بكثير من تلك المسائل اذا نأخذ كل واحدة منها على حدة. لان المساواة بين الرجل والمراة بصورة كاملة من الناحية القانونية تعني تطهير المجتمع من التقاليد الذكورية البالية وألغاء جميع انواع الشرائع والقوانين التي تشكل عائقا امام هذا الامر. وتعني المراة مثلها مثل الرجل في كافة المسائل التي تخص الحياة الاجتماعية, من الحقوق الفردية, الى السياسية الى الاقتصادية اي اجور متساوية لرجل عامل مع إمرة عاملة, لموظفة عاملة مع موظف عامل, لمعلمة ولمعلم وهكذا... وتعني حقها في ترشيح نفسها لرئاسة الجمهورية ولرئاسة الوزراء, ولرئاسة البرلمان ويعني في هذه المرحلة, الغاء كافة القوانين الموجودة التي تناقض هذا المفهوم القانوني بدأ من قانون الاحوال الشخصية وتعديلاتها, الى منع قتل النساء تحت اية حجة كان, ومنع ضرب النساء واهانة كرماتهن واعلانه قانونيا كجريمة مثل ضرب الرجل للرجل. في العراق هذا يعني إبعاد ميليشات الأسلام السياسي عن حياة الجماهير. لان المراة وهي مسجونة في البيت تعاني الامرين: الامر الاول هي لكونها إمرة تعاني من الهواجس والامراض النفسية تحت ضغوطات قانونية وتقاليد ذكورية سائدة كما هي معروفة والامر الثاني: تعاني من قساوة الميليشيات والاحزاب والحركات التي زجت وفرضت نفسها على كل مفاصل الحياة في الاحياء السكنية والمؤسسات الرسمية والمراكز التعليمية... قساوة تلك الحركات ليس مكتوبة قانونيا بل تستند الى التقاليد السياسية والاجتماعية التي تحملها تلك الحركات وتفرضها على المجتمع في كل بقعة او مدينة تتواجد فيها بقوة السلاح وترويج للخوف. من هنا تفرض تقاليدها البالية: منع خروج المراة, فرض الحجاب وحتى على الاطفال والزواج الغير القانوني, وفصل الجنسين في المدارس والجامعات... هذا ناهيك ان النظام القانوني في البلد وفيما يخص المراة, هي قوانين رجعية الى ابعد الحدود وتستند الى افكار واطروحات تأريخية قديمة.
بدون هذا التغير اي التغير الجذري على صعيد الدولة ليس بالأمكان تحقيق مطلب المساواة القانونية, وهذا ما يشهد عليه التاريخ ايضا. اذا نرجع إلى حقبة الستينيات والسبعينيات في البلدان العربية وخصوصا في مصر ولبنان والعراق وسوريا... نرى للمراة حريات كثيرة وواسعة من حرية السفر والملبس والزواج المدني.... الخ. ولكن ولانها جاءت عبر صعود البرجوازية كطبقة حاكمة وضرورة عمل النساء في الميادين الاقتصادية وبالتالي نتيجة لإحتياجات الراسمالية لعمل النساء وتحقيق التراكم وبالتالي ترسيخ النظام الراسمالي, وليس بالنضال الثوري الجماهيري, نرى الان استلبت كل تلك الحقوق من قبل تلك الحركات التي خلال تلك الحقبة تنادي بها. بمعنى اخر ان المجتمع والمراة استملت قشرة المساواة وليس لبها, استملت قشرة الحداثة وليس محتواها.
ارجع الى الجزء الاخر من سؤالك, وهو هل ان المساواة فيها شئ من الاباحية, او هل هي اباحية فعلا؟ ولكن ماهي الاباحية؟!
ان الاباحية من محتواها تعني دونية المراة فقط لان القصد من الاباحية هي المراة وجسدها, لان جسد الرجل ليس فيه شئ اباحي. لماذا يطرح من الاباحية الرجال, هل ان الفعل الاباحي يتم بدون رجل؟! طبعاً لا. اذن أن المفوهم الاباحي اساسا هو مفهوم تميزي ضد المراة. مع هذا ان الاباحية ليست من اقتراحنا, ولا من اقتراح المطالبين بالمساواة ولا من اقتراح الليبراليين, انها قديمة قدم التاريخ. نحن نكشف عنها ونعلنها بصراحة هذه هو فرقنا مع الحركات البرجوازية الحاكمة او المعارضة. من يتاجر بجسد المراة في هذه المرحلة؟! من يقود شبكات تهريب النساء من الفليبين الى اروبا, او من العراق الى الاردن والخليج وسوريا؟ من المعلوم من لديه السلطة والمال بامكانه تهريب النساء بالجملة. من المعلوم الراسماليين يربحون من وراء جسد المراة الملايين والمليارات من الدولارات على الصعيد العالمي. ويجب ان نذكر القراء ان "القبلات الحارة" و"الحمل قبل الزواج" و"اللقطات الجنسية" التي نراها في المسلسلات التركية مثلا او المكسيكية او في الافلام المصرية القديمة والحاضرة ايضا.. هي كلها استمثار لاموال الراسمالين استثمار للراسمال في قطاع صناعة الافلام او بث القنوات الفضائية, واصبح جزء من الاعلام والاعلان...وهذا ما يمارسه كافة الراسمالين ذوي التوجه الاسلامي او القومي العروبي والى القومي الفارسي...راسمال يوظف مثل ما يوظف في ميدان التجارة او صناعة الاسمنت. الراسمأل ليس لديه اخلاق ولا يهمه غير ربحه وربحه, وربحه هو روحه ووطنه ومقدساته. لكن هل ان المساواة تعني الاباحية؟ براي انها بعيدة ومغايرة عنها... الاباحية موجودة الان في العراق والخليج وسوريا ومصر ولبنان وإيران, ولكن المساواة ليس موجودة. اذن ان هذه الحجة هي حجة رجعية المراد منها ترسيخ دونية المراة, وسلب حقوقها على الصعيد الاجتماعي والفردي والاقتصادي. وهذه هي المصلحة السياسية لتقسيم المجتمع على اساس الجنس وبالتالي ضرب وحدة الطبقة العاملة وخلق موانع امام توحيدها على اساس التمييز الجنسي.
حين نتحدث عن المساواة بين المراة والرجل, نتحدث عن الانسان. السؤال الاول والاهم والاساسي هو هل المراة هي الانسانة؟! حول هذا السؤال تنقسم الأجابة الى شطرين مختلفين ومتضادين ومتصارعين عبر التاريخ. الطبقات الاجتماعية المختلفة لديها أجوبة مختلف حول هذا السؤال, والجواب وفق مصلحة إقتصادية وبالتالي سياسية. الانسان لا ينقسم الى أجزاء, الإنسان هو كينونة الانسان وتحقيق إنسانيته او إنسانيتها. حين نقول الانسان, نعني به الانسان ككائن اجتماعي وكجسد فيزيكي وكبشر له او لها تطلعات وامال واهداف لا نهاية لها. الانسان لا ينقسم الى اختلافات بايولوجية, لان من الناحية البايولوجية, يشترك معنا اي مع الانسان حيوانات ايضا, حينذاك علينا ان ندخل علم التشريح الحيواني في بحثنا, وهذا بحث غير منطقي وغير علمي.
وأخيرا, من الجانب التاريخي اكتملت الحركة المساواتية بكامل قيافتها واهدافها على يد الحركة الشيوعية اي العمالية في نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين.... حيث كل ما نقراه من المساواة من جانب اللبراليين الكلاسكين والفمنستتين اللبراليين قبل هذا التاريخ نراها تحجيم وتقزيم للمساواة وقولبتها لصالح الطبقة الحاكمة, في سبيل دفع المراة نحو العمل وبيع قوة عملها بارخص الاثمان.

منى حسين: انا امراة اريد ان ابقى امراة لكني ايضا اريد أن أعيش متساوية وحرة واحتاج جدا الى وجود الرجل الانسان معي نتشارك سويا في البناء السياسي والأجتماعي. ما اريد قوله اني لا اريد ان أتحول الى رجل لكني أريد حقي الأنساني.
في المرحلة الحالية ظهرت أفكار تحمل خطر كبير حول ما يحيط بمفهوم المساواة، وقد بدأت تلك الأفكار تنمو وتكبر يرافقها توجهات نسوية فمنستية تحاول العزل بين الرجال والنساء. تحت الذريعة الخاطئة التي تعتبر الرجل هو المسؤول الأول عن اضطهاد المرأة ومحاولة وضعها وأبقاءها في موقع أدنى انسانيا. فنلاحظ أن التوجهات الحالية تدعو أما الى العزل وأما العيش بعدائية. ما اقوله أننا نحتاج أن نبقى نساء أناث ونحتاج لبقاء الرجال ذكور تلك هي طبيعتنا البايولوجية وتلك هي ديمومتنا الأنسانية. لقد بات مفهوم المساواة يتعرض سوء الفهم والتفسير حتى من دعاة المساواة أنفسهم. كيف لنا أن نوضح لتلك التجمعات أو لحملة هذه الأفكار خطورة هذه التوجهات؟
سامان كريم: اي تجمع او تجمعات او منظمة او حزب او دولة ما... اذا لم تقر بمساواة كاملة ومطلقة بين المراة والرجل, حينذاك لا تعتبر المراة انسان. هذه هي القضية ببساطة. حول حل هذه القضية اي قضية المساواة, انخرطت وتتفاعلت حركات اجتماعية عدة, من فيمنستية وقومية فمنسيتة ولبراليية فمسنية واشتراكية الفمنسيتة واسلامية الفمنستية... وانواع عديدة اخرى. اذا ننظر الى محتوى او لب اطروحاتهم: سنحصل على محورين او نتيجتين: المراة هي ليست انسان, او تقسيم الانسان الى الشطرين المراة والرجل كما هي حال الفمنستين وخصوصا اللبرالليين منهم. والحال ان الانسان لا ينقسم الى شطرين.
ان كل هذه "التجمعات" وانا اقول كل هذه التيارات هي تيارات برجوازية مختلفة نشئت في مرحلة تاريخ نشوء الرسمالية. حين ننظر الى الفمنستية اللبراللية هي ترعرت في مهد المجتمعات التي نشات فيها الراسمالية كنظام سياسي اجتماعي في بريطانيا وفرنسا وامريكا... بمعنى اخر حين الراسمالية كنظام طبقي ارادت بالضروة قوة عمل النساء لربح او لفائض قيمة اكبر, حينذاك تترجم هذه الضرورة الى ميدان الفكر والاطروحات وبالتالي الي نشوء الحركات والتيارات البرجوازية المختلفة في هذا الميدان اي ميدان حقوق المراة. نرى بدايات هذه الافكار من "جون ستورت ميل" و"واليزابيث كيندي" واخرون....في القرنين الثامن والتاسع عشر...هذه الافكار وبطبيعة الحال الحركة الفمنستية الصاعدة لم تؤمن قط بالمساواة التامة بين الرجل والمراة, بل ان اغلب او محتوى اهداف وافكار هذه الحركة على الصعيد الاجتماعي هي "حقها كأنسان" ولكن حق الانسان في منظور الليبرالية هو "حق التملك" اي حق الملكية الخاصة وبالتالي ومن هنا "حق الراي في الانتخابات" اي تحجيم الانسان الى فرد "والفرد يعني انسان مجرد من العواطف والاحاسيس والتطلعات والاهداف" وبالتالي تحويل كل حقوق الانسان ومن وجهة النظر الليبرالية والليبرالية الفمنستية الى "حق التصويت" ولكن في البداية ليس للكل بل للنساء اللواتي لديهن "الملكية الخاصة".... هذه هي البدايات لهذه الحركة في نشأتها.
هذه هي الاطروحات الرئيسة لهذه الحركة, مع اضافات حقيرة اخرى على الصعيد الفلسفي حين يقول الفلاسفة وبطبيعة الحال تظهر لنا في هذه المرحلة رجعية الفلسفة الى ابعد حدودها، حين يطرحون "ان المراة ليس عاقلة مثل الرجل" عليه يجب ان يوفر لها فرصة للتعلم وكسب العلوم. وبعد حصولها على التعقل او على "العقل" حينذاك بإمكانها ان تؤدي دورها في المجتمع. ولكن دورهن هو كما شرحنا, العمل والعمل في خدمة الراسمال وباجور ارخص مقابل "حق الملكية" و"حق التصويت". ان الحركة الفمنسيتة بالمعنى الخاص والعام هي حركة لقولبة الحركة المساواتية في اطارها البرجوازي وتحت يافتة "حقوق المراة".
ومع هذا هناك عدة توجهات لهذه الحركة وخصوصا في مرحلة الحرب الباردة وبراي تحت تاثيرات الثورة العمالية في روسيا والمانيا والنضالات المستمرة للحركة العمالية في اوربا وامريكا وباقي بقاع العالم اتجهت هذه الحركة الى عدد من المسائل المهمة لصالح المراة.. اذكر فقط وجهاً واحدا وهو مطلب هذه الحركة في امريكا وهو "التميز الايجابي" او التميز لصالح المراة ليتسنى لها ان تواكب التطورات العالمية على كافة الصعد. هذا مطلب مهم وبالتالي وحسب وجهة نظرنا, ان المطلب فيه حافز ودافع قوي للوصول الى المساواة القانونية التامة في اطار النظام الراسمالي.
لمواجهة هذه التيارات المختلفة على الحركة النسوية على الشيوعين العمالين ان يسلحوا انفسهم بالمواد النظرية الكافية لهذه التيارت ليتسنى لهم ان يصارعوها في الميدان النظري اولا وبالتالي استنتاج خطة سياسية عملية لمواجهتها على الارض ثانيا.
اريد ان اركز على قضية مهمة ولكن في ظل حرمان المراة من حقوقها اصبحت القضية كأنها شيئا طبيعيا وازليا وهي أن "مفهوم المراة" هو مفهوم تأريخي. "انا أمرأة" و"هذا رجل" هي جاءت إلينا عبر التاريخ, لماذا المراة هي المرأة والرجل هو الرجل.. ان المفهومين مختلفين ولايمثلان حالة انسانية واحدة. اي ان المراة مفهوم يدل على سلب انسانيتها قبل ان يدل على جسدها بايلوجيا, بالمعنى الاخر حين تشرع القوانين او حين يقول الناس "المراة" ليس المراد منها فقط تميزها عن الرجل من الناحية الجسدية بل المراد منها موقعها الدوني في المجتمع قبل هذا التميز الجسدي. وهكذا الحال مع الجانب البايولوحي. الجانب البايولوحي للانسان تكون عبر التاريح ان الانسان الحالي له فرق كبير بين الانسان البدائي من ناحية الشكل والتكوين وتطور العقل والتغيرات التي حصلت في الانسجة... هذا ما نفهمه من العلوم ونظرية داروين وعلم الهندسة الوراثية وعلم الجينات. ونرى هذه الفروقات البايولوجية سواء كان داخل صفوف الرجال او داخل صفوف النساء وفق ميدان عملهم, وهذا شئ طبيعي وفق تقسيم العمل وخصوصا اذا ننظر اليه وفق حقبة تاريخية كبيرة. والحال كهذا ان مفهومي "المراة والرجل" ليس جاء من "العدم وعبر العدم الى العدم" وفق منطق هيغل بل جاءنا وفق الشروط التاريخية والعلاقات الاجتماعية السائدة عبر التاريخ.
حين نقول اليوم "المراة" اي في اخر ما توصلت اليها الرسمالية من التعفن والرجعية وسلب ارادة الانسان, نراها جسدأً عاريا نراها سلعة للمتعة والتسلية كل اشيائها وجسدها وملبسها ومكياجها وجسمها وشفتاها, ورموشها وملابسها الداخلية وموديلاتها المختلفة, واكسسواراتها... تحول الراسمالية هذا الانسان الى سلعة تمتص منها اكثر ما يمكن من الربح.... اذن هذا هو المفهوم, في كل المراحل التاريخية المختلفة لم يصل موقع المراة الى هذه الدونية وهذه النظرة الحقيرة اليها. في الازمنة الغابرة حين نرجع الى ميزوبوتاميا او بلاد الرافدين في فترة الحكم الاكدية والسومرية وبالتحديد في فترة حكم حامورابي نرى للمراة مكانتها مثلا كانت "تساوى شهادتها شهادة الرجل في المحاكم" وكان "للرجل ان يتزوج زوجا واحدا وبصورة عقد مكتوب".... وصولا الى الفراعنة في مصر "كيلوباترا"... ونرى عدد غير قليل من الالهات النسوية في اليونان القديم.. اما اليوم ليس بامكان اية قديسة ان تصل الى الدرجة العليا او الى هيئة المنتخبين لبابا الفاتكيان ناهيك عن عدم صولها الى الفاتكيان اصلا.... ان البرجوازية كطبقة جمعت كل حقارات التاريخ وكل شعوذاته وكل تاملاتها ماوراء الطبيعية, من الاديان والفلسفة والاساطير الى مادة لتشئ المراة كانها جسد بلا شعور كسلعة للمتعة. ان الراسمال المستثمر في هذا الميدان ربما قليل مقارنة بميادين اخرى من توظيف الاموال لكن الربح وفانض القيمة المنتج من جسد المراة, نسبته عالية جداً.... بحيث تحول "بيع الجسد" على يد البرجوازية وسلطتها الى شغل اممي واسع وكبير, توظف مئات الملايين من النساء عبر العالم.... هذه هي حقيقة اليوم على يد البرجوازية وسلطتها. وهذا يؤدي بطبيعة الحال الى خلق وتكوين نظرة دونية للمراة على الصعيد العالمي والراي العام. ان البرجوازية هي اصلا بائعة "شرفها" ولكن تقتل المراة وتعدمها وتسجنها بحجة" الشرف".
مواجهة هذه التيارات هي مواجهة النظام البرجوازي نفسه ليس بامكان مصارعة نتيجة الظواهر بدون مصارعة اسباب ظهور هذه الظواهر. عليه ان اسس الاساس للحركة المساواتية للمراة هو جزء لا يتجزأ من نضال الطبقة العاملة من الظفر بالسيادة السياسية كطبقة, اي من اسقاط الراسمال وبناء مجتمع خالٍ من الطبقات. وهذا اول اطروحة لهذا الامر, والامر الثاني هو تسليح انفسنا كما اكدت عليه اعلاه, وثالثا. ان الشيوعية وهي قضية عملية وتعني مجابهة ومصارعة البرجوازية وسلطتها على الارض وفق توازن القوى وما تحدده لنا الاوضاع السياسية والاجتماعية ووضع المراة ومكانتها في المجتمع بصورة خاصة من الوظائف السياسية والعملية. هذه هي الرؤية وبدون التسلح بهذه الرؤية الشاملة ليس بامكان الحركة المساواتية في اي بلد كان ان تتقدم وتتحول الى قوة تجبر البرجوازية على الاقرار بحقوقها المستلبة. وخصوصا في العراق نحن لدينا نقص كبير وكبير جداً فيما يخص الجانب الفكري ومصارعة التيارات القومية والاسلامية, والفمنستية بمختلف تشعباتها. ليس بالامكان تنظيم حركة ما بدون نظرية ثورية. وهذه النظرية موجودة تبقى أن نبدأ بالجانب السياسي والنظري والعملي وبالتحديد التنظيمي وفق هذه الرؤية.



#منى_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثامن من مارس ليس يوما لمناسبة روتينية
- يوم المرأة العالمي.. يوم اقرار الوجود الأنساني
- حوار حول الحركة النسوية في العراق
- اذاكان قميصه قد من دبر.. التحرش والاغتصاب بين الاسطورة وساحا ...
- حضور المراة في التظاهرات الراهنة في العراق وقضية تحررها ومسا ...
- عيدنا الاوحد التحرر والمساواة
- الى ياسمين البرماوي
- أترانا نعود لعصر الساطور والمدية.. لنوقف جرائم قتل النساء في ...
- يقتلون في وطني النساء
- أنا أمرأة ولست عورة.... حوار مع مجموعة (100 % نساء) المغربية
- روض غرائزك ولاتدعها تتحكم بمصيرك... أنتشار ظاهراة الاغتصاب ف ...
- السياسة تحول جريمة الأغتصاب الى ورقة طائفية... أغتصاب فتاة ن ...
- كل عام وانت رجل
- سجينات التحرش والاغتصاب
- تعليمات الزي المحتشم تجلد المرأة العاملة في العراق....
- يا نساء العالم اتحدن
- أتفاق وزاري عراقي ايراني..... الوزيرة أبتهال كاصد ومحاصرة ال ...
- القتل الصريح.... عندما ترحل النوارس
- ساسة الاراكيل..... حكومة المالكي تصر على أنهاء المجتمع في ال ...
- حول أوضاع النساء والحركة النسوية في العراق


المزيد.....




- “احلى اغاني الاطفال” تردد قناة كراميش 2024 على النايل سات ka ...
- إدانة امرأة سورية بالضلوع في تفجير وسط إسطنبول
- الأمم المتحدة تندد بتشديد القيود على غير المحجبات في إيران
- الاعتداء على المحامية سوزي بو حمدان أمام مبنى المحكمة الجعفر ...
- عداد الجرائم.. مقتل 3 نساء بين 19 و26 نيسان/أبريل
- هل تشارك السعودية للمرة الأولى في مسابقة ملكة جمال الكون؟
- “أغاني الأطفال الجميلة طول اليوم“ اسعدي أولادك بتنزيل تردد ق ...
- استشهاد الصحافية والشاعرة الغزيّة آمنة حميد
- موضة: هل ستشارك السعودية في مسابقة ملكة جمال الكون للمرة الأ ...
- “مش حيقوموا من قدامها” جميع ترددات قنوات الاطفال على النايل ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - منى حسين - المساواة التامة بين المرأة والرجل بوابة العالم الأفضل