أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - شاكر كتاب - إشكالية الذاتي والموضوعي في إنبثاق المنظمات السياسية















المزيد.....

إشكالية الذاتي والموضوعي في إنبثاق المنظمات السياسية


شاكر كتاب
أستاذ جامعي وناشط سياسي

(Shakir Kitab)


الحوار المتمدن-العدد: 4026 - 2013 / 3 / 9 - 08:18
المحور: التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
    


تنبثق المنظمات عامة وتتكون نتيجة لظروف عديدة منها موضوعية وأخرى ذاتية. في المفهوم الديمقراطي فإن للعوامل الموضوعية ،التي تدفع وتضطر مجموعة ما للتشكل، ألأرجحية على العوامل الذاتية . من هنا نجد إن الكثير من الأحزاب السياسية تحرص بشدة حين تحاول تبرير وجودها أن تؤكد على ما أصبح يسمى بالضرورة التاريخية لوجودها مفصلة الظروف الموضوعية التي أدت أو رافقت ولادتها.
إننا في المواجهة ما بين الظروف الموضوعية والظروف الذاتية في دراسة وجود منظمة سياسية ما نجد :-
- إن الظروف الموضوعية حين تكون هي العامل الأكثر حسما في ولادة وانبثاق منظمة ما فإنها سوف تطبعها حتما بطابعها التاريخي. بمعنى إن المنظمة بالقدر الذي تكون فيه استجابة للحاجة التي تفرضها مرحلة ما تحمل سمات وميزات هذه المرحلة وحتى يمكن أن تكون دالة تاريخية عليها حين يراد دراستها. لذلك فإن الكثير من المؤرخين يعودون إلى برامج وأنظمة أحزاب سياسية معينة لدراسة سمات مرحلة ما كانت قد ولدت ونمت فيها.
- إن الأحزاب السياسية التي تولد استجابة لظروف موضوعية تكون عادة أطول عمرا من تلك التي تولد لأسباب ذاتية. فالغالب في الظرف الموضوعي الإستطالة والتمدد على حساب الظروف الذاتية. بل بالإمكان ملاحظة إن الظرف الموضوعي في مرحلة تاريخية محددة يمر من خلال الكثير من الظروف الذاتية ويتجاوزها ..وحتى إن الظرف الموضوعي غالبا ما يخلق بنيته التحتية بشكل كم هائل من الظروف الذاتية ثم ما يلبث أن يجهز عليها بعد أدائها ما كان مرسوما لها من قبله ليخلق غيرها وهكذا. لكن لهذا المعطى الفلسفي ابعادا أخرى لا مجال لها هنا ونكتفي به وحده.
- إلا إن الظرف الموضوعي هذا في خلقه للعناصر الذاتية وتجاوزها بعد إجهازه عليها يتأثر بها .. فهي تفعل فيه فعلها وتنهش من طاقاته وتتسبب في إضعافه وتساهم مع عناصر أخرى عديدة في تغييره بالكامل تغييرا نوعيا فيقال حينذاك عن انتقال لظرف موضوعي جديد يختلف نوعا عن سابقه.
- لذلك ومثلما أشرنا أعلاه في كل الحالات فإن ما يولد لسبب موضوعي هو ليس فقط أطول عمرا بل هو أفضل نوعا وأكثر صحة وعافية. ذلك لأن الظرف الذاتي في ولادة حزب ما أو منظمة سياسية ما يكون عادة من قبيل قرار فردي أو لحاجة ذاتية مؤقتة أو استجابة لظرف موضوعي لكنه طارئ ، قصير و عابر. من هنا فإن مثل هذه الإستجابات ( على شكل منظمات مثلا ) تكون قصيرة العمر ومؤقتة وغير فاعلة في المجتمع بل أحيانا تكون ضارة .
- وهناك ولادة لأحزاب سياسية تأتي نتيجة لقناعات فكرية أو فلسفية ومبدئية لكن دون الإلتفات للظرف الموضوعي .. ففي الرؤيا الزمنية الشاملة غير المحدودة و للوجود القومي أو الإنساني التي تتجاوز بحدودها الزمان والمكان المعاشين تكون الأحزاب قد تشكلت ذاتيا أي لظروف ذاتية – قناعات – دون الإعتبار للظروف الموضوعية لذلك غالبا ما تكون هذه المنظمات إما سرية أو تتلبس أغطية غريبة تؤدي إلى عزلها عن المجتمع وقد تكون منظمات أقليات ونخب ومكاتب .
لكن السؤال المهم هنا هو أيهما أكثر ديمقراطية ؟؟ الإستجابة للظرف الموضوعي الضاغط القاهر مع ما في ذلك من إذعان أم للظرف الذاتي مع ما فيه من حرية شخصية ومبادرة وإرادة . ومعلوم ما للإرادة الذاتية والتطبيقات النابعة عنها من قيمة أصيلة في الفهم الديمقراطي. بل أحيانا – وهذا ما يزيد الأمر تعقيدا- يكون التحرر من الضاغط الموضوعي والتحليق في عوالم الذات نوعا من الحاجة الإنسانية ونوعا من التحرر. فعلى سبيل المثال يكمن الفارق النوعي بين الأدب – والفن عموما – الواقعي خاصة التسجيلي منه والأدب الرومانسي هو إن الأخير يضيف على أجوائه الكثير من ملكات الخيال مما يغني قدرات النص أو العمل الفني التعبيرية والتصويرية مما يعني أن الأديب أو الفنان يمارس حرية التحليق بخياله بعيدا عن قيود أو شروط الواقع الثقيلة. وكذلك الحال بالنسبة للفلسفة فبانطلاقها خارج حدود الواقع الذي يعيشه الفيلسوف ليشمل كل الوجود البشري منذ بداياته مرورا بواقعه الحالي وصولا لآفاق قد تبدو قادمة لكنها بعيدة .. في الحالتين – الأدب والفلسفة – نحن أمام أجواء التحليق الفكري الخلاق والحر في آن واحد. فلنعد كرة أخرى للمقاربة : هل إن القرار الذاتي أم الإستجابة للظرف الموضوعي في تشكيل المنظمة السياسية بكل ما في ذلك من أبعاد ذات أهمية قصوى هو الأكثر ديمقراطية؟؟ في تقديري إن بالإمكان أن نجمع بين الإثنين.. فالإستجابة للظرف الموضوعي يزود المنظمة بالبعد التاريخي والواقعي ويجنبها مخاطر النزوات والرغبات الذاتية والمصالح الأنانية الفئوية لكن العمل على تغيير الواقع وتغيير هذه الظروف الموضوعية – وطابعها السلبي تحديدا – يجعل من الضروري بمكان شحذ كل إمكانيات الجانب الذاتي من رؤيا مستقبلية لواقع جديد بما يسمى بالمشروع البديل لما هو قائم إلى تجنيد طاقات الأعضاء عن طريق استفزازها وأحيانا تثويرها متسلحين بما أشرنا إليه من قدرات التفكير الخلاق والمبدع حين مررنا بموضوعة الأدب والفن أو الفلسفة. ولا بد هنا من التنويه بثقل مسؤولية التفكير الحر أي ما سيؤدي إلى استكمال طرفي معادلة الإبداع السياسي ( الموضوعي + الذاتي = ولادة المنظمة السياسية ) إذ إن خطورة الأمر تكمن في تحليق التفكير بعيدا وفي آفاق قد تنقطع بتاتا عن الواقع فنعثر على طروحات بعيدة المنال وأحيانا مستحيلة التحقيق مما سيجر وراءه الكثير من التكاليف الزمنية وما يرافقها من تضحيات ربما حتى رمزية ( أنظر في ذلك مثلا طروحات الكثير من الأحزاب السياسية العراقية الأساسية في الحياة السياسية التي بسبب رومانسيتها وابتعادها عن الواقع لم تتمكن من الوصول إلى أي شئ من غاياتها ناهيك عن الخسائر الهائلة التي تحملها المجتمع جراء نشاطها هذا ومن أشكال الخسائر الهائلة إن المجتمع تعرض إلى نكسات تاريخية عادت به إلى الوراء حقبا زمنية طويلة بدلا من دفعه إلى الأمام – والعجيب أنه يستوي في ذلك الأحزاب اليسارية التقدمية واليمينية الرجعية على حد سواء ). إن الإبداع الحقيقي في ولادة المنظمة السياسية يكمن في الجمع الواعي بين الظروف الموضوعية وبين ما هو ذاتي وفي تحديد سمات الواقع تحديدا دقيقا وعلميا ومن ثم تسخير القوى الذاتية في وضع البديل الممكن والواقعي أي القابل للتحقيق.
إن تطوير الواقع ديمقراطيا يعني قبل كل شئ تشخيص الخلل والعمل على تفتيته وإزاحته. لكن آلية المجئ بالبديل لا تكون آلية قسرية بل تقوم على أساس الكشف على ما ينطوي عليه الواقع نفسه من طاقات وإمكانيات ممكنة التحوير والتشكل لإستيلادها واقعا جديدا. ثم إن هذا الواقع الجديد لا يلد مرة واحدة كاملا جاهزا إنما يهبط أجزاء وشيئا فشيئا وكجزء جديد يغادر رحم الماضي يمهد أو على الأقل يساعد على ولادة الجزء التالي وما هو مفرح في فلسفة التطور هو أن الولادات الجديدة تشق طريقها بإصرار وعناد مقارعة القديم لتتشكل بشكلها الجديد وبما لا عودة عنه وهي أيضا تحتوى في داخلها بذور عوالم جديدة قادمة أكثر حداثة منها تنتظر الظروف الملائمة لمغادرة رحم الظاهرة التي أصبحت قديمة. إن المنظمة الديمقراطية هي التي ترفض القسرية في معالجة ولادات العالم الجديد باسم الثورة. ذلك لأن قوانين التطور كامنة في أعماق الظواهر تتطور تلقائيا بتأثير الظروف المتنوعة ( الموضوعية والذاتية) وتولد طبيعيا بسلام ولكن لا يعني ذلك بدون جهد. فالمخاضات دائما تنطوي على ألام ما ، لكنها الآلام التي سرعان ما تتحول إلى أفراح وسرور بالمولود الجديد في حين إن القسر والعنف حتى إذا ما أديا إلى ولادة جديدة فعلى ندرتها تولد مشوهة معوقة ضارة وكل ما تبدو عليه من صحة وعافية هي مظاهر خادعة زائفة تزول في أول سبب ممكن ( أنظر في ذلك تجارب الأحزاب الثورية ووصولها إلى السلطة وحتى ما اعتبرته يوما ما إنجازا سرعان ما انهار معها مخلفين معا الخراب والدمار ) .



#شاكر_كتاب (هاشتاغ)       Shakir_Kitab#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من يمثل الشعب العراقي في أزمته الوطنية الراهنة ؟
- موقف حزب العمل العراقي من تطورات الأزمة الوطنية الحالية في ا ...
- سبحان الله...
- تصريح
- الأخوة والأخوات الكرام
- مؤتمر شعبي
- دفاعا عن فتوى الشيخ عبد الملك السعدي
- إرحل .. إرحل .. !! الشعار وتداعياته الخطيرة...
- المظاهرات في العراق :- مرحلة جديدة ومخاطر كبيرة ومقترح جديد.
- المظاهرات : المطالب المشروعة بين استجابة الدولة والمخاطر الأ ...
- نرفض فكرة حل الحكومة والبرلمان
- المطالب الشعبية المشروعة للمظاهرات في العراق: معالجات أولية
- الوجه الحقيقي للصراع: طبقي – وطني
- الشكل الحقيقي للصراع في العراق
- حملتنا الوطنية ضد الطائفية مستمرة
- الخلل البنيوي في العملية السياسية العراقية : الواقع والبديل
- رؤيا في سياسة خارجية صحيحة للعراق.
- الدولة التي نريد 2
- خاطرة عن الهجمة الأمريكية على المنطقة.
- قراءة في بنية المشكلة العراقية


المزيد.....




- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...


المزيد.....

- هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟... / محمد الحنفي
- عندما نراهن على إقناع المقتنع..... / محمد الحنفي
- في نَظَرِيَّة الدَّوْلَة / عبد الرحمان النوضة
- هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟... / محمد الحنفي
- حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى ( المخطوط ك ... / سعيد العليمى
- نَقْد أَحْزاب اليَسار بالمغرب / عبد الرحمان النوضة
- حزب العمال الشيوعى المصرى فى التأريخ الكورييلى - ضد رفعت الس ... / سعيد العليمى
- نَقد تَعامل الأَحْزاب مَع الجَبْهَة / عبد الرحمان النوضة
- حزب العمال الشيوعى المصرى وقواعد العمل السرى فى ظل الدولة ال ... / سعيد العليمى
- نِقَاش وَثِيقة اليَسار الإلِكْتْرُونِي / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - شاكر كتاب - إشكالية الذاتي والموضوعي في إنبثاق المنظمات السياسية