أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - شاكر كتاب - قراءة في بنية المشكلة العراقية















المزيد.....

قراءة في بنية المشكلة العراقية


شاكر كتاب
أستاذ جامعي وناشط سياسي

(Shakir Kitab)


الحوار المتمدن-العدد: 3931 - 2012 / 12 / 4 - 21:13
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


يوما بعد يوم تتعقد المشكلة العراقية وتمتد لتشغل مساحات جديدة مما يضع أمام المهتمين بالشأن العراقي وخاصة أبناء العراق عراقيل إضافية عند محاولتهم استقراء أية حلول ولو على شكل بصيص أمل. إلا أن الجذر الأساس للإشكال العراقي يبقى متأصلا في مجموعة من الحقائق الثابتة التي تتشابك فيما بينها لتشكل بنية تحتية متلازمة ذات مستويات ثلاث وهي :-
• أولا:- المستوى الأول – المباشر والمتمثل بثلاث كوارث كبرى تنهش مباشرة ويوميا وبنهم جشع جسد العراق وتمتص دماء شعبه وهي :
• آثار الإحتلال الأمريكي للعراق والذي تلبس لبوس التحرير من النظام الدكتاتوري السابق وكأنه وصي على العالمين ليخفي الأهداف الإستراتيجية الكبرى له والمتمثلة بالسيطرة على منابع نفط العراق -والمنطقة كلها - وبضمان أرجحية إسرائيل في الصراع العربي الصهيوني . إن كل ما يقال عن العولمة ومشروع الشرق الأوسط الكبير وخطط الطريق وما إلى ذلك تلتقي جميعها في هذين الهدفين الخطيرين والكبيرين.
• الطائفية. إن كل ما نجم عن الاحتلال هو باطل. والطائفية هي أول مولود له. أنجبه عن عمد ودراية وبعد نظر وتفكير عميق. والطائفية بشقيها السني والشيعي بادرت متطوعة لتنفيذ مخطط الإحتلال فيما يتعلق بتمزيق نسيج المجتمع العراقي. فتبنت ميليشياتها سيئة الصيت ومسلحوها التكفيريون عمليات الخطف والقتل الجماعي على الهوية والإنتماء المناطقي والمذهبي وتهجير آلاف العوائل بين مختلف مناطق العراق وبث الرعب في النفوس مما جعل الهروب إلى الخارج الملجأ الوحيد للعراقي وأصبح من تبقى في البلاد غريبا بانتظار الخطف والموت. وما هو أعمق من هذا وربما أكثر خطورة تمكنت الطائفية من تحقيق الحلم الأمريكي في تشويه صورة الدين الإسلامي ليس في عيون الغربيين فقط إنما في عيون العراقيين والعرب الذين بدأت شكوكهم تتسرب إلى الدين نفسه ومذاهبه التي " تشكل الأرضية الأيدلوجية " لهذا العنف منقطع النظير. والطائفية حولت وجهة الصراع والنضال ضد الإحتلال إلى صراع عراقي – عراقي وليس عراقي عربي من جهة أمريكي صهيوني من جهة أخرى.
• التقسيم . إن هذه الآفة خطيرة جدا إلى حد أنها تهدد مباشرة وحدة العراق وتحوله إلى دويلات ليس فقط متفرقة إنما أيضا متحاربة ومعادية لبعضها. والسبب بسيط جدا . إن القائمين على مشاريع التقسيم هم أنفسهم أصحاب المشروع الطائفي الكريه. وإذا كان المحتل الأمريكي يعي جيدا هذه المخاطر ويبشر بها وبكونها أمثل أشكال الحرية والعدالة فإن بعض العراقيين المبشرين به هم إما ينادون به عن جهل وحسن نية وبراءة السذج مأخوذين برنين وصدى الألفاظ والمجهول أو مرتبطين بأطراف خارجية ينفذون لها مآربها إخلاصا لإنحدارهم الإثني منها أو للإرتباط الطائفي بها أو وفاء لالتزامات سياسية ومادية كبيرة تورطوا فيها معها.
• ثانيا:- المستوى الحضاري والثقافي السائد في المجتمع العراقي. إن من أخطر الآفات المستشرية في الخطاب السياسي هو إيهام الناس بعبارات رنانة تريد بث ثقة بالنفس غير مبررة في غالبها والمقصود بها جر السذج والأبرياء من الناس وراء سياسات ومواقف يحددها هؤلاء كتبة هذه الخطابات. ولربما هم أنفسهم يؤمنون بما يدعون . وهذا هو الأيمان الأخرق واللاواعي. لقد استخدم صدام حسين أساليب خداع الناس بمدحهم بصفات إيجابية عديدة مستخدما ألفاظا عشائرية مؤثرة وفاعلة . فرجالنا أبطال أفذاذ ونساؤنا ماجدات خالدات وأطفالنا أشبال وأسود وأجدادنا لا مثيل لهم وأحداثنا التاريخ كله. ونحن جميعا أفضل بني البشر وخير أمة أخرجت للناس شريطة أن نسير وراءه فهو نبي هذا الزمان ومنحة الله تعالى لنا في ظروف القحط والفقر. جاء الاحتلال ومعه الطائفية ومخاطر التقسيم لنواجه واقعا آخر ، مريرا ومدمرا لنكتشف معه أننا بشر عاديون لا نختلف عن سوانا من الأمم والشعوب لنا ما لهم وعلينا ما عليهم.
• ومن الطبيعي أن يواصل قادة " العهد الجديد " الخطاب الصدامي في المدح الأجوف وعادت نغمة " هذولة احنة العراقيين " وما شابهها لتصم آذان الناس في كل الأمكنة وأزمنة اليوم الواحد. وفي العهدين كان القصد استغلال براءة المتلقي واستغلال المستوى الحضاري والنوع الثقافي السائد في المجتمع اللذين يحددان طبيعة الشخصية العراقية. وفي العهدين يراد لنا أن لا نواجه الحياة والواقع مواجهة علمية واقعية وحضارية جريئة ومسئولة وأن لا نرى إن الواقع شئ وما وراء الواقع شئ آخر. وفي العهدين أريد لنا التحول إلى إمعات وقطعان لا نحسن سوى السير وراء الرعاة. إن التخلف العلمي وانتشار الفكر الغيبي – لا الديني – والعناصر الأسطورية في الثقافة العراقية والعربية عموما أدى إلى سيطرة الخيال في تناول كل الأمور تقريبا التي نواجهها في حياتنا. من هنا فنحن أمة الشعر بلا منازع ولغتنا هي أجمل اللغات لما فيها من عمق وسعة هائلين للإستعارة اللغوية والبديع والصور الشعرية . لغتنا هي لغة المعادل الموضوعي قبل أن يكتشفه – ولم يخترعه – الشاعر والناقد الغربي الكبير T.S.Eliot بألف وخمسمئة سنة. وإذا كانت لغتنا هكذا لغة جميلة وإبداعية في الشعر والفن فهي ضارة مدمرة في السياسة التي هي العلم والإقتصاد والواقع بكل حدته وجديته.
• وشعوبنا حين تبنت العلم والواقعية في الدين والدنيا أنجبت حضارة هائلة وعلوم متنوعة شاسعة وتحررت وأصبحت ذات شأن ولا زال العالم يستفيد من إنجازات حضارتها وعلومها. لكن حين انتكست علميا انتكست حضاريا وسياسيا وها نحن أضعف شعوب أخرجت للناس. تتكالب علينا ذئاب وكلاب الأرض وتمتص ما تبقى من خير فينا. وتخلفنا الحضاري أدى إلى أن نتحول إلى سوق للبضاعة الأجنبية التي لا زال الكثير منا لا يحسن استخدامها. و لابأس في التلاقح الحضاري . لكننا تحولنا إلى شعوب مستهلكة لا تبدع شيئا مع امتلاكنا لكل مقومات الإبداع التي يتمتع بها كل البشر على حد سواء مضافا إليها الموارد الطبيعية الغنية .
• وثقافتنا السائدة تملي علينا تأليه وتنزيه القادة وأولي الأمر. وهنا تكمن إحدى أكبر علل حياتنا الإجتماعية والسياسية وضياع الديمقراطية. فنحن فقط نعرف مصطلحات من قبيل المعصومين والمنزهين في حين غادرت هذه المصطلحات القاموس السياسي الغربي منذ زمن بعيد. نحن فقط نعرف القادة المخضرمين والمحكومين بالزعامة حكما مؤبدا في حين لا يحق لرئيس أكبر دولة في العالم في يومنا هذا حتى ولو الترشيح لأكثر من ولايتين. نحن فقط الذين يؤمنون بعبقرية القادة الأفذاذ ولا نحسن حتى التفكير بخطأ ولو كان بسيطا قد يرتكبونه وبالتالي نحن نمتنع ذاتيا عن توجيه اللوم لا النقد لهم في حين توجد في الأحزاب السياسية الغربية والديمقراطية هيئات داخلية تسمى بالمحكمة الحزبية غرضها محاسبة المسيئين ومن بينهم ولربما أولهم هم المسئولون والكوادر المتقدمة.
• وعلينا في مواجهة الواقع وعيوب الذات أن نعترف أن حيزا ما للعنف يكمن في بعض مفاصل ثقافتنا وفي جذورها. لكن هذا الحيز ضئيل جدا أمام الغنى الروحي والإنساني الذي نتمتع بهما. فنحن أصحاب الديانات التي نادت بحرية الإنسان وإلغاء العبودية وبالعدالة التامة والعمل المنتج المسئول. لكن مناغاة مكامن العنف والمقدرة الشيطانية لدى بعض القادة في استخراج شرورها من أعماقها طغى في حياتنا السياسية على كل ما هو إيجابي وغنى إنساني يكمن فينا. إن الصراعات الدموية التي ملأت الساحة العراقية خاصة منذ سقوط الملكية في عام 1958حتى يومنا هذا تشهد بوضوح على ما نقول.
• ثالثا :- المستوى الجغرافي والتاريخي لأرض العراق. إن موقع العراق الجغرافي في "البوابة الشرقية" للوطن العربي وفي جوار أمتين كبيرتين وطموحتين وصاحبتي دور مهم في تاريخ المنطقة وثقافتها يمثل إشكالا هاما في القضية العراقية. فإذا كانت أرض العراق منطلقا للفتوحات الإسلامية الأولى فإنها أصبحت بعد حين أرض صراع وحروب مدمرة بين هذين الجارين. ولعلهما يشكلان أحد مصادر الإنشطار الطائفي في المجتمع العراقي. ونلمس منذ زمن بعيد إهتمام هذين البلدين بكل ما يجري في العراق إلى حد التدخل السافر في شئونه الداخلية ومحاولة التأثير على مسار الأحداث فيه بما يضمن مصالحهما. فمرة تقع الحروب على أرض العراق بينهما ومرة التدخلات العسكرية بحجة مطاردة المقاتلين الأكراد ومرة باسم الدفاع عن أقليات قومية تنحدر منهما ومرة لضمان الأمن القومي لهما وأخرى لتدريب ميليشياتهما الطائفية أو دعم الأحزاب المرتبطة بهما. كل هذا يجري عندما تكون سيادة الوطن ليست بيد الشعب إنما بيد الحكام وبهلوانياتهم السياسية.
• وفي هذا الإطار ذاته فإن ارتفاع الكثافة السكانية للعراقيين في المناطق المجاورة لهذين الجارين ( السعيدين ) حيث أكثر من 80 في المئة من مجموع سكان العراق يقطنون في الأراضي المجاورة لأراضي أيران أولا ( محافظات البصرة – العمارة – الكوت – ديالى – صلاح الدين - كركوك – السليمانية ) وتركيا ثانيا (محافظة دهوك - نينوى – ثم أربيل ) وبغداد في الحقيقة لا تبعد عن حدود إيران أكثر من 120 كيلومترا أقول إن هذه الحقيقة تجعل من الطبيعي جدا أن يقع سكان العراق تحت قدر كبير من تأثير الدولتين الجارتين ومن كل النواحي ( في الفترة الأخيرة الطائفية فقط ).
• من مشاكلنا الجغرافية أيضا هو ما تحتويه الأرض العراقية من غنى هائل في الموارد الطبيعية مما جعل بلادنا محط أطماع من هب ودب خاصة – ومرة أخرى – عندما تكون سيادة الوطن ليست بيد الشعب العراقي إنما بيد سارقي السلطة والقرار وأصحاب العنجهيات الرعناء في السياسة.
• إن هذه الحقائق كلها كان بالإمكان تحويلها إلى أسباب سعادة ورخاء وتقدم للشعب العراقي لو أحسنت إدارتها.



#شاكر_كتاب (هاشتاغ)       Shakir_Kitab#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدولة التي نريد
- بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لميلاد حزبنا حزب العمل الوطني ...
- قراءة أولية في فكر الإشتراكية الديمقراطية
- حول التحالف الكردي - الشيعي !!
- من رأى منكم منكرا:-رابعا:- مظاهر الرفض بالحركة
- من رأى منكم منكرا:- ثانيا:- مظاهر الاحتجاج اليومي.
- من رأى منكم منكرا 3 - مظاهر التعبير الواضح.
- من رأى منكم منكرا:- أولا:- ثقافة الرفض.
- من إفرازات العملية السياسية ...الرحيل نحو الهاوية..!!
- نحو حكومة أغلبية راسخة ومعارضة وطنية مستقلة


المزيد.....




- تحليل لـCNN: إيران وإسرائيل اختارتا تجنب حربا شاملة.. في الو ...
- ماذا دار في أول اتصال بين وزيري دفاع أمريكا وإسرائيل بعد الض ...
- المقاتلة الأميركية الرائدة غير فعالة في السياسة الخارجية
- هل يوجد كوكب غير مكتشف في حافة نظامنا الشمسي؟
- ماذا يعني ظهور علامات بيضاء على الأظافر؟
- 5 أطعمة غنية بالكولاجين قد تجعلك تبدو أصغر سنا!
- واشنطن تدعو إسرائيل لمنع هجمات المستوطنين بالضفة
- الولايات المتحدة توافق على سحب قواتها من النيجر
- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - شاكر كتاب - قراءة في بنية المشكلة العراقية