أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إيمان أحمد ونوس - أخلاقيات مشوّهة في أزمات قاتلة














المزيد.....

أخلاقيات مشوّهة في أزمات قاتلة


إيمان أحمد ونوس

الحوار المتمدن-العدد: 4020 - 2013 / 3 / 3 - 11:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




من البداهة بمكان أن يكون بين البشر تعاطف أخلاقي- إنساني، وتكاتف اجتماعي يُلازم تعرّض أي مجتمع لأزمة ما سواء أكانت كوارث طبيعية أم حروب ونزاعات مسلحة أو ما شابه.
ومعروف عن العرب نصرتهم للمظلوم، وإغاثتهم للملهوف، وعطفهم على المحتاج واليتيم وعابر السبيل.. لكن، إلى أيّ مدى نجد هذا صحيحاً وواقعياً في حالتنا السورية الراهنة..؟ وإلى أيّ حدٍّ ينطبق هذا الكلام على الكثير من السوريين الذين ما وجدوا في هذه الأزمة إلاّ مصدراً لتكديس أرباحهم وزيادة أطماعهم، وطبعاً على حساب البشر المصابون بشكل أو بآخر بنيران هذه الأزمة، تلك النيران المتعددة والمتنوعة ابتداءً من رغيف الخبز، وليس انتهاءً بالدواء.
لقد ظهرت في السنتين الماضيتين من عمر الأزمة ممارسات وأخلاقيات يندى لها جبين البشرية، حيث طغى النهب والطمع والجشع، وتعالت قيمة الأنا لدى معظم الناس على اختلاف شرائحهم ومهنهم(بعض الموظفين) بشكل لافت ومقزز في معظم الأحيان، إذ اتخذوا من حاجة الناس مصدراً للتجارة القائمة على الحاجة والضغط تحت مفهوم خاطئ للأسف- التجارة شطارة، عليك اقتناص الفرص، .. الخ- حتى بات الناس في حيرة من أمرهم وتخبطهم بين إمكاناتهم المادية الشحيحة أمام تضخم حجم النهب، وما بين حاجتهم الضرورية لسلع ضرورية وأساسية كالخبز والمازوت والغاز حتى الدواء، دون رحمة أو وازع من ضمير.
صحيح تماماً ومعلوم جيداً أن مثل تلك الأزمات تخلق نقصاً في الحاجات الأساسية للناس، لكن ليس للحدّ الجنوني الذي وصلت إليه الأمور بزمنٍ قياسي في بلدنا وبوتيرة زمنية متسارعة صارت تُقاس بالساعات، حتى سادت عبارة(كم الثمن الآن، وليس اليوم) وهذا دليل على أن الأسعار كانت وما زالت تُحلّق بارتفاعات قياسية بين ساعة وأخرى، إضافة إلى حجب العديد من هذه السلع الضرورية لأيام كي يجد أولئك الجشعون مبرراً لدناءتهم وخستهم أمام حاجة الناس من جهة، ولترويض أولئك المحتاجون نفسياً على قبول هذا الوضع، بل وإلى توجيه الشكر لمن يؤمّن حاجاتهم بأي سعر، حتى بات بطلاً من يحصل على حاجاته ولو بأسعار خيالية، المهم أنه حصل عليها. هذا لجهة ممارسات التجّار أو مقتنصي الفرص من الموظفين بأماكن تساعدهم على تلك الممارسات(موظفو المحروقات، الأفران، التموين، الأدوية... الخ) أما لجهة المواطن، فللأسف طغت الأنا إلى مستوى مبتذل عملاً بالقول الشهير(أنا ومن بعدي الطوفان) حتى صار بعض الناس القريبين من هؤلاء الموظفين أو الواصلين يكدّسون المواد المفقودة أو الشحيحة في السوق وبالأسعار الحكومية النظامية دون الشعور بمدى حاجة الآخرين الذين لا سند لهم ولا دعم، إضافة إلى المسلكيات التي انتهجتها العامة من الناس في تكديس المواد التموينية في بيوتهم بكميات لا تتوافق مع احتياجاتهم الآنية، ظنّاً منهم أنهم يقون أسرهم الحاجة دون النظر لأسر فقيرة لا تستطيع بإمكانيتها المادية الضئيلة تأمين حتى احتياجاتها الآنية، فكيف بتأمينها لفترات طويلة بدءاً من الخبز وانتهاءً بمواد أقلّ احتياجاً.
بديهيٌ تماماً أن تلك الظروف، وبشكل تلقائي سوف تخلق أزمات من هذا النوع، بحكم ما يجري على الأرض من نزاع يؤدي إلى قطع الطرقات، أو الاستيلاء على مخازن المواد التموينية الأساسية، أو تدمير بعض البُنى التحتية التي تقوم بإنتاج هذه السلع، وبالتالي يُصبح تأمينها متعذراً على الحكومة، لكن السؤال الملحّ والذي يطرح نفسه في الحالة السورية، إن كان هناك شُحّاً في هذه المواد بسبب تلك الظروف المذكورة آنفاً، فكيف تتواجد لدى المحتكرين بكميات كبيرة؟ فمثلاً مادة المازوت التي تمّ بسببها التسجيل لدى البلديات على كمية حددتها الحكومة لكل أسرة، على أن يتمّ توزيعها بأسعار نظامية خلال موسم الشتاء، هنا نجد أن البلدة أو المنطقة نفسها لم يحصل فيها المواطن على حقه الذي اعترفت به الحكومة من خلال هذا التوزيع، لكن وبذات الوقت تكون هذه المادة موجودة في المكان نفسه بكميات كبيرة، لكن بأسعار خيالية، ألا يسترعي هذا الوضع الانتباه والتساؤل.؟ كيف توجد المادة بالسعر الحر، ولا يمكن تأمينها للمواطن بالطريقة التي ارتأتها الحكومة؟ أليس هناك سماسرة ووسطاء ينهبون مخصصات المواطنين من الحكومة ذاتها، أو من محطات الوقود التي عليها أن تقوم بتوزيع المادة بالسعر النظامي، ومن الطريف أن بعض الأسر حصلت على حصتها الأولى واستلمت قسائم حصتها التالية في حين أن العديد والكثير من الأسر قد اضطرت لشراء المازوت بسعر السوق الخيالي، لأن موسم البرد انقضى وهي تنتظر دورها الموعود الذي ربما لن يأتي حتى الشتاء القادم. ومثل ذلك الخبز، المادة الأساسية والضرورية لكل الناس لم تسلم من جشع مقتنصي الفرص حتى من العاملين في الأفران أنفسهم، حيث تجد أمام الأفران أشخاصاً وأطفالاً يبيعون ربطة الخبز بأضعاف أضعاف ثمنها العادي، وبذات الوقت تجد طوابير الناس تصل لمسافات مذهلة وبحشود تجعل الناظر لهم يُشفق على وقتهم وعافيتهم المهدورة أمام حاجتهم لربطة الخبز بسعر يناسبهم، وهنا تأخذ تلك المعضلة اتجاهين في نشوئها، الأول هو كما أسلفت ممارسات العاملين داخل الأفران، والاتجاه الآخر هو جشع بعض الناس الذين يقومون بالمناوبة يومياً من اجل تكديس الخبز في بيوتهم غير عابئين بأناس يحتاجون فقط لربطة واحدة يُطعمون بها صغارهم. وباعتقادي القياس سيطول إن أردنا تناول كل سلعة أو حاجة من حاجات الناس.
إن ما أفرزته الأزمة السورية من أخلاقيات مشوّهة ومريضة، فرض على المجتمع ممارسات شوّهت وخالفت قيمه المعهودة حتى باتت قيماً خُلّبية في مرحلة تتطلب المزيد من التعاون والتآزر والتعاطف الإنساني، فهل يعي الناس مقدار تشوههم ويعودون إلى إنسانيتهم ولو بحدودها الدنيا.



#إيمان_أحمد_ونوس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأنوثة بين سندان الحاجة ومطرقة القيم والقانون
- التحرّش الجنسي.. أخلاقيات شاذّة منحطّة
- إشراك الأطفال في النزاعات المسلحة جريمة لا تُغتفر
- وللرجل- الحاضر الغائب- متاعبه وهمومه
- الراتب خلفنا، والغلاء أمامنا..فأين المفر؟
- في اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة فليعلُ صوت النساء ع ...
- البطاقة العائلية... ومعضلة استحقاقات المرأة
- الآثار الاجتماعية والنفسية للنزاعات المسلحة على المرأة
- نظرية ما بعد البنيوية والنسوة في الشرق الأوسط، هل ندور في حل ...
- النسوية العربية: رؤية نقدية - ماذا تريد النساء.؟
- النسوية العربية: رؤية نقدية
- الطلاق العاطفي ... صقيع يغتال الحياة
- تناقض صارخ.. بعد تشكيله لجنة حقوق المرأة والطفل والأسرة
- هل ينهض الفينيق من رماده
- أهمية عمل المرأة من منظور الرجل
- أما آن الأوان لرفع التحفظات عن السيداو..؟
- مؤشر خطير على وضع المرأة السورية تراجع تمثيلها في البرلمان ع ...
- الاغتصاب الزوجي.. أشد فتكاً بالمرأة.
- إلى متى تبقى الكوتا طريق المرأة للعمل السياسي.؟
- دور المرأة في تطوير وتنمية موارد الأسرة


المزيد.....




- شاهد ما كشفه فيديو جديد التقط قبل كارثة جسر بالتيمور بلحظات ...
- هل يلزم مجلس الأمن الدولي إسرائيل وفق الفصل السابع؟
- إعلام إسرائيلي: منفذ إطلاق النار في غور الأردن هو ضابط أمن ف ...
- مصرع 45 شخصا جراء سقوط حافلة من فوق جسر في جنوب إفريقيا
- الرئيس الفلسطيني يصادق على الحكومة الجديدة برئاسة محمد مصطفى ...
- فيديو: إصابة ثلاثة إسرائيليين إثر فتح فلسطيني النار على سيار ...
- شاهد: لحظة تحطم مقاتلة روسية في البحر قبالة شبه جزيرة القرم ...
- نساء عربيات دوّت أصواتهن سعياً لتحرير بلادهن
- مسلسل -الحشاشين-: ثالوث السياسة والدين والفن!
- حريق بالقرب من نصب لنكولن التذكاري وسط واشنطن


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إيمان أحمد ونوس - أخلاقيات مشوّهة في أزمات قاتلة