أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جمعة - أجل، ستناغيك الوردة














المزيد.....

أجل، ستناغيك الوردة


خالد جمعة
شاعر ـ كاتب للأطفال

(Khaled Juma)


الحوار المتمدن-العدد: 4013 - 2013 / 2 / 24 - 10:04
المحور: الادب والفن
    


كغريبٍ مرَّ بلا خارطةٍ تعينُهُ مررتُ، لم أعرف أية ذكرياتٍ ربّاها الأولادُ جوارَ شجرةِ البرتقالِ قبل أن يصبحوا آباءً يمنعون أولادهم أن يربّوا ذكرياتِهم، كغريبٍ مررتُ، يدايَ مشغولتان بالسلامِ، وعيناي بالدهشةِ، المدينةُ لم تفتح ذراعيها لي كما خطَّطْتُ، وقربَ البحرِ الذي يحتضنُ الناسَ بصوتِهِ جلستُ، كأي عائدٍ من غربةٍ ليجدَ كلَّ من عرفوه قد صاروا في مقبرةِ الوهمِ، جلستُ إلى أن صارَ الرملُ ليلاً، وصار الموجُ غيلاناً من العواءِ وصارت الريحُ قصائدَ مقصوصةً من العدم، رفعتُ يديّ إلى صانعِ الأوقات: لو تعطيني قليلا من المسافة، لأتنفس قدرتي على الكتابة، أو قدرتي على فهم نفسي، سأعطيك صلاةً لا يعرفها البشر الفانون، سأخلق لك بُعداً آخر من الحب، هذا الحب الذي يحلّ فيه الحبيب في روح من يحب، فيختفي المكان والوقت، ويختفي ثِقلُ الجسد، ويصبح الكلام فائضاً عن الحاجة.

في الفجرِ، صعدَ مثلَ ضبابٍ خفيفٍ، وتلوّنَ بالفضّةِ وأهداني حرفةَ الموسيقى في علبةِ نُعاس، وقَلَّمَ زوائدَ المدينةِ، حمَّمَها من المِلحِ الليليّ، جدَّلَ شعرها كعادته كلّ صباح، هيأها لمأساتِها اليومية وقال وهو يشدُّ طرفي شريطٍ أبيضَ حولَ جديلتِها: لم يرَ أحدٌ جمالَ المدينةِ، كلُّهم ركضوا وراءَ صورتِها في السماءِ وتركوا جسدَها على الأرض، عبأوها بالقصائدِ ولم يكترثوا لبرد قدميها في الشتاء، صنعوا لها تماثيلَ من حجر، ولم يعطوها حجراً واحداً لتصلحَ حائطها المهدوم، صوّروا أفلاماً بالجملةِ عن دمها السابحِ في الرملِ ولم يُغطوا جرحها ولو بضمادةٍ من عشب، أكلوا لحمَ مناسباتِها الحزينة، ولم يسألوها عن أعراسِ أبنائها ورائحةِ ورودِها وزغاريدِ نسائها، لم يرَ أحد جمال المدينة، لذلك لم ترَ المدينةُ جمالَ أحد.

سألتُهُ أن يؤجِّلَ الصبحَ ساعتين كي يكونَ لي وقتٌ كافٍ لأختارَ مخبأً لقلبي، ابتسمَ فثارت موجةٌ وهربتْ غيمةٌ من مسارِ العاصفة، من جيبِهِ أخرجَ رفَّ عصافيرٍ انتهت من تعلُّمِ الطيرانِ منذ دقائق، أطلقها في الهواءِ وأومأ لي: دع وردةً تناغي روحكَ في الصباح، ليس صعباً أن تفعل ذلك، فكر بالعالم هادئاً، بلا جوعى ولا مرضى ولا أميين، تمنى ذلك من قلب قلبك، وأغمض عينيك كأنك تمارس طقساً دينياً، وأبصِر في رؤاكَ الصداقةَ وهي تنشأ بين الغرباء، وشاهد البنادق وقد صارت تماثيل زينةٍ، وقتها ستجد الكائنات دون استثناء تجلس في روحكَ وتمرغُ قلبك بفراء العاطفة، وستناغيك الوردة، أجل ستناغيك الوردة نائبةً عن ورود الأرض.
ويصيرُ
قلبُكَ
مخبأً
لقلبِكْ.


العشرون من شباط2013



#خالد_جمعة (هاشتاغ)       Khaled_Juma#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فيما كنتُ بذرة موسيقى
- تدمر دمشق تدمر
- يا صاحب المقام
- وليد يريد أن يكون قائد سفينة قصة للأطفال
- كيف حالُكَ؟
- الرصاص المكتوب
- لم يأتِ أحد
- هذا الفراغ، هذا الامتلاء
- أريد أن أكون حراً وجائعاً...
- ذاكرة رجل آخر قصة قصيرة
- يا الدمشقيُّ!!!
- كسيّدٍ غيرِ مهذَّبٍ هو الحنين
- الإساءة للرسول، الإساءة للعالم
- ما يحدث في فلسطين لم يحدث بعد
- ضياع الحلم الفلسطيني
- معرض أزمات الشرق الأوسط
- مُتْ، فنحن لا نجيد التعامل مع الأحياء
- الفن والمحاكمة الأخلاقية
- علِّموا أبناءَكُم
- حاوِل أن تصادقَ جندياً إسرائيلياً


المزيد.....




- -الهجوم الإيراني على قاعدة العُديد مسرحية استعراضية- - مقال ...
- ميادة الحناوي وأصالة في مهرجان -جرش للثقافة والفنون-.. الإعل ...
- صدر حديثا : كتاب إبداعات منداوية 13
- لماذا يفضل صناع السينما بناء مدن بدلا من التصوير في الشارع؟ ...
- ميسلون فاخر.. روائية عراقية تُنقّب عن الهوية في عوالم الغربة ...
- مركز الاتصال الحكومي: وزارة الثقافة تُعزّز الهوية الوطنية وت ...
- التعبيرية في الأدب.. من صرخة الإنسان إلى عالم جديد مثالي
- يتصدر عمليات البحث الأولى! .. فيلم مشروع أكس وأعلى الإيردات ...
- المخرج علي ريسان يؤفلم سيرة الروائي الشهيد حسن مطلك وثائقياً ...
- فنانون سوريون ينعون ضحايا تفجير كنيسة مار إلياس


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جمعة - أجل، ستناغيك الوردة