أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مثنى حميد مجيد - قصتي مع آية الكرسي














المزيد.....

قصتي مع آية الكرسي


مثنى حميد مجيد

الحوار المتمدن-العدد: 4007 - 2013 / 2 / 18 - 23:36
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


منذ صباي وشبابي كنت وما زلت قليل النوم كثير القلق والهواجس ، وقد فاقمت الأيام السوداء المشحونة بالخوف والبؤس والألم لدكتاتورية صدام هذه الأعراض السيئة لدي فكنت أداري النفس أحيانا وأسعفها بالمنوم وتارة بإحتساء الخمرة ليلاً لبضع مرات في الشهر ، وأستمرت بي الحال هكذا حتى بعد هجرتي إلى السويد ولكن بشكلٍ أخف وطأة وأهون ثقلا.

إحدى بناتي الحبيبات ورثت هذه الصفات عني ولكن بدرجة أقل حدة وقد لاحظت ذلك عندها لأول مرة حين دخلت الجامعة فكانت إذا ما أقبل الإمتحان ينتابها التوتر ويعتريها القلق فيفارقها النوم وتحديدا ليلة الإمتحان شأنها شأن العديد من الطلبة الجادين ، ورغم أنها على درجة طيبة من الذكاء ومن الطلبة المتقدمين. ولذا ، كنا أنا وزوجتي نعلن النفير العام في البيت خلال الأيام التي تسبق الإمتحان فننهي مشاغلنا باكرا ونُطفيء الأضواء ويخلد الجميع للنوم أو يتظاهرون بذلك كي نوفر لها السكينة والهدوء اللازم للإسترخاء والخلود للنوم ، ولكن ما أن يتجاوز الوقت منتصف الليل أو بعده حتى ألمحها في الظلام تدلف من باب غرفتنا لتلقي نفسها بيني وبين أمها مغالبة قلقها ومحاولة إستدراج النعاس والنوم وكان هذا يؤلمني ويؤلم زوجتي أم آرام فنُقضي الليل ساهرين وكأننا نحن الذين سوف نؤدي الإمتحان.

حكايتي هذه وحكاية إبنتي رويتها لصديق عزيز لدي ألتقيه أحيانا من الإسلاميين المعتدلين فنصحني قائلاً: أبو آرام عليك بآية الكرسي فهي تنفع إبنتك ليلة الإمتحان حفّظها لها ولترددها ليلا عند إستلقائها في الفراش.وأخذت بنصيحة صديقي وكنت أحفظ هذه الآية من ضمن آيات قرآنية عديدة رسخت في ذاكرتي من أيام الشباب والتلمذة ، لكنه كان من الصعب تحفيظها لإبنتي التي لا تعرف من العربية إلا القليل إضافة إلى أن تلقينها لها شفهيا أمر أتجنبه لإحتمال أنه سيعرضني لسخرية زوجتي الملحدة ولذلك قررت تجربة الآية بنفسي بإلقائها على مسامع إبنتي عند الضرورة ، وهكذا كان ، ففي ليلةٍ سبقت إمتحانا لها وبينما كنا أنا وزوجتي في غرفتنا نتبادل همسا أطراف الحديث إنسلت إبنتي كالعادة إلى غرفتنا بعد منتصف الليل لتلقي بنفسها بيننا فهبطت أرضا من السرير تاركا المجال لها ثم بدأت أُلقي همسا وبطريقة معبرة وإيحائية آية الكرسي في مسامعها وكررت الإلقاء عدة مرات وكان يحدوني الآمل أن ينعكس تأثير الآية تدريجيا عليها فتخلد للنوم ومرت بضع دقائق وإذا بشخير زوجتي يشق سكينة الغرفة ويرتفع عاليا في صمت الليل فشعرت أن لا طائل يجدي بعد من ترديد الآية وفجأة غالبتني الضحكة لكن إبنتي سبقتني إليها فقالت وهي تجهش ضاحكة : بابا أمي أستحوذت لنفسها على آية الكرسي بدلا مني فقلت لها : أمك تغط بالنوم وتشخر بدون آية الكرسي فكيف وقد تشبعت الآن بتأثيرها ! الأفضل لك ياحبيبتي أن تعودي إلى غرفتك وتحاولي الإسترخاء والصباحُ رباح وأنت ذكية ولن يصعب عليك أي إمتحان.

حدث كل ذلك قبل سنوات وتخرجت إبنتي من كلية الصيدلة بتفوق وبإطراء من أساتذتها ، أما أنا فقد أدرجت ومنذ تلك الليلة آية الكرسي ضمن تقنياتي وطقوسي الليلية التي أزاولها لأغراضي البحثية في علوم النفس والباراسايكولوجي والأديان المقارنة أو ألجأ إليها حين تشاكسني بواطني اللاواعية ويستعصي علي النوم ويغالبني الأرق فوجدت تأثيرها التنويمي أرقى وأفضل بكثير من إحتساء أقوى صنوف الخمر ومعتق الشراب أو من تعاطي الحبوب المنومة التي تترك خمولا جسديا وبلادة وآثارا إنسحابية سيئة أخرى طوال النهار الذي يعقب تعاطيها ، أردد الآية وبشكل روتيني مرة أو مرتين أو ثلاث أو أربعة مرات في أقصى تقدير فتبارحني تدريجيا كل أفكاري التسلطية وأغط بالنوم . لآية الكرسي طاقة لغوية إيحائية هائلة ومباشرة في تذليل وتفكيك وإعادة تركيب البناء العصبي المحتضن للتوتر النفسي والقلق والأفكار والهواجس التصاعدية القهرية التي تحول عادة دون الإسترخاء اللازم الذي يسبق النوم.

أحد السذج ممن تقتصر ثقافتهم البائسة للأسف على حفظ وترديد المقولات الماركسية بشكل ببغائي إتهمني مرة بالتخريف والتأسلم وراح يحرض ضدي ويلوم موقع ماركسي معروف لنشره مقالات لي أعالج فيها نصوصا دينية من منظور علمي وتجريبي ، بعض السُذّج من المتدينين إدعوا ان هذا بمثابة إعلان لإعتناقي الإسلام ، وحين كتبت مقالة أخرى عن مشاركات سابقة لي مع إخوان وأخوات من المسيحيين في صلواتهم وتراتيلهم الأخّاذه والجميلة في كنيسة وسط ستوكهولم سخر هؤلاء السذج أنفسهم مدعين إني صرت مسيحياً بل ومن شهود يهوه ، ماذا سيقول هؤلاء السطحيون الذين لا يأخذون من المذاهب والأديان ومدارس الفكر إلا قشورها لو تحدثت لهم عن الأطر والتقنيات السايكولوجية واللغوية والفنية المتنوعة ذات الأصول الفرعونية والهندوسية والبوذية ، ناهيك عن المندائية ، التي غالبا ما أختبرها وأجربها حتى على نفسي وأمارسها في مجاهداتي لبلوغ خفايا معانيها وأسرارها وفي محاولة لمعرفة وقياس أبعادها وإستجلاء تأثيراتها وإنعكاساتها الإيحائية والباراسيكولوجية ؟

سينعتني هؤلاء السطحيون السُذّج جميعا وبلا أدنى شك بالتخريف مؤمنين كانوا أو ملحدين.



#مثنى_حميد_مجيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الماركسية من وجهة نظر خروف
- الشاعرة السويدية آني لوند
- إلى اية الله العظمى السيد علي السيستاني حفظه الله
- مالك خازن جهنم ، لماذا لا يتبسم ؟
- في سرداب أسود تحت البيت الأبيض
- اللوحة الأخيرة لفان كوخ
- بتاحْ
- صورة الشهيد هيثم ناصر الحيدر
- القذافي وحلف الناتو بعيني نوستراداموس
- جميلتي أحلى من صلاة التراويح
- أقوال ومواعظ في جنازة قصيدة ثملة
- ياصديقي ، في الخراب ... للشاعر السويدي ستَجنيليوس
- نداء الى أدونيس والمثقفين بخصوص الحداثة والباروريكل بويتري
- أحجار الكتابة
- رسالة إلى القاريء بيان عن جرثومة البعث
- تهنئة للدكتور كاظم حبيب بمناسبة تكريمه من قبل الشعب الكوردي
- لماذا حشر الجواهري في بيان صفوة المثقفين ؟
- مسعود البرزاني وأردوان ملكا والصابئة المندائية
- تراتيل للسلام في كنيسة القديسة كلارا
- نداء إلى مدعي عام محكمة لاهاي بخصوص وحش السعودية


المزيد.....




- تحويل الرحلات القادمة إلى مطار دبي مؤقتًا بعد تعليق العمليات ...
- مجلة فورين بوليسي تستعرض ثلاث طرق يمكن لإسرائيل من خلالها ال ...
- محققون أمميون يتهمون إسرائيل -بعرقلة- الوصول إلى ضحايا هجوم ...
- الرئيس الإيراني: أقل عمل ضد مصالح إيران سيقابل برد هائل وواس ...
- RT ترصد الدمار في جامعة الأقصى بغزة
- زيلنسكي: أوكرانيا لم تعد تملك صواريخ للدفاع عن محطة أساسية ل ...
- زخاروفا تعليقا على قانون التعبئة الأوكراني: زيلينسكي سيبيد ا ...
- -حزب الله- يشن عمليات بمسيرات انقضاضية وصواريخ مختلفة وأسلحة ...
- تحذير هام من ظاهرة تضرب مصر خلال ساعات وتهدد الصحة
- الدنمارك تعلن أنها ستغلق سفارتها في العراق


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مثنى حميد مجيد - قصتي مع آية الكرسي