عادل كنيهر حافظ
الحوار المتمدن-العدد: 4006 - 2013 / 2 / 17 - 00:53
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يتهم الاخوة الإسلاميين خصومهم من القوى والأحزاب اليبرالية , لا بالعداء لهم كتيارات سياسية , و انما بالعداء للدين الحنيف . وهنا يجعلون من انفسهم , هم الدين والشريعة , كما يقول الدكتور فالح عبد الجبار * وبذلك التوصيف يسبغون على حالهم قدسية وهالة ربانية , ضناً منهم انها سترهب منتقديهم , وتصد عنهم سهام اللوم والنقد لسلوكهم , وطريقة تعاملهم مع المجتمع , وخصوصاً عندما يتولون مقاليد الحكم , ومن هنا يمكن معرفة سر حماسهم في التصدي لأي نظام غير ديني .
وقضية توصيف الإسلاميين لخصومهم بالملحدين والكفرة , لأنهم انتقدوهم كتيارات سياسية وليست اولياء الله , هوَ اسلوب معروف قد استخدمه الرهبان والقساوسة ورجال محاكم التفتيش سيئة الصيت , حيث كانوا يتهمون كل من ينتقدهم بالهرطقة , وهذه التهمة يعاقب مرتكبها الحرق حياً , وراح ضحية ذلك آلاف البشر الأبرياء , على الرغم من ان الإسلاميين ,يروجون لفكرة ان الشعوب الإسلامية هي شعوب عاشقة لدينها وتراثها , لأن الدين الإسلامي له خصوصية وسمات معينة , لأنه دين ذو مشروع سياسي اجتماعي , لذلك ينشد اليه الناس اكثر من الأديان الأخرى . وهذه الاطروحة ليست لها نصيب لا في الواقع ولا في العلمْ , حيث يؤكد تأريخ الشعوب , انه لا توجد شعوب مجبولة بالتدين إلى الابد , ويشهد على ذلك تأريخ اوربا قبل عصر التنوير , عندما كانت اوربا ذات نهج مسيحي متشدد جداً , عليه لا توجد علاقة استثنائية سحرية في هذا الدين , وليست في غيره من الأديان .
ولم تنزل شمس المسيحية الى الغروب تجر ذيولها في اوربا , وتمسي عبارة عن تأريخ وثقافة وفلكلور , إلا بعد ان اصبحت عائقاً امام طبقة البرجوازية الناهضة ومشروعها الجديد الذي حتم توعية الجماهير لتدرك أن الكنيسة هي الحامي لطبقة الاقطاع والنبلاء التي كانت سبب مأساتهم لمئات السنين . وهنا تتأكد الحقيقة التي يصد عنها ويجافيها الاخوة الإسلاميين , وهي أن النقد والصراع كان موجه ضد الكنيسة كمؤسسة ورجالها الذين يبررون اخطاء الحكومات الظالمة , وليس ضد الدين , ولكن رجال الدين يصورون انفسهم هم الدين , ومن ينتقدهم قد ينتقد الدين. كما يفعل الأخوة في احزاب الإسلام السياسي اليوم .
وهذا الهراء قد اكتشفته الناس منذُ مئات السنين , ولا يمكن أن ينطلي عليها في الألفية الثالثة .
عادل كنيهر حافظ
*مقال الباحث العراقي د.فالح عبد الجبار
في صحيفة الحياة يوم 3 كانون الأول
#عادل_كنيهر_حافظ (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟