أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شاكر الناصري - المنبوذون : هل تنجح السينما في إعادة صياغة العلاقات الشائكة ؟














المزيد.....

المنبوذون : هل تنجح السينما في إعادة صياغة العلاقات الشائكة ؟


شاكر الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 3992 - 2013 / 2 / 3 - 03:00
المحور: الادب والفن
    


على الرغم من ان الفلم الفرنسي "المنبوذون" للمخرجين إريك توليدانو، وأوليفيه نقاش يتعرض لحياة المهاجرين الأفارقة في فرنسا ويقدم لمحات عن ظروفهم المعيشية والبطالة والمخدرات والفقر والاعمال الفقيرة التي يمارسونها، الا انه من الصعب اعتباره فلما عن حياة الجاليات التي تستوطن فرنسا او الضواحي المهمشة في باريس كما يروج في وسائل الاعلام العربية التي لم تميز بين هذا الفلم وفلم آخر بالاسم نفسه حتى انها حين تتحدث عن هذا الفلم فإنها تضع صورا من الفلم الآخر!!!

الفلم يصور وبإطار كوميدي سلس و لافت علاقة إنسانية تنشأ بين" فيليب _ تمثيل فرانسوا كلوزيه" الرجل الغني جدا حد امتلاك طائرة خاصة ولكنه معاق وغير قادر على التحكم بالجزء الأسفل من جسده مما يحتم عليه الاستعانة بشخص يقيم معه في قصره الفخم ووسط عدد من الموظفين لإدارة القصر وتسيير اعمال الرجل الغني الذي يضيق ذرعا بنمط حياته و الاسلوب الذي تسير فيه من فخامة و أرستقراطية باذخة في كل شيء من الأكل وحتى سماع الموسيقى واقتناء اللوحات الفنية والانبهار بما تحمله من مضامين لا يمكن فهمها من جهة وبين "إدريس _ أداء الممثل البارع عمر سي" الشاب الأسود العاطل عن العمل والقادم من السنغال الذي يعيش مع عائلته الكبيرة والتي تنحشر في شقة لا تسعهم جميعا. ولكنه يحصل على وظيفة رعاية الرجل الغني و الاهتمام بكل تفاصيل حياته داخل المنزل من نوم ورعاية صحية ومساج والاستحمام وقيادة سيارته الفارهة ومرافقته أينما يذهب وحل مشاكل ابنته المراهقة مع حبيبها من جهة أخرى. ولكنه لم يتمكن من التعايش مع نمط الحياة السائد داخل القصر فيعمل على ممارسة حياته وتحطيم نمط حياة فيليب ، او اعادة صياغتها بالشكل الذي يريده هو، الذي يستجيب لجنون ومرح ادريس حد التواطؤ معه حين يقدم على رسم لوحة نكاية باللوحة التي اشتراها بمبلغ 42000 الف يورو مما يثير سخرية وسخط ادريس الذي لم يفهم من اللوحة شيئا ولم يفهم سر إصراره على شرائها ولكن فيليب يعرضها على احد أصدقائه الأثرياء على انها من رسم فنان يعيش في برلين فيشتريها منه بمبلغ 11000 الف يورو.

وعلى الرغم من ان المشاهدة الأولية للفلم تجعلنا نستعيد قضية "السيد والعبد" او "البرجوازي والعامل " او "الخادم والمخدوم" ..الخ من ثنائيات العلاقات الشائكة والمتنازعة بين البشر او التي تحدد أقطاب الصراعات الاجتماعية ومنذ الأزل كون الفلم يقوم على علاقة ما بين رجل غني" سيد او برجوازي" وشاب إفريقي مرح " عاطل عن العمل وخريج سجون يتقدم للحصول على وظيفة لخدمة السيد الغني" يحمل الكثير من الافكار المجنونة التي تجعله محببا وسط بيئة عمله الجديدة ويتمكن من هتك سرانيتها وخصوصيتها ونمطيتها ايضا، الا اننا سنكتشف لاحقا اننا ازاء علاقة إنسانية تقترن بالصداقة والود العميق وان فقدان هذه العلاقة او خسارتها قد تصيب البعض بالحزن والإحباط الشديد مثلما حدث مع الرجل الغني "فيليب "حين قرر "ادريس" التوقف عن العمل بسبب مشاكله العائلية.

ان الخروج من مشاهدة هذا الفلم تجعلنا نفكر مليا بـ (لماذا يحتل هذا الفلم قائمة الأفلام الأكثر مشاهدة في العالم ؟). فمنذ بدء عروضه الاولى في فرنسا في عام 2011 وحتى هذا اليوم فإن صالات العروض السينمائية تشهد أرقاما كبيرة ومتواصلة. لقد نجح المخرجان في تقديم تحفة سينمائية لا تخفى أغراضها الأيديولوجية ومحاولة تحقيق التصالح مع الأقليات العرقية في فرنسا لما تعانيه من اهمال وتهميش متزايد وان المجتمع الفرنسي يمكنه ان يعيش بتصالح وتسامح حتى لو تطلب الامر تعلق اعتى الاغنياء بشاب من شباب الضواحي المهمشة.

ربما، تكون رسالة فلم "المنبوذون" رسالة ملغزة ومؤدلجة في مديح الصداقة المحضة وربما، تمكن صناع الفلم من تقديم صورة مضادة للصورة التي عادة ما تقدم عن العلاقة والمشاكل التي تحكم المهاجرين بالمجتمع الفرنسي. المخرجان لم ينجحا في ايصال هذه الرسالة فقط، بل ونجحا وببراعة في تقديم مستوى عالٍ من الحرفية السينمائية في التصوير والموسيقى وكذلك في الاداء البارع للممثلين الرئيسين وتحولهما الى محور لمجمل احداث الفلم.

لقد نجح الممثل من الاصول السنغالية "عمر سي" في تقديم دور كبير ،يكاد يوازي او يفوق دور شريكه في الفلم فرانسوا كلوزيه، وبإطار كوميدي محبب وخفيف رغم ما تحمله شخصية ادريس من مشاكل وانشغالات وإرث عائلي ولكنه جعل من يشاهده ينبهر بهذا الأداء الذي لا تشعر انه تمثيل مطلقا، بل شخص يمارس حياته الاعتيادية بكل ما تحمله من مرح وسخرية وحزن وقلق أيضا.

لقد كان راغبا بأن يحيا كما يريد، ان يعيش دون مخاوف او كبت او حواجز لذلك نجده ساخرا من كل شيء ولعل مشاهدة حواراته مع السكرتيرة الخاصة للرجل الغني واعلانه عن افتتانه بها ورغبته الجنسية تجاهها أو عرض الاوبرا التي حضرها برفقة فليب وسخريته اللاذعة من اداء الممثل فيها او استخفافه بالمقطوعات الموسيقية الكلاسيكية التي قدمت في حفل عيد ميلاد "فليب"، فيما بعد، وتعريفه لاحدى الموقطوعات بأنها موسيقى "توم وجيري" وكسره اعتبارات الفخامة الارستقراطية في حفل عيد الميلاد المذكور عبر تقديمه رقصة من الرقصات التي تنتشر في عالم اليوم، كلها تمثل ملامح شخصية ادريس الشاب المعاصر الذي يبحث عن حياته وآماله رغم كل ما يحيط بشخصه وعائلته وبالأخير حياة وأوضاع الجاليات الافريقية المتواجدة في فرنسا.

إن كل الحواجز التي يمكن ان تضعها الحياة الأرستقراطية للمجتمع البرجوازي غير قادرة على كبح جماح هذا الشاب الذي تحول الى منقذ ومخلص للشخص البرجوازي الذي ضاق ذرعا بحياته وبنمط معيشته فوجد في ادريس الشخص الذي يمكن ان يعيد الدهشة والمرح والجنون الى حياته التي فقدتها وكادت ان تضيع بسبب المرض والإعاقة وطبيعة الحياة الارستقراطية المحاطة بالأسوار.



#شاكر_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جرائم غسل العار: عار الدولة ،عار العرف العشائري
- نظام المحاصصة الطائفي سبب كل مصائبنا في العراق، لنحاكمه الآن
- دعونا نلعب كرة قدم
- الفلم الدنماركي ( المطاردة) : الإنسان طريدة الأعراف وخيال ال ...
- مركز المالكي – اقليم البارزاني
- المثقف، رجل الدين وأستقلال مؤسسات الدولة
- التموينية والجوع
- مدن الأعرجي المقدسة وحملة اللاءات الاربعة في مدينة الكاظمية ...
- العنفُ والإنتهاكات في مدارس العراق : خطرٌ يتفاقم
- مقتدى الصدر يتهم أمريكا بالتدخل في العراق !!!!!!
- منجزات وزارة الكهرباء :البوم لصورالوزير
- التعليم في العراق : نظام متردي وأبنية آيلة للسقوط
- صدق أو لاتصدق : جمود العملية السياسية في العراق !!!!
- السلطة : رموزها ونُصبها
- مناقصة مجلس النواب وشذاذ الدملوجي
- صحف ومجلات مجلس النواب العراقي : الفضائح تتواصل
- عن المثقف والسلطة والمصالحة الوطنية
- الأمر وبكل بساطة : إنها حريتنا وحياتنا الشخصية
- مهرجانات وزارة الثقافة : محاولات لتلميع الخراب
- الفلم الدنماركي الثأر - HÆVNEN - :هل يمكن أن نعيش دون ...


المزيد.....




- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟
- بينهم فنانة وابنة مليونير شهير.. تعرف على ضحايا هجوم سيدني ا ...
- تركيز أقل على أوروبا وانفتاح على أفريقيا.. رهان متحف -متروبو ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شاكر الناصري - المنبوذون : هل تنجح السينما في إعادة صياغة العلاقات الشائكة ؟