أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - شاكر الناصري - السلطة : رموزها ونُصبها














المزيد.....

السلطة : رموزها ونُصبها


شاكر الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 3881 - 2012 / 10 / 15 - 03:04
المحور: حقوق الانسان
    


الغالبية العظمى مِن دول العالم تتشارك في قضية تكريم الشهداء وضحايا القمع والاستبداد ويتم ذلِك مِن خِلال إبتكار رموزاً ونُصباً وجداريات لها دلالات جمالية وثقافية وإجتماعية معينة تبين مقدار التضحية ولكِنها عادة ما تنزع نحوَ البساطة ورقي المعنى والإبتعاد عن البهرجة لأن الإيغال في البهرجة وضخامة الرمز وفي حجم الاحتفاء وفي الإنفاق عليه سوْف يفقد الرمز معناه ويحيله الى عبء على الرمز نفسه .
لِذلِك فان اللجوء الى الرمزية الّتي تعبر عن حجم التضحية لم يغب عن مخيلة الّذين يساهمون في تصميم النصب التذكارية للشهداء مِثلُ " نصب الشهيد " أو " نصب الحرية " أو " نصب الجندي المجهول " أوْ غيرها من المسميات المتعارف عليها والّتي يراد مِنها الاعتراف بمكانة هؤُلاءِ الّذين ضحوا بحياتهم .
في يوم أمسِ ، السبت 13 تشرين الأول ، تم افتتاح " نصب الشهداء " في محافظة ذي قار وفي مدينة الجبايش تحديداً وبكلفة بلغت 23 مليار دينار عراقي !!!!!!.
النصب . وكما ورد في تصريحات رئيس مجلس المحافظة ومدير مؤسسة الشهداء فيها لشبكة أخبار الناصرية الّتي أوردت الخبر ( مكون مِن قبة بارتفاع 36 متراً ونصف ، وبقطر 40 متراً هوَ عبارة عن هيكل حديدي مغلف بمواد عازلة كما يحوي المكان على مهبط للطائرات المروحية ، ومسجد بمساحة 250 متر مربع ، كما ضم عدة أجنحة مِنها 98 قبراً رمزياً ، تخليدا للشهداء ومعرضاً وغيْرها. (
ان قراءة المفردات الّتي يتضمنها النصب المذكور ( قبة ، مسجد ، قبور رمزية ) لن تُصعب مِن إكتشاف الدلالات الّتي يحملها والّتي يراد لها أن تصل الى فئات وشرائح واسعة مِن العراقيين وكذلِك معرفة توجهات الجهة الّتي قررت اقامة هذا النصب وكذلِك معرفة الهدف مِن وراء إقامته بِهذِهِ الضخامة .
فمِن الواضح ان الهدف مِن النصب المذكور هوَ للاحتفاء بمجموعة مِن الشهداء الّذين ينتمون الى تنظيمات اسلامية معينة تقف اليوم على رأس السلطة في العراق وفي مجالس عدد مِن المحافظات . شهداء شاركوا في ثورة 13 رجب كما ورد في كلمة محافظ ذي قار .
لسنا هُنا في معرض قراءة أوْ تفكيك مفردات النصب ولا لكشف الدلالات الرمزية الّتي يحملها ولكِننا إزاء مساع القوى الحاكمة في العراق لإيجاد رموزها وترسيخ قيمها بقوة السلطة وقراراتها .
إنّ السلطة وفي مسعاها لتثبيت حكمها فإنّها تبتكر رموزاً وتواريخاً بقدر ما تهمش رموزاً وتتجاهل تواريخاً أيضاً .
إنها رموز تعبر عن فكرها ومنهجها العقائدي والثقافي فقط ، بينما تستثني الآخر الشبيه والمختلف على حد سواء .
الرموز والنصب تشكل جزءاً مِن أدوات السلطة لفرض الحكم والهيمنة على المجتمع و مِن الواضح إن مِن قرر صرف هذا المبلغ الضخم ( 23 مليار دينار ) لبناء النصب المذكور كان أكثرُ ما يعنيه ان يجسد مِن خِلاله ، تاريخ حزبه وتنظيمه السياسي اولاً . انه يريد لِهذا التاريخ ان يبقى وان يكون حاضراً عبر الرموز والنصب وابتكار التواريخ والوقائع ، وان يتحول الى جزء مِن الثقافة السائدة .
مِن البشاعة ان تتم المتاجرة بأرواح الشهداء مِن أجل تحقيق أغراض سياسية معينة . الّذين استشهدوا وضحوا وعذبوا وسجنوا وشردوا لم يفعلوا كُلّ ذلِك مِن أجل التحول الى حكاية او أداة لإثارة العواطف أومفاتيح للفساد ونهب المال العام أوالتفاخر بتضحياتهم مِن قبل هذِهِ الجهة او تِلك !!!.
الّذين ناضلوا ضد دكتاتورية البعث واستبداده وطغيانه ووحشيته لم يفعلوا كُلّ ذلِك حتّى تقام لهُم النصب التذكارية او تبنى لهُم المزارات والقبور الرمزية .
لقد ناضلوا وضحوا من أجل حرية وكرامة العراق والعراقيين ، فعلوا كل ذلك لأن مقدار الذل والامتهان الذي مارسته سلطة البعث الفاشي بحق العراقيين يفوق الوصف والاحتمال .
لو أننا سألنا احداً من الذين عُذبوا وسجنوا في زمن النظام السابق ، هل نُشيد نصباً تذكارياً ضخماً يمجد تضحياتك لنحتفي بها ونذكر الناس بما قدمت ام نبني لك بيتاً لائقاً تسكن فيه او مدرسة حديثة لتعليم أطفالك او نبني بيوتاً لسكنة الأحياء العشوائية ، وما اكثرها في العراق وفي محافظة ذي قار تحديداً ؟ فمن المؤكد إنه لن يختار سوى البيت والمدرسة والرعاية الصحية وملاعب للترفيه ومستشفيات تعامله بإنسانية وكرامة . سيختار بناء مصنع او معمل يحسن الحياة المعيشية لسكان الجبايش ويبعد عنهم مخاطر الفقر والعوز .
ان من حق سكان مدينة الجبايش أن يواجهوا صاحب القرار وحزبه بسؤال عن مقدار وحجم الفائدة التي تجنيها مدينتهم من وجود نصب بهذه الضخامة . مدينة فيها الكثير من الذين يحتاجون مساكن تأويهم ومدارساً لتعليم أطفالهم ومستشفى بمستوى عدد السكان والحالات المرضية المنتشرة هناك . إنهم بحاجة الى مشروع للماء الصالح للشرب ومشاريع لتمكين العاطلين عن العمل من إعالة أنفسهم وعوائلهم .. هذه فقط وليس اكثر .



#شاكر_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مناقصة مجلس النواب وشذاذ الدملوجي
- صحف ومجلات مجلس النواب العراقي : الفضائح تتواصل
- عن المثقف والسلطة والمصالحة الوطنية
- الأمر وبكل بساطة : إنها حريتنا وحياتنا الشخصية
- مهرجانات وزارة الثقافة : محاولات لتلميع الخراب
- الفلم الدنماركي الثأر - HÆVNEN - :هل يمكن أن نعيش دون ...
- سيرة حرب.......2 ، قسوة تل الخراء
- عن الإيمو والحرية وكراهية الحياة
- سيرة حرب ...1 .حين أضعت الطريق الى بيتنا
- قراءة في مشاهد أعتقال وقتل دكتاتور
- المالكي ومجالس الإسناد : حكاية التاريخ المستعاد
- الإعتقالات و الإتهامات لا تحجب الحقيقة يا حكومة نوري المالكي
- عدو ما بعد القتل : عن صور جثة بن لادن
- البديل السياسي في العراق : مقاربة أولية
- حكومتنا وحكوماتهم: الأختلافات والتشابهات
- درعا في مواجهة الأسد
- بوتين والقرضاوي : فجر أوديسا أم الحرب الصليبية ؟
- إزالة الدوار أم إزالة الرمز ؟
- لنحارب المحاصصة أولا
- التجمعات والتظاهرات في العراق بين الأمل والأحباط


المزيد.....




- قبيل لقائهم نتنياهو.. أهالي الجنود الإسرائيليين الأسرى: تعرض ...
- هيومن رايتس ووتش تتهم تركيا بالترحيل غير القانوني إلى شمال س ...
- بسبب المجاعة.. وفاة طفل بمستشفى كمال عدوان يرفع حصيلة ضحايا ...
- الأمم المتحدة تحذر: الوقت ينفد ولا بديل عن إغاثة غزة برا
- ارتفاع الحصيلة إلى 30.. وفاة طفل بمستشفى كمال عدوان بسبب الم ...
- الخارجية الأمريكية تتهم مقرّرة الأمم المتحدة المعنية بفلسطين ...
- تقرير أممي: نحو 60% من وفيات المهاجرين كانت غرقا
- قبيل لقائهم نتنياهو.. أهالي الجنود الأسرى: تعرضنا للتخويف من ...
- واشنطن ناشدت كندا خلف الكواليس لمواصلة دعم الأونروا
- الهلال الأحمر: إسرائيل تفرج عن 7 معتقلين من طواقمنا


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - شاكر الناصري - السلطة : رموزها ونُصبها